بنبرة جريئة وشجاعة وبزخم الدعم الدولي الذي تلقاه في غلاسكو، طبع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مواقفه الاولى اثر عودته الى بيروت اول امس، فتجرأ ولو كلاميا ومن دون ان يسمي الجهات بالاسم، على وضع الاصبع على الجرح وتحديد المسؤوليات في سبحة الازمات التي يقبع لبنان تحت وطأتها. في بعبدا حدد خريطة طريق انهاء الازمة مع رئيس الجمهورية ميشال عون وفي عين التينة افرغ ما في جعبته من معطيات جمعها في لندن، وما بينهما قال كلاما كبيرا يؤمل ان يلقى اصداءه حيث يجب.
من السراي الحكومي، صوّب ميقاتي على ممارسات حزب الله بسلسلة عبارات «المخطئ». مخطئ مَنْ يعتقد انه قادر على فرض رأيه بقوة التعطيل والتصعيد الكلامي على المنابر. مخطئ ايضا مَنْ يعتقد انه يمكنه اخذ اللبنانيين الى خيارات بعيدة عن تاريخهم وعمقهم العربي وعلاقاتهم الوطيدة على كل الصعد مع الدول العربية ودول الخليج خاصة ومع المملكة العربية السعودية تحديدا. مخطئ أيضا مَنْ يعتقد انه، وفي لحظة تحولات معينة لم تتضح معالمها النهائية بعد، يمكنه الانقلاب على الدستور واعادة الوطن الى دوامة الاقتتال الداخلي والانقسامات التي لا نزال ندفع ثمنها غاليا حتى اليوم.
المساعي تتحرك
اثر عودته حرك ميقاتي، مساعي معالجة الازمة الديبلوماسية مع الخليج من جهة واحياء العمل الوزاري من جهة ثانية، وقد باتا مرتبطين ببعضهما البعض، ويضاف اليهما، مطلب الثنائي الشيعي تنحية المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار الذي تشير مصادر مطلعة على الازمة الى ان حزب الله بات يربط استقالة الوزير جورج قرداحي بتنحية البيطار.
كف يد البيطار؟
وفي خطوة مفاجئة يبدو ان هدفها تسهيل مهمة انعاش الحكومة، تم امس كف يد المحقّق العدلي طارق البيطار عن قضيّة انفجار مرفأ بيروت بشكل موقت الى حين بتّ محكمة الاستئناف بالدعوى التي قدّمها منذ ايام قليلة وكلاء الدفاع عن الوزير السابق يوسف فنيانوس.وبعد دعوى نقل الشكوى المقامة من وكلاء الوزير فنيانوس أمام محكمة التمييز، يبدو ان فريق الدفاع عن الوزير فنيانوس تقدّم بطلب رد الى محكمة الاستئناف في بيروت، وتمت احالة هذه الدعوى الى الغرفة التي يرأسها القاضي نسيب ايليا، ولأن ايليا سبق ان ردّ شكلا كل الدعاوى التي قُدمت بحق البيطار، تنحى عن الملف وتمت احالة الدعوى المقامة من فنيانوس الى الرئيس الاول في محكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله. وكلف رزق الله بدلا من القاضي ايليا القاضي حبيب مزهر، الذي قرر مع الهيئة في محكمة الاستئناف، ابلاغ القاضي البيطار هذه الدعوى واعطاءه مهلة 3 ايام، للردّ عليها على ان تبتّ بها محكمة الاستئناف في ما بعد.
مذكرة توقيف
الى ذلك، افادت المعلومات ان المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان عمم على الأجهزة الأمنية مذكرة التوقيف الصادرة عن القاضي البيطار بحق الوزير السابق علي حسن خليل.
خريطة طريق
على خط ترميم العلاقات المتدهورة بين لبنان والعرب اثر تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي، لا خرق بعد، وسط تصلّب ابداه الاخير، مدفوعا بقوة من حزب الله الذي صوب نائب امينه العام نعيم قاسم امس بالمباشر على السعوديين. في المقابل، زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رئيس الجمهورية ميشال عون، في قصر بعبدا وجرى البحث في الازمة الخليجية. وقال ميقاتي بعد اللقاء «وضعتُ فخامة الرئيس بالأجواء التي أحاطت زيارتي إلى غلاسكو واجتماعاتي مع مختلف الجهات الدولية»، مضيفاً: «بحثتُ مع فخامة الرئيس في سبل الخروج من الأزمة الحالية مع السعودية ودول الخليج واتفقنا على خارطة طريق».
عين التينة الحل
وبعد بعبدا، زار ميقاتي قرابة الثانية عشرة والنصف رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة ووضعه في أجواء لقاءاته الخارجية وبحث أزمة لبنان مع الخليج، قبل ان يستقبل رئيس المجلس وزير الخارجية عبدالله بوحبيب. في السياق، افادت مصادر مطلعة «المركزية» ان مفتاح الحل في عين التينة ودور الرئيس بري سينعكس انفراجا لجهة القبول بفك الارتباط بين استقالة الوزير قرداحي والموقف السياسي لوزراء حزب الله وامل من المشاركة في الحكومة.
لا استقالة
في الاثناء، اكد وزير الاعلام جورج قرداحي امس للميادين «انني لن أستقيل وموقفي لم يتغير».
الى ذلك، افادت المعلومات ان المأزق الحكومي على حاله والحكومة لن تستقيل ولا ميقاتي، ورغم رفعه سقف الموقف، قرداحي ايضا لن يستقيل اقتناعاً منه ومن حلفائه بأن استقالته لم تكن سبب نشوء الازمة ولن تكون مفتاح معالجتها.
الخارجية تدين
وفي مساعي احتواء الازمة، برزت امس ادانة وزارة الخارجية والمغتربين واستنكارها الشديدين للمحاولة الفاشلة للاعتداء بواسطة طائرتين مفخختين على المملكة العربية السعودية، مؤكدة تضامنها مع المملكة في وجه أيّ اعتداء يطاول سيادتها وأمنها واستقرارها ومنشآتها المدنية ومدنييها بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية. كما تؤكد تضامن لبنان الكامل ووقوفه إلى جانب المملكة، شعباً وحكومةً.
فرنسا تنصح
خارجيا، رأت متحدثة باسم الخارجية الفرنسية أن «من الضروري إبقاء لبنان خارج الأزمات الإقليمية الأوسع». اضافت: يجب أن يكون لبنان قادرا على التعويل على كل شركائه في المنطقة لمساعدته على الخروج من الأزمة.
بدورها،علقت الخارجية الروسية على الأزمة الديبلوماسية بين لبنان والمملكة العربية السعودية، فقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن «روسيا تعول على أقرب وقت ممكن لحل الصراع الديبلوماسي الدائر بين لبنان ودول الخليج العربية»، مشيرة إلى أنه لم يطلب أحد من الجانب الروسي التوسط لحل هذه الأزمة».