IMLebanon

عون في قمة إسطنبول: ترامب تجاوز القرارات الدولية 

 

قال الرئيس اللبناني ميشال عون إن «العرب قد يكونون الوحيدين من بين الشعوب لم يشاركوا في اضطهاد اليهود خلال التاريخ، بل على العكس طالما تعايشوا معهم، في حين أن الإسرائيليين مارسوا أبشع أنواع التطهير العرقي على أرض فلسطين».

وكان عون يتحدث أمام القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي التي عقدت أمس في إسطنبول وخصصت لبحث تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ودعت إليها تركيا بصفتها رئيسة المنظمة حالياً. وقال عون: «إسرائيل تتصرف عكس مسار التاريخ، وتتحدّى التطور الإنساني والمجتمعي، وتعلن نفسها دولة يهودية، وتحاول تأكيد ذلك بتهويد القدس وجعلها عاصمتها، وفي ذلك شطبٌ للهوية الجامعة للأرض المقدسة، وإلغاء صريح لرسالتين سماويتين يؤمن بهما أكثر من نصف سكان العالم، ما يشكّل طعنة للحضارة والإنسانية، ستجرّ تهجيراً جديداً، وتطهيراً عرقياً جديداً، وتؤسس لحروب مقبلة».

وقال: «إسرائيل، ومنذ نشوئها حتى اليوم، تعتمد مبدأ القوة وسلب الحقوق والتهجير، مستفيدة من حق الفيتو وممارِسةً الدلع الدولي، فالأمم المتحدة التي قسّمت فلسطين لم تنجح يوماً في إدانة فعلية ورادعة لإسرائيل. ولكن على رغم كل ذلك ظلت للقدس خصوصيتها في القرارات الدولية، ولم يسبق أن تجرأت أي دولة على المسّ بهيبة هذه المدينة ورمزيتها وقدسيتها».

وسأل: «هل يحق لأي عضو في مجلس الأمن، مهما علا شأنه، أن يلغي منفرداً قراراً لمجلس الأمن؟ وهل سيقبل المجلس بكسر قراراته وهي مُلزمة للدول الأعضاء؟ وهذا إن حصل ألا يشكّل أيضاً إلغاءً لعلّة وجوده؟ وما الذي تغيّر اليوم لتتخذ الولايات المتحدة هذا الموقف، متجاوزة القانون الدولي والأمم المتحدة، غير آبهة بحقوق المسلمين والمسيحيين في كل العالم ولا بمشاعرهم، ولا بالتداعيات التي قد تنتج من ذلك؟».

ورأى «أن الأحداث التي عصفت بالعالمين العربي والإسلامي خلال السنوات الأخيرة، وحال التعثّر والتخبّط التي وقعت فيها شعوبهما، صدّعت العلاقات بين بعض الدول الشقيقة والصديقة، وأرست الحواجز النفسية بينها فتعمّقت الفجوات والشروخ وفُقدت روح التضامن، وتحوّل الصراع العربي- الإسرائيلي، والإسلامي- الإسرائيلي، صراعاً عربياً- عربياً، وإسلامياً- إسلامياً، من خلال تغذية الصراع المذهبي بين السنة والشيعة. ومعلوم أن في التفرقة ضعفاً، وفي الضعف استفراداً، وليس عبثاً أن من أهم أمثالنا العربية «فرّق تسد».

وقال إنه استشعر «خطورة المرحلة منذ بداياتها ونصحت في كلمتي في القمة العربية منذ أشهر بوقف الحروب بين الإخوة، والجلوس إلى طاولة الحوار وإلاّ ذهبنا جميعاً عمولة حلّ لم يعد بعيداً، سيفرض علينا».

ووصف عون خطوة ترامب بأنها «إضافة إلى كونها تجاوزاً للقوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، تُسقط عن الولايات المتحدة صفة الدولة العظمى التي تعمل على إيجاد حلول تحقق السلام العادل في الشرق الأوسط. وإذا لم تتصدَّ الأمم المتحدة لهذا القرار فإنها تتنازل عن دورها كمرجع دولي لحل النزاعات الدولية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، كما ينصّ ميثاقها، فينتفي بذلك سبب وجودها».

