IMLebanon

مساعٍ مكثفة للجم اشتباكات مخيم المية ومية: هنية يتصل بعون و «حزب الله» يجمع الطرفين المتقاتلين

 

أكثر من اتفاق على وقف النار بين حركتي «فتح» و «أنصار الله» تم التوصل إليها منذ ليل أول من أمس وحتى بعد ظهر أمس، في مخيم المية ومية للاجئين الفلسطينيين، إلا أن معظمها لم يصمد أمام الاشتباكات المتواصلة التي ما لبثت أن تحولت متقطعة بين الطرفين المسلحين في المخيم المذعور ومحيطه اللبناني القلق. وأدت هذه الاشتباكات إلى سقوط 3 قتلى، 2 لـ «فتح» وواحد من «أنصار الله» وأصيب عنصران من الجيش اللبناني بجروح علماً أن الجيش لم يتدخل في الاشتباكات وهو يقف على مداخل المخيم وليس في نقاط متقدمة.

 

والاتصالات من أجل لجم هذه الاشتباكات التي اندلعت بعد 10 أيام على وقفها أول مرة، سجلت مستوى غير مسبوق من التدخلات، بدءاً برئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، الذي تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، واتصل برئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتدخل «حزب الله» من خلال استضافة اجتماع للطرفين المتصادمين.

 

وعبر هنية في بيان صادر عنه بعد الاتصال بعون عن «حرص الفلسطينيين في لبنان، على العلاقة الأخوية الفلسطينية- اللبنانية، وضرورة تطويرها»، مؤكداً أن «أمن لبنان أولوية فلسطينية وهو ما ترجمه الفلسطينيون عملياً من خلال تحييد مخيماتهم عن الأحداث الجارية في المنطقة، وعدم السماح بأن تكون منطلقاً لأي عمل يضر بلبنان وأمنه».

 

وشدد على أن «أمن المخيمات وجوارها يحظى بتوافق فلسطيني»، واتفق الجانبان على «أن ما يجري في مخيم المية ومية يجب أن يتوقف بأسرع وقت، وهو لا يخدم القضية الفلسطينية».

 

وقال مصدر قيادي فلسطيني مطلع لـ «الحياة» إن هنية أبلغ الرئيس عون ما معناه «أننا لم نعتد على موافقة لبنان على تغليب طرف في المخيمات على حساب أطراف أخرى». وقال المصدر: «إن تدخل «حزب الله» على رغم خلافه مع الأمين العام لـ «أنصار الله» جمال سليمان مرده إلى أن لا مصلحة للحزب في انكسار هذا الطرف الفلسطيني الذي يرعاه منذ ما قبل تسعينات القرن الماضي ويمد مسلحيه بالرواتب وغيرها». وكان الخلاف بين «حزب الله» وبين سليمان «تطور إلى عدم ثقة من الحزب به»، وفق المصدر، الذي قال: «إن نجلي سليمان تدخلا في سورية والعراق، أحدهما فجر نفسه، والثاني استعاده «حزب الله» من سورية قبل أن يفجر نفسه وسلمه إلى والده».

 

وأعرب المصدر الفلسطيني عن اعتقاده بأن «مهما حصل من اتفاقات لوقف النار فإن أمن المخيم سيبقى على فوهة بركان، فسليمان غير قادر على السيطرة على مخيم المية ومية والمعالجة تكون بخروجه من المخيم، وقد يكون الأمر باستبعاده عن الأمانة العامة لـ «أنصار الله» واستبدال نائبه ماهر عويد الذي يثق به «حزب الله» ويعتبره شخصاً أكثر عقلانية به». ويشير المصدر إلى أن الحزب سبق أن طلب من سليمان تسليم مطلوب إلى الجيش اللبناني، إلا أن هذا المطلوب وجد مشنوقاً وادعى سليمان أنه انتحر وسلمه ميتاً إلى السلطات اللبنانية.

