IMLebanon

القمة الروحية: الحكومة حاجة ماسة

عقدت قمة روحية اسلامية-مسيحية في دار مشيخة عقل الموحدين الدروز بدعوة من الشيخ نعيم حسن، حضرها رؤساء الطوائف اللبنانية كافة، وانتهت الى التأكيد أن الوحدة الوطنية تشكل الاساس والضامن لبناء لبنان الغد، معتبرة أن اي اساءة للعيش المشترك في اي منطقة وخصوصا في الجبل هي اساءة الى لبنان الفكرة والرسالة. وجاء في بيان القمة،» بدعوة من سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، انعقدت القمة الإسلامية – المسيحية في دار الطائفة بحضور المرجعيات الدينية المسيحية والاسلامية. وبعد التداول في الشؤون الوطنية والعربية العامة صدر عن المجتمعين البيان التالي:

إيماناً بلبنان الوطن السيِّد الواحد أرضاً وشعباً ومؤسَّسات، الذي نُحيي قريباً مئويته الأولى، والمنتظمة مبادئ قيامه وديمومته واستقلاله بالبنود الصريحة الواضحة الواردة في مقدِّمة دستوره وميثاقه الوطني، والذي نشأ على قاعدة تحترم الحريات العامة والخاصة وتقوم على الشراكة الوطنية والعيش الواحد للمواطنين اللبنانيين، باختلاف أديانهم وتوجهاتهم.

وبعد ثبات صيغته الإنسانيَّة الراقية وسط العواصف والأزمات التي تعرَّض لها عبر تاريخه القديم والحديث. وبعد نهوضه من ويلات الحروب ومحنة التطرُّف والإرهاب وتصدّيه المستمر للعدو الاسرائيلي بفعل تضحيات المؤسسة العسكرية ومقاومة شعبه، بقي متمسّكاً بثوابته الوطنيَّة، محافظاً على وحدته، أميناً لرسالته، ومحقّقاً التضامن الوطني.

وفي الوقت الذي لا يزال لبنان يواجه تداعيات أزمات شائكة نتيجة التقاطعات الضاغطة على ساحته وتداعياتها المقلقة على أكثر من صعيد، خُصوصاً في أمنه – وأشدّها خطراً تهديدات العدو الصهيوني – وفي اقتصاده الذي بات موضع ترصُّد دائم وتقييم دقيق من الدول ذات الاهتمام، ومن المؤسسات الاقتصادية الدولية ذات الاختصاص، وفي وضعه الاجتماعي بتفاقم مشكلة النازحين، وتراكم الأعباء المترتّبة عنها في مستويات عدّة لا سيّما الاقتصادي والمعيشي منها.

وفي الوقت الذي يواجه لبنان بتفانٍ التحديات نتيجة للموقف الوطني الجامع برفض التوطين شكلاً ومضموناً. فإن المجتمعِين يرَون أنَّ المطلوب إزاء كل ذلك المزيد من الوعي والتضامن الوطني لتجاوز المخاطر التي تتضاعف في ضوء ما يُحاك من مشاريع ومخططات معلنة وغير معلنة تستهدف إعادة رسم خريطة المنطقة وفرض أمر واقع جديد على دولها وشعوبها، لا سيما ما يُخطط لتهويد القدس وفلسطين التاريخية.

إن الوحدة الوطنية التي نشأت بين العائلات الروحية اللبنانية على قاعدة المواطنة والميثاقية والعيش المشترك والتعددية، والتي أرسى ثوابتها اتفاق الطائف بتعديلاته الدستورية، تشكل الأساس والضامن لبناء لبنان الغد.

وعلى هذا الأساس فإن أي اساءة للعيش المشترك في أي منطقة من لبنان وبخاصة في الجبل، هي إساءة الى لبنان الفكرة والرسالة، تعرض حاضره ومستقبله للأخطار والأزمات. وإن إطلاق وصف الـ «كنز» على مصالحة الجبل التاريخية هو أبلغ تعبير عن أهميتها في أبعادها الوطنية والمعنوية والميثاقية والمستقبلية، وهو كنزٌ برسم الوطن من أقصاه الى أقصاه. ولا يسع الرؤساء الروحيون إلا أن يعربوا عن ألمهم الشديد لحادثة البساتين المؤسفة التي أدت بنتائجها إلى تعطيل عمل الحكومة الذي هو حاجة ماسة للإستقرار السياسي والأمني وللنهوض الإقتصادي، ودعوا إلى إيجاد الحل المناسب والسريع لكي تستعيد البلاد حياتها الطبيعية.

من أجل ذلك، فإن القمة الروحية المسيحية – الإسلامية إذ تؤكد على التمسك بهذه الثوابت التي أرساها الدستور وأجمع عليها اللبنانيون، تدعو المسؤولين في مواقعهم والقيادات السياسية والمجتمع الأهلي الى حفظ هذه الثوابت في هذه المرحلة التاريخية الفاصلة ترسيخاً لوحدة لبنان وسلامته ورسالته في الاخوّة الإنسانية والعيش المشترك، والالتفاف حول المؤسسات الرسمية الدستورية والإدارية والقضائية والأمنية، وتفعيل عملها ودورها، والاحتكام إليها في كل ما يعترض الحياة الوطنية من أزمات، وإطلاق خطة نهوض شاملة بالوطن ومحاربة الفساد بكل مستوياته وتأمين الحد الأدنى من متطلبات المستقبل الأفضل الذي ننشده لجميع أبنائنا.

ولمناسبة عيد الجيش وجهّت القمة الروحية تحيّة الى المؤسَّسة الوطنيَّة الجامعة التي يجسِّدُها الجيشُ اللبناني الساهر دائماً على سلامة الوطن وأمن شعبه.

وشددت القمة، في بيان في ختام اعمالها، على أن المطلوب المزيد من الوعي والتضامن الوطني لتجاوز المخاطر التي تتضاعف في ضوء ما يحاك من مشاريع معلنة وغير معلنة تستهدف اعادة رسم خريطة المنطقة.

وكان شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن دعا، في افتتاح القمة، الى انتهاج الحكمة في ادارة الامور وحسن التدبير لنؤكد على الثوابت الوطنية والاسس التي بني عليها الصرح الوطني دولة وشعبا ومؤسسات. واضاف «نوجّه نداء الى الرئيس عون المؤتمن على الدستور لمنع كل ما يناقض صيغة العيش المشترك وندعون الى جمع اللبنانيين ومنع اي سعي لضرب الصيغة اللبنانية». وتابع «كنز المصالحة امر جوهري ويجب ان يكون نهجا عاما لكل اللبنانيين بعيدا عن الشحن الطائفي البغيض ونعتبر الجبل اساسا لوحدة الارض والارادة استنادا الى التاريخ».

اما البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فقال «لا يمكن ان نرى الشعب مشرذما ومقهورا الا وان نكون معه ونتمنى ان تكون القمة الروحية مستمرة ودورية ونصلي سوياً لخلاص الوطن الذي يجمعنا في سفينة واحدة في قلب هذا البحر الهائج». واضاف «اليوم فتحت صفحة وطنية رائعة، ونحن معكم، ونوجه النداء لكل الجهات السياسية من دار الموحدين الدروز للتهدئة، وهذا اللقاء هو أكبر طمأنينة للشعب اللبناني».

من جهته، دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان «الى الحلول من اجل انهاء الازمات تحت قواعد ثلاث الوحدة الوطنية والعيش الواحد والتمسك بالدستور والطائف وسنقف سدا منيعا امام الالتفاف على نصوص الطائف». واضاف «اطمئن الجميع بأن رئيس الحكومة سعد الحريري مؤتمن على هذه الثوابت الوطنية الكبرى ولن يفرّط فيها وهو يحافظ على صلاحياته الممنوحة له دستوريا ونحن جميعا وانا الى جانبه». ورأى ان «الوقت الحالي متأزم وعصيب ونريد كثيرا من التعقل والحكمة ونتوجه الى السياسيين أن يبدأوا بالعمل المؤسساتي من اجل انقاذ الوطن».