IMLebanon

نصر الله يكشف العراقيل السياسية أمام الحكومة بتلويحه بالضغط على الحريري حول العلاقة مع سورية

 

كشف الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله عن وجه آخر من وجوه العراقيل التي تقف في وجه تأليف الحكومة اللبنانية في خطابه أول من أمس، لمناسبة الذكرى الثانية عشرة للانتصار في حرب تموز (يوليو) 2006، حين تطرق إلى مسألة العلاقة مع سورية والخلاف مع الرئيس المكلف تأليفها سعد الحريري، وإلى ما سماه «رهان فرقاء على تطورات إقليمية».

 

 

وإذ انتقد نصرالله الحريري من دون أن يسميه لقوله إن لا حكومة إذا كانت من أجل تطبيع العلاقة مع النظام السوري، فإنه ذهب أبعد من ذلك حين لوح برفع سقف مطالبه الحكومية إذا «ثبت» أن هناك من يراهن على تأخير الحكومة في انتظار تغييرات إقليمية.

 

وشكل كلام نصر الله، وفق مصادر سياسية متابعة لجهود تأليف الحكومة، مؤشراً إلى أن وراء الخلاف على الحصص خلفيات سياسية أبعد من التباين حول أحجام الفرقاء المحليين، ويتعلق بحسابات إقليمية، خصوصاً أنه اعتبر أن الرياح تجري لمصلحته في الإقليم، واستخدم لغة التهديد المبطن والإنذار في كلامه حيال الحريري وحلفائه، تاركاً للأوساط السياسية أن تتكهن بما سيكون عليه موقفه، على رغم أنه دعا إلى تغليب لغة الحوار لمعالجة الشأن الحكومي.

 

دردشة مع الحريري

 

وكان الحريري في دردشة مع الصحافيين قبيل ترؤسه اجتماع كتلة «المستقبل» النيابية الأسبوعي مساء أول من أمس، قال حين سئل عن مطالبة بعضهم بتضمين البيان الوزاري مطلب عودة العلاقات مع النظام السوري كشرط لتشكيل الحكومة، إنه «عندها لا تتشكل الحكومة، وهذا بكل صراحة».

 

ووصف عدم تشكيل الحكومة حتى الآن بأنه «فشل لبناني بحت»، نافياً «أن يكون للعامل الإقليمي أي تأثير على مسار التشكيل». وقال: «نحن دولة لديها مشكلات اقتصادية، ومحاطة بأزمات إقليمية، ويجب أن نشكل حكومة بأسرع وقت ممكن، على أن تكون حكومة وفاق وطني جامعة، يشارك فيها الجميع وفق اتفاقنا السياسي معهم. وإذا اعتقد أحد الأفرقاء أنه سيدخل إلى الحكومة بهدف التعطيل على فريق آخر، فيكون ذلك أكبر خطأ يرتكبه، وهذا يعيدنا إلى حكومات سابقة شُكلت على أساس أنها حكومات وحدة وطنية ولكنها بالفعل لم تكن كذلك».

 

وشدد الحريري على أن «الأساس في العمل الحكومي أن يكون قائماً على التعاون بين كل الأحزاب لكي ننهض بالبلد، وإلا سنخلق مشكلاً داخل مجلس الوزراء». وقال: «بعض الأطراف لا يزال متمسكاً بشروطه، ونشهد تنازلات طفيفة من كل الأطراف، وربما ما زلنا في حاجة إلى القليل من الوقت للتوصل إلى صيغة نهائية».

 

وأعلن الحريري أنه «سيزور رئيس الجمهورية ميشال عون عندما يكون لديه شيء ملموس».

 

وعن مطالب «القوات» في الحكومة قال: «حزب القوات صريح في مطالبه، يريد إما منصب نائب رئيس الحكومة وإما حقيبة سيادية، ورفض عرض أربع وزارات أساسية. وموضوع الحقيبة السيادية يحتاج إلى وقت إضافي، والجميع يعمل على حلحلة العقد، لكن المشكلة تبقى أن كل فريق وضع كل مطالبه في الإعلام ولا يقبل التراجع»، نافياً «أن يكون الوزير جبران باسيل طلب منه إعطاء «القوات» حقيبة سيادية من حصته».

 

وعن الجهة المعترضة على منح «القوات» حقيبة سيادية، رفض الحريري «وضع الملامة على أي حزب أو تيار أو تكتل، لكن الجميع يعرف ما هي المشكلات والعقبات، والمطلوب أن نجد المخرج الذي يجعل من الجميع رابحاً من تشكيل الحكومة. أما إذا أوحت تركيبة الحكومة بأن هناك خاسراً ورابحاً، فإن ذلك سيشكل عقبة في عملها. أريد أن أشكل حكومة يشعر فيه الجميع أنه حصل على الحصة التي يستحقها».

 

وعن التصعيد الكلامي بين «التيار الوطني الحر» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، قال: «وليد جنبلاط مكون سياسي أساسي في البلد، ولا يمكننا إنكار وجوده. ربح الانتخابات في مناطقه، وعلى جميع الأطراف أن يهدأوا، فبماذا يفيد هذا الكلام طالما أننا شركاء في الوطن؟».

