IMLebanon

نتائج الصناديق… تكريس أزمة حركة أمل

 

 

مهما قيل عن حفاظ ثنائي أمل – حزب الله على قوته النيابية الناجمة عن اتفاق تقاسم الحصة الشيعية، لم يعد استظلال الشريك «الحركي» بعباءة الحزب قادراً على إخفاء معالم التراجع المستمر لـ«أمل» منذ دورة 2018. حصاد المقاعد الـ 27، على أهميته، يجب أن يقود إلى نقاش داخلي صريح حول أسباب تفلّت الأصوات من «المصيلح» في اتجاهات متعددة. حركيّون كثر لا يخفون ضرورة البحث عن علاجات مستدامة لوقف النزف الموثّق في 10 مقاعد من أصل 14 فازت بها «أمل» في 7 دوائر انتخابية، وخصوصاً أن الرئيس نبيه بري أخفق في تحقيق وعوده، في المؤتمر الـ 14 للحركة في أيلول 2018، بـ«إصلاح الوضع الحركي ومحاسبة المسؤولين عن تردّي نتائج الانتخابات».

 

تسخير آلة الدعم والتوظيف ومنظومة خدمات الدولة، وحضور حزب الله القوي في كل الدوائر المشتركة، ورفع الجهوزية الانتخابية من خلال الماكينات إلى القدرة القصوى في ظل استنفار العصبيات وشد العصب، لم يؤدِّ إلى الحدّ من التراجع الحركي في مناطق وجودها.

دائرة البقاع الثالثة (بعلبك – الهرمل) نموذج لهذا التراجع الذي دفع بحزب الله إلى استنفار كل طاقته لتعويض النقص الفادح في أرقام «الحليف» ودعم مرشحه غازي زعيتر، بما في ذلك «هندسة توزيع الأصوات» التي شملت تقسيم القرى إلى مربعات تجيير. التذخير استفاد منه زعيتر بعدما أفلحت ماكينة الحزب في نزع الاعتراض العائلي عنه بـ«كوتا» قاربت 4,500 صوت، مكّنته من تجاوز عتبة الـ 17,767 صوتاً التي نالها عام 2018 جاء معظمها من عملية توزيع مشابهة بعدما صنّف مقعده حينها على أنه مستهدف بخرق محتمل. أرقام زعيتر جاءت على حساب النائب جميل السيد المستاء من طريقة إدارة اللعبة واعتماد استراتيجية يعتقد أنها أدّت إلى إطاحة المرشح الماروني على اللائحة عقيد حدشيتي. «اللواء» الذي يؤكد أن «حرباً» خيضت ضده في اللائحة لتحجيمه، مشابهة لتلك التي شُنّت على النائب السابق شامل روكز عام 2018، يعتقد أنه نجا منها بحلوله أخيراً ضمن مرتبة الفائزين بـ 11,705 أصوات، مسجلاً أكبر خسارة لنائب أعيد انتخابه، بفقدانه 21,528 صوتاً أي ما يقارب حاصلاً انتخابياً، يمكن تبريرها بأنها أصوات في الأصل لا تعود إليه.

انقر على الجدول لتكبيره

 

على المقلب الآخر من البقاع، في الغربي، كان قبلان قبلان المرشح على لائحة «الغد الأفضل»، يردّ على مقولة رفضه شيعياً، مستفيداً من حواصل حزب الله، ما عزّز جعالته بـ 1,246 صوتاً عن الحاصل الذي ناله سلفه محمد نصر الله عام 2018.

التراجع الحركي تكرّس في دائرة الجنوب الثالثة (النبطية، بنت جبيل، مرجعيون – حاصبيا) التي تُعدّ أحد أكبر المعاقل الحركية وتضم تقليدياً الحصة النيابية الأكبر لـ«أمل» بـ 7 مقاعد (5 شيعة ومقعدان: سني ودرزي). توظيف منظومة الخدمات عبر شبكة المخاتير وسردية الاستهداف الناجمة عن انفجار المرفأ، لم تعزّز حضور النائب برتبة معاون للرئيس بري، علي حسن خليل. من أصل 197,822 اقترعوا للائحة «الأمل والوفاء»، لم ينل خليل سوى 13,155 صوتاً ليسجل تراجعاً قدر بـ 3,610 أصوات عن حاصل الـ 16,765 المسجل باسمه عام 2018. وفي بنت جبيل، سجل تقدم للوافد النائب أشرف بيضون بـ 1,250 صوتاً إضافياً (نال 10,540 صوتاً) على رقم خلفه النائب السابق علي بزي (9,290).

