IMLebanon

الحريري لاستعادة الثقة و«حزب الله» يؤيده

  بيروت – غالب أشمر

جلسة الأسئلة النيابية للحكومة اللبنانية التي هدفت إلى تعزيز الرقابة والمساءلة التي غابت طويلاً عن البرلمان، تحولت في غياب رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إلى ما يشبه جلسة مناقشة عامة، افتقدت التزام النظام الداخلي، ما دفع نائب رئيس المجلس فريد مكاري الذي رأس الجلسة، في حضور رئيس الحكومة سعد الحريري، إلى استخدام مطرقة الرئاسة مراراً لإسكات العديد من النواب وبعض الوزراء الذين دأبوا تكراراً على التحدث من دون طلب إذن، فيما خرج آخرون عن النظام الداخلي في طريقة طرح الأسئلة.

وحالت إطالة أمد النقاش في طرح الأسئلة بدلاً من اختصارها بالمدة المحددة، دون طرح الملف الأكثر أهمية حالياً، وهو مصير قانون الانتخاب الذي كان رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل يعتزم طرحه من خلال سؤاله المدرج على اللائحة، لوضع جميع المعنيين به دستورياً أمام مسؤولياتهم، وفق ما قال، رافضاً «سياسة تقاذف الكرة التي تصب في خانة تعطيل تداول السلطة». وتحفظ النائب بطرس حرب على عدم إدراج سؤاله حول قانون الانتخاب، ودعا رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة إلى حصر النقاش في موضوع محدد. وقال: «درجت الأنظمة أن تعتمد أسلوباً في جلسات الأسئلة والاستجوابات، وأن تكون أسبوعياً، لكن الظروف منعت مثل هذا الأسلوب، وكل نائب يمكن أن يطرح سؤالاً محدداً، وإذا لم يتمكن الوزير من الإجابة يؤجل إلى الأسبوع الذي يليه». فيما توعد النائب نقولا فتوش، بطرح الثقة بوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على خلفية «عدم انحيازه إلى تطبيق القانون في موضوع تشغيل معمل الباطون في عين دارة».

وكان ملف النفايات حضر في السؤال الأول للنائب روبير غانم الذي طلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية في هذا الموضوع. وسأل: «هل هناك خطة لمعالجة النفايات؟ نريد جواباً واضحاً ومفصلاً من الحكومة». ورد الحريري بأن حكومته ملتزمة ما قررته حكومة الرئيس تمام سلام والخطة التي تتضمن استحداث مطمرين في الكوستا برافا وبرج حمود، واعداً «باستكمال هذه الخطة إلى النهاية ولن نسمح بعودة النفايات إلى شوارع بيروت. أما في قضية طيور النورس، فقامت الوزارت المعنية بالإجراءات المناسبة لإبعادها عن محيط المطار».

وقال وزير البيئة طارق الخطيب: «الوزارة وضعت خطة متكاملة لكن تنقصها خطة تنفيذية فيها المحور التقني والمحور الإداري كذلك موضوع الفرز من المصدر، واستخدام الطاقة من النفايات».

ولفت الوزير مروان حمادة إلى أنه «بمراجعتي النظام الداخلي للمجلس أستغرب أن الأسئلة لم توجه إلى الوزير المعني، وهي تتعلق بأكثر من نقطة وكأننا تحولنا إلى جلسة مناقشة عامة».

ثم طرح السؤال المتعلق بفضيحة الإنترنت غير الشرعية وإلى أين وصل التحقيق، المقدم من النواب غازي العريضي وعلي عمار وأيوب حميد فسأل حميد: «بعد فضيحة الهاتف والإنترنت غير الشرعية وموت الشبكة الثانية متى تستعيد الدولة مرفق الهاتف؟».

وعندما أراد عمار أن يبدأ كلامه بأبيات من الشعر قاطعه مكاري قائلاً: «دعك من الشعر لندخل في صلب السؤال». فاعترض الحريري ممازحاً، وقال: «ما منقبل، بدنا نسمع بيت الشعر».

وقال عمار: «لتعطى هذه القضية أهميتها الوطنية، هناك هدر يفوق المئتي مليون دولار طاول الخزينة وهناك ستون مليون دولار في ما يتعلق بـ «أوديوفيزيون»، إضافة إلى أن رموز هذه الفضيحة الثلاثة وردت أسماؤهم في شكل علني. وهم معروفون بالاسم، مستغرباً عدم توقيفهم وخفض الجريمة من جناية إلى جنحة». وسأل عمار وزير العدل سليم جريصاتي باعتباره وزير الوصاية: «هل يعقل أن مئتي مليون دولار وأن ستين مليوناً طارت من جراء ارتكابات استوديو فيزيون؟».

ورد الحريري: «ما يحصل هو بسبب الفراغ الذي أصاب بعض مؤسسات الدولة وتسبب بانهيارها وتسييس كل شيء، وما من شك في أن الحكومة السابقة التي ترأسها الرئيس سلام حافظت على البلد لكن الفراغ أصاب كل المؤسسات. ومنذ انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، وتأليف الحكومة طرحنا شعار استعادة الثقة. وهذه الحكومة بالكاد عمرها أربعون يوما. لكن بالتأكيد سينال المرتكبون عقابهم».

«لن نغطي أحداً»

وتوجـه الحريري الى النواب: «اذا كانت هناك ارتكابات نحن لن نغطي أحداً ومن ارتـكب سيحاكم ومن شهر به في الاعلام وكان بريئاً سيتم الاعتذار منه»، ورد عمار: «كن مطمئناً يا دولة الرئيس نحن واياك في مركب واحد في معركة استعادة الثقة».

ورد جريصاتي فقال: «في الشكل وزير العدل هو وزير إجرائي وإداري وليس وزير وصاية، أما بالنسبة إلى موضوع الإنترنت غير الشرعية فهو ملف متشعب، وبالنسبة إلى غوغل كاش تم استدعاء جميع المتهمين والمشكوك فيهم. وهناك 22 متهماً وتم استجواب كل الأشخاص والجلسات مستمرة لجمع الأدلة عن الشركات التي زودت لبنان بالإنترنت غير الشرعية».

أما الوزير جمال الجراح فقال: «طلبت منذ اليوم الأول لعملي في وزارة الاتصالات معالجة المواضيع وفقاً للأصول وتغيير السنترالات القديمة وتأهيلها. أما بشأن شبكة الفايبر والإنترنت فنعمل على تحديثها ربما لخمسة أضعاف». لكن عمار لم يقتنع بالأجوبة حول فضيحة الإنترنت، وقال إنه «سيحول السؤال إلى استجواب».

وطرح النائب خالد الضاهر سؤالاً حول فتح مطار القليعات «لأنه يستوعب المسافرين والبضائع أكثر»، متمنياً على الحكومة أن «تأخذ قراراً حاسماً بفتحه». كما طرح سؤالاً عن قرار تطبيق إلغاء وثائق الاتصالات، مشيراً إلى أن هذه الوثائق لا تزال سارية حتى الآن وتسيء إلى حقوق الإنسان وغير قانونية»، فرد الحريري: «مطار القليعات قد يكون حيوياً لكل لبنان، لكن بغياب الهيئة الناظمة للطيران المدني لا يمكننا العمل به، فيجب أن تكون الهيئة قائمة»، أما عن موضوع وثائق الاتصال فلفت الحريري إلى «أننا عقدنا اجتماعاً أولياً مع الوزراء المعنيين، وهناك خطة كاملة لهذا الموضوع ونقوم بإجراءات لأنها جزء كبير من الوثائق، وصولاً إلى إلغائها تماماً، لأن من غير الطبيعي أن يكون هناك هذا الحجم من وثائق الاتصال، منها ما يتعلق بسبب إطلاق نار عشوائي وفي موضوع الإرهاب وغيره». وأشار إلى أنه «لا يمكن أن نعرض البلاد إلى أي خطأ، وهناك لجنة تعمل بدقة لإلغاء الوثائق ولأن يبقى القضاء مسؤولاً وحده عن هذه المسائل، هناك ناس مشكوك فيهم والقضاء يجد الوسائل للتحري عن هذا الشخص أو المرتكب»، وقال: «لو لم يتمكن الجيش وفرع المعلومات من إحباط عملية الكوستا لكنا وصلنا إلى كارثة».

