IMLebanon

تل أبيب تنقل المواجهة إلى مجلس الأمن ولبنان أمام امتحان الجدية على أرضه

 

تل أبيب تنقل المواجهة إلى مجلس الأمن ولبنان أمام امتحان الجدية على أرضه

يونيفيل” تحققت من وجود نفقين وتتفحص الثالث: امتدادها يخرق “الخط الأزرق” ولا مخارج لها في إسرائيل

 

بيروت – وليد شقير

تنقل إسرائيل مسألة الأنفاق على الحدود مع لبنان إلى مجلس الأمن الأربعاء المقبل في سياق حملة ديبلوماسية وإعلامية مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية التي طلبت عقد الاجتماع، تهدف إلى تحميل السلطات اللبنانية المسؤولية عن قيام “حزب الله” بحفرها بالاستناد إلى زعمها أنها اكتشفت ثلاثة منها نتيجة قيام الجيش الإسرائيلي بعمليات حفر في الأراضي المحتلة، وأنها انطلقت من الأراضي اللبنانية المحاذية للحدود.

 

 

وعلمت “الحياة” أن لبنان ينتظر تقرير قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) العاملة في الجنوب اللبناني، حول التحقق من وجود هذه الأنفاق، لاتخاذ الموقف المناسب استنادا إلى التزامه بالقرار الدولي الرقم 1701 ، في الجلسة التي ستشارك بعثته الديبلوماسية فيها، خصوصا أنه قدم شكوى بالخروقات الإسرائيلية المتواصلة لسيادته برا وبحرا وجوا.

 

ويترقب المتابعون لتفاعلات القضية أن يتمكن لبنان من أن يأخذ موقفا حازما يؤشر إلى التزامه العملي بالقرار الدولي 1701 عبر التدابير التي سيتخذها إزاءها، خصوصا أن الجوانب التقنية من القضية تختلط مع الجانب السياسي والعسكري فيها.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أمس أن الجلسة العلنية التي طلبت واشنطن عقدها ستناقش قضية “أنفاق “حزب الله” العابرة للحدود”. وقالت الصحيفة الإسرائيلية أن الدولة العبرية “”ستقدم حقائق ومعلومات تثبت انتهاك سيادتها ومخالفة القرار 1701 ” .

 

وكان الموضوع بين المسائل التي طرحت على أجندة الجلسة المغلقة التي عقدها الأعضاء الـ15 لمجلس الأمن الخميس الماضي.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل وواشنطن ستقدّمان مشروع قرار في لمجلس الأمن يصنف “حزب الله” منظمة إرهابية. وهو أمر لا تقره دول أخرى في المجلس.

 

وبينما قام الجيش الإسرائيلي في الأيام الماضية بعمليات حفر بحثا عن الأنفاق، ذكرت “الوكالة الوطنية للاعلام” اللبنانية الرسمية أنه “لم يسجل أي أعمال للعدو الاسرائيلي في الجهة المقابلة لبوابة فاطمة ولجهة العبارة مقابل طريق عام كفركلا، وأن كافة الآليات متوقفة عن العمل ولا تزال في مكانها”.

 

كما لم يسجل خرق من آليات للسياج في محلة كروم الشراقي في خراج بلدة ميس الجبل، “مع وجود لعدد من عناصر جيش العدو في خراج السياج متمركزين في المحلة المذكورة منذ أيام”.

 

وأشارت إلى متابعة الجيش الإسرائيلي أعماله برفع الساتر ونقل الاتربة في في المنطقة المقابلة لمنتزهات نهر الوزاني إضافة إلى أعمال جرف إسرائيلية ونقل أتربة وصخور نحو بلدة الغجر بالتزامن مع تحليق طائرة استطلاع معادية نوع mk.

 

كما واصل الجيش الاسرائيلي اعمال الحفر في ميس الجبل وبليدا وكفركلا بحثا عن انفاق مزعومة.

 

التحقق عبر الكاميرا

 

وعلمت “الحياة” أن “يونيفيل” قامت حتى الأمس بالتحقق من وجود نفقين، وأنها تواصل التحقق من وجود نفق ثالث، لكن البحث والتدقيق لم يفض إلى وجود مخارج لهذه الأنفاق في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يعني أن حفرها من الجانب اللبناني لم يكتمل بحيث يتم التأكد بأنه يمكن النفاذ عبرها من الأراضي اللبنانية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة أم لا.

 

وبينما ادعى الإعلام الإسرائيلي أن جيشه شاهد شخصا يعبر أحد الأنفاق، قالت مصادر مواكبة لعملية التحقق التي تقوم بها “يونيفيل” إستنادا إلى عمليات الحفر التي يقوم بها الإسرائيليون، ل”الحياة” إن عمليات الحفر التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي وتتابعها قوات الأمم المتحدة، تتم عن طريق إحداث حفرة في الأرض في المنطقة التي يعتقد بوجود نفق تحتها، بلغ عمقها 30 لإلى 40 مترا تحت سطح الأرض. وأوضحت المعلومات التي حصلت عليها “الحياة” في هذا المجال أنه حين تصل ريشة الحفارة إلى منطقة فارغة يعتقد أنها النفق يتم إنزال كاميرا للتأكد من وجوده. وذكرت المصادر المواكبة لعملية التحقق، أن الإسرائيليين ادعوا أن هناك أشرطة كهربائية ممدودة في أحد الأنفاق، ما ترك مجالا للاعتقاد بأن هدفها تأمين الإنارة.

 

إلا أن المصادر المواكبة إياها تشير إلى أن أحد أهداف التحقق من الأنفاق هو التأكد من أنها خرقت الخط الأزرق الذي كانت رسمته الأمم المتحدة عام 2000 وأنها اجتازته من الأراضي اللبنانية إلى المنطقة التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية. وترجح المصادر أن يكون هذا الخرق قد حصل وأنه حين يعلن عن ذلك رسميا فإن أمام لبنان تحدي اتخاذ موقف حازم وواضح برفضه حصول هذا الخرق انطلاقا من أراضيه.

 

ويعلق مصدر ديبلوماسي على هذه المعطيات بالقول ل”الحياة” إن لبنان أكد أكثر من مرة سواء على لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أو على لسان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أنه ملتزم القرار 1701 بما يعني أنه ضد أي خرق للخط الأزرق، وأن الرئيس عون يترقب نتيجة التحقق الذي تقوم به “يونيفيل” للتأكيد على رفضه أي خرق للقرار. وإذ استبق عون والحريري جلسة مجلس الأمن المنتظرة الأربعاء بهذا التأكيد، وبتجديد إثارة الخروق الإسرائيلية المتمادية التي توثقها تقارير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإنه يحضّر بذلك لطرح مسألة الخروق الإسرائيلية أيضا، وبدعوة مجلس الأمن إلى أن يأخذ إجراءات في صددها، وعدم اقتصار الأمر على بحث خرق الأنفاق، إذا تثبتت “يونيفيل” من حصوله.

 

الضغط الإسرائيلي على لبنان و”يونيفيل”

 

ويسجل المصدر الديبلوماسي أن المعنيين بهذه المسألة، الإسرائيلي واللبناني و”حزب الله”، لا يريدون المواجهة العسكرية بسببها، كما سبق للرئيس عون أن أعلن حين قال أن الولايات المتحدة الأميركية نقلت إلى لبنان رسالة من الإسرائيليين بهذا المعنى، وأنه قال هو بوضوح أن لبنان لا نية لديه للمواجهة العسكرية. وهذا يفترض أيضا أن الحزب لا يريدها.

 

وفي رأي المصدر الديبلوماسي أن الجانب الإسرائيلي سيمارس ضغطا على “يونيفيل” والجانب اللبناني في شأن طريقة التعاطي مع هذه المسألة.

 

ويشير المصدر ل”الحياة” إلى أن “يونيفيل” تقوم بالتحقق من وجود الخرق للخط الأزرق انطلاقا من الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل وأن على السلطات اللبنانية أن تتحقق بدورها من وجود خرق انطلاقا من الأراضي اللبنانية. وهذا يعطي لبنان موقعا قويا أكثر في مجلس الأمن لأنه يكون برهن أنه يتعاطى بجدية حيال هذا الخرق ويرفضه، إزاء احتمال عودة الجانب الأميركي إلى نغمة الطلب من “يونيفيل” أن تكون أكثر حزما حيال ما تعتبره نشاطات “حزب الله” في الجنوب.

 

إلا أن المصادر المواكبة لعملية التحقق حول الأنفاق تقول ل”الحياة” إن “حزب الله” لم ينف حتى الآن وجودها، وأنه سُرّب من الجانب الإسرائيلي بأن حفرها بدأ منذ عام 2013، بينما قال أحد كبار ضباط الجيش اللبناني السابقين أنها قديمة منذ عام 2006. ومع صعوبة معرفة متى جرى حفرها، وطالما هي قديمة، على رغم أنها ليست حجة مقبولة لدى مجلس الأمن، فإن قِدمها، يسهل على الجانب اللبناني إزالتها لأن لا حاجة إليها، خصوصا إذا ثبت أن لا مخارج مكتشفة لها في الجهة الإسرائيلية وأن لا نية لمواجهة عسكرية عند المعنيين بوضع الحدود. وهو الأمر الذي يبرهن قوة الموقف اللبناني، ويعطي دفعا للجيش اللبناني كي يثبت تعامله الجدي مع هذا الخرق للقرار 1701، بناء لتغطية حاسمة من السلطة السياسية، ولا سيما الرئيس عون الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس الأعلى للدفاع، فضلا عن أن له علاقة جيدة مع “حزب الله” تمكنه من إدارة الموقف بحزم. وهذا مهم في ظل وجود حكومة تصريف الأعمال.

 

وترى المصادر المواكبة لعملية الحفر الإسرائيلي للوصول إلى الأنفاق أن التحقق حول الموقع الذي انطلق منه حفرها في الجانب اللبناني ليس متاحا ل”يونيفيل” وأنها كل ما يمكن أن تفعله هو إبلاغ الجيش بمعلومات لديها، إذ ليس لديها صلاحية الدخول إلى أملاك خاصة مثل المنزل الذي قال الإسرائيليون أن النفق الأول الذي جرى اكتشافه بمواجهة بلدة كفركلا، انطلق منه، لأن هذا من صلاحية الجيش اللبناني. وتابعت المصادر: لو كانت الأنفاق حفرت داخل الأراضي اللبنانية ولم تبلغ الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل لكان الأمر مختلفا، لكن اجتيازها الخط الأزرق يفرض التعامل معها في شكل واضح على الأرض اللبنانية.