IMLebanon

… وتفرَّق عشّاق 8 و14 آذار

من الضروري كسر الاصطفافات الجامدة بين الحين والاخر، خصوصاً اذا كانت قد أثبتت عقمها في استيلاد حلول لمشكلات تزداد تعقيداً، وتقف الاحزاب والتيارات نفسها عاجزة عن اتفاق الحد الادنى لتجاوزها.

والايجابية الوحيدة في تحالفي 8 و14 آذار، بغض النظر عمن يدخلهما أو يخرج منهما، أو يرفض التسمية، سجلت في كون التحالفين كانا عابرين للطوائف، وهو أمر يحتاجه لبنان، المعرّض دوماً للاشتعال المذهبي المدمّر.

مرت على التحالفين العريضين عشر سنوات كانت كافية لانتهاء الصلاحية، وقد مررت القوى على الضفتين استحقاقات مهمة، وربما تكون انجزت مهمتها.

قبل مدة بدأ الدف ينفخت، وتنوعت الاهتمامات، وتعددت الرؤى، ونشأت تحالفات جديدة، وتجرّحت تفاهمات قائمة. وجاء اللقاء الاخير الذي جمع الرئيس سعد الحريري بالنائب سليمان فرنجيه لينعى الفريقين، رغم محاولات ترميم لم تعد تنفع.

على جبهة 8 آذار، التباعد، بل الخلاف، واقع أصلاً بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، ولم تجد محاولات “حزب الله” رأب الصدع حتى أصاب الوهن علاقة الأخير بعون. فإعلان دعم ترشيحه للرئاسة لم يترجم واقعاً، ولم يتوافر له الإسناد العملي في قيادة الجيش، ولا في الترقيات، ولا حيال الجلسة التشريعية. وقد تركت قوى 8 آذار الحليف العوني وحيداً في رفض التمديدين لمجلس النواب. أضف الى ذلك تراكمات التواصل بين عون والحريري، وبين الحزب و”تيار المستقبل”، و”اعلان النيات” بين “التيار” و”القوات”، واخيراً ظهر التباعد الذي كان غير معلن بين عون وفرنجيه، وبينه وبين الطاشناق. واليه أيضاً، محاولة بعض القوى في 8 آذار الانفتاح على السعودية. أما”حزب الله” فوجد نفسه وحيداً في الساحة السورية الداخلية، وتحديداً في حرب القلمون، حينما انكفأ تأييد عون له، فيما لم يتوافر هذا الدعم من برّي أصلاً. وفي الثنائي الشيعي، قاطع الحزب جلسات انتخاب الرئيس فيما كان نواب “التنمية والتحرير” يشاركون.

في الجهة المقابلة، 14 آذار، تباعد بين “المستقبل” و”القوات” و”الكتائب” والمستقلين. فالامانة العامة لهذه القوى صارت في خبر كان، وتقارب “القوات” مع “التيار” جعل الكتائب في مواجهة الاثنين معاً. وخروج “القوات” عن بيت الطاعة في الحكومة والمجلس والحوار الوطني، كما في التفاهم مع عون، أظهر تفرداً وتميزاً قواتياً عن الحلفاء بلغ حدّه في التقليل من شأن المستقلين الذين انتقموا من الدكتور سمير جعجع في انتخابات نقابة المحامين.

هكذا يتبين ان الاتصالات الليلية والنهارية، واللقاءات واجتماعات جمع الصفوف، لم تعد تجدي ما دامت الثقة صارت مفقودة، وما دامت المصالح تباعدت الى هذا الحد. فهل يكون فرط التحالفات الحالية إيجابياً؟ ربما.