IMLebanon

هل تفضح الإستخبارات القطريّة أدوار المتورّطين بدعم «الإرهاب» ؟

ابراهيم ناصرالدين

اهتز الخليج على وقع «زلزال» سعودي – مصري -اماراتي ضرب قطر صباح امس وتتابعت الارتدادات طوال النهار، وامست الدوحة في «حجر صحي» الى اجل غير مسمى مرتبط بتنازلات سياسية وامنية قد تصل الى حدود تغيير القيادة القطرية الشابة في دولة اعتادت على«الانقلابات» السلمية. هكذا تحولت قطر الى دولة معزولة محاصرة ومنبوذة بعد قرارات تدرجت من قطع العلاقات الدبلوماسية الى طرد الرعايا وفرض حصار بحري وجوي صارم على الامارة الخليجية المتهمة برعاية الارهاب. الخارجية القطرية ردت برفض وضع البلاد تحت الوصاية، حتى الان ثمة رفض قطري للاستسلام للضغوط، لكن الى متى؟ وكيف سترد؟ سؤال يرتبط بالكثير من المعطيات اهمها يبقى الموقف الاميركي الحاسم، واشنطن حتى الان تبنت سياسة «النأي» بالنفس، وعرضت وساطتها على الحلفاء، لكنها لم تفصح عن الثمن؟ الامارة الصغيرة التي لعبت طوال سنوات ادوارا اكبر منها برضى واشنطن وكذلك الدول التي تحاصرها يبدو ان وظيفتها قد انتهت؟ او بحاجة الى تعديل؟ فاي دور مطلوب منها؟ وماذا عن الحليف التركي؟ وماذا عن طهران التي باتت تشكل اليوم المنفذ البحري والجوي الوحيد لقطر؟ اسئلة كثيرة ستتضح معالمها في الساعات والايام المقبلة. واذا كان من الصعب التصديق ان تلك الحملة المنظمة انطلقت دون تنسيق مع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب المغادر للتو المملكة العربية السعودية باتفاقات مالية تاريخية.. فان للبنان حصة وازنة من هذه «الارتدادات» اذا ما قررت الدوحة الرد على «الطعنات» باسلوب «الغدر» نفسه بحسب ما اكدت «للديار» اوساط دبلوماسية في بيروت تحدثت عن وجود ما يمكن تسميته بـ «دوحة ليكس»، وهو ملف بات جاهزا منذ ايام وتهدد السلطات القطرية بتسريبه الى الاعلام بما يتضمن من تورط للدول «المحاصرة» بالارهاب في المنطقة.

ووفقا للمعلومات، فان اكثر من شخصية لبنانية باتت في اجواء هذه المعلومات، وتنتظر الدوحة رد الفعل الاميركي لتبني على «الشيء مقتضاه»، وبحسب تلك الاوساط فان كلا من السعودية والامارات وقطر تعاونوا خلال السنوات القليلة الماضية استخباراتيا في اكثر من ملف له علاقة بالاحداث والتطورات في المنطقة، ولعل الملف الرئيسي الذي تم العمل المشترك عليه هو اسقاط النظام السوري في دمشق، وهنا تتعاظم المخاوف لدى قوى سياسية وازنة في لبنان عملت على «خط» الثورة السورية وكان لها ادوار مؤثرة في العمل الميداني اللوجستي والاستخباراتي، من فضيحة مدوية اذا ما قررت الدوحة نشر بعض الوثائق «السرية» المرتبطة بدور الاستخبارات السعودية والاماراتية في تمويل وتجهيز مجموعات مسلحة عملت انطلاقا من الاراضي اللبناني، وتم تنسيق هذا الامر مع مجموعات عمل تم فرزها لهذه المهمة من قبل احزاب وتيارات سياسية تورط عدد من قياداتها ونوابها والمحسوبين عليها في بعض الاجهزة الامنية.

