IMLebanon

لبنان يدخل عصر النفط

في أول جلسة تعقدها بعد عودة رئيسها سعد الحريري عن استقالته، خرجت حكومة «استعادة الثقة» بسلّة مقررات «دسمة» اقتصاديا واداريا، كان أبرز ما تضمّنته، منح رخصتين لاستكشاف وإنتاج النفط في البلوكين 4 و9، أدخلتا لبنان رسميا «جنّة» الدول النفطية. الا ان السياسة لم تغب عن الجلسة التي استضافها قصرُ بعبدا، فقد أكد الحريري في مستهلّها على ضرورة احترام النأي بالنفس، منتقدا زيارة الامين العام لميليشيا «عصائب أهل الحق» العراقية قيس الخزعلي الى جنوب لبنان، من دون أن يسمّيه. فقال «من المهم ان نشدد على قرار الحكومة بالنأي بالنفس، والابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. ومن باب أولى، نمنع اي طرف خارجي من التدخل في شؤون لبنان او استخدام الاراضي اللبنانية منصة لتوجيه رسائل إقليمية ومخالفة التزام لبنان بالقرارات الدولية»، مضيفا «لبنان ليس عامل استدراج عروض لجهات عربية او إقليمية للدفاع عنه، واللبنانيون يعرفون كيف يدافعون عن ارضهم وسيادتهم، ولا يحتاجون لمتطوعين من الخارج تحت اي مسمى من الأسماء».

في الموازاة، لم يحظ اقتراح وزير الخارجية جبران باسيل انشاء سفارة لبنانية في القدس الشرقية، برضى وزراء حزب الله والحزب القومي السوري الاجتماعي، الذين لم يتحمّسوا له كونه يحمل اعترافا ضمنيا بالقدس الغربية عاصمة لاسرائيل. فتم تشكيل لجنة وزارية برئاسة الرئيس الحريري لدرس الاقتراح ومتابعته. وفي السياق عينه، اعتبر المجلس «القرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، لاغيا وباطلا وفاقداً للشرعية الدولية وكأنه لم يكن»، وأكد «التزام لبنان مبادرة السلام التي أقرّت في قمة بيروت».

عون: استهل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جلسة مجلس الوزراء بإطلاع الوزراء على نتائج الزيارة الرسمية التي قام بها الى روما والمحادثات التي اجراها مع كبار المسؤولين الايطاليين والتي ركزت على تفعيل التعاون وتعزيز العلاقات، لا سيما وان ايطاليا تدعم لبنان في المحافل الدولية، كما اطلعهم على افتتاحه مؤتمر الحوار الاوروبي المتوسطي ومضمون كلمته في افتتاح المؤتمر. وعرض الرئيس عون نتائج ترؤسه وفد لبنان الى اعمال مؤتمر القمة الاسلامية الاستثنائية واللقاءات التي عقدها مع قادة الدول والكلمة التي ألقاها وحدد فيها موقف لبنان من اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل، مؤكدا ان «موقف لبنان كان متقدما والاتصالات التي اجراها أظهرت ان كل الدول ضد القرار الاميركي وتعترض عليه»، مشددا على «اهمية اتخاذ موقف عربي موحد حيال هذا الموضوع». وقد حث ايضا مجلس الوزراء على تفعيل نشاطه للتعويض عن الركود الحكومي في الفترة السابقة.

الحريري: بعده، تحدث الرئيس الحريري وقال في مداخلته «عدنا والعود أحمد. أتوجه بداية بتحية لفخامة الرئيس على كلمته المميزة باسم لبنان في القمة الاسلامية. فخامة الرئيس عبر بصدق وأمانة، عن وجدان اللبنانيين والعرب تجاه قرار الادارة الأميركية نقل السفارة الى القدس. موقف لبنان متقدم بشأن القدس، لان بين لبنان والقدس توأمة رسالة وايمان، والدفاع عن القدس هو دفاع عن قيم بلدنا، بالسلام الحقيقي والعيش المشترك وحوار الأديان». اضاف: «انها مناسبة لنقول، ان القرار الأميركي ما كان ليحصل، لو لم تكن دول عربية كبيرة غارقة في حروب وصراعات، الى حد ان ملايين المواطنين العرب تشردوا على صورة الشتات الفلسطيني». وتابع: «اليوم اكثر من اي يوم مضى، صار التضامن العربي، حاجة لإنقاذ القدس لتبقى عاصمة لدولة فلسطين، وحاجة لمجتمعاتنا لوضع حد للحروب والنزاعات وفتح صفحة جديدة من التضامن العربي». واكد ان «من المهم في هذا المجال ان نشدد على قرار الحكومة بالنأي بالنفس، والابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية..ومن باب أولى، نمنع اي طرف خارجي من التدخل في شؤون لبنان او استخدام الاراضي اللبنانية منصة لتوجيه رسائل إقليمية ومخالفة التزام لبنان بالقرارات الدولية». وقال: «لبنان ليس عامل استدراج عروض لجهات عربية او إقليمية للدفاع عنه، واللبنانيون يعرفون كيف يدافعون عن ارضهم وسيادتهم، ولا يحتاجون لمتطوعين من الخارج تحت اي مسمى من الأسماء». اضاف: «اكيد، هناك دول شقيقة وصديقة تدعم لبنان في إطار احترام خصوصية البلد وسيادته. والاسبوع الماضي كان مناسبة لوقوف المجتمع الدولي مع لبنان، ومواكبة قرار اللبنانيين بحماية الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي. والوفاء يقتضي ان أوجه بالمناسبة تحية شكر وامتنان للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي قدم أصدق نموذج عن الأصدقاء». وقال: «باسم مجلس الوزراء، تحية لفرنسا ورئيسها، وتحية لكل الدول والهيئات العربية والدولية التي شاركت في مؤتمر باريس واكدت الوقوف مع لبنان والشرعية اللبنانية. وأتوجه بالشكر ايضا للولايات المتحدة الأميركية التي أعلنت امس عن مساعدات إضافية بقيمة 120 مليون دولار للجيش اللبناني». وتابع: «اخيرا، أمامنا ورشة عمل يجب ان نكملها، وتأمين الاستقرار الاجتماعي مهمة أساسية من مهماتنا». وأشار الى ان على جدول اعمال الجلسة 145 بندا، معظمها أمور لها علاقة بالخدمات والإنماء والنهوض بالاقتصاد وتفعيل العمل الاداري. قبل يومين انطلق المجلس الاقتصادي الاجتماعي في عمله، ومسؤوليتنا ان نواكبه ونساعده على القيام بدوره. امامنا فرصة يجب الا تضيع والتعاون بين أعضاء الحكومة امر مهم». وأكد الحريري ان «الحوار والنقاش الموضوعي أساس لنجاح الحكومة في مواجهة التحديات على كل صعيد، وخدمة المواطنين يجب ان تتقدم على كل شي».

القدس: وبعدما أثنى عدد من الوزراء على كلام الرئيس الحريري، طُرح اقتراح الوزير باسيل انشاء سفارة لبنانية في القدس الشرقية، فلم يتحمس له وزراء حزب الله والحزب القومي السوري الاجتماعي، كونه يحمل اعترافا ضمنيا بأن القدس الغربية هي عاصمة لاسرائيل وقد رأى وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو ان «فلسطين لا تُجزّأ». فتم تشكيل لجنة وزارية برئاسة الرئيس الحريري لدرس الاقتراح ومتابعته. وعلى هذا الخط أيضا، اعتبر المجلس «القرار الأميركي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، لاغيا وباطلا وفاقداً للشرعية الدولية وكأنه لم يكن»، وأكد «التزام لبنان مبادرة السلام التي أقرّت في قمة بيروت». وشدد «على ان القدس هي عاصمة فلسطين وحق عودة الفلسطينيين جزء لا يتجز».

