IMLebanon

الحياة: ربط باسيل في موسكو عودة سورية للجامعة بإعادة النازحين يرهن الأمر بالحل السياسي

 

التبرّم من مواقف تسوّقه للرئاسة انتقل إلى جهات خارجية

 

بيروت – وليد شقير

توقف أكثر من مصدر رسمي وسياسي في الأيام الماضية أمام إصرار وزير الخارجية جبران باسيل على الدعوة في كل محفل أو مناسبة عربية إلى إعادة سورية إلى الجامعة العربية، في وقت يكرر زملاؤه العرب من وزراء الخارجية علنا وعلى مسمعه في الاجتماعات المغلقة، أن استعادة دمشق لمقعدها في الجامعة مسألة “لم تنضج بعد”، بتعبير ديبلوماسي عن عدم نية الدول العربية الفاعلة تطبيع العلاقة مع نظام بشار الأسد بسبب تعميقه تحالفه مع إيران، في وقت يشتد الصراع معها على دورها في المنطقة، ضد عدد من الدول العربية. هذا بالإضافة إلى إصرار هذه الدول على تقدم الحل السياسي لأزمة السورية لأنها تعتبر أن النظام يعيق المضي فيه.

وإذا كان تبرير معاودة باسيل طرح عودة سورية إلى الجامعة العربية خلال “المنتدى الروسي العربي للتعاون” هو قوله “لنعيد النازحين إلى سورية”، فإن الجديد في موقفه هو هذا الربط الملتبس عن قصد، بين إعادة النازحين وبين التطبيع العربي مع دمشق، في وقت أجمع المسؤولون اللبنانيون على مقولة يكررها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسائر الفرقاء، هي عدم ربط العودة بالحل السياسي. ويقول مصدر رسمي ل”الحياة”: “كيف نرفض (لبنان) ربط عودة النازحين السوريين بالحل السياسي في سورية من أجل دفع المجتمع الدولي إلى عدم وضع شروط على العودة الآمنة وفقا للقوانين الدولية، ثم نعود فنربط بين العودة وبين التطبيع مع نظام الأسد، كشرط من أجل أن يقبل بالأمر، في وقت لو كان النظام قابلا فعلا باستعادة الملايين من شعبه لكان فعل ذلك من دون ربط الأمر بتطبيع الدول العربية وغيرها من الدول، معه؟

ولاحظ مصدر سياسي متابع لحركة باسيل في حديثه مع “الحياة” أن “تكراره الدعوة إلى التطبيع العربي مع نظام الأسد يعني أنه يعاكس مبدأ النأي بالنفس عن أزمات المنطقة ويجافي الموقف العربي الإجماعي بربط أي تطبيع مع الأسد بالحل السياسي السوري”. وأضاف المصدر: “بات باسيل يقول الشيء ونقيضه. وفضلا عن أنه يرهن إعادة النازحين بالتطبيع العربي، فإنه بات يربط بطريقة غير مباشرة بين إعادة النازحين وبين الحل السياسي لأن الدول العربية والغربية تصر على هذا الحل، حين تدعو إلى تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2254 ، كواح من شروط إعادة العلاقة الطبيعية معه إلى مجراها. وهي ترى أن الأساس في هذا القرار هو تحقيق الانتقال السياسي في السلطة في سورية، الأمر الذي يرفضه النظام.

 

التسويق للرئاسة؟

إلا أن المصدر يعتقد أن باسيل لا يأبه للتناقض في مواقفه لأن تكراره دعوة الدول العربية إلى التطبيع مع الأسد يأتي في سياق تسليف المواقف للنظام السوري ول”حزب الله”، وإيران من ورائه، في شأن الانفتاح على النظام، مع علمه المسبق بالموقف العربي السلبي في هذا الخصوص، والذي تبلغ به من عدد من نظرائه الوزراء العرب أثناء القمة العربية التنموية الاقتصادية التي انعقدت في بيروت في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، ثم في قمة تونس. وقال المصدر ل”الحياة” إن إلحاح باسيل على تكرار مطالبته بإعادة سورية إلى الجامعة يطرح مرة أخرى علامات استفهام عما إذا كان هدفه أمر آخر من وراء ذلك، هو سعيه إلى مواصلة أسلوب كسب ود هذه القوى لغاية في نفس يعقوب، ولمراكمة رصيده كمرشح لرئاسة الجمهورية بدعم سوري إيراني ومن “حزب الله”، في مواجهة منافسيه المحتملين. وتردد الأوساط نفسها الرأي القائل بأن باسيل يتبع القاعدة القائلة بمسايرة “حزب الله” في المواقف التي تهمه إقليميا، ليحصد مقابلها تأييده في المعادلة الداخلية، وأنه ينجح في معظم الحالات في كسب ود الحزب بهذه الطريقة. وبات عدد من زملاء باسيل من وزراء الحكومة اللبنانية والوزراء العرب والأجانب يتعاطى مع مواقفه غير المتفق عليها داخل الحكومة على هذا الأساس ايضا من خلال متابعتهم لتفاصيل السياسة اللبنانية.

 

وتقول أوساط سياسية متابعة للموقف الخارجي ل”الحياة” إن أحد الأسباب التي تدعو إلى هذا الاعتقاد أن باسيل حرص على الترويج لحصول لقاء بينه وبين وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير في موسكو أثناء مشاركتهما في “المنتدى”، وأوحى النبأ الذي وزعه بأن الجبير كان المبادر إلى مصافحته، في وقت كان الاجتماع يضم 10 وزراء خارجية عرب تواجدوا في قاعة واحدة على مدى ساعات عدة، ومن الطبيعي أن تفرض اللياقة الديبلوماسية أن يتصافح الوزراء، وأن يدردشوا مع بعضهم.

 

ونقلت أوساط لبنانية ل”الحياة” عن جهات ديبلوماسية عربية أن باسيل التقى الجبير على الواقف لزهاء دقيقتين وتبادلا الحديث، فيما أوحى بأنه عقد لقاءا معه تناولا خلاله العلاقات بين البلدين. كما أن اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، استمر 20 دقيقة أسوة بسائر الوزراء العرب، باستثناء لقاء رئيس الديبلوماسية الروسية مع الجبير الذي امتد أكثر من ذلك نظرا إلى حاجتهما لعرض أمور عدة تتصل بالعلاقة بين البلدين.

 

وذكرت الأوساط السياسية إياها ل”الحياة” أن باسيل يسعى لاستثمار كل لقاءاته الخارجية في سياق الإيحاء بأن علاقاته العربية على ما يرام وأن مواقفه لمصلحة النظام السوري ومحور الممانعة لا تنعكس على صلاته مع المحور العربي الآخر، مراهنا على أن تعينه التسوية القائمة بين الرئيس العماد ميشال عون، والتي تستمر مفاعيلها على العمل الحكومي، في تعزيز حظوظه في وجه منافسيه، على رغم نفيه التفكير بالرئاسة لأنه مسيء للرئيس عون…

 

إلا أن الأوساط المناهضة لباسيل وطموحاته تتحدث عن أن بعض الدوائر الخارجية أخذ يتحدث عن هذا الطموح ويتبرم من بعض مواقفه خصوصا أنها هذا الأمر مدار تداول في الصالونات السياسية اللبنانية التي تلغط بالتفسيرات لأهداف رئيس “التيار الوطني الحر”. وتقول هذه الأوساط أن بعض الدوائر التي ترصد الوضع السياسي اللبناني لا تتوقف عند استغراب استعجال باسيل في طموحاته، بل تذهب إلى مشاركة بعض القوى السياسية الرئيسة التي باتت تتبرم من إدارته العلاقات مع سائر الفرقاء السياسيين داخل الحكومة وخارجها، ومع الوضع الإقليمي.

 

وتتحدث هذه الأوساط عن أكثر من جهة وعواصم خارجية من الجهات التي تهتم بالغوص بتفاصيل الوضع اللبناني لم تخف موقفها السلبي من باسيل كمرشح محتمل للرئاسة، بسبب نهجه، وأن بعض هذه الجهات بات يشير إلى وجود أكثر من مرشح تتقدم حظوظه عليه، بالإضافة إلى رئيس “تيار المردة” النائب السابق سليمان فرنجية، من الأسماء التي لها بريقها في الداخل والخارج.

 

وتضيف هذه الأوساط: “كما أنه إذا كان صحيحا أن “حزب الله” يمتدح مواقف باسيل في المحافل الدولبة والعربية، ويرى قادته أنه يمثل أكبر تكتل مسيحي في البرلمان، فإن هؤلاء القادة يقرنون ذلك بالقول إنه من المبكر جدا الحديث عن مرشحين للرئاسة في لبنان”.