IMLebanon

النهار: المبادرة الإماراتية تنطلق برفع حظر السفر

 

كانت النتيجة العملية الأولى للمنتدى الاماراتي – اللبناني الذي انعقد أمس في أبوظبي، اعلان دولة الامارات العربية المتحدة رفع الحظر عن سفر رعاياها الى لبنان بما يشكل فاتحة لجرعات دعم اماراتية لاحقة. واختصر مشهد اللقاء الدافئ بين ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء سعد الحريري في قصر البحر في أبوظبي عصراً، النتائج المتوخاة للمبادرة الاماراتية التي تجسّدت في انعقاد مؤتمر الاستثمار الاماراتي – اللبناني في أبوظبي والذي شكل تطوراً بالغ الأهمية في دلالاته وأبعاده لجهة دعم لبنان في أزمته الراهنة وتطوير العلاقات الثنائية من خلال عرض سبل الاستثمارات وفتح الطريق أمام المشاركة الاماراتية المؤثرة في المشاريع في عدد من القطاعات البارزة في لبنان.

 

وبرزت الأجواء الايجابية التي غلفت جلسات المؤتمر ومن ثم اللقاء الثنائي الذي جمع الشيخ محمد بن زايد والرئيس الحريري من خلال تصاعد الآمال اللبنانية في دعم اماراتي يتجاوز التحضير للاتفاقات التي تم وضع الأسس الرئيسية لها خلال أعمال المنتدى، اذ سادت توقعات على نطاق واسع لمبادرة اماراتية تتصل إما برفع الحظر عن سفر مواطنيها الى لبنان واما بوديعة مالية في مصرف لبنان لتعزيز قدراته على مواجهة التحديات المالية والنقدية الراهنة. وبدا واضحاً أن تصاعد نسائم الدعم الاماراتي بما قد يستتبعه من مبادرات اضافية مماثلة شكّلت ملامح جديدة في مشهