IMLebanon

الشرق: الحريري: أمامنا تحديات لكننا قادرون على النهوض ببلدنا

 

لفت رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الى ان في لبنان اليوم «موالين» الاول متفائل والثاني متشائم. وقال: «صحيح  ان هناك ضغوطا وتحديات على الصعيدين الاقتصادي والمالي ولكن امام هذا المشهد هناك من مشهد اخر مختلف كليا وهو مشهد اقرار الموازنة بإصلاحاتها وبنسبة العجز المتدنية ومشهد تنفيذ خطة الكهرباء وتنفيذ برنامج الانفاق الاستثماري ومشهد النهوض بالقطاعات الانتاجية وتنفيذ خطة ماكينزي وبدء عمليات التنقيب عن النفط والغاز اواخر هذه السنة وهذا هو المشهد الذي اراهن عليه وهو سيغلب كل التوقعات السلبية».

 

برعاية الرئيس الحريري وحضوره، أقامت الهيئات الاقتصادية اللبنانية برئاسة الوزير محمد شقير حفلاً تكريمياً لرئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الرئيس السابق لجمعية المصارف في لبنان جوزيف طربيه، في غرفة بيروت وجبل لبنان، بمشاركة حشد من الهيئات والقيادات الاقتصادية والمصرفية وكبار رجال الأعمال.

 

بداية القى الوزير شقير كلمة رحب فيها بالحضور «في هذا الحفل المميز الذي أردنا فيه تكريم قيادي إقتصادي ومصرفي عريق برعاية وحضور الرئيس الحريري لما لهذه المناسبة من أهمية خاصة لنا جميعاً».

 

وأضاف: «هنا أغتنم هذه المناسبة لأتقدم بإسمي وبإسم القطاع الخاص بالتهنئة من الدكتور سليم صفير لانتخابه رئيساً لجمعية المصارف، ونحن على قناعة بأنه سيمثل المصارف في الهيئات الاقتصادية أفضل تمثيل وسنكون معاً وجنباً الى جنب لمواجهة مختلف التحديات وللدفاع عن قطاعنا المصرفي واقتصادنا الوطني. ألف مبروك ريّس سليم مع تمنياتنا لك بالتوفيق والنجاح لما فيه خير المصارف والاقتصاد الوطني».

 

وتوجه الوزير شقير باسمه وباسم القطاع الخاص اللبناني بالشكر الجزيل للرئيس الحريري «على التضحيات وطول البال والحكمة التي واجهتم بها كل الأزمات وذلك في سبيل حفظ استقرار بلدنا وسلامته وعافيته».

 

وقال: «نحن الموجودون هنا ومع ما نمثل نقول إن ثقتنا كبيرة بك وبقيادتك لهذه المرحلة وبكل ما تقوم به من أجل لبنان، لذلك نعلن أننا معك والى جانبك فلا تدعهم يحبطونك أو يدخلون اليأس الى قلبك، فلبنان الذي تحب ونحب سيخرج بإذن الله وبإرادة أصحاب الهِمَمّ الطيبة من هذه المحنة أقوى وأفضل مما كان».

 

وأكد ان «القطاع خاص لا يزال نؤمن بإمكانية تجاوز الأزمة الاقتصادية والنهوض بالبلد، بوجودكم على رأس الحكومة وبتعاونكم مع الرئيس العماد ميشال عون الرئيس نبيه بري، وبانفتاحكم وتعاونكم مع جميع الافرقاء».

 

أضاف: لكن للأسف، أنت في واد وهناك قيادات سياسية في واد آخر، همك انقاذ البلد من المأزق الاقتصادي، وهمهم تسجيل النقاط بالسياسة، همك البدء بتنفيذ مشاريع مؤتمر سيدر لإستعادة النمو، وهمّهم تحقيق مصالح ومكاسب ضيقة على حساب الوطن.

 

ورأى الوزير شقير ان «الوقت ليس للسياسة، لقد شبعنا وشبع الشعب اللبناني سياسة وخطابات سياسية، لذلك نطالب ان يكون المواطن اللبناني أولاً، الاقتصاد أولاً، المصارف الصناعة التجارة السياحة وكل القطاعات أولاً». وقال «من هنا نحملك دولة الرئيس أمانة، بأن تحاول مع الرئيس عون والرئيس بري بالتوصل مع القوى السياسية الى ميثاق شرف، بجعل الأولوية الاولى والأخيرة في هذه المرحلة اقتصادية واجتماعية. وإذا تمكنتم من الاتفاق على ان تكون المرحلة مرحلة صمت خصوصاً مع بدء موسم الصيف، يكون أفضل بكثير».

 

وطالب بعودة مجلس الوزراء الى الاجتماع، وعقد جلسات مكثفة، وإقرار الموازنة في مجلس النواب مع الحفاظ على نسبة عجز 7،59 في المئة، مشدداً على «أنها لحظة تاريخية بالغة الدقة في حياة وطننا، فلنكرس جميعاً وقتنا وجهودنا وطاقاتنا في سبيل إنقاذ البلد».

 

وألقى رئيس جمعية المصارف سليم صفير كلمة جاء فيها: «الزميل طربيه استطاع بحكمته، أن يوازن بين استمرار عمل القطاع المصرفي وتطورّه، بمعزل عن العقبات السياسية، فتمكنّ بدراية مشهود له بها، أن يحيّد، بالتعاون مع المصرفيين الأعزاء، الشأن المصرفي اللبناني عن تحوّلات دولية وواقع محيطه، ليبقى أحد أهم قطاعات الإنتاج الاقتصادي في لبنان، كما في المنطقة».

 

وقال: «الكل يعلم بدقة الوضع الذي نمرّ به، فالحالة الاقتصادية دقيقة وحساسة، لكنها لا تزال قابلة للمعالجة إذا توفرت الإرادة لدى المعنيين. وأغتنم فرصة وجودنا هنا حول الرئيس الحريري والوزير شقير، ومن موقع المسؤولية الجديدة التي اختار القطاع المصرفي أن يحملّني إياها، لأؤكد على جملة بديهيّات أساسية لا بد منها، حتى نتمكن من إنقاذ الوضع الاقتصادي القائم… خصوصاً أن مستقبل وطننا يرتكز على الدورة الاقتصادية الفعّالة والمنتجة التي من شأنها توفير عامل الثقة بالوطن…. وهذه الثقة تشكّل بدورها عامل جذب للاستثمارات بما يصبّ في تعزيز الاقتصاد».

 

اضاف: «ومع توافر هذين العامِلّين نكون وَفرّنا الطاقة اللازمة لتفعيل المحرّك الاقتصادي.

 

أذكر عندما تسلّم الرئيس الحريري رئاسة الحكومة، شدد في البيان الوزاري على العمل لإعادة إطلاق الدورة الاقتصادية. وهذا أمر مشهود للرئيس الشهيد رفيق الحريري بتحقيقه.  وذلك يُعتبر من المسلّمات الاقتصادية، لأنّه يساهم بشكل جدّي في استمرار تدفّق الواردات للدولة التي لا يمكنها أن تستمر من دون واردات مستدامة وغير ظرفية، وأنا كرئيس لجمعية المصارف أتمنّى على الحكومة أن تكون صفاً واحداً إلى جانب قوى الإنتاج. لأن السياسة السليمة من الاقتصاد السليم، والعكس صحيح».

 

وتمنى  على «هذه القوى أن تكون مساندة للجهد الحكومي البّناء، حتى نستطيع أن نحقق موازنة 2020 والموازنات اللاحقة، كجزء من خطة بنيوية، إصلاحية، اقتصادية، إدارية شاملة، تُعيد جَمع القوى الوطنية اقتصادياً، وتوفر لها مساحة أكبر للتطور، كما تساهم في تأمين الموارد اللازمة للدولة، وتؤدي إلى تثبيت الاستقرار الاجتماعي المطلوب. هذه مهمتنا كلنا، ويجب أن نحدّد أهدافنا وخطة عملنا والمثابرة على تنفيذها».

 

1 Banner El Shark 728×90

 

ثم ألقى طربيه كلمة قال فيها: «الهيئات الاقتصادية كانت ولا تزال أم الصبي بالنسبة للاقتصاد اللبناني، اذ شكلت دائماً المرفأ الآمن الذي تهرع اليه القطاعات الاقتصادية، في اوقات الشدائد. وكم تمنيت لو ان المجتمع السياسي تسود فيه نفس مشاعر التعاون والرغبة في الحوار وابتداع الحلول».

 

اضاف: «نتطلع دائماً إلى ان تتغلب الرغبة الساحقة للبنانيين باستمرار السلم الاهلي والاستقرار السياسي. ان رهاننا هو الدولة، وانتم، يا دولة الرئيس، خير من يمثل تطلعاتنا، ونأمل نجاحكم ونجاح العهد في العبور بالسفينة الى شاطىء الامان».

 

وتابع: «ولا بد لي، في هذه العجالة، من كلمة حول القطاع المصرفي في لبنان، الذي تسلّم قيادة جمعيته الاسبوع الماضي مصرفي عريق، زميل لنا نقدره، ويؤازره مجلس ادارة متمرس، نجح في الحفاظ على القطاع المصرفي بالرغم من اسوأ الظروف، اخطرها التعاطي مع مسلسل العقوبات الذي يهدد المصارف في العالم كله، وتتقاطع خطوطه الكبرى فوق رأس مصارف لبنان، بفعل وقوع المصارف اللبنانية في الساحة الرئيسية للحرب الجيوسياسية القائمة في المنطقة، والتي تحت عنوان مكافحة تبييض الاموال، تهدد كل الكيانات المصرفية القائمة».

 

وقال: «جمعية مصارف لبنان نجحت، وبجهد مستمر طيلة السنوات الاخيرة، في ردّ اخطار العقوبات من خلال تطبيق افضل قواعد الامتثال في العالم، وفتح علاقات مباشرة مع اهم مراكز القرار السياسي والمالي في الولايات المتحدة الاميركية واوروبا.وتبدو اليوم واضحة دقة هذا الموضوع في ظل لائحة العقوبات الجديدة، مما يتطلب متابعة مستمرة من جمعية المصارف لهذه القضية البالغة الحساسية».

 

اضاف: «والتحدي الآخر الذي تواجهه مصارف لبنان فهو الازدواج الضريبي الذي فرضته الدولة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب عام 2017، والذي ادى عملياً الى معدلات ضريبة دخل على المصارف تجاوزت الخمسين بالماية سنوياً، وهو اجراء لن نتوقف عن المطالبة بالغائه لضرره الفادح على كلفة تمويل الاقتصاد اللبناني ونموه».

 

واكد  ان «المالية العامة في لبنان، هي في ازمة، واصبح من نافل القول ان لبنان بحاجة اليوم الى تصحيح مالي واصلاحات هيكلية كبيرة لاحتواء العجز المالي ووقف تصاعد المديونية العامة واستعادة النمو. ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا من خلال اعادة هيكلة القطاع العام ومكافحة الفساد وتحسين الجباية واصلاح الكهرباء، واعطاء الحوافز لعودة الاقتصاد اللبناني الى النمو والازدهار».

 

وقال: «القطاع المصرفي اللبناني يراهن في النهاية على نجاح الدولة بتنفيذ خطة التصحيح المطلوبة لانها لم تعد خياراً بل اصبحت قدراً لا مفر منه.

 

وقال: «إننا نشاطر المؤسسات الدولية من مصارف عالمية ومؤسسات تصنيف الى صندوق النقد الدولي في توصيف دقة الوضع ووجوب المعالجة السريعة اذ ان الوقت اصبح جوهر المسألة. ولكننا لا نشاطر مطلقاً الاستنتاجات الكارثية لبعضها، فالدولة اللبنانية ليست مهددة ابداً بالتوقف عن الدفع، والدين السيادي اللبناني مؤمّن دفعه في آجاله المحددة، والمصارف اللبنانية ومصرف لبنان الذين يحملان القسم الاكبر من الدين السيادي، قادرين على التعامل مع الموضوع بمرونة ضمن قواعد السوق وتجنيب البلاد شبح عدم السداد».

