IMLebanon

ضغوطات أميركية وخليجية على لبنان في أواخر عهد ترامب لتشكيل حكومة خالية من حزب الله

 

الآمال منصبّة على عودة بايدن للاتفاق النووي وانعكاسها إيجاباً على الوضع الداخلي اللبناني

 

أعطت فرنسا الرئيس المكلّف سعد الحريري فترة إضافية تمتدّ لشهر واحد لتشكيل الحكومة الجديدة أي الى ما قبل بداية العام الجديد واستلام المرشّح الأميركي جو بايدن مقاليد الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية في 20 كانون الثاني المقبل. رغم ذلك لا تزال ورقة التكليف في جيب الحريري ولا يقوم بأي تحرّك فعلي باتجاه التأليف، علماً بأن لا شيء يمنعه من التوافق مع جميع القوى السياسية على أسماء إختصاصيين من المستقلّين والتي يُمكن أن يحصل الإجماع حولها من قبل الحريري والأحزاب.

 

أوساط ديبلوماسية رأت أنّ الأمل لا يزال قائماً أمام ولادة الحكومة في حال صبّت القوى السياسية جهودها على مسار التأليف بدلاُ من التلهّي بالعقوبات الأميركية على رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل، وانتظار العقوبات التي ستُفرض على 4 شخصيات جديدة. فما تطلبه فرنسا هو حكومة مهمّة لستّة أشهر من إختصاصيين مستقلّين أو من غير الحزبيين يكونون قادرين على تحقيق الإصلاحات المطلوبة وإنقاذ الوضع الإقتصادي المتردّي في البلاد والذي سيزداد سوءاً في الأشهر المقبلة مع انتهاء الإحتياطي في المصرف المركزي.

 

فالتأخير سيؤدّي الى المزيد من الفوضى في البلاد والى ارتفاع أسعار كلّ المواد من السلع الغذائية الى الحاجيات الضرورية مع عدم وجود أي حسيب أو رقيب، على ما يقول الخبراء الإقتصاديون، لا سيما مع «اعتكاف» حكومة تصريف الأعمال عن القيام بأي عمل مفيد للبنان وللبنانيين. في الوقت الذي يعلم فيه الجميع بأنّ الحكومة الحالية لا تزال تتمتّع بالكثير من الصلاحيات التي بإمكانها القيام بها لتحسين الوضع بعض الشيء. كما سيؤدّي بالتالي الى ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، فيما مجرّد الحديث عن تكليف الحريري والبدء بمشاورات التكليف قد خفّض سعر الدولار بشكل سريع الى أكثر من ألف ليرة لبنانية.

 

وتقول الأوساط إن الضغوطات الدولية والإقليمية قد نجحت حتى الآن في عرقلة التأليف، سيما أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستخدم لبنان كورقة ضغط على إيران التي هدّد بقصفها قبل مغادرة البيت الأبيض لكنّ اقتراحه لم يلقَ التأييد لكي يُبادر به. فالنفوذ الخارجي لإيران ظاهر في لبنان، وتحديداً في حزب الله ولهذا يستعمل ترامب هذه الورقة بغية إضعاف إيران بطريقة غير مباشرة. ويهدف الى أن يستلم خلفه جو بايدن الرئاسة في ظلّ دور ضعيف لإيران في المنطقة، من وجهة النظر الأميركية، في حال نجحت محاولاته، ومن خلال فرض المزيد من العقوبات على حلفاء «حزب الله» في لبنان. فكأنّ ترامب يود محاسبة بايدن على ما أعلنه عن عودة بلاده الى الإتفاق النووي الإيراني مع مجموعة الخمسة زائد واحد، وفي لبنان تحديداً دون سواه من دول العالم، ويحاول إقفال الطريق بالتالي أمام هذه العودة قبل أن يُغادر في البيت الأبيض.

 

وعلى الصعيد الإقليمي، تحاول الدول الخليجية الضغط أيضاً من جهتها، من خلال سحب سفرائها من لبنان كردّة فعل على إعادة تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة برعاية فرنسية. فقد قامت السعودية بسحب سفيرها في لبنان وليد البخاري وتنوي تخفيض التمثيل الديبلوماسي الى القائم بالأعمال السعودي سعود العنيزي. كذلك الإمارات عيّنت سفيرها في لبنان حمد سعيد الشامسي في مصر وقد غادر بيروت أخيراً للإلتحاق بعمله في القاهرة على أن تقوم بتخفيض التمثيل لاحقاً واقتصاره على القائم بالأعمال. كما يُحكى عن إمكان ان تقوم دول خليجية أخرى بالمثل.

 

وأوضحت الأوساط نفسها أنّ هذه الضغوطات كلّها للقول إن لبنان لم يعد بلداً صالحاً لإقامة العلاقات الديبلوماسية فيه، في ظلّ وجود «حزب الله» والحلفاء السياسيين له، وعدم إمكان أي رئيس مكلّف، ولا سيما الحريري تأليف حكومة «خالية من هيمنة الحزب عليها»، من وجهة النظر الأميركية والخليجية. فيما تنفي مصادر الحريري بأن يكون الرئيس المكلّف معرّضاً لأي ضغوطات خارجية، إنّما داخلية لأنّ شروط نجاح حكومته التي يريدها من الإختصاصيين غير الحزبيين لا تُوافق عليها القوى السياسية المعرقلة.

 

وتجد أنّ الجمود الحالي إنّما يدلّ على أنّ لبنان بات تحت وصاية دول الخارج علناً، فهي تضغط وتُعرقل كونها لا تستطيع تطبيق ما تريده في هذا البلد، ولا تريد بالتالي أن تتوافق القوى السياسية فيما بينها وفق معيار واحد على تشكيل الحكومة الجديدة خوفاً من حصول الفريق الرئاسي على الثلث الضامن أو المعطّل فيها. غير أنّ الدعم الفرنسي للحريري لا بدّ وأن يُعطيه الدفع اللازم للمضي بالتشكيل رغم كلّ العوائق والضغوط.

 

وأكّدت أنّ التنازل لن يحصل من القوى السياسية في الداخل التي طالما حظيت بحكومات موالية لها، لهذا فعلى الحريري محاولة تغيير الأداء أو المعايير، وإلاّ فإنّ الحكومة لن ترى النور إلاّ بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض، علّ سياسة بايدن تكون أكثر مرونة من سياسة ترامب، على ما يؤمل، وأقلّ تشدّداً منها وتقوم بعقد تسوية مع الجانب الإيراني التي ستُفضي حتماً الى تسوية في لبنان والمنطقة ككلّ. هذا الأمر الذي من شأنه إعادة خلط الأوراق وتسهيل تشكيل الحكومة وانعكاسها بشكل إيجابي على الوضع الإقتصادي والنقدي في البلاد.