ودعا عون إلى «التقدم بشكوى عاجلة إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة باسم مجموعة الدول الإسلامية لتعطيل القرار الأميركي وإلزام الولايات المتحدة إلـــغاءه، والقيام بحمـــلة ديبلوماسيـــة لزيادة عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين والانـــتقال إلى اعتبارها دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، مع اتخاذ الإجراءات القانـــونية والسياسية والديبلوماســـية اللازمة لاعتماد القدس الشرقية عاصمة لها، واتخاذ إجراءات عقابية موحّدة ومتدرجة، ديبلوماسية واقتصادية، ضد أي دولة تنحو منحى الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والدعوة المشتركة لشعوب دولنا لتتحرك في بلدانها وأماكن انتشارها لتشكيل قوّة ضغط شعبي تساند ضغطنا السياسي والديبلوماسي، والتمسك بالمبادرة العربية للسلام بكل مندرجاتها من دون انتقاص، والتوافق مع وسيط دولي نزيه للعمل على تفعيلها كي لا يبقى أمامنا سوى العودة عنها، مع ما يترتب عن هذه العودة من تداعيات».

 

لقاءات

وعلى هامش جلسة الافتتاح، التقى عون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وشكره، وفق البيان الصادر عن المكتب الاعلامي للقصر الجمهوري اللبناني، «على مبادرته السريعة لعقد مؤتمر القمة وللتعبير عن مدى خطورة الوضع ودقة المرحلة، فيما عبّر أردوغان عن تقديره لمشاركة عون في القمة ولمواقفه الداعمة للقدس ولتاريخها».

وعرض العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين مع عون موقف الاردن من التطورات وخصوصاً الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، مشيراً إلى أن الأردن لا يقبل بهذا القرار، وتطرق عون إلى الاتصالات والتحركات العربية الواجب القيام بها لتوحيد الشمل العربي والوقوف في وجه المخاطر المحدقة بالمنطقة نتيجة هذا القرار.

وهنّأ الملك عبدالله الثاني الرئيس عون على نجاح المعالجة التي قادها لحل الأزمة الحكومية التي كانت نشأت على إثر استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، مؤكداً وقوف المملكة إلى جانب لبنان في كل الظروف، ودعمها له.

وأوضح المكتب الإعلامي أن «القدس كانت مدار بحث خلال اللقاء بين أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وعون، وكانت الآراء متفقة على أهمية التضامن العربي في هذه المرحلة بما يؤمّن موقفاً موحداً يمكن من خلاله التصدي لكل محاولات انتزاع القدس من الحضن العربي، وتغيير الهوية الجغرافية والديموغرافية لفلسطين، وتجنيب المنطقة أخطار جمّة نتيجة القرار الأميركي الأخير».

وجدد الأمير الصباح دعوته الرئيس عون إلى زيارة الكويت التي وعد بتلبيتها.

وعرض عون مع الرئيس الإيراني حسن روحاني تطورات الأوضاع في المنطقة، ومسألة القدس. وأفاد المكتب الاعلامي لعون بأن روحاني جدد «دعم بلاده لكل ما يؤدي الى الحفاظ على القدس ومنع السيطرة عليها من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي، مشدداً على أهمية هذه المدينة المقدسة بالنسبة إلى العالم أجمع.

والتقى عون أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، وتمحور الحديث حول «القدس وما تتعرض له وكانت الآراء متفقة على منع اغتصاب الحقوق الفلسطينية والعربية، ومحاولات تشويه صورة القدس كعاصمة للديانات السماوية».

والتقى عون الرئيس الفلسطيني محمود عباس في حضور وزير الخارجية جبران باسيل. وجدد عباس تأكيد «تقدير الفلسطينيين لما يقوم به لبنان ودعمهم لكل ما يؤمّن استقراره وسيادته، وعدم قبولهم أن يكونوا سبباً لأي محاولات لزعزعة الاستقرار».

وشدد عون على «وقوف لبنان إلى جانب فلسطين وشعبها في نضاله لاستعادة حقوقه المشروعة ومقاومته للاحتلال الاسرائيلي، ولمنع تحويل القدس إلى عاصمة لإسرائيل، لأنه أمر يخالف المنطق التاريخي والإنساني على حد سواء».

وكان باسيل شارك في اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي.