IMLebanon

فنزويلا.. ساحة حامية للكباش الأميركي ـ الروسي

 

بسرعة تحولت فنزويلا إلى الساحة الجديدة للكباش بين الولايات المتحدة وروسيا فوق خارطة عالم يشهد تفككاً مثيراً للقلق في «وضع كارثي نوعاً ما» على حد وصف الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، الذي رأى أن «العلاقات بين القوى الرئيسية العالمية لم يسبق أن شهدت الخلل الذي تشهده اليوم»، والذي سيفرض إيقاعه على أزمة فنزويلا المفتوحة بين «رئيس» مدعوم من الجيش وموسكو وحلفائها و«رئيس بالوكالة» مدعوم من واشنطن وحلفائها في القارة الأميركية والعالم.

 

أميركياً، وصف وزير الخارجية مايك بومبيو الحكومة الفنزويلية بأنها «غير شرعية» و«غير ديموقراطية»، مؤكداً دعم واشنطن لرئيس البرلمان المُعارض خوان غوايدو.

 

وأشار بومبيو في كلمة أمام اجتماع طارئ لمنظمة الدول الأميركية، إلى أن قرار الولايات المتحدة دعم رئيس البرلمان الفنزويلي المعارض والاعتراف به رئيساً لفنزويلا «لم يُتخذ بين ليلة وضحاها».

 

وأكد دعم الولايات المتحدة القوي «للخطوات التي يخطط الرئيس الموقت غوايدو لاتخاذها لاستعادة الديموقراطية، بما في ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة»، مضيفاً أن واشنطن على استعداد لدعم الجمعية الوطنية الفنزويلية والشعب الفنزويلي.

 

وأضاف أن الولايات المتحدة على استعداد لتقديم مساعدات إنسانية بأكثر من 20 مليون دولار لشعب فنزويلا بأسرع ما يمكن، لكي يتمكن من معالجة النقص في المواد الغذائية والأدوية وغير ذلك من آثار الأزمة الاقتصادية والسياسية.

 

ودعا بومبيو منظمة الدول الأميركية للعمل «على أساس مبادئ ديموقراطية» تجاه فنزويلا، ولعقد اجتماع للمنظمة على مستوى وزراء الخارجية لبحث الوضع في فنزويلا.

 

يُذكر أن الولايات المتحدة ومنظمة الدول الأميركية التي تضم 35 دولة وبعض الدول في أميركا اللاتينية أعلنت الأربعاء اعترافها برئيس البرلمان الفنزويلي المعارض خوان غوايدو رئيساً موقتاً لفنزويلا، فيما وصفت سلطات فنزويلا خطوات المعارضة بـ «الانقلاب».

 

وطلبت الولايات المتحدة أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً طارئاً السبت لمناقشة الوضع في فنزويلا، وفق ما أفادت مصادر ديبلوماسية.

 

وقالت المصادر إن واشنطن عبّرت عن الأمل بعقد اجتماع «علني» برغم معارضة روسيا لاجتماع يتناول موضوعاً «داخلياً» في فنزويلا، ولا يُشكل في رأيها تهديداً للسلام والأمن الدوليين.

 

وقالت البعثة الأميركية في الأمم المتحدة على شبكات التواصل الاجتماعي «يتعين بحث الأزمة الحالية في فنزويلا».

 

وصباح الخميس استبعد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نبينزيا أمام الصحافيين عقد اجتماع في مجلس الأمن حول فنزويلا، مؤكداً أن هذا البلد ليس على برنامج أعلى هيئة أممية.

 

ولم يعد للولايات المتحدة سفير أصيل في الأمم المتحدة منذ مغادرة نيكي هايلي في 31 كانون الأول الماضي منصبها.

 

وقد يُمثّل الولايات المتحدة السبت وزير الخارجية مايك بومبيو أو مسؤول آخر في الإدارة الأميركية أو الرجل الثاني في البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة جوناثان كوهن.

 

واعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء برئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو رئيساً بالوكالة لفنزويلا.

 

وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت إن نيكولاس مادورو «ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا»، وذلك غداة قرار الولايات المتحدة ودول أخرى عدة الاعتراف بالمعارض غوايدو رئيساً بالوكالة.

 

وقال هانت في بيان «نحن قلقون جداً حيال الوضع في فنزويلا، ولكن من المؤكد أن نيكولاس مادورو ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا».

 

ومن دون أن يعترف رسمياً بخوان غوايدو كرئيس، اعتبر هانت أن الأخير هو «الشخص المناسب للمضي قُدماً بالبلاد» معلناً دعم المملكة المتحدة للولايات المتحدة وكندا والبرازيل والأرجنتين «لتحقيق هذه الغاية».

 

ويتقاطع الموقف البريطاني الحذر مع مواقف مسؤولين أوروبيين آخرين لم يعترفوا حتى الآن رسمياً برئاسة غوايدو. ويقول محللون إن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى الحفاظ على إمكان التوصل إلى حل تفاوضي، مع حماية مواطنيه في حال تدهور الوضع في فنزويلا.

 

وفي روسيا أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعمه «للسلطات الشرعية في فنزويلا» ورئيسها نيكولاس مادورو. وأعرب الرئيس الروسي، عن دعمه لنظيره الفنزويلي، نيكولاس مادورو، في مواجهة ما اعتبره تدخلاً خارجياً تخريبياً في شؤون فنزويلا الداخلية.

 

وذكر الكرملين، في بيان أصدره أن بوتين أبدى خلال اتصال هاتفي مع مادورو «دعمه للسلطات الشرعية في فنزويلا في ظروف تصعيد الأزمة السياسية الداخلية الذي تمت إثارتها من الخارج».

 

وشدد بوتين حسب الكرملين، على أن «التدخل الخارجي التخريبي يدوس بشكل سافر المبادئ الأساسية للقانون الدولي». ودعا الرئيس الروسي خلال المكالمة إلى «إيجاد الحلول ضمن الإطار الدستوري وتجاوز الخلافات في المجتمع الفنزويلي عن طريق الحوار السلمي».

 

وأعطى مادورو، حسب الكرملين، تقويماته الخاصة لـ«التطور الخطير للأحداث في البلاد خلال الأيام الأخيرة»، فيما شكر روسيا على «موقفها المبدئي».

 

وأكد الجانبان في الاتصال على «مواصلة التعاون الروسي الفنزويلي في مجالات مختلفة».

 

وحذّرت الخارجية الروسية من أن الأحداث في فنزويلا «وصلت إلى نقطة خطيرة»، منتقدة بشدة تصرفات الولايات المتحدة في هذا الشأن.

 

وأشارت الخارجية الروسية في بيان أصدرته إلى أن «الخصوم المتشدّدين لحكومة فنزويلا، بعد فشل محاولاتهم الإطاحة برئيس البلاد نيكولاس مادورو، بما ذلك مخطط اغتياله، لجأوا إلى أخطر سيناريو».

 

وأضافت الخارجية أن إعلان رئيس البرلمان الفنزويلي، زعيم المعارضة، خوان غوايدو، نفسه رئيساً موقتاً للبلاد والاعتراف الفوري بذلك من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية جاء في مسعى لتعميق الانقسام داخل المجتمع الفنزويلي وزيادة حدة مواجهات الشوارع ونسف الاستقرار الداخلي للبلاد بصورة جذرية، والاستمرار في تصعيد الأزمة.

 

وحذّر البيان من أن إنشاء حكم ثانٍ موازٍ في فنزويلا يجري على ما يبدو بتخطيط مسبق، وهو السبيل المؤدي مباشرة إلى الفوضى وتدمير ركائز الدولة، لافتاً إلى أن هذه الاستراتيجية قد أودت بأرواح أوائل ضحاياها بين الفنزويليين.