 

وكان اجتماع موسع استضافه مقر المجلس السياسي لـ «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية لوفدين من «فتح» و «أنصار الله» بإشراف مسؤول العلاقات الفلسطينية في الحزب حسن حب الله وحضور معاونه الشيخ عطالله حمود ومسؤول منطقة صيدا الشيخ زيد ضاهر، وحضر عن «فتح» أمين سر منظمة التحرير وحركة «فتح» في لبنان اللواء فتحي أبو العردات، وقائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب، واللواء منذر حمزة، واللواء منير المقدح، واللواء حسين فياض والعميدان ماهر شبايطة وناصر أسعد. وعن «أنصار الله» حضر عويد ومسؤول العلاقات السياسية إبراهيم الجشي، وأحمد خليل.

 

وأعلن «حزب الله» عن التوصل إلى اتفاق يقضي بـ «تثبيت وقف إطلاق النار وإزالة المظاهر المسلحة فوراً، وتأكيد الالتزام ببنود ورقة العمل الفلسطيني المشترك القاضية بتسليم أي مطلوب أو متهم أو مخل بأمن المخيمات إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية ورفع الغطاء عنهم، والعمل على إعادة الحياة في مخيم المية ومية إلى طبيعتها في شكل تدريجي تمهيداً لعودة الأهالي إلى منازلهم وأرزاقهم. وجرى الاتفاق على آلية تنفيذية للبنود بين الحركتين».

 

وأكد حب الله​ حصول «التوافق على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في ​مخيم المية ومية​«، عارضاً البنود التي تم التوصل إليها»، مشدداً على ضرورة «تسليم الفاعلين أو ممن يشتبه بهم إلى ​الدولة اللبنانية​ تأكيداً للالتزام بميثاق العمل المشترك الذي وقع من قبل جميع ​الفصائل الفلسطينية​ في لبنان».

 

وأمل حب الله بـ «أن تكون هناك مرحلة جديدة في مخيم المية ومية وسائر المخيمات»، منبهاً ممن «يصطادون بالماء العكر ويحاولون تخريب العيش بالمخيمات لإسقاط ​حق العودة​ وعلى الفلسطينيين أن يعوا بشكل جيد الأخطار التي تواجهنا».

 

وشكر أبو العردات​ بعد الاجتماع «حزب الله» على استضافة اللقاء معتبراً أن «أهلنا في المخيمات والجوار هم من يتحملون النتائج المدمرة وهذا الدم الفلسطيني الذي يراق في غير موقعه، ونتمنى أن يراق في مواجهة عدونا الأوحد العدو الإسرائيلي». وشدد على التزام «فتح» بـ «تثبيت وقف إطلاق النار حقناً للدماء وسحب المسلحين من الشوارع وعودة الأمور إلى طبيعتها في شكل تدريجي، لأننا نعلم أن هناك شهداء سقطوا وجرحى والواقع الموجود هو واقع انفعال، والأمر يحتاج إلى جهود مضاعفة، وحتى نحفظ حقوق الناس يجب تثبيت العمل بالوثيقة التي وقعت برعاية الرئيس بري​، وهذا اللقاء اليوم بضمانة «حزب الله»، ونحن نريد رعاية وضمانة».

 

وأكد عويد​، بعد الاجتماع الالتزام بـ «وقف إطلاق النار وسحب المسلحين من الشوارع تدريجاً حتى تعود ​الحياة​ إلى طبيعتها». كما شكر «كل نواب وعلماء صيدا الذين ساهموا في الخطوة الإيجابية لوقف إطلاق النار في الاجتماع الذي عقد في مقر حركة «أمل» في ​حارة صيدا​«.

 

وفيما انتقل وفد «فتح» إلى السفارة الفلسطينية في بيروت لمتابعة الاجتماعات، تجدد إطلاق النار والقذائف في المخيم. وقال مصدر فلسطيني متابع لمسار الاشتباكات إن شقيق قتيل من آل عيسى الذي سقط في الاشتباك الأول لم يعجبه التوصل إلى وقف للنار من دون محاسبة فأطلق قذيفة صاروخية ورد عليه «أنصار الله».

 

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان عن سقوط قذيفة صاروخية قرب أحد مراكز الجيش حول مخيم المية ومية، ما أدى إلى إصابة عسكريين اثنين بجروح طفيفة، نقلا على أثرها إلى المستشفى للمعالجة.

 

وأشادت قيادة الجيش في بيانها بـ «الجهود المبذولة لوقف الاشتباكات»، داعية الطرفين الفلسطينيين إلى «التقيد بوقف إطلاق النار لما فيه مصلحة أبناء المخيم».