 

وشدد على «أن العلاقة مع المملكة العربية السعودية مميزة وممتازة، وهي حريصة على أن نشكل حكومة بأسرع وقت ممكن».

 

نصر الله

 

وإذ رأى نصر الله ضرورة مواصلة «الحوار لتشكيل الحكومة، وتجنب الشارع، والحرص الشديد على الأمن والأمان في لبنان». قال في رده غير المباشر على الحريري: «إذا كان يوجد أحد يراهن، في الخارج أو في الداخل اللبناني، على متغيرات إقليمية ستؤثر على تشكيل الحكومة هو مشتبه، الآن محورنا هو الذي ينتصر في المنطقة ومن أول الطريق كنا متواضعين بطلباتنا وما زلنا متواضعين. إذا كان هناك أحد ينتظر محوراً آخر ويتوقع له أن ينتصر فلينتظر. لن يحصل على نتيجة، لكن هذا الانتظار وهذه الرهانات إذا ثبت أنها صحيحة عندها سنعيد النظر بطلباتنا وبتواضعنا، ويحق لنا عندها كمحور منتصر في المنطقة أن تكون لنا طلبات مختلفة وشروط مختلفة. لذلك مصلحة من يؤجل بانتظار تطورات إقليمية، لا أقول الخارج يتدخل أو لا، لكن إذا هناك أحد في الداخل يؤجل في انتظار مصلحة تطورات إقليمية، أقول هذا لن يخدم مصلحتك حتى في تشكيل الحكومة، لا في الحجم ولا في العدد ولا في الحقائب».

 

ونصح «القيادات السياسية في لبنان الذين نحن وهم مختلفون من الموقف في سورية، ألا يلزموا أنفسهم بمواقف وإملاءات قد يضطرون نتيجة الظروف والتطورات والمصالح أن يتراجعوا عنها، فليطيلوا بالهم قليلاً وينظروا الأمور إلى أين؟ سورية إلى أين؟ معبر نصيب إلى أين؟ حدود سورية والمنطقة إلى أين؟ إدلب إلى أين؟ تركيا والمشكلة مع أميركا والتقارب مع إيران وروسيا إلى أين؟ يطيلوا بالهم قليلاً، «يهدوا حصانهم»، ولا يلزموا أنفسهم حتى لا يحشروا أنفسهم، بالنهاية نحن لبنان لسنا جزيرة معزولة ولا يمكننا أن نعيش بمعزل عن كل ما يجري في منطقتنا».

 

وتوجه إلى «الناس»، قائلً: «أطيلوا بالكم قليلاً علينا، أطيلوا بالكم على أنفسكم، إهدأوا، هناك من يتربص بنا، من يتربص بهذه البيئة المقاومة، بهذا الجمهور من أجل أن نتقاتل على الكهرباء وعلى الماء»، مؤكداً أن «التشنج والتوتر والتشاتم ليست هي التي توصل الإنماء».

 

المرعبي

 

واعتبر وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي، في حديث إلى إذاعة «لبنان الحر»، أنه «اذا كان محور الشر ينتصر، فنحن لن نسير معه إطلاقاً، وإذا كان المحور الذي دمر سورية وهجر شعبها وارتكب المجازر فيها، فليس لدينا شرف الوقوف معه، سواء انتصر مرحلياً أم انكسر أم مهما حصل معه. فكل القيم والمبادئ التي نحملها تمنعنا من أن نكون معه في أي لحظة».

 

ورأى أن «الأجدى بالسيد حسن أن ينسحب من سورية ويوقف القتال والمجازر التي يرتكبها مع حلفائه من النظام السوري وغيرهم، وأن يعود إلى لبنان ولبنانيته ويجنب لبنان مآسي على المدى الطويل قد تكون مكلفة جداً».

 

وقال المرعبي: «بدأنا نفهم شيئاً فشيئاً أسباب العرقلة في التأليف الحكومي ولماذا يأخذ الوزير باسيل مواقفه التي تتحدث الناس عنها، اليوم نتخطى كل الأعراف».

 

وعما إذا خير الحريري بين التنازل والتطبيع مع دمشق، قال المرعبي: «هو ليس مضطراً للتنازل عن التشكيل بأي شكل من الأشكال»، مؤكداً أن «التطبيع مع دمشق هو حلم إبليس في الجنة».

 

وكانت كتلـــة «المســتقبل» النيابية نبهت في اجتماعها الأسبوعي «إلى موجبات الالتــــــزام بقرار النأي بالنفس عن الخلافات الــــعربية، وعدم استجرار الأزمات الخارجية والمحــيطة إلى الداخل اللبناني، وما ينشأ عنها من سلبيات على علاقة لبنان بأشقائه العرب».

 

وشددت على أن «حماية التوافق الوطني على سياسة النأي بالنفس السبيل المطلوب لحماية الاستقرار السياسي، والابتعاد عن سياسات التورط في صراعات الآخرين».