IMLebanon

مظلة دولية فوق لبنان الواحد والموحد

 

 

التنوع السياسي من شروط الحياة الديمقراطية في معظم البلدان

مظلة دولية فوق لبنان الواحد والموحد

والعالم بحاجة الى وطن قوي في المنطقة

رحلت اميلي نصرالله الى العالم الآخر. ورحلت معها طيور أيلول، ولن تعود الى أجواء لبنان، لان ابنة القطاع الشرقي في الجنوب لن تطلق طيورها بعد اليوم، لا في أيلول، ولا في أي شهر آخر. لان لبنان، يغرّد في كل لحظة بطيور أطلقتها الكاتبة الكبيرة قبل الرحيل، المذهل بالعبقرية والعنفوان، والإعتراف بالتنوع السياسي.

كان الكاتب الكبير والصحافي الخالد سعيد فريحه فناناً رائعاً في اختيار المواهب والأفذاذ في الكتابة. وما ان قدمت له اميلي نصرالله المقال الأول لينشر في الصياد حتى قال لها انك ستكونين من المبدعات في المجلة التي سحرت الألباب والعقول وفي مقدمتهم سعيد عقل ومارون عبود.

غابت اميلي نصرالله في أسبوع صعب على لبنان، خيمت عليه أحلام الإنتخابات النيابية، وخيبات التأجيل المتكرر لكن فتاة القطاع الشرقي من الجنوب الذي أعطى فارس الخوري الرئيس السوري الراحل من جذور لبنانية، تألقت في أجواء البلاد، بكاها كل من عرفها، وقرأ لها، لأنها كانت كاتبة الزمان الجميل ورائدة الحياة المعاصرة. وكانت لها في معظم العصور لوحات جمالية، كما كانت للاديبة كوليت خوري نسيبة الفارس الذي عاش في دمشق وعاشت بعده وخطفت ارثه السياسي والأدبي.

كانت المرة الأخيرة التي ظهرت فيها اميلي نصرالله، في وداع زميلها في مدرسة سعيد فريحه الشاعر والأديب يونس الإبن وكان كلاهما من مدرسة دار الصياد التي انشأها الصحافي الكبير الذي عاصر مجيء الإستقلال عن فرنسا، وحارب الفساد الداخلي. وساعة حاول بعض اللبنانيين في الداخل ما كان يحاوله الفرنسيون من الخارج والخارجون الى نيات الحرية والسيادة، تصدى لهم سعيد فريحه بقلمه. وفي جامعة اللويزة صفق اللبنانيون بحرارة لوجود اميلي نصرالله خلال الاحتفال بذكرى يونس الإبن وقالوا ان تلك المظاهر الرائعة هي بعض من أريج سعيد فريحه.

 

لم ترغب اميلي نصرالله في أن تمخر عباب المجد، بل حرصت على أن ترود الكتابات الروائية والقصصية، لايمانها بالأصالة التي تنتمي اليها مضموناً وشكلاً.. كانت الأصيلة المحافظة على شخصيتها الحقيقية والفكرية واللغوية في عصر التجدد الذي يقوده بشجاعة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وينفذه رئيس الحكومة سعد الحريري.

قبل أيام وقف المتربوليت الياس كفوري في مطرانية مار نقولا في زحلة، الى جانب المترولوبيت انطونيوس الصوري راعي أبرشية عروس البقاع، ورثا الأديبة الكبيرة بكلمات من القلب، لأنه عرف اميلي نصرالله في حياتها اللامعة وفي سنواتها الأخيرة، وقال انها كانت رمزاً من رموز الأدب الحر، في لبنان الحرية وفي رحاب لبنان كله وخصوصاً البقاع والجنوب.

رحلت اميلي نصرالله عن هذه الحياة، ولم ترحل معها الكلمات التي زرعتها في هذه الدنيا لأنها كانت من أبرز رموز الفرح والإبداع، تجعل من الالم دوحة باسقة بالحياة والفرح، على الرغم مما أصابها أحياناً بالألم.

وإذا كان الجسد قد أصابه الذبول، فإن الإبداع في الكلمات كان يشيع في حياتها الأمل، وينفح فيها السرور، على الرغم مما أصابها في فترات المرض من حسرة على أيام مضت من عمرها بفرح العائلة والعطاء.

في العام ١٩٦٤، التقى في بارك أوتيل شتورا الرئيس السوري ناظم القدسي وظريف لبنان نجيب حنكش، وعدد من الأدباء. يومئذ، قال ناظم القدسي ان من يقرأ لادباء لبنان، وفي طليعتهم السيدة اميلي نصرالله، يدرك ان مدرسة سعيد فريحه تظلل العرب بالأمجاد والآداب.

لكن ظريف لبنان بادره بان سعيد فريحه قاوم الإستعمار الفرنسي، وقاوم الإستعمار في الداخل، لانه كان يعرف بان الحرية لا تستقيم في ظل الفساد، سواء أتى من الإستعمار الخارجي أو الداخلي، عبر رجالات انحرفوا عن خط السيادة والحرية.

ويومئذٍ، قال رئيس الجمهورية السورية السابق، ان دمشق عرفت في ماضيها حقبات صعبة، لكننا نأمل أن لا تعرف لاحقاً ما يسيء الى ذلك الماضي، السحيق والقريب، ما يشوّه حياتها وأيامها البيض من هنات وضعف.

ورد نجيب حنكش ان الألم يزول، لكن الفرح لا يعود إلا إذا بقيت في النفوس روح المحبة والألفة، وما بالنا الآن نفرح ونبكي، فلتكن المحبة والآمال عنوان المجد السابق واللاحق.

في الأسبوع الفائت، عرف لبنان مظلة دولية على انقاض مروحة لبنانية من الأزمات الداخلية الصعبة، لكن التظاهرة الدولية الثانية في روما، كانت أجمل محطة في الماضي والحاضر، على أمل أن يعرف هذا الوطن بعد أسابيع مظلة دولية أخرى، في باريس، برعاية أوروبية وتعاطف اميركي، لكن الأهم أن يعرف اللبنانيون أنفسهم، ما يعرفه العالم من أدناه الى أقصاه ما يختزنه هذا البلد من صفات، تجعله حلم الأجيال في كل آن، لأن لبنان الإبداع ثروة ينبغي لابنائه جميعاً أن يدركوا قيمته، وجمالية حاضره وماضيه، لانه يتفرد بما لا يتفرد به وطن آخر.

ويقول وزير الخارجية الإيطالي انجلينو الفانو ان مؤتمر روما الذي شاركت فيه ٤١ دولة قررت بملء ارادتها تعزيز قدرات الجيش اللبناني والشرطة والأجهزة الأمنية فيه، ودعم أوسع ما تستطيع مؤسسات الدولة مع سعيها الدؤوب الى أن ينأى لبنان بنفسه عن أزمات المنطقة.

وهذا ما جعل الرئيس سعد الحريري يقول انه مع فريقه السياسي قام بعمل ناجح، واننا نشكر ايطاليا والأمم المتحدة على تنظيمها للمؤتمر. الذي ستليه جهود بالغة الأهمية لاستقرار لبنان ودعم أمنه، وتعزيز استقراره.

وأردف رئيس حكومة لبنان، اننا نقوم وسنقوم بجهود مع سائر الدول التي اجتمعت في روما من أجل نصرة لبنان على مصاعبه.

وتابع الرئيس سعد الحريري: ان هذه الدول ستشارك في مؤتمر سيدر لدعم هذه الجهود، وستشارك في بروكسيل مع المجموعة الأوروبية لتخفيف عبء وجود أكثر من مليون نازح سوري في لبنان.

وقالت المنسقة الدولية للمؤتمر ان لبنان ووحدة أراضيه واستقلاله، والحرص على دعم استقراره وأمنه هو المطلوب من العالم كله، وليس من دولة واحدة، وهذا مهم لاننا جميعاً نوافق على ان تعزيز المؤسسات ولا سيما الأمنية بشكل خاص أساسي لمنع النزاعات فيه وبين الدول الأخرى ذلك ان لبنان القوي بوحدته واستقراره هو حماية للإستقرار في العالم.

وأهاب وزير الخارجية جيران باسيل ووزير الداخلية نهاد المشنوق اللذان شاركا في المؤتمر، ان دعم الجيش والقوى الأمنية خطوط لا بد منها لسلامة لبنان، وحل مسألة النازحين.

وعبر العماد جوزيف عون الذي شارك في المؤتمر أيضاً عن شكره للجهود المتواصلة والتجاوب الإيطالي مع ما يتطلع اليه لبنان من احترام دولي لاهدافه الأمنية التي بدورها تنعكس على معظم المؤسسات.

كما أعرب الجانب الإيطالي عن تقديره للدور الوطني الكبير الذي يتمتع به اللبنانيون دولة ومؤسسات وأفراداً.

في العام ١٩٨٣، كان الرئيس اللبناني الياس الهراوي في ايطاليا على رأس وفد رفيع المستوى، عندما قال لرئيس الوزراء الايطالي جوليو اندريوتي ان لبنان المنيع والحر، والقوي في محيطه، كما في الداخل، هو الطريق الى أوروبا قوية ومنيعة.

ورد اندريوتي: انه على هذا الاساس، تسعى حكومة روما الى دعم لبنان، بكل ما تستطيع من قوة، لانها عندما تتكىء على لبنان سليم ومعافى في الشرق الاوسط، تستطيع ان تواجه عقبات السلام في الشرق الاوسط.

على الصعيد السياسي المحلي، برز واضحاً في الحقبة الأخيرة شبه إجماع على ان الإنتخابات النيابية في الربيع المقبل، ضرورة وطنية، لكن ثمة شبه إجماع أيضاً، على ان القانون الإنتخابي الجديد لم يأت على أساس التحديث الذي أراده رئيس الجمهورية ويتمناه معظم السياسيين.

ويقول مروان شربل ان اعتماد صوت تفضيلي واحد، هو من صنع السلطة، لاننا في وزارة الداخلية، اقترحت عندما كنت أتولى تلك الوزارة وأصررت على اعتماد صوتين تفضيليين لا صوت واحد.

وأتمنى الآن على الحكومة، أن تعمد إلى تعديل القانون، بعد الإنتخابات، لأن بقاء القانون على علاّته، يعيد الى الأذهان سريان القانون الأثري الذي صار عمره أكثر من نصف قرن، والذي أبصر النور في عهد الرئيس فؤاد شهاب، ثم أنكره الرئيس شهاب بعد مدة، ولم يعدّل على الرغم من ان معظم النواب أنكروه لاحقاً، وجرى اعتماده في معظم العهود السابقة.

ويقول النائب دوري شمعون ان إقرار الموازنة قبل الإنتخابات عمل سياسي جريء، لكننا ندعو الى استكمال إيجابية الموازنة بوضع البنود الإصلاحية موضع التنفيذ، والمضي في الإصلاح بغية الحد من العجز ومن تزايد الدين العام، ومن نافل القول تلازم الإصلاح والإستقرار مما يضعف حدّة الأزمات الضاغطة، ويساعد على نشوء أزمات اضافية.

إلا ان الخطوة البارزة التي تحققت، هي إصدار رئيس الجمهورية قراراً بفتح دورة استثنائية للمجلس النيابي لإقرار الاصلاحات الباقية من دون إقرار.

صحيح ان رئيس المجلس النيابي صنف مبادرة رئيس الجمهورية بأنها لزوم ما لا يلزم الا ان المراجع النيابية وصفت تعبير رئيس البرلمان، بانه مجرد من أية غاية سلبية توحي بتجدد الأزمة بين الرئاستين الأولى والثانية.

ويقول النائب فادي الهبر ان تعبير الرئيس بري يوحي بان مجلس النواب مقبل على دورة عادية بعد بضعة أيام، ولم يكن ثمة حاجة إلى فتح دورة استثنائية.

وفي رأي مراجع نيابية، ان الحقبة الراهنة، تستدعي من الجميع تمريرها بهدوء، لأن رئيس الجمهورية ووزير الخارجية جبران باسيل والنواب ابراهيم كنعان، ونعمة الله أبي نصر، واميل رحمة، يعتبرون ان حكومة العهد لم تبدأ، ولن تبدأ إلا بعد اجراء الإنتخابات المقبلة، وفي ضوء ما ستسفر عنه من تغييرات في الجسم السياسي.

ويقول رئيس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان الذي يوصف بانه المعبّر الفعلي عن التيار الوطني الحر ان العماد عون هو الآن رئيس الجمهورية ويتصرف على أساس الصفة التي اكتسبها قبل عام، وان التيار الوطني الحر يعبّر عن مواقفه رئيسه الوزير جبران باسيل.

ويرى الوزير نقولا تويني ان سياسة البلاد، يعبر عنها بشكل متوافق عليه كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وان رئيس البرلمان يراقب ويحاسب ولا ضرورة للخلط في الأدوار والممارسات.

ويجدد الوزير رائد خوري مواقفه الإقتصادية ويدعو بإسهاب الى إحترام ما يوصي به رئيس البلاد، وينفذه رئيس الوزراء مع أعضاء الحكومة، وان البلاد ليست عبارة عن ممالك لكل فريق في البلاد، لأن في السياسة يختلط الحابل بالنابل، أما في العمل الحكومي فإن التوجهات واحدة.

ويعتمد الوزير رائد خوري السياسة الإقتصادية المتوافق عليها في مجلس الوزراء، ولا يتصرف بشكل منافٍ للعمل الحكومي الواحد.

ويقول الوزير يعقوب الصراف ان السياسة الدفاعية في البلاد، تصدر أولاً من القصر الجمهوري ثم يتولى وزير الدفاع تنفيذها بالتشاور مع رئيس الحكومة بتفاهم تام، وبعد التصديق عليها في المجلس العسكري. ونحن دولة واحدة، ولا نعيش في دويلات خاصة بكل وزير.

ويدعو الوزير الصراف، الأفرقاء، إلى تفهم رأي الفريق الواحد آراء الجماعة، و إلا فإننا نخسر وحدة الموقف، وسريان التفاهم بين الحكومة الواحدة، أقله من الآن، وحتى بروز المجلس النيابي الجديد بعد ثلاثة أشهر.

ويستدرك: صحيح ان البلاد تواجه أحياناً، أزمات ومصاعب، لكن دول العالم كلها تعرف هذا النوع من الخلافات، لأن الحكم الاوتوقراطي، غير موجود في النظم الديمقراطية.

ويعترف وزير الدفاع بان التنوع السياسي في البلاد الديمقراطية من شروط الحرية السياسية.