IMLebanon

الحياة: لبنان يودّع الكاردينال صفير في مأتم مهيب

 

وسط حداد عام لفّ البلاد وإقفال للمدارس والجامعات والمحال التجارية في معظم المناطق اللبنانية وتنكيس الأعلام على الدوائر والمؤسسات العامة، ودّع لبنان اليوم (الخميس) الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، في تشييع مهيب، حضره الرؤساء الثلاثة ونواب ووزراء ووفود دولية وعربية وجمع غفير من اللبنانيين، الذين حضروا من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب لوداع “بطريرك الاستقلال الثاني”. ومنح رئيس الجمهورية ميشال عون الكاردينال صفير الوشاح الاكبر من وسام الاستحقاق اللبناني تقديرا لما قدمه للبنان.

وترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي مراسم صلاة دفن الكاردينال صفير، عند الخامسة عصرا، في الباحة الخارجية في بكركي. وحضر رتبة جناز الأحبار، الى رئيس الجمهورية، السفير السعودي وليد البخاري ممثلا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وزير اوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان ممثلا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الوزير محمد بن عبد العزيز الكواري ممثلا امير قطر تميم بن حمد، القائمة باعمال الأردن وفاء الأيتم ممثلة ملك الأردن عبدالله الثاني، السفير الفلسطيني اشرف دبور ممثلا الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكريستينا رافتي ممثلة رئيس قبرص.

 

كما حضر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، الرئيس أمين الجميل، الرئيس ميشال سليمان، الرئيس حسين الحسيني، الرئيس فؤاد السنيورة، وعدد كبير من الوزراء والنواب، المبعوث الأميركي الخاص ديفيد هيل، السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشار، السفير البريطاني كرس رامبلنغ، سفير روسيا الكسندر زاسبكين، سفيرة الإتحاد الأوروبي كريستينا لاسن وعدد من السفراء، والنائب تيمور جنبلاط على رأس وفد من “اللقاء الديموقراطي” ووفد كبير من قيادة “الحزب الإشتراكي”، وفعاليات من مختلف بلدات الجبل ورجال دين من مختلف الطوائف المسيحية والاسلامية.

 

كذلك حضر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وعقيلته النائب ستريدا جعجع على رأس وفد كبير من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، الأمينة العامة لـ”القوات” شانتال سركيس والأمناء المساعدين، وأعضاء الهيئة التنفيذية والمجلس المركزي والهيئة العامة للحزب وآلاف المحازبين، وغاب بداعي المرض النائب وهبي قاطيشا. رئيس “حزب الكتائب” النائب سامي الجميل على رأس وفد كبير من القيادة الكتائبية.

 

وحضر ايضا رئيس “تيار المردة” النائب السابق سليمان فرنجية على رأس وفد ضم النائبين طوني فرنجية، اسطفان الدويهي والوزير السابق يوسف سعادة وعدد كبير من المنتسبين الى التيار. رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوض على رأس وفد كبير.

 

ومن الوفود المشاركة أيضاً وفد من “حزب الله” ووفد من “التيار الوطني الحر” ووفد من “حركة أمل”. وعدد كبير من الشخصيات السياسية والعسكرية والدينية ووفود كبيرة من مختلف المناطق اللبنانية.

 

العظة

 

وألقى الراعي عظة أكد فيها أن البطريرك صفير”إذ يغيب عنا بالجسد فإنه باق بتشفعه في السماء وسنظل نسمع صوته في اعماله المنشورة، والوزنات الخمس”. ولفت إلى أن الراحل كان “على تنسيق دائم مع البابا يوحنا بولس الثاني وجالس رؤساء الدول الكبرى وظل شغله الشاغل شأن كنيسته المارونية وقاد الاصلاح الليتورجي. وشاء بطريركنا الراحل لقاء قرنة شهوان إطارا جامعا للقوى المسيحية المؤمنة بسيادة الوطن وصدى لصوته في المحيط السياسي “. ووصفه بأنه كان “قليل الكلام لكنه حازم الموقف وكجبل لا يهزه ريح كان يزداد صلابة على شبه شجرة الأرز”.

 

كما وصفه ب”عميد الكنيسة المارونية”، مشيرا إلى أن الشهادات عنه “تجمع على أنه خسارة وطنية، وهو بطريرك الاستقلال الثاني والمصالحة والذي لا يتكرر”. وقال: “شاركتُه معاناته في السّنوات الأربع الأول من بطريركيّته كنائبٍ بطريركيّ عام وقد لاقى فيها منذ البداية مرارة الرّفض والإساءة والإعتداء الجسديّ والمعنويّ فكان لنا قدوةً في صبره وصمته وصلاته وغفرانه وقوله: “لن أكون الحلقة التي تنكسر”.

 

واضاف: “عمل البطريرك صفير على إسقاط الحواجز النفسية والمادية وعلى شد اواصر الوحدة الوطنية واعادة بناء الدولة بالقضاء على الدويلات وكان يعمل على تعزيز العيش المشترك”. وقال: “البطريرك صفير خسارة وطنية بإجماع الكل الذين رأوا فيه بطريرك الاستقلال الثاني وبطريرك المصالحة الذي لن يتكرر”.

 

كلمة البابا: رجل حر شجاع

 

ومنح البابا فرنسيس، في كلمة ألقاها باسمه الكاردينال ليوناردو ساندري في رتبة الجناز البطريرك صفير، البركة الرسولية “لكل عائلة صفير وأقاربه وكل الاشخاص الذي رافقوه لسنيه الأخيرة ولكل الذين يشتركون في مراسيم هذه الجنازة”. وتقدم بالتعازي لأبناء الكنيسة المارونية “التي رعاها لسنين عديدة بكل وداعة وبكل حب، رجل حر شجاع، الكاردينال صفير قام برسالته بظروف مضطربة مدافعا غيورا عن سيادة واستقلال بلده وسيبقى وجها لامعا في تاريخ لبنان”.

 

وقال السفير البخاري: “حضرنا اليوم بتكليف من خادم الحرمين الشريفين لأن البطريرك صفير هو من اهم ركائز السلام والعيش الواحد في لبنان ونحن نقتدي دائماً برسالته في العالم وفي العالم العربي”.

 

وقال وزير التربية والتعليم العالي أكرم شهيب: “البطريرك صفير رجل استثنائي في ظرف استثنائي ولذلك فإن وفدنا كان يجب ان يكون استثنائيا. اهالي الجبل يذكرون البطريرك صفير والمشاركة اليوم هي دليل رقيهم في وداع هذه القامة الكبيرة” وقال الشيخ عامر زين الدين: “جئنا تلبية لطلب وليد جنبلاط الذي اضطرّ للسفر خارج البلاد ويمثّله تيمور جنبلاط”.

 

بدوره قال رئيس تيار المردة: “لا بد من وقفة اجلال لهذا الانسان الكبير الذي اتفقنا معه بفترة واختلفنا معه بفترة اخرى ولكن دائماً كان هناك احترام متبادل”.

 

وقال الرئيس فؤاد السنيورة: “احفظ لغبطة لبطريرك صفير الكثير من الود والتقدير وهذا التقدير لمسته في الايام الصعبة التي مر بها لبنان”.

 

المواكب

 

وكانت وفود رسمية وشعبية من “القوات اللبنانية” انطلقت بالباصات من معراب في اتجاه بكركي. وقال منسق “القوات” في البترون: “أقل ما يمكن ان نفعله هو أن نقف وقفة وفاء كقواتيين وبترونيين للبطريرك صفير الذي كان وفياً لنا وعلى كل مواطن لديه حسّ وطني أن يشارك في هذا اليوم وصفير ليس حكراً على طرف إنما هو لكل لبنان”.

 

وانطلقت الباصات أيضاً من المدفون تقلّ وفوداً من كلّ الطوائف من بشري وعكار والكورة وزغرتا، كما انطلقت مواكب سيّارة لحزب “القوات” ولافتات وصور وأقوال للبطريرك صفير تُردّد عبر مكبّرات الصوت. وخصصت نقطة ثابتة في جونية لتجمّع الوفود هي ملعب فؤاد شهاب حيث توجهت الباصات بحسب ألوانها إلى بكركي وسط تنظيم لوجستي ممتاز.

 

إقفال ومشاركة

 

وحداداً على الكاردينال صفير، أعلنت جمعية تجار الرميل الاقفال العام. ورفعت صور للكاردينال صفير في مدينة طرابلس. وتأهبت زحلة وأبت أن يرحل البطريرك مار نصرالله بطرس صفير قبل إلقاء الوداع الأخير عليه. فاصطفت السيارات واحتشدت الوفود في شوارع المدينة بانتظار ساعة الانطلاق نحو بكركي للمشاركة في مراسم الجنازة.

 

الحريري: عظيمان من بلادي كرّسا دولة الاستقلال

 

وغرّد الرئيس الحريري عبر تويتر: “شاءت الأقدار ان نودع البطريرك مار نصر الله بطرس صفير في ذكرى استشهاد المفتي حسن خالد. رحمهما الله، سيحفظهما التاريخ بانهما كانا عظيمين من لبنان كرسا حياتهما لحماية العيش المشترك وتكريس دولة الاستقلال

 

الخارجية الأميركية: كان قائدًا شجاعًا

 

وتقدمت وزارة الخارجية الأميركية بالتعازي بالبطريرك صفير وقالت: “كان قائدًا شجاعًا ضد الاستبداد والاضطهاد، وكان بطل فكرة سيادة واستقلال لبنان، والولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب لبنان لدعم هذه المثل العليا التي يجسدها الكاردينال صفير”