IMLebanon

المشنوق: السياسة الخارجية شاردة وتعرض التضامن الحكومي لمخاطر جدية

 

إعتبر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أن «السياسة الخارجية اللبنانية شاردة»، منتقدا «سلوك وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسميه».

وقال: «إن «التمادي في هذا الاتجاه السياسي يعرض التضامن الحكومي لمخاطر جدية»، مشيرا إلى أنه «لا يمكن الاستمرار بسياسة الصدمة والإلزام والإرغام»، مشددا على أنه يفرق «بين رئيس الجمهورية الذي له كل احترام وتقدير وعلاقتنا قائمة على الصراحة والوضوح المتبادل، وبين سياسة وزارة الخارجية التي تتعارض مع الأعراف الحكومية والبيان الوزاري».

وتحدث المشنوق أمام حشد من أعضاء «جمعية متخرجي المقاصد الإسلامية في بيروت»، في لقاء تكريمي على شرفه تقديرا لجهوده في الحفاظ على أمن لبنان واستقراره ودفاعه عن حقوق اللبنانيين دون تمييز، على ما قال رئيس الجمعية المهندس محمد مازن شربجي، في حضور ممثل مفتي الجمهورية اللبنانية مدير عام الأوقاف الإسلامية الشيخ محمد انيس الأروادي، عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية والدينية والفاعليات العائلية ورؤساء الجمعيات.

وفي ما يلي كلمة الوزير المشنوق:

انها مناسبة كريمة ووجوه خيرة موجوده هنا، تجعل المرء  يتعمق اكثر في الكلام، ويرسم صورة شاملة للتطورات الحاصلة في المنطقة ولبنان.

نحن موجودون في مدينة عظيمة باعتراف كل الناس،  وفي مركز خرّيجي المقاصد الذين هم جزء لا يتجزأ من بناء الدولة ومفهومها، وقراءة دور الدولة على مدى عشرات السنين من الاستقلال حتى اليوم.

لم يتسلم مقاصدي مسؤولية ان كان في مستوى الفئة الاولى او غير هذه الفئة الا وكان على قدر المسؤولية  وكانت خبرته لا يستغنى عنها في المجالات التي تخصص بها او عمل فيها.

اربعة بنود

نحن كمجموعة سياسية ابرمنا تسوية من اربعة بنود، البند الاول ينص على انتخاب رئيس الجمهورية  ليس من جونا السياسي ولا من قراءتنا ولا من مفهومنا للمسار السياسي في لبنان، هذا لا يمنع اننا نتعامل معه كرئيس للجمهورية ونكن له كل الاحترام والتقدير وكل سعي ونقاش معه ضمن الاحترام المتبادل لتأكيد دور الدولة ودوره كحكم بين كل اللبنانيين.

اما البند الثاني فهو يتعلق بالحكومة الائتلافية التي تضم كل الاطراف المختلفة وقراءاتها بكتب مختلفة، للوضع اللبناني وللوضع في المنطقة حتى في قراءتهم للادارة وللمسار الامور اليومية في البلد.

اما البند الثالث يتعلق بما سمي بربط النزاع حول دور سلاح حزب الله خارج لبنان.

البند الرابع يتعلق بسياسة النأي بالنفس حول كل الصراعات التي تجري في المنطقة والمطابق للبيان الوزاري الذي صدر في عهد الرئيس تمام سلام، الطيب الذكر بكل ما قام به. هذه التسوية كان يقصد بها اهداف عدة : الاول ما يتعلق منها بانتخاب الرئاسة حيث ان الجو القائم في المنطقة والخطر المحدق بالواقع والنظام اللبناني كبير جدا، والخطر ان تعم الفوضى كان اكبر، ولا ننسى المشاكل التي تعرضنا لها كل يوم في حكومة الرئيس تمام سلام، كنا امام خيارين: الاول ان نستمر بالنزاع اليومي ولا ضوابط  للدولة ولا مرجعية للدولة، بحيث يتحول الصراع على النظام وليس الخلاف داخل النظام. وانا كنتُ من المنظّرين لأنّ النزاع داخل النظام مقدور عليه وافضل بمئات المرات من النزاع على النظام نفسه بوجه التغييرات التي تحصل في المنطقة، وهذا ما حصل عمليا.