 

وتابع البيان: «نُدين بشكل حازم من يدفع المجتمع الفنزويلي نحو هوة الفتنة الدموية.. نرى في تصرفات واشنطن المتعجرفة استعراضاً جديداً لتجاهل معايير ومبادئ القانون الدولي عموماً، ومحاولة لتأدية دور الحاكم المُعلن ذاتياً الذي يقرر مصير الشعوب الأخرى».

 

ولفت البيان إلى أن واشنطن تسعى على ما يبدو إلى تطبيق ذلك السيناريو بفنزويلا، الذي سبق أن نجح في إسقاط حكومات دول أخرى، معرباً عن قلق موسكو البالغ إزاء التصريحات القادمة من بعض العواصم بأنه لا يمكن استبعاد إمكانية التدخل الخارجي.

 

وشدد البيان على أن مغامرات كهذه «تُهدد بعواقب كارثية»، مضيفاً: «ندعو السياسيين الفنزويليين العقلاء المعارضين لحكومة نيكولاس مادورو الشرعية إلى ألا يصبحوا بيدقاً في اللعبة التي يديرها آخرون».

 

وأشارت الخارجية الروسية إلى أن موسكو تنطلق من مبدأ أن تُمارس أي أنشطة سياسية داخل الأطر الدستورية وبموجب القانون الوطني حصراً، مؤكدة حق الفنزويليين في التعبير عن آرائهم، لا سيما عن طريق التظاهر السلمي، لكن من دون أن يؤدي ذلك إلى العنف ويُعرّض أمن المواطنين للخطر.

 

وذكر: «لا يملك أحد إلا الفنزويليون وحدهم الحق في تقرير مستقبلهم، وأي تدخلات خارجية مُدمرة هي غير مقبولة، لا سيما على خلفية الوضع المتوتر الحاري.. والتحريض لا علاقة له بالعملية الديموقراطية بل إنه السبيل المباشر نحو غياب القانون وسفك الدماء».

 

وشدّد البيان على أن مهمة المجتمع الدولي الآن تكمن في المساعدة على التوصل إلى تفاهم بين القوى السياسية الفنزويلية التي تقدم أولوية مصالح وطنها، مبدياً استعداد موسكو للتعاون مع كل دولة تشاركها هذا الهدف.

 

وأكد وزير دفاع فنزويلا فلاديمير بادرينو أن نيكولاس مادورو رئيس شرعي للبلاد، متهماً المعارضة بمحاولة الانقلاب عليه عقب إعلان رئيس البرلمان خوان غوايدو نفسه رئيساً انتقالياً لفنزويلا.

 

وقال بادرينو في مؤتمر صحافي: «أؤكد حدوث انقلاب ضد الهياكل المؤسساتية والديموقراطية والرئيس الشرعي نيكولاس مادورو».

 

وأضاف أن الولايات المتحدة وحكومات أخرى كانت تشن حرباً اقتصادية ضد فنزويلا وهي دولة تحظى بعضوية منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» وتملك أكبر احتياطي من النفط الخام في العالم.

 

وشدد بادرينو على أن القوات المسلحة الفنزويلية ستفعل كل ما بوسعها من أجل تجنيب البلاد الانزلاق في حرب أهلية، مؤكداً أن حرباً كهذه ليست حلاً لمشاكل فنزويلا.

 

وقال المرصد الفنزويلي للنزاع الاجتماعي إن الاضطرابات التي اندلعت في فنزويلا منذ الإثنين خلفت 26 قتيلاً خلال أربعة أيام.

 

وأوضحت هذه المنظمة غير الحكومية المعروفة بمواقفها المناهضة لمادورو في تغريدة «اغتيل 26 شخصاً أثناء التحركات الاحتجاجية»، مشيرة إلى أن سبعة منهم قتلوا في العاصمة كراكاس.