IMLebanon

تداعيات الحرب على غزة تضرب “واشنطن”… هل فقدت تأثيرها على “إسرائيل”؟ 

 

 

منذ عملية طوفان الأقصى الشهر الماضي، أطلقت الولايات المتحدة الأميركية حملة دعم واسعة للكيان “الاسرائيلي”، على الصعد كافة العسكرية، السياسية، الديبلوماسية، المالية والحربية، حتى مع إرسال الأساطيل الى البحر الأبيض المتوسط لإظهار حجم الدعم، لكن مؤخراً بدأ الإعلام الأميركي يتحدث عن خلافات بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الحكومة “الاسرائيلية” بن يامين نتانياهو، علماً ان الطرفين كانا على خلاف كبير منذ وصول بايدن الى سدة الرئاسة.

 

لا تستلطف الإدارة الأميركية الحالية تشدد نتانياهو، وهي الراغبة بدخول دول عربية جديدة في ركب التطبيع مع “الاسرائيليين”، مع ما يتطلبه ذلك من تقديمات وتنازلات تتعلق بالقضية الفلسطينية، يمكن لهؤلاء تسويقها كإنجاز مقابل التطبيع، ومؤخراً توسعت الخلافات بين بايدن ونتانياهو بعد مجريات العدوان على غزة، في ظل الحديث الأميركي عن توتر في العلاقات مع رفض نتنياهو لحلول تُفضي الى فترات هدنة أطول في غزة.

 

لا تُريد الإدارة الأميركية التصعيد في المنطقة، لأنها ستكون جزءا منه وهي لا تريد ذلك، بينما يسعى نتانياهو لإغراق الأميركيين في حرب مدمرة في الشرق الأوسط، كون “الاسرائيليين” يعتبرون أن الفرصة اليوم مناسبة للهجوم على حزب الله وإيران بمساعدة الاميركيين، لذلك كانت الرسائل بين الجهتين تزداد حدة في الأيام الماضية، فرغم تأكيد الأميركيين رفضهم لتوسع الصراع والحرب مع حزب الله في لبنان تحديداً، كان وزير الحرب “الاسرائيلي” غالانت يعلن “التصديق” على خطة الهجوم والدفاع بوجه حزب الله.

 

كذلك ترتفع في الولايات المتحدة الأميركية أصوات داخلية منددة بآلية عمل البيت الأبيض، لمواجهة ما يسمونه “الجماعات المسلحة التابعة لإيران” في المنطقة، والتي لا تتوانى عن الهجوم على المنشآت العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، في العراق وسوريا تحديداً، وبالتالي باتت إدارة بايدن محشورة اكثر، ومطلوب منها تقديم اكثر في الحرب التي تشنها “اسرائيل” على غزة، بحال لم تكن ترغب فعلا بالتصعيد، خاصة بعد تحرك اليمنيين في مضيف باب المندب.

 

الأسبوع الماضي أرسلت إيران بحسب مصادر متابعة رسالة الى الأميركيين تبلغهم فيها بأن قوى المقاومة رفعت “درجة” من مستوى الصراع في المنطقة، وتُرجم ذلك باليمن ولبنان حيث ترتفع يومياً وتيرة استهداف “المواقع الاسرائيلية”، وأن المنطقة ستشهد المزيد من التصعيد ما لم يبدأ العمل الجدي لوقف العدوان على غزة، وبالتالي على الأميركيين التأثير الجدي على “الاسرائيليين”، لا من باب “الطلب” وحسب، بل من باب تقليص كل الدعم المقدم لهم.

 

بحسب المصادر فإنه “على الرغم من التأييد الأميركي المفتوح “لإسرائيل”، لم تعد واشنطن قادرة على تغطية الجرائم التي يقوم بها جيش العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، في ظل التبدل الواضح في الرأي العام العالمي، بالإضافة إلى التراجع الكبير في شعبية بايدن، الذي يتحضر لخوض الإنتخابات الرئاسية في الأشهر المقبلة”.

 

من حيث المبدأ، لم تكن الولايات المتحدة، في ظل التداعيات الكبيرة لطوفان الأقصى، قادرة على عدم دعم “إسرائيل” في الخطوات التي قامت بها، بسبب التداعيات المباشرة التي تطالها أيضاً، وهو ما يبرر زيارة بايدن نفسه إلى “تل أبيب” خلال الحرب، الأمر الذي اعتبر من وجهة نظر الكثيريين مخاطرة كبيرة من قبله.

 

في هذا السياق، يبدو أن بايدن، أو على الأقل الجهات التي تدعم إعادة إنتخابه، بدأت تشعر بخطورة كبيرة، على إعتبار أن قسماً لا يستهان به من ناخبيه هو من رافضي إستمرار الحرب على قطاع غزة، وبالتالي لا يمكن له الإستمرار في المغامرة، لا سيما أن المعركة الإنتخابية ستكون على “المنخار”.

 

بالإضافة إلى ما تقدم، هناك نقطة مفصلية إضافية بدأت واشنطن تشعر بخطورتها، تكمن بتداعيات دعمها العدوان المستمر على قطاع غزة على علاقاتها مع الدول العربية الحليفة لها، التي باتت تحمّلها المسؤولية المباشرة عن إستمرار العدوان.

 

بالخلاصة، فإن أميركا تواجه تحديات داخلية سياسية عربية، وتداعيات قد تكون عسكرية واسعة، بحال لم تتمكن من التأثير الجدي على “اسرائيل” لبدء المسار الذي يُنهي العدوان، فمن يسبق التهدئة أم التصعيد؟ خاصة أن المحور مقتنع تماماً أن القرار بذلك هو بيد واشنطن.