IMLebanon

«حزب الله» يفتح جبهة شبعا وإسرائيل تهدد بغزة جديدة

بيروت: كارولين عاكوم وبولا أسطيح واشنطن: هبة القدسي تل أبيب: نظير مجلي

انتقم حزب الله اللبناني لمقتل 6 من عناصره وجنرال إيراني في غارة إسرائيلية في القنيطرة السورية الأسبوع الماضي، بهجوم نفذه على دورية إسرائيلية في مزارع شبعا التي يؤكد لبنان أنها تابعة له، فقتل جنديين إسرائيليين بينهما قائد سرية في «لواء جفعاتي»، وجرح 7 آخرين.

وأتى الرد الإسرائيلي «مدروسا» بحيث لا يشعل حربا بين الطرفين، قد تكون مشابهة للحرب الأخيرة التي اندلعت بينهما في صيف عام 2006، إذ قصف جيشها مناطق حدودية لبنانية خالية من السكان، بانتظار القرار السياسي الإسرائيلي. ولم يؤد القصف الإسرائيلي الذي رافقه تحليق كثيف للطيران الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية إلى إصابات بشرية في الجانب اللبناني، لكن ضابطا من الكتيبة الإسبانية التابعة لقوات الـ«يونيفيل» الدولية العاملة في الجنوب اللبناني قتل جراء إصابته بشظايا القذائف الإسرائيلية حين كان يراقب الوضع المتوتر عند الحدود.

وهاجم مقاتلون من حزب الله، قالت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن عددهم نحو 5 عناصر، قافلة إسرائيلية كانت تتفقد مواقع في المنطقة التي تشهد استنفارا شديدا منذ الغارة الإسرائيلية على القنيطرة السورية تحسبا لرد الحزب، بوابل من القذائف الصاروخية مما أدى إلى إصابة آليتين على الأقل ومقتل وإصابة بعض من كانوا فيها.

وقالت المصادر اللبنانية إن الحزب كان يحاول تنفيذ عمليته منذ أيام، لكنه لم يحظ بـ«هدف دسم» أراده، فأجل العملية، ومعها أرجأ خطابا كان مقررا لأمينه العام حسن نصر الله كان يفترض إلقاؤه الأحد الماضي. ومن المرتقب أن يلقي الخطاب غدا الجمعة.

وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي حزب الله بالرد، مهددا بسيناريو الحرب الإسرائيلية على غزة، مطالبا مجلس الأمن الذي كان من المقرر أن ينعقد في وقت متأخر أمس، بـ«إدانة حزب الله».

أما في الجانب اللبناني، فقد دعا رئيس الوزراء المجتمع الدولي إلى «كبح جموح إسرائيل نحو التصعيد»، فيما أوضح وزير الإعلام رمزي جريج لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة ستسعى «للحد من تداعيات ما حصل».

أسفر رد «حزب الله» اللبناني على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف إحدى مجموعاته الأسبوع الماضي في القنيطرة السورية، بهجوم متقن على دورية إسرائيلية في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، عن مقتل إسرائيليين، أحدهما ضابط يقود سرية من لواء عفعاتي.

وأتى الرد الإسرائيلي، كما هجوم «حزب الله»، مدروسا بحيث لم تفلت الأمور عند خط الحدود، حيث اكتفت المدفعية الإسرائيلية بقصف مناطق حدودية لبنانية غير مأهولة، مما أسفر عن مقتل عنصر من الكتيبة الإسبانية العاملة في قوات الأمم المتحدة التي تنتشر في الجنوب اللبناني، والتي تبلغت مساء أمس «انتهاء الرد الإسرائيلي»، كما أفادت مصادر إعلامية في نهاية نهار أمس.

وقالت مصادر لبنانية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «العملية كانت تستهدف قتل أحد القادة العسكريين الإسرائيليين، وكشفت أن عدد الذين قاموا بالعملية من مقاتلي (حزب الله) لا يتجاوز 5 أشخاص»، مشيرة إلى أن «كبر حجم القافلة الإسرائيلية التي تعرضت للهجوم يؤشر إلى اعتقاد (حزب الله) بوجود مسؤول كبير فيها». وأشارت المصادر إلى أن العملية كانت مقررة سابقا، لكنها أرجئت لعدم توفر «الهدف الدسم»، وأرجئ معها خطاب كان مقررا للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، الأحد الماضي إلى يوم غد الجمعة.

وبينما كانت الأنظار تتجه إلى الوضع السوري، بعد تنفيذ إسرائيل غارات جوية ضد مواقع للجيش السوري، على خلفية صواريخ الجولان، أتت الضربة من لبنان، حيث أفيد، صباح أمس، عن هجوم على قافلة إسرائيلية كبيرة في منطقة مزارع شبعا التي يؤكد لبنان ملكيته لها، وتعتبرها إسرائيل أراضي سورية، مما أدى إلى احتراق عدد من آليات الموكب ظهر 3 منها في صور بثتها محطات التلفزة الإسرائيلية.

وأعلن الحزب مسؤوليته عن العملية في صيغة لافتة تمثلت بإعلان «البيان رقم واحد»، في إشارة منه إلى استعداده لمزيد من التصعيد، بينما قال الجيش الإسرائيلي إن «آلية عسكرية أصيبت بصاروخ مضاد للدبابات في منطقة مزارع شبعا، نافية معلومات ترددت عن خطف (حزب الله) جنديا إسرائيليا»، وأكدت مقتل اثنين من جنودها، بينهم قائد سرية في لواء غفعاتي، وإصابة 7 آخرين بجروح طفيفة إلى متوسطة وتدمير آليتين.

وأعلنت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» أن الهجوم استهدف 9 آليات إسرائيلية وقتل وأصيب فيه «عدد كبير» من الجنود الإسرائيليين.

وأوضح بيان «حزب الله» أن مجموعة من عناصره قامت ظهر الأربعاء باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضم ضباطا وجنودا صهاينة، بالأسلحة الصاروخية المناسبة، مما أدى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة في صفوف العدو». وأضاف البيان «رقم واحد» أن المجموعة التي نفذت الهجوم تحمل اسم «مجموعة شهداء القنيطرة الأبرار»، في إشارة إلى الغارة الإسرائيلية التي استهدفت في الجولان السوري قبل 10 أيام موكبا لـ«حزب الله» وقتل فيها 6 من عناصر الحزب.

وبعد استهداف الموكب الإسرائيلي شهدت الحدود الجنوبية اللبنانية حالة استنفار وتوتر، حيث تعرضت مناطق قريبة من مزارع شبعا إلى قصف إسرائيلي، وطال القصف مزرعة حلتا ووادي الوزاني والأطراف الغربية لسهل الماري ومحيط بلدة الوزاني والغجر. وسجلت تحركات إسرائيلية إذ استقدمت تعزيزات إلى مسافة قريبة من الحدود قبالة الوزاني، بحيث سجّل بعد تنفيذ العملية، إطلاق قذيفة واحدة كل 10 دقائق باتجاه أطراف كفرشوبا وحلتا، بينما استمر الطيران الحربي والاستطلاعي في طلعاته فوق مرجعيون حاصبيا العرقوب والبقاع الغربي حتى بعد الظهر، وقد أقفلت المدارس أبوابها في قضاء مرجعيون حاصبيا، بحسب الوكالة الوطنية.

وقالت مصادر لبنانية إن «ضابطا من الكتيبة الإسبانية أصيب جراء القصف الإسرائيلي، وقد توفي بعد نقله إلى المستشفى، بينما أفيد عن قيام (حزب الله) بقصف مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا ردا على القصف الإسرائيلي». وقال مصدر عسكري لبناني، لـ«وكالة الأناضول»، إن الهجوم وقع «في منطقة لبنانية محتلة لا تخضع لسيطرة الجيش اللبناني أو قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة»، موضحا أنه «وقع في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة (الحدودية جنوب شرقي لبنان) المحاذية للجولان السوري المحتل، وليست لدينا أي معلومات أو تفاصيل حول العملية، وهي وقعت في منطقة يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي».

وطلب الجيش الإسرائيلي من قيادة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، أن يلتزم عناصر اليونيفيل مواقعهم، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، بيتر ليرنر، على حسابه على موقع «تويتر»: «أوعز الجيش الإسرائيلي بإجلاء المدنيين من جبل الشيخ بعد تساقط قذائف هاون على مواقع عسكرية في المنطقة». وقال مصدر أمني لبناني لوكالة «الصحافة الفرنسية» إن «المدفعية الإسرائيلية أطلقت 22 قذيفة على الأقل على منطقة زراعية مفتوحة في جنوب لبنان بعد الهجوم وتصاعد دخان كثيف من المنطقة».

وفي إسرائيل، أكد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن الجيش الإسرائيلي مستعد للرد «بقوة» على هذا الهجوم، مضيفا: «من يحاول تحدينا على الجبهة الشمالية عليه أن يتذكر هجوم إسرائيل على غزة في العام الماضي». وعبر الميجور جنرال إسرائيل زئيف، وهو ضابط متقاعد بالجيش الإسرائيلي، عن اعتقاده بأن هجوم أمس، هو محاولة من «حزب الله» لاجتذاب إسرائيل للحرب في سوريا حيث يشارك في القتال إلى جانب قوات النظام. وقال: «إسرائيل تدرك أنها بحاجة لاحتواء الأمور. تحتاج إسرائيل لحماية مصالحها دون اتخاذ أي تحركات غير ضرورية قد تجرنا للصراع في سوريا».

وأعلنت قوات «اليونيفيل»، أنه «عند نحو الساعة 11:30 من قبل ظهر اليوم (أمس)، لاحظت اليونيفيل إطلاق 6 صواريخ نحو إسرائيل من محيط منطقة الوزاني، شمالي الميسات في منطقة عمليات اليونيفيل، وقد ردّ الجيش الإسرائيلي بنيران المدفعية على المحيط العام نفسه للمنطقة». وأكدت اليونيفيل في بيان، أنه «خلال مجريات الأحداث، تعرّض أحد جنود حفظ السلام في اليونيفيل المنتشرين في موقع للأمم المتحدة بالقرب من الغجر لإصابات بالغة أدّت إلى وفاته. ما زال سبب الوفاة الدقيق غير محدد وما زال رهن التحقيق». وقام رئيس بعثة اليونيفيل وقائدها العام، اللواء لوتشيانو بورتولانو، بالاتصال فورًا بالأطراف للمساعدة على ضبط الوضع ومنع أي تصعيد إضافي. ولفت إلى أنه «عند نحو الساعة 1:30، تم إطلاق 5 صواريخ من محيط منطقة كفرشوبا نحو إسرائيل، ردّ الجيش الإسرائيلي بالأسلحة المدفعية تجاه مصدر النيران». وتبلّغت اليونيفيل من الجيش الإسرائيلي بأنّه تعرّض لإصابات نتيجة النيران التي تم إطلاقها من الجانب اللبناني.

وأدان اللواء بورتولانو بشدّة هذا الخرق الخطير لقرار مجلس الأمن 1701. وأعلن أنه يجري اتصالات متواصلة مع الطرفين كما حثّهما على الحفاظ على أقصى درجات ضبط النفس. وباشرت اليونيفيل بتحقيق لتحديد وقائع الحادثة وحيثيّاتها.

وأتى الردّ على «عملية القنيطرة» قبل يومين من موعد إطلالة متوقعة لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، للتعليق على الاعتداء الإسرائيلي الذي أدّى إلى مقتل 6 عناصر بينهم قيادي من الحزب وآخر إيراني، وبعد يوم على إطلاق صاروخين من سوريا باتجاه الجولان المحتل، وساعات على شنّ إسرائيل غارتين استهدفت اللواء 90 ومواقع في ريف القنيطرة، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وكان الجيش الإسرائيلي قال إن طائراته ضربت مواقع مدفعية للجيش السوري قريبة من مرتفعات الجولان في ساعة مبكرة من صباح أمس، ردا على صواريخ أطلقت على المنطقة المحتلة يوم الثلاثاء الماضي.