IMLebanon

تعرقل تشكيل الحكومة والصراع بين «القوات» وباسيل من جهة والمردة من جهة أخرى

تعرقل تشكيل الحكومة والصراع بين «القوات» وباسيل من جهة والمردة من جهة أخرى

الحريري يدفع ثمن ترشيحه لفرنجيه ثم تأييده لعون والجميع ينتظرون سياسة ترامب

ينتظر السياسيون اللبنانيون تاريخ استلام الرئيس الأميركي الجديد للولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب، وما هي السياسة التي سيتبعها بشأن الأوضاع في المنطقة وتحديداً في سوريا والعراق وخاصة لبنان؟ لان الرئيس الاميركي ترامب لم يأت بأي كلمة عن لبنان، في كل تصريحاته، وتحدث عن سوريا والعراق والمنطقة، ومعروف ان ترامب يدعم اسرائيل الى أقصى الحدود وهو قد عيّن حسب ما أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية بأن المليونير جاريد كوشنير، زوج ايفانكا ترامب، ابنة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب، قد يشغل منصب مستشار في الادارة الرئاسية الجديدة.

كما أصدر ترامب قراراً بتسمية مايكل فلين مستشاراً للامن القومي ومايك بومبيو مديرا للسي آي ايه وجيف سيشنز وزيرا للعدل، وهؤلاء من الاميركيين الارتوذكس الداعمين للكيان الصهيوني ولسياساته.

الرئيس الأميركي ترامب قام بتوجيه دعوة الى رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي لزيارة واشنطن وأكد له على الدعم الأميركي للعراق بشكل كبير، وبأن واشنطن ستدعم العراق بكل ما يريده، وبالنسبة لسوريا ووفق وكالة «سبوتنيك» وكالة الانباء الروسية فقالت ان حديث الرئيسين الروسي بوتين والاميركي ترامب تركز بشكل أساسي على الازمة السورية وانه لا يمكن حل الازمة السورية بالقوة بل عبر حلها سلمياً، وبمؤتمر تشارك فيه دول عدة خاصة تركيا وايران.

في بيروت ينتظرون سياسة ترامب والسفارة الاميركية ملتزمة الصمت والزوار الذين قصدوا السفارة الاميركية خلال اليومين الماضيين وجدوا صمتا مطبقا لدى السفارة الاميركية وتعليقات اننا نحن ننتظر كيف سيتصرف المسؤولون اللبنانيون في المرحلة المقبلة لأن اميركا لن تتدخل مباشرة في لبنان بل ستدعم بشكل كبير الجيش اللبناني وستقدم له الأسلحة الذي يحتاجها.

اما بالنسبة للطبقة السياسية فهي لا تعنينا، اما بالنسبة لرئيس الجمهورية فخامة الرئيس ميشال عون فانهم مع الشرعية ومع دعم رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري والمؤسسات وتحديداً الجيش لكن الاشارات التي اعطتها السفارة الاميركية انه وخلال سنة 2017 واذا لم يجرِ حل حقيقي في لبنان فانه سائر نحو اتجاه خطير، حتى ان واشنطن لن تتدخل وروسيا ايضاً وأوروبا غير قادرة على فعل أمور هامة، وبالتالي فان نهاية عام 2017 ستكون المؤشر الحقيقي للبنان حتى بشأن استمراره اما بدولة موحدة أو بدولة منقسمة وقد تنتقل نار العراق وسوريا الى لبنان خلال سنة 2017 اذا غاب الوفاق السياسي ولن يتم دعم الجيش بالقوة لأن الضامن لوحدة لبنان هو الوفاق السياسي، والادارة الفعلية لتأمين وضمان الوفاق السياسي هو الجيش اللبناني وتعزيز اجواء الوفاق والوحدة.

ـ مَن يحكم لبنان؟ بعبدا أم عين التينة؟ ـ

الرئيس نبيه بري اعتاد على الزعامة السياسية في لبنان، ورغم ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان مدعوماً من دول كبيرة ومن كل الجهات، لكنه لم يستطع ان يتجاوز الرئيس نبيه بري، وعلى هذا الاساس كان تحالف الرئيس نبيه بري مع الشهيد رفيق الحريري، لكن الميزان كان لصالح عين التينة، حتى ان الرئيس سعد الحريري الذي غاب عن لبنان لسنوات وعاد الى بيروت لم يستطع بدوره تجاوز الرئيس بري وعاد وتفاهم معه، خصوصاً أن مفتاح مجلس النواب هو في جيب الرئيس نبيه بري، عندما قال الرئيس نبيه بري ان تأمين النصاب الرئاسي هو في جيبي الكبير كانت كلمة كبرى واعتبر ان انتخاب الرئيس العماد عون يمر من خلال هذه الورقة التي هي في جيب الرئيس نبيه بري، وهذا لم يجعل العماد عون يرتاح لهذه العبارة فرد بعدة مواقف أهمها ما قاله في الصرح البطريركي «ان التمديد والتمديدات الاخرى هي التي اساءت للمؤسسات واصابتها بالوهن» وبسرعة كبيرة رد الرئيس نبيه بري على كلام عون قائلاً: «صحيح ان التمديد هو الذي ادى الى الوهن في المؤسسات ولكن تأخير انتخاب رئيس الجمهورية لفترة طويلة هو اسوأ»، وما ان انتهى الرئيس نبيه بري من خطابه حتى كان الرد من المفتي عبد الامير قبلان على ما قاله البطريرك الراعي بشأن دعم الرئيس عون وبأنه لا يجوز وضع فيتوات او حصر وزارة بطائفة معينة»، وقال الشيخ قبلان «ان حرمان الطائفة الشيعية يعود الى عشرات السنوات وبالتالي فان الشيعة لحقها الغبن جدا واذا كان المسيحيون يتحدثون عن ضعف في صلاحياتهم او في امور اخرى فالشيعة كانوا محرومين ومهمشين كلياً».

الصورة الآن على الشكل التالي: محور يقوده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مدعوماً من رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع والقوات اللبنانية ومدعوماً من التيار الوطني الحر ومدعوماً من قوة اساسية هي الجيش اللبناني لا يمكن تقسيمها بسهولة كما حصل عام 1975 وهذه القوة ممسوكة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اكثر من اي قائد سياسي آخر، اضافة الى دعم البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي واضافة ايضا الى ما سيقوم به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من خطوات، فاذا نجح العماد عون في خطوات جذبت شعبية كبيرة لصالحه في الحكم، سيكون قوياً في بعبدا وعندها سيتحدث عالياً عن ملفات الفساد، وانه أتى الى رئاسة الجمهورية من العسكر ومن خارج الطقم السياسي الذي ادى الى الفساد وعاش 15 سنة خارج لبنان ولم يشارك في الديون والتراجع الاقتصادي الذي حصل في لبنان.

اما الرئيس نبيه بري فحليفه حزب الله لكن حزب الله لم يذهب الى ممانعة الرئيس العماد عون، انما بالعمق يفضل ان يبقى الرئيس بري قوياً وقادراً على الوقوف في وجه العماد عون، ذلك انه بمقدار ما يقترب الدكتور سمير جعجع من رئيس الجمهورية العماد عون يقترب حزب الله من الرئيس نبيه بري، واذا استقل العماد عون عن أي حلف مسيحي ولم ينحاز لأي جبهة فانه يستطيع حزب الله عندها ان يدعمه ولا يعطي كل الاوراق للرئيس بري رغم ان بري اصبح المفاوض الأول والمكلف بالحديث عن حقوق ودور الشيعة في لبنان اضافة الى مركزه كرئيس للسلطة التشريعية التي هي مجلس النواب.

صراع قوي بين بعبدا وعين التينة، بعدما كان الصراع في الماضي بين قريطم وعين التينة أصبح الآن بين بعبدا وعين التينة، وعندما يتم الحديث على انه هنالك فيتو على توزير علي حسن خليل فيرد الرئيس نبيه بري انا ايضاً اضع فيتو على توزير جبران باسيل. ويقول «ما سمحنا في الماضي نتيجة ظروف استثنائية من التنازل عن وزارة المالية والتوقيع الرابع في الدولة لأي مرسوم يدفع فيه اموال، فاننا لن نتنازل بعد الآن عن التوقيع الرابع وهكذا يكون الطائف متوازناً بالتواقيع الأربعة». اما بشأن موقف الحريري فبعدما كان الصراع بين 8 و14 آذار ثم تغيرت الصورة وحصل تفاهم بين العماد عون وحزب الله ثم تغيرت الصورة وحصلت تفاهمات جديدة وبأن العماد عون سيكون مدعوماً من التيار الوطني الحر والبطريرك الماروني والدكتور جعجع والقوات اللبنانية واحزاب اخرى بمواجهة الرئيس نبيه بري المدعوم من حزب الله ضمن حدود بنسبة 90% والنائب سليمان فرنجية ووليد جنبلاط، لكن جنبلاط لن يلعب اللعبة السياسية الى الأخير وسيكون له علاقة بين الطرفين وسيحاول التوازن بين الجهتين لكن عند الحقيقة سيكون جنبلاط مع الرئيس نبيه بري وسعد الحريري ذلك انه بينه وبين عون لم تنشأ علاقة تاريخية سياسية بل كان على خصام وحروب.

الموضوع الحكومي امامه تعقيدات، وبالتالي فان الرئيس سعد الحريري يدفع الآن ثمن تأييده للنائب سليمان فرنجية والالتزام معه بحصة وازنة في الحكومة تعويضاً عن انقلاب الحريري في مواقفه الرئيسية والتخلي عن تأييده فرنجية لصالح العماد ميشال عون.

وفي ظل هذه الاجواء فان السجالات بين المرجعيتين الروحيتين المسيحية والشيعية قد تراجعت نسبياً بعد أن استغرب البطريرك الماروني الردود على كلامه اثناء استقباله العماد ميشال عون في بكركي وتأكيد المطران بولس مطر ان البطريرك لم يقصد بكلامه الطائفة الشيعية لكن المفتي الشيخ احمد قبلان اكد بأن الشيعة وطنيون وهم ضحوا كثيراً من أجل لبنان ولن يتنازلوا عن وزارة المال وعن التوقيع الرابع على القرارات. واللافت ايضاً في الموضوع الحكومي ان حركة الرئيس سعد الحريري تراجعت خلال اليومين الماضيين رغم استمرار الاتصالات وهو ممتعض من رفض تشكيلته ومتمسك بحكومة الـ24 وزيراً لأن العودة الى حكومة الثلاثين يعني بدء المفاوضات من البداية.

ـ الورثة الكبرى ـ

ورث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكبر ورثة في الازمات والمشاكل وكلهم يضعون الأزمات عليه وينتظرون منه الحل، ولكن الحل يجب ان يأتي من الحكومة والحكومة لن تتشكل الا اذا أعطي سليمان فرنجية حقيبة مهمة وفق ما يطالب به الرئيس نبيه بري وحزب الله والحريري لن يعارض الأمر وان يكون لفرنجية دور كبير في مجلس الوزراء، وهذا ما ترفضه القوات اللبنانية والوزير جبران باسيل يعارض هذا الامر ويتفق مع القوات اللبنانية على أن تكون حصة تيار المردة من الحصة الشيعية، وليس من الحصة المسيحية، وربما موافقة على أن تذهب وزارة الأشغال الى الرئيس بري شرط ان يستلمها وزير من وزرائه ولا تستلمها المردة ويفعل كما فعل حزب الله عند اعطاء مقعد وزاري من حصته لصالح فيصل كرامي في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وبالتالي فان الصراع الآن هو بين القوات اللبنانية وجبران باسيل من جهة، وبين المردة من جهة أخرى على موضوع حصول سليمان فرنجية على حصة وازنة وهذا ما يعرقل تأليف الحكومة اضافة الى عملية توزيع الحصص وإصرار الرئيس نبيه بري على أنه اذا أعطي رئيس الجمهورية وزير شيعي فانه يريد وزيراً مسيحياً وهذا الأمر يصرّ ايضا عليه الرئيس سعد الحريري حتى انه يطالب بوزيرين مسيحيين في ظل حجم كتلته الكبير والتمثيل المسيحي فيها. وفي ظل هذه الاجواء فهل تدخل البلاد الفراغ الحكومي بعدما عشنا الفراغ التشريعي لأربع سنوات ثم عشنا الفراع الرئاسي لسنتين ونصف والآن بدأنا نعيش الفراغ الحكومي من خلال العقد الخاصة والمطالب الكبيرة لكن الخطأ الكبير الذي وقع فيه الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري انهم تسرعوا بالاعلان ان تشكيل الحكومة سيكون قبل عيد الاستقلال دون ان يعلموا أن السعودية وايران واسرائيل وتركيا وان نظام الرئيس بشار لن يتخذوا اي موقف جديد بشأن الوضع اللبناني قبل ان يتسلم الرئيس الأميركي ترامب زمام الحكم ويعرفون سياسته في المنطقة، ويعرفون كيف سينظر الى لبنان وعندها يمكن البحث في حكومة جديدة ولكن ما يحصل الآن هو أزمة مستمرة حتى لو تم تشكيل هذه الحكومة حتى الانتخابات النيابية لكن الواضح، والاكيد هو انه حصل في لبنان توجيه ضربة كبرى للتوازن الاستراتيجي بين القوى السياسية فعندما كان هنالك توازن في السياسة بين الاطراف جاء انتخاب الرئيس ميشال عون ليضرب هذا التوازن الاستراتيجي والسياسي الذي كان قائما في لبنان، من هنا ردة فعل بري عندما رأى ان التوازن الاستراتيجي قد تم توجيه ضربة كبيرة له، فقرر الوقوف في وجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.