 ملفات بالارقام والاسماء

وفي هذا السياق، تملك الاستخبارات القطرية ملفات بالارقام والاسماء لكبار المتورطين والقيادات العملية وهي مجزئة الى اقسام وعناوين، ثمة ملف عن الجبهات التركية، والعراقية، والاردنية، ومنها ملف خاص ومستقل «بالجبهة اللبنانية» التي يعترف القيمون عليها بانها اصبحت في حالة «سكون» او بالاحرى في «موت سريري» منذ نهاية العام 2015 لاسباب عديدة اهمها نجاح حزب الله في بالامساك بالحدود اللبنانية السورية، ونجاح تعاونه مع الاجهزة الامنية اللبنانية في تفكيك مجموعات العمل غير اللبنانية العاملة في الداخل، وهو امر عطل عمليا دور الاطراف اللبنانية التي انكفأت وتراجع دورها سياسيا ولوجستيا، ولكن هذا لم يمنع بعضهم من توسيع نطاق عملياته والذهاب الى خارج الحدود اللبنانية.

ووفقاً للمعلومات فان التورط المباشر القطري مع الاستخبارات التركية بتمويل وتسليح المجموعات الارهابية في سوريا عبر الاراضي التركية تورّط بها بعض «الرسميين» اللبنانيين، ومنهم على الاقل نائبين في البرلمان اللبناني، وكان لهؤلاء دورا تنسيقيا على درجة كبيرة من الاهمية من خلال متابعة ما بدأوا به انطلاقا من الحدود اللبنانية عبر الحدود التركية، وذلك بعد ان نسجوا علاقات وطيدة مع مجموعات مسلحة مرتبطة بالاستخبارات السعودية، واخرى على صلة وثيقة بمجموعات اسلامية شكلت في وقت لاحق «جبهة النصرة» وانشق بعضهم وانضم الى «داعش»، وبعد تصاعد التوتر السعودي – التركي اقفلت انقرة حدودها في «وجه» هؤلاء وتقلص دورهم العملاني بشكل كبير.

ووفقا لتلك الاوساط، فان الاستخبارات القطرية تملك معلومات وافية عن دعم سعودي عبر اطراف لبنانية لمجموعات توالي «داعش» او التحقت بالتنظيم لاحقا، ولرد تهمة دعم الارهاب عنها قد تكون «الخاصرة اللبنانية» «رخوة» اكثر من غيرها اذا ما ارادت الدوحة «التضحية» بما عندها من اسرار وخفايا الحرب السورية لمواجهة الهجمة «الشرسة» ضدها. ووفقا لمعلومات المصادر، فان المتورطين لا ينتمون فقط الى تيار المستقبل الذي عمل لسنوات تحت عنوان تقديم خدمات «انسانية» وتوزيع «البطانيات والحليب» على الشعب السوري. بل هناك مجموعات اسلامية سلفية في الشمال والبقاع تورطت ايضاً في هذه الحملة.

ولا تخفي تلك الاوساط، وجود قلق جدي لدى المحور السعودي وحلفاؤه في لبنان من التواصل المطرد بين الدوحـة وطهران، حيث لم يعد لقطر سوى ايران كمنفذ بحري وجوي مع العالم، وهذا سيكون له ثمنه السياسي والاقتصادي والامني، وهنا تكمن الخطورة لان تسليم الايرانيين هذه الملفات يعد ضربة موجعة «للتحالف العـربي» المتورط في الحرب السورية واليمنية، فالقطريون على علم بكل شاردة وواردة في ملف تحجيم النفوذ الايراني في المنطقة، وكل المعلومات التي تصل للايرانيين يعرف هـؤلاء ان منتهاها سيكون في حارة حريك، وهذا سيضع المتورطين تحت ضغط غير مسبوق، ويضيق «هامش» المناورة السياسية في الداخل اللبناني.

 «انقسام» في «المستقبل»

وفي سياق متصل علمت «الديار» ان الضغوط داخل تيار المستقبل على الرئيس سعد الحريري تتزايد لوقف «سلسلة» التنازلات في مختلف الملفات الداخلية، سواء لرئيس الجمهورية ميشال عون او حزب الله، وبحسب اوساط في تيار المستقبل فان تيار يقوده الرئيس فؤاد السنيورة عاد بالامس الى تزخيم حركته باتجاه وقف «الانهيار». وفي هذا السياق عقد الحريري اجتماعات منفصلة مع قيادات مستقبلية وسمع منها كلاما واضحا بان الخطابات المرتفعة السقوف في الشمال لم تعد كافية لاستعادة ما خسره «التيار» في السنوات القليلة الماضية، يحتاج الامر الى «انتفاضة» من نوع آخر للاستفادة من الزخم السعودي في المنطقة، خصوصا ان الزيارة الاخيرة للرئيس الاميركي دونالد ترامب خلقت تحولا هائلا منح الممكلة لقب «شرطي الخليج»، وهذا يعني «ضوءا اخضر» لترتيب مختلف الملفات وفق الاولوية السعودية ولبنان سيكون في وقت لاحق على هذا الجدول، والمطلوب الانتظار والحفاظ على المكاسب لا التنازل عنها… وفي هذا السياق علم ان الحريري تمسك بموقفه القائل بان الترجمة العملية لموازين القوى ستكون بعد الانتخابات النيابية المقبلة، ومع تشكيل حكومته الثانية بناء على تحالفات متينة مع «الثنائي المسيحي» سيتم استعادة المبادرة داخليا…

 «مخاض الولادة»

على صعيد القانون الانتخابي العتيد، ستشهد الساعات 48 المقبلة تزخيما للاتصالات لتذليل العقبات المتبقية امام ولادة القانون الجديد، وعلمت «الديار» ان اجتماعا حاسما سيعقد ليل الثلثاء الاربعاء فيما نصح حزب الله قيادة التيار الوطني الحر بالتوقف عن «المناورة» في «ربع الساعة الاخير» والذهاب الى تثبيت التوافق على الدوائر ال15 بما تيسر من تفاهمات تتعلق بتفاصيل باتت كافية كضمانات للجميع، خصوصا ان القضايا الرئيسية حسمت ولم تعد قابلة للاخذ والرد.. وبحسب المعلومات فان ما نقله النائب جورج عدوان الى الرئيس الحريري بالامس يرتبط بثلاث نقاط لم يحسم الجدل حولها بعد، الاولى لا يمكن ان يوافق عليها «الثنائي الشيعي» وترتبط بما بات يعرف «تثقيل المقعد» اي حصول المرشح على اكثرية اصوات الناخبين من طائفته لكي ينجح… والامر الثاني يرتبط بعتبة التأهيل، حيث يدور النقاش حول اعتماد نسبة 5 او 7 بالمئة من المقترعين في الدائرة وهو ما يرفضه تيار المستقبل لانه سيسمح لخصومه بالنجاح، ولذلك التوجه العام هو نحو اعتماد عتبة الـ «10» بالمئة، مع العلم انها لن تكون ذات جدوى في الدوائر الصغيرة لان القانون سينص حكما على ضرورة حصول كل لائحة على الحاصل الانتخابي، وهو عدد المقترعين قسمة عدد المقاعد، وهو يوازي تقريبا نسبة العشرة بالمئة المطلوبة، ولذلك هناك اقتراح يتم التداول به لرفعه الى «حاصل وربع».. اما النقطة الثالثة فتتعلق بتقييد الصوت التفضيلي في القضاء، وهو مطلب يصر عليه الوزير جبران باسيل فيما يريد «الثنائي الشيعي» تحريره.. ومن المتوقع ان تحسم هذه الامور فضلا عن اقتراح تصويت العسكريين، والبطاقة الممغنطة التي تسمح للناخب بالانتخاب في اي مكان دون الحاجة للذهاب الى دائرته الانتخابية، خلال 72 ساعة يرى فيها المتابعون اكثر من كافية اذا كانت النوايا صادقة لانتاج قانون انتخابي بعيدا عن «حشرة» الساعات الاخيرة من عمر المجلس النيابي.