«هندسة التوزيع» التي نفذت من خلال مناورات حيّة على الأرض يوم الاقتراع لتضييق الفجوة بين مرشحي أمل وحزب الله في مختلف الدوائر لم تزل الاختلافات. في الجنوب الثالثة، ثبت التراجع «الحركي» على 5 مقاعد بشكل متفاوت. التراجع الأكبر كان من نصيب النائب قاسم هاشم بنسبة 4,797 صوتاً (نال 1,215 صوتاً مقابل 6,012 عام 2018). ناصر جابر تخلّف عن الرقم الذي سجّله سلفه ياسين جابر (7,920) بـ 1,684 صوتاً، وكانت حصة أيوب حميد من التراجع 1,130 صوتاً، في وقتٍ نجح فيه النائب هاني قبيسي، مستفيداً من ارتفاع نسبة الاقتراع في النبطية، في الحدّ من نزف الأصوات، فانحصر تراجعه بـ 309 أصوات فقط.

 

في الجنوب الثانية (صور، الزهراني) كان الرئيس نبيه بري محور الثقل الحركي. وجود المصيلح ضمن نطاق الزهراني يُساعد في منح «أبو مصطفى» الأفضلية، إلى جانب عدم وجود مرشح لحزب الله في الدائرة. هذه العوامل، إلى جانب أخرى، مكّنت بري من إعادة تكرار الرقم الذي ناله عام 2018 (42,137 مقابل 42,091 في الدورة الحالية) ليستقر تراجعه على 46 صوتاً فقط. ومثله، حافظ النائب علي عسيران نسبياً على ما هو عليه، مسجلاً تقدماً طفيفاً بمقدار 91 صوتاً عن الرقم المسجل عام 2018 (2,203 أصوات)، فيما رفع النائب ميشال موسى من منسوب استهلاك رصيده بخسارة 62.2% من قوته الخجولة، ليفقد 2,798 صوتاً ضربة واحدة ويستقر حاصله على 1,364 صوتاً فقط.

في صور، «قلعة الحركة»، تكرس التراجع أكثر من خلال فقدان النائبة عناية عز الدين 3,549 صوتاً. في المقابل، نجح النائب علي خريس في إعادة الاعتبار للأرقام المفقودة من خلال تحصيله 1,292 صوتاً إضافياً، ما أدّى نظرياً إلى محافظة «الحركة» على حضورها من دون أي تعديل.

تعزيزات صور والبقاع الغربي لم تسعف جزين وبيروت وبعبدا. «عروس الشلال» غادرتها أمل بضربتين. تمثلت الأولى بفقدان الرئيس بري التمثيل الجزيني للمرة الأولى منذ عام 1992، فيما ثبتت الثانية تراجع خيار الرئيس بري، المرشح إبراهيم عازار، بفقدانه 3,769 صوتاً تسرّبت إلى مرشحي التغيير. في العاصمة، حيث عين التينة، جاءت النسب لتؤكد اضمحلال النفوذ الحركي تدريجياً. ندرة الدعم من خلال الماكينة الانتخابية لجمهور الحركة «البيروتي» خلال فترة الحملات انعكس أرقاماً في الصناديق. فقد النائب محمد خواجة 2,045 صوتاً من «سكور» 2018 (7,834) هم عبارة عن عازفين من أنصار الحركة عن الاقتراع. في المقابل، لم يكن الوضع أفضل حالاً في بعبدا، وسط تراجع صاحب الامتياز الحركي النائب فادي علامة 1,486 صوتاً إلى الخلف!

 

نزف أصوات في 10 مقاعد من أصل 14 فازت بها «أمل» في 7 دوائر انتخابية

 

 

في المقابل، جاءت أرقام مرشحي حزب الله بمثابة اجتياح للصناديق. من أصل 13 مقعداً يشغلها مرشحو الحزب، سجل التقدم في 12 مقعداً، أبرزها ذلك الذي يعود للنائب علي فياض (الجنوب 3) بـ 9,587 صوتاً إضافياً، ليحلّ بعده النائب حسين الحاج حسن (البقاع 3) بـ 7,458 صوتاً، متجاوزاً لعنة 2018 التي وضعته في ذيل ترتيب اللائحة. رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد حافظ على تقدمه المستمر بـ 4,746 صوتاً، فيما سجل التراجع الوحيد وبشكل طفيف من قبل الفائز بمقعد جبل لبنان الأولى (كسروان/ جبيل)، رائد برّو، بـ 139 صوتاً عن الرقم الذي سجله سلفه المرشح الخاسر حسين زعيتر. وجاءت باقي الأرقام الإضافية المسجلة عن عام 2018 على الشكل الآتي: أمين شري في بيروت الثانية (3,402 صوت إضافي)، حسين الجشي وحسن عز الدين في الجنوب الثانية (3,552 و3,548 صوتاً إضافياً)، حسن فضل الله في الجنوب الثالثة (3,620 صوتاً إضافياً)، رامي أبو حمدان في البقاع الأولى (938 صوتاً إضافياً)، علي المقداد وإبراهيم الموسوي وإيهاب حمادة في البقاع الثالثة (3,035 و2,685 و2,440 صوتاً إضافياً على التوالي) وعلي عمار في جبل لبنان الثانية (1,160 صوتاً إضافياً).