IMLebanon

عمليّتا مخيّم النور وعين الحلوة تتكاملان

إعتقال الإرهابيّ الخطير من مخيّم عين الحلوة خالد السيّد، أو خالد مسعد، إنجاز كبير للامن العام عدد من المراجع توقفت عند هذا الحدث، واستذكرت من خلاله حدث اعتقال أحمد الأسير من مطار بيروت، وكان هذا الأخير قد غيّر مظهره متنكّرًا، لتصل إلى استنتاج كبير وأساسيّ ومهم، بأن القوى الأمنيّة تبرهن على أنها لا تزال قويّة في التكتيك والاستراتيجيا، وتظهر يومًا فيومًا رسوخها على مستوى الأمن العالميّ ويتأتّى كل ذلك من قدرتها على كشف الإرهابيين مكشوفين وغير مكشوفين، منظورين وغير منظورين، واستظهار بل اكتناه ما يضمرون ويظهرون وأحيانًا بما لا يضمرون ويظهرون وهنا تكمن القدرة على التحليل والاستقراء والكشف بعد الاكتشاف بالأدلّة والبراهين ليلقى القبض عليهم بعد حين.

تتطلّع الأوساط السياسيّة إلى ما بعد الفعل، فأحمد الأسير على سبيل المثال لا الحصر لا يزال قيد المحاكمة وهو في السجن، ولم تظهر إدانته علمًا أنه قتل ضباط الجيش اللبنانيّ وهجومه عليهم واضح وضوح الشمس، وقد كان إلقاء القبض عليه وإلقاء القبض على السيّد أو مسعد أحد أهم الإنجازات، والإنجاز الأكبر أن تكشف كلّ المعلومات في التحقيق وتتم إدانته كإرهابيّ خطير متورّط بأعمال ومخططات كادت أن تنال من عمق لبنان وهو مطاربيروت الدوليّ ومواقع أخرى تعتبر حساسة بدورها.

وبحسب مراقبين سياسيين، يتضح من خلال ما تبيّن بأنّ الأمن أفعل من السياسة في كثير من التفاصيل وبالمعايير المتبعة. وقد علّق هؤلاء بناء على مراقبتهم، بأن لبنان كان هدفًا كبيرًا لمخططات إرهابيّة كادت أن تبلغ بلبنان واللبنانيين إلى كوارث تنذر بدخوله أزمة وجود صاعقة. في إطار التوصيف يذكّر المراقبون بأنّ هذا المخطّط لم يكن حديثًا على الإطلاق، فقد تمّ التحذير بصورة خاصة خلال أسبوع الآلام وعيد الفصح الفائت من عمليات إرهابيّة ستطال عددًا من الكنائس منها كنيسة مار نقولا في الأشرفيّة بيروت، وعددًا من المراكز التجارية الكبرى، وقد أحبطت بمعظمها حين تمّ إلقاء القبض على الشبكة العامدة إلى التنفيذ، هذا كان بدوره قائمًا خلال حقبة عيد الميلاد وأفشل المخطط بدوره، ومع بلوغ لبنان بداية فصل الصيف مترافقًا مع إنهيار المنظومة الإرهابية ما بين سوريا والعراق، ولا سيّما بعد القضاء على الإرهاب في الموصل، إنكشفت الأمور بصورة مباشرة في لبنان.

ففي المعطيات الواضحة بأنّ المنظمات الإرهابيّة وبخاصة تنظيم «داعش» يتعاطى مع خريطة تواجدها بوحدة متكاملة غير متجزئة أي ضمن مرجعيّة واحدة وهي مرجعية البغدادي. فبعيد انهيار إمارته بدأت الانهيارات تتلاحق وتتراود وتتوارد بقوة. بهذا المعنى ليس مخيّم عين الحلوة منفصلاً عن عرسال، ولا عرسال منفصلة عن عكار، ولا لبنان منفصل عن سوريا والعراق. فانهيار إمارة البغدادي في الموصل والرقّة قريبًا بحسب المراقبين، هي قمّة القمم في مسرى القضاء الجذوريّ والجذريّ على الإرهاب، ذلك أنّ القضاء على الرأس يبطل سعي الجسم إلى التكوّن من جديد، ينزع من جوفه الروح فيستحيل ترابًا. لقد بتنا أمام معادلتين واضحتين، معادلة الموصل-الرقّة-القامشلي على الحدود العراقيّة-السوريّة، تطلّ نحو إدلب والحدود السوريّة-التركيّة، ومعادلة عرسال عين الحلوةوبعض البقع والمواقع في عكّار، أي الحدود السوريّة -اللبنانية ومنها نحو الداخل اللبنانيّ.

على هذا أشار المراقبون بأنّ العملية النوعية في مخيّم النور وتوابعه في عرسال غير منفصلة البتّة عن عملية اعتقال خالد السيد أو مسعد في مخيم عين الحلوة وما سيظهر من معلومات على ضوء التحقيقات. فالعمليتان تتكاملان في الشكل والجوهر والهدف. يظهر الشكل حالة تكامل مع القوى الأمنية على مختلف قطاعاتها من جيش وأمن عام وأمن دولة والمعلومات في قوى الأمن الداخليّ، متجاوزين القيود الطائفيّة بحروفيتها الضيقة، وفي الجوهر الحرب على الإرهاب باتت مسألة استراتيجية وقد بدات تقارب النهاية، وفي الهدف بناء عالم سياسيّ جديد خال من الإرهاب. فالقرار مأخوذ على مختلف الصعد من بعد ان اقتحم الإرهاب العالم وتمركز في داخله وزرع في ترابه الموت. وتظهر المعطيات بأنّ الرؤية الروسيّة بعمقها الاستراتيجيّ قد انتصرت ومعها الرؤية السورية وعدد من القوى اللبنانيّة، بضرورة قمع الإرهاب من جذوره وعدم استثماره في صراع الأمم لفرض نظام سياسيّ ما صاغته الولايات الأميركيّة وفقًا لمصالحها وإرادتها. وتقول أوساط متابعة بأنّ لأزمة الخليج المتفاقمة دورًا في البلوغ نحو هذه النتائج الحاسمة في المشرق العربيّ.

وتقول مصادر متابعة للملف الارهابي ان تماسك الاجهزة الامنية يصنع قرارًا ويتجسّد على الأرض بالفعل قمعًا للإرهاب وأبطالاً لمنظومته وإزهاقًا لموجوديّته. وأنّ تماسكها أفعل من اللعبة السياسية المعطلّة أحيانًا لكل عمل أمنيّ مفيد، وللبنان مع هذا الأمر تجارب مريرة كادت أن تطيح به بسبب التوجهات السياسيّة الملتبسة. لا يعني هذا بان الأمن يحكم لكنّ الأمن يعدل ويحقّ الحق حيث يجب ويحمي لبنان، ينطلق كلّ هذا من توجيهات واضحة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون بضرورة اتخاذ خطوات وقائيّة تحمي لبنان.

هذه الخطوات مقدمة واضحة للحسم في عرسال، وهو حسم نهائيّة وإيذان باتجاه لبنان نحو عملية تحرره من الإرهاب بصورة جذرية ونهائيّة غير قابلة للنقاش تمهد الطريق نحو الحلّ السياسيّ في سوريا بعد الحسم الميادني والنهائيّ.