المشنوق : لا موافقة بلا رضا الأهالي

ورد المشنوق على النائب فتوش فقال: «هناك مخالفة في القانون حول بلدية عين دارة ومعمل آل فتوش، ولا يمكن الوزارة أن توافق على شيء من دون رضا الأهالي، هناك مخالفة للقانون حول بلدية عين دارة ومعمل آل فتوش ومن دون التفاهم مع أهل الضيعة لا أستطيع أن أسهل إنشاء المعمل. أما بالنسبة إلى وثائق الاتصال، نحن نواجه حرباً جدية جداً لمواجهة الإرهاب وهذه تفترض نوعاً من العملانية. واتفقنا على حصر وثائق الاتصال لفترة محدودة بثلاثة من كبار المجرمين وكبار المتهمين بالإرهاب والتعامل مع العدو الإسرائيلي وكبار تجار المخدرات».

ورد فتوش على المشنوق: «لدينا تراخيص قانونية وأريد أن أطرح الثقة بالوزير. أجابه مكاري: «لا تستطيع الآن».

ولدى سؤال النائب حسن فضل الله عن آليات مكافحة الفساد وضبط الهدر كما ورد في البيان الوزاري، أجلس مكاري مكانه أمين السر النائب أنطوان زهرا بدلاً من رئيس السن النائب عبد اللطيف الزين، لاضطراره إلى مغادرة القاعة لدقائق معدودة ما دفع النائب أحمد فتفت إلى الاعتراض واعتبار الأمر سابقة في المجلس. فرد زهرا بأن الرئيس بري فعل ذلك سابقاً حين أجلس الوزير مروان حمادة مكانه. وعقب مكاري: «اسمح لنا فيها. زهرا جاري (مقعده إلى جانبه). عم نكارم بعضنا لأننا مش مطولين». في إشارة إلى أنهما سيعزفان عن الترشح للانتخابات النيابية المقبلة.

وتابع فضل الله كلامه: «كلنا يعرف أن الكثير من الالتزامات فيها هدر وسرقة للمال العام وأقول إننا لن نصل إلى شيء، وفي مؤسسات الدولة هناك جاروران واحد للرشوة والثاني للرسوم»، متمنياً أن تتقدم الحكومة إلى المجلس بلائحة حول المباني المأجرة للدولة، متناولاً موضوع الكهرباء والهدر فيها، وسأل: «هل هناك آلية عند الحكومة لهذا الملف؟ مقترحاً إنشاء محطات نووية لإنتاج الكهرباء، مستشهداً بالأردن، الذي اتفق مع روسيا على إنشاء محطتين بكلفة 10 بلايين دولار بسعة ألفي ميغاوات وهذه تكفي لبنان. فيما كلفتنا الكهرباء في السنوات العشر الماضية 20 بليون دولار. هذا إضافة إلى الهدر في استئجار المباني».

ورد الحريري بالقول: «لا شيء اسمه فساد مقونن وخطة الحكومة أن ننتهي من هذا الهدر، فالدولة والحكومة تستأجران مباني بنحو 250 أو 300 مليون دولار، فإذا استثمرنا بمجمع واحد للحكومة ونضع فيها الوزارات نوفر مبالغ إيجارات ويجب علينا أن نخفف من المصروف وأن نتعاون جميعاً للحد من هذه الأمور وعلينا في هذه الحكومة أن نستعيد الثقة لأننا دفعنا أثمانا كبيرة جداً»، أما بخصوص الكهرباء، فقال أن «فاتورة الكهرباء وصلت إلى 35 بليون دولار». واعداً خلال «الأسابيع المقبلة بإقرار عدة مشاريع تخص الكهرباء».

أما وزير الطاقة سيزار أبي خليل، فدعا إلى تنفيذ خطة الحكومة «لأننا لو نفذنا الخطة كانت لدينا كهرباء 24 ساعة».

وسأل النائب نديم الجميل: «لماذا لم تنفذ هذه الخطة؟»، أجاب الحريري: «كنا نعيش في انقسام في البلد والانقسام الذي كان حاصلاً انتهى ولا عودة إليه واليوم بدأ تفعيل العمل، أما إذا أردنا أن نفتح هذه المتاهات فنعود إلى الانقسام». ورفع مكاري الجلسة.