النفط: أما البند 46 من جدول الاعمال، والمخصّص للبحث في العرض المقدم من ائتلاف الشركات «توتال» الفرنسية و»ايني» الإيطالية و»نوفاتيك» الروسية، في ما خصّ التنقيب عن الغاز في الحقلين 4 و9، والذي ينص على أن يبدأ الحفر عام 2019، وأن تحول حصة الدولة من النفط والغاز في البلوك الجنوبي (9) ما بين 50 و60%، وفي البلوك الشمالي (4) بين 60 و70%، فانتهى الى «خاتمة سعيدة»، حيث تم منح رخصتين للائتلاف لاستكشاف وإنتاج النفط في البلوكين 4 و9. وصدر القرار بالاجماع ومن دون تسجيل تحفظات او اعتراضات من أي جهة، واكتفى وزراء «القوات» بتسجيل ملاحظات تقنية بسيطة، الا انهم اشاروا الى ان العرض كان قانونيا. وقد صفّق مجلس الوزراء لاقرار هذا البند، قبل ان يخرج وزير الطاقة سيزار ابي خليل الى الصحافيين ليزف اليهم «البشرى السارة»، موضحا ان «بداية حفر آبار النفط ستكون في بداية 2019 لنرى امكانية تطوير الحقل».

تعيينات: الى ذلك، أقر المجلس سلة تعيينات ادارية. فعيّن القاضي محمد مكاوي محافظا لجبل لبنان، والقاضي كمال أبو جودة محافظا للبقاع، وقرر وضع المحافظ انطوان سليمان بتصرف رئاسة الحكومة.

كما وافق مجلس الوزراء على تطويع 2000 عنصر من الذكور في قوى الامن الداخلي للعام 2018.

وأقرّ أيضا مشروع تلزيم اوتوستراد ضبية – العقيبة والذي يقوم على انشاء انفاق تحت الارض. وقد رفعت الجلسة عند الثالثة وبقي من جدول اعمالها 35 بندا، منها ملف النفايات، أرجئ البحث فيها الى الجلسة المقبلة.

القوات والمستقبل: أما على هامش الجلسة، فسجّلت دردشات جانبية بين وزير الاعلام ووزيري الداخلية نهاد المشنوق والثقافة غطاس خوري، انضم اليها أيضا الرئيس الحريري. وأشارت المعلومات الى ان المشاورات تطرقت الى العلاقات بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل، وقد أفيد ان وزير الاعلام خرج اثرها من قاعة مجلس الوزراء وأجرى اتصالا برئيس حزب القوات سمير جعجع، تردّد انه نقل خلاله اليه، رسالةً من الحريري.

كبارة: وكان وزير العمل محمد كباره قدم مداخلة خلال الجلسة عن مكب نفايات طرابلس وعن الكارثة البيئية والصحية التي تتعرض لها طرابلس جراء روائح هذا المكب القريب ايضا من المنطقة الاقتصادية الخالصة وسوق الخضار والمرفأ. واذا وقع سيهدد ليس فقط لبنان بل كل الدول الواقعة على البحر المتوسط. ووعد رئيسا الجمهورية والحكومة بطرح هذا الموضوع قريبا على مجلس الوزراء آملين معالجة هذه الكارثة.

قبل الجلسة: وقبل الجلسة، عقدت خلوة بين الرئيس عون والرئيس الحريري. أما وزير الاعلام فانتقد كيف ان «المحافظين يتم تعيينهم من قبل الحكومة، أما مجلس ادارة تلفزيون لبنان فهناك آلية يجب اعتمادها وهو ينازع، والحكومة ترفض السير بالالية». وقال ممازحاً «مهضومة الحكومة عندما نطرح تعيينات وفق الآلية لا تمر ولكن تعيينات من دون آلية تطرح على جدول الاعمال وتقر». من جهته، قال وزير الدولة لشؤون المرأة جان اوغاسابيان «امامنا اليوم قانونان يتعلقان بالضمان الاجتماعي لجهة المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة وتبادل الحقوق وقانون اخر بمنح اجازة الابوة ثلاثة ايام، واليوم هو تاريخي بالنسبة الى لبنان لجهة تلزيم بلوكين نفطيين ونرجو ان يمر على خير». أما وزير الشباب والرياضة محمد فنيش، فاعتبر «ان استئناف النشاط الحكومي فأل خير، والموقف من القدس هو الذي عبر عنه رئيس الجمهورية ووزير الخارجية. اما الطرح باقامة سفارة للبنان في القدس فلم نطلع على حيثياته بعد ولم ندرس محاذيره».