الامر الثاني المتعلق بالحكومة الائتلافية التي تعمل، ولا يمكنني القول ان النتائج ممتازة لان النزاع القائم ومشاكلها كثيرة، لكن هناك امكانية لاستصدار او اقرار مشاريع لبيروت او لبنان ككل، بطريقة معقولة. وفي إمكاننا تحويله الى التنفيذ وليس للكلام. هناك كلام كثيرعن  الفساد والصفقات، انا لا اقول اننا دولة قديسين، لكن اقول ان الكلام اكبر بكثير من الوقائع. انا صاحب تجربة في هذا المجال، وكلما وُضِعَ شيء على الطاولة يتحوّل الى فضيحة، ايّا كان العنوان وايّا كانت المناقصة او طبيعة الموضوع الذي يبحث، والحقيقة هناك نسبة كبيرة من الظلم، لكنّ الخيار كان امامنا في الحكومتين السابقة والحالية، اما التفرغ  للردود او الذهاب نحو الانجازات، ما هو الخيار الأفضل؟ أن نستمر في المشوار، وأن ندافع عن انفسنا قدر المستطاع أو لا؟ الخيار الثاني كان أن تتوقف كل المشاريع، لان لا طريقة ثانية لانجاز كل المشاريع.

البند الثالث متعلق بربط النزاع حول دور حزب الله في الصراع خارج الحدود.  وبصراحة هذه المسألة اثمرت، لأنه عندما يرى المرء الوضع في سوريا والعراق والخرائط الجديدة، ونسبة القتل العالية، والتداخل الدولي الذي لا حدود له… حتى أنّ من يريد تحييد منطقة طولها وعرضها 5 كيلومترات يحتاج الى تدخل روسي ودولي… فرأينا أنّه الافضل لنا ان ننسحب من هذا الموضوع ونقول اننا رابطون نزاع به، رغم معرفتنا ورغم عاطفة الجميع، إذ نحن نقول دوما إنّنا مع الخيار الذي يقرره الشعب السوري مهما كان هذا الخيار. ونحن داعمون للشعب السوري بالجغرافيا والتاريخ والديموقراطية والانتخاب، لكن ليس من الضروري ان نكون جزءا من هذه المعركة التي لا يعرف اولها من آخرها. أنا وصلت الى وقت لا اتابع قراءة الوضع السوري لانني لم اعد افهمه ولم اعد اعرف كيف احدد المناطق التي يتحدثون عنها، الى درجة انني احضرت خريطة ودقّقت، ومع ذلك وقعت في الضياع… على كلّ، لقد ضيعنا في الخريطة لكننا لم نضيع في العاطفة وفي ثوابتنا وفي مواقفنا.

الامر الرابع يتعلّق بالنأي  بالنفس: بصراحة هذه التجربة عاشت لفترة طويلة ولكنها تعرضت في الفترة الاخيرة لضربات قاسية، الضربة الاولى هي عند ذهاب وزراء من الحكومة الى سوريا باعتبار انّ احتفالهم مع النظام السوري في افتتاح معرض دمشق الدولي تمّ اخراجه من خلال القول إنّهم توجهوا الى سوريا بصفة شخصية لا رسمية، واريد ان اعترف امامكم اننا اخطأنا في هذا الاخراج، لأنّ فتح الباب على تجاوزات اخرى في السياسة الخارجية.

هناك شرود في السياسة الخارجية في لبنان، فعندما حصل اجتماع نيويورك (لقاء باسيل – المعلّم) حدّدنا موقفنا منه بشكل علني وصريح، واعتبرناه تجاوزاً لضرورة احترام تشاور الوزراء، خصوصا حول السياسة الخارجية، مع رئيس الوزراء وربما مع رئيس الجمهورية، وهذا لم يحصل.

تهديد  للتضامن

لقد قرأنا في جريدة اللواء الغراء، ان لبنان صوّت في اليونيسكو ضدّ المرشح المصري.. هكذا بات لدينا فعلا مشكلة في التضامن الحكومي وفي قراءة السياسة الخارجية، لأنّ مصر دولة موزونة، هادئة، موضوعية، دورها في لبنان وفي غير لبنان هو حفظ الاستقرار، وفي لبنان خصوصاً كان للمصريين دور في دعم انتخاب الرئيس، وصلتهم بكل اللبنانيين صلة ممتازة، فلماذا التصويت والسعي دون وصول مرشحة مصر الى منصب مديرة عامة لليونيسكو؟ ولماذا ادخل في خلاف مع مصر او اواجهها ومع العالم العربي. الا اذا كنت اعتبر ان في السياسة الخارجية في إمكاني ان انفذ ما اريد ومن لم يعجبه فليبلط البحر؟ بصراحة اقول نحن لن نبلط البحر بل سنفعل اكثر. اولاً اريد القول انني بما امثل ومن امثل أعتذر من الشعب المصري ومن الحكومة المصرية على هذا الموقف.

الامر الثاني: إنّ هذا التمادي في هذا الاتجاه السياسي سوف يعرض التضامن الحكومي الى التهديد الفعلي، لا اقول هذا الكلام للتشهير والتناول، لكن هذا التضامن الحكومي لا يمكن ان يستمر ويعيش ويبقى تحت وقع سياسة الصدمة وسياسة الارغام وسياسة الالزام، فنحن لا نسير لا بسياسة الصدمة ولا بسياسة الارغام ولا الالزام، فليجرّبوننا وسيرون. وهنا أنّ أميّز بين رئيس الجمهورية، مع احترامي وتقديري له وفي لقاءاتي معه هناك مواقف نتوافق عليها، وبين سياسة وزارة الخارجية المتجاهلة كل الاعراف والقيود التي تتحكم بمسار علاقة الوزراء مع رئيس الحكومة خصوصا في السياسة الخارجية… وكما يقولون: إنّ غداً لناظره قريب.

لا تنازل

نحن لسنا في احسن الظروف، لكن لم ولن نتنازل عن الثوابت، ولا عن المواقف، ولا عن الصمود، لذلك لا يجوز تشييع جوّ الاحباط والعجز وعدم القدرة. فالاحساس بوجودكم حولنا يساعدنا على الصمود أكثر وعلى أن نواجه أفضل وأن نحقق نتائج احسن. لا اقول ان النتائج التي تحققت هي ممتازة، لكن هل  نواجهها بالاحباط او الصوت العالي؟ بل نواجهها من خلال احتضان المجتمع الذي يحمي امكانية وقدرات المسؤول في المواجهة.

وللمرّة الاولى في تاريخ لبنان هناك شراكة جدية بين عمل الأجهزة الأمنية في لبنان، وهو ما عكس هذا الأمان الذي نعيشه معاً.

أما في العودة الى التفاصل، لا اوافق ابدا على ما قيل في موضوع النفايات، فانا أقيم في بيروت، والمتعهد المعني لا يزال يعمل كما في السابق، وبلدية بيروت اقرت اتفاقاً مع متعهد جديد يبدأ تنفيذه في 1-1-2018 والامور تسير على نحو طبيعي، أما المشكلة الحقيقية فهي في عاليه والشوف، المنطقة التي لم تجد حلا في هذا الموضوع حتى اليوم. أما مطمر بيروت فموجود في برج حمود وفي الكوستابرافا ونحن دفعنا ثمنه من أموال بلدية بيروت، هذا اولا. وثانيا: هناك مشروع كبير لمعالجة النفايات في بيروت اقرّه مبدئيا المجلس البلدي، وخلال 3 اشهر سيتمّ توقيع العقد بالشراكة مع القطاع الخاص، إذا لا مشكلة نفايات في بيروت .

وفي موضوع الكهرباء انا اؤكد واجزم انه خلال 4 اشهر كحد اقصى ستحصل بيروت على 18 ساعة كهرباء في اليوم، وخلال ستة اشهر كحد اقصى بدءا من 1 تشرين الثاني المقبل، ستكون الكهرباء 24 ساعة في بيروت من خلال محطات ثابتة وبواخر. فقد أجريت المناقصة قبل يومين وتبيّن انّ هناك بعض الاشكالات، لكن الجدية والتأهيل سينفّذان خلال 6 اشهر لأنّ الشركة المعنية ستعمل على الارض، ولديها من الخبرة في تنفيذ المشاريع اكثر عشر مرات من الخبرات في لبنان. والحقيقة أنّ هذا الأمر ما كان ليتحقّق لولا اصرار والحاح الرئيس سعد الحريري الذي  تجاوز كل الحواجز بهدف الوصول الى اضاءة لبنان 24 ساعة.

وفي موضوع المياه: مشكلة المياه تحتاج الى سنتين كي تحلّ، والحلّ الوحيد للمدينة هو مشروع الليطاني – بسري ويكمل الى بيروت، وهو ماشي، لكن يحتاج الى سنتين.

– وفي موضوع الوظائف، المشكلة ليست في الفئة الاولى، بل في الطبقات تحت الفئة الاولى، عندما فتحنا باب التطوع الى الاطفائية اكتشفنا ان هناك 980 طلبا من بيروت، 20 منهم فقط تحصيلهم عالٍ، والباقون تحصيلهم العلمي لا يسمح لهم بشغل اي مركز عال سوى المعروض عليهم.عمليا تم اخذ 120 من بيروت، اثنان منهم فقط ليسا من بيروت، لان هذه من الشروط للدخول الى الاطفائية، وان شاء الله خلال فترة ستة اشهر سنأخذ كل الناجحين وعددهم 450 مرشحا سواء الى الحرس البلدي او الى اي من الوظائف الاخرى، وخلال العام 2018 سنجدول كل الشباب والبنات من بيروت لحل مشكلتهم بشكل لائق ليعيشوا حياة كريمة.

الثقة بالنفس

أختم في الجانب الفرح، وهو حقيقة تعيين خمسة بيارتة في الفئة الاولى، آخرهم كان هاني شميطلّي الامين العام لوزارة الخارجية. عمليا حصتنا كانت 11 من اصل 30, يجب التفاؤل بهؤلاء، سواء عماد كريدية في اوجيرو او منير مخللاتي في المخابرات. اما عن الفئة الثالثة والرابعة، فيجب معالجة هذه المعضلة، وفي امكاننا المعالجة، لانه في آخر اختبار في مجلس الخدمة من اصل 125 نجح 2 بيارتة فقط، ما يؤشّر إلى وجود مشكلة يجب معالجتها. وقد وقّعت على جمعية اسسها الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس تمام سلام وربما بعض الاخوة الآخرين معهم، مهمتها اعداد الشباب السنة الذين يريدون الدخول الى الادارة. وهذا الامر كان موجودا في تيار المستقبل خلال المراحل الماضية، اي منذ التسعينات، وكان مسؤولاً عنه الحاج عدنان فاكهاني. هذه مسألة مقدور عليها، ونحن قادرون على كل شيء. لدينا مشاكل صحيح، لدينا مشكلة سياسية صحيح، لكن يجب الا يصاب المجتمع بالاحباط، لانه يستطيع ان يبثّ الثقة بالنفس، وتناقل الكلام «من الى» لا يمكن ان يحقّق شيئا.

ختاماً لديّ اعتراض على المجلس الاقتصادي الاجتماعي، فقد اجرينا نقاشاً موضوعياً فتبيّن انه من اصل 15 هناك 8 بيارتة، وهناك حاجز عند الناس التي لا ترغب بأن يصلها الخبر الايجابي، ولا اعتقد ان هناك ازمة تواصل، بل هناك احساس لدى البعض بأنّ الدنيا اصبحت على الآخر، ويرددون انه مهما حصل لن نرضى وبدنا اكثر. لا، يجب ان نحسّن التفكير والتعاطي، وأن نفتح باب النقاش، وكنت افضّل ان يكون من ضمن الثمانية بعض المعارضين، بهدف تأمين مشاركة فعلية وتفاعلا أكبر.

اقول انّ كل الحاضرين لديهم القدرة على الصمود وعلى بثّ الثقة بالنفس، بذلك نكون نشبه بيروت النوّارة التي اعطت الكثير لاتزال قادرة على العطاء.