 

وألقى الرئيس الحريري كلمة قال فيها: «يسعدني ان نكون مجتمعين لتكريم  طربيه، أحد أعمدة القطاع المصرفي اللبناني والعربي، وبتكريمه اليوم نكرم القطاع المصرفي كله، هذا القطاع الذي برهن عن صلابة في كل الم ارحل، وكان السند الأساسي للاقتصاد اللبناني، رغم الظروف الصعبة، وحافظ على التازم المعايير والانظمة الدولية، بشهادة كل الدول والمنظمات الدولية. وقد تحقق هذا الامر بفضل حكمة وقيادة المصرفيين اللبنانيين المتميزين أمثال طربيه، الذين آمنو بلبنان وباقتصاده وبطاقاته الشبابية، وكانوا على الدوام داعمين لمشاريع النهوض في البلد، وواكبوا مسيرة اعادة اعمار لبنان التي أطلقها الرئيس الشهيد رفيق الحريري».

 

اضاف: «أنا فخور بالعلاقة المميزة التي تجمعني بطربيه على المستوى الشخصي، واذا اردنا ان نعدد انجازاته خلال مسيرته الوطنية والمهنية فاننا نحتاج الى يوم باكمله وربما اكثر (…)».

 

وتابع «ما اود قوله اليوم لطربيه هو ان لبنان لا يزال بحاجة اليه والى دوره وخبرته وحكمته، وهذا التكريم ليس سوى صفحة من صفحات مسيرته الوطنية المستمرة، والتي اتمنى على كل شاب وشابة في لبنان الاقتداء بها. كما اود ان اتمنى في هذه المناسبة التوفيق للدكتور سليم صفير بعد تسلمه رئاسة جمعية

 

المصارف، وان اقول له اننا الى جانبه واننا مصرون على ان يبقى القطاع المصرفي قويا ويحافظ على نجاحه ومتانته».

 

وقال: «أود ان استغل وجودكم لاتكلم معكم بكل صارحة، ففي البلد اليوم هناك «موالان»، الاول متشائم والثاني متفائل. حتى أنا شخصيا أمر بفترات اكون فيها متشائما، ولكن ما البث ان اهدأ واعود الى الثوابت». اضاف «صحيح ان هناك ضغوطا وتحديات على صعيد النشاط الاقتصادي وعلى الصعيد المالي وعلى مستويات العجز والدين العام على الصعيد النقدي، وهنا اود ان انوه بجهود حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يضع أمامه أولوية واحدة هي المحافظة على الاستقرار النقدي. ولكن أمام هذا المشهد هناك مشهد اخر مختلف كليًا، مشهد اقرار موازنة العام 2019 في المجلس النيابي باصلاحاتها وبنسبة عجز بلغت 7.5%، ومشهد اقرار موازنة العام 2020 ضمن المهل الدستورية، ومشهد تنفيذ خطة الكهرباء واجراء التلزيمات لانشاء معامل الانتاج في نهاية السنة، وخفض تدريجي لدعم مؤسسة كهرباء لبنان ابتداءً من العام 2020، ومشهد تنفيذ مشاريع برنامج الانفاق الاستثماري، ومشهد النهوض بالقطاعات الانتاجية وتنفيذ خطة ماكنزي، ومشهد اعلان بدء عمليات التنقيب عن النفط والغاز أواخر هذه السنة. هذا هو المشهد الذي نريده وهذا ما راهنا عليه، وهذا هو المشهد الذي سيغلب كل التوقعات السلبية باذن الله».

 

وتابع: «نحن في البلد احيانا ننظر الى الامور بشكل سلبي خصوصا ان بعض الاعلام والسياسيين، لا عمل لديهم سوى تحطيم المشهد الاقتصادي اللبناني. صحيح ان امامنا تحديات ولكن هذا لا يعني اننا نحن كلبنانيين وقد تمكنا من النجاح في العالم كله عاجزون عن النهوض ببلدنا، فنحن لدينا القدرة والامكانية والعنصر الشبابي والقطاع المصرفي للقيام بذلك وكل ما هو مطلوب لاصلاح هذا المسار، وانا متوكل على الله سبحانه وتعالى وعليكم لتحقيق ذلك.

 

بعد الانتهاء من الكلمات قدّم الرئيس الحريري والوزير شقير درع الهيئات الاقتصادية الى طربيه، ثم أقيم غداء بمشاركة الحريري وجميع الحاضرين على شرف المحتفى به في «نادي الأعمال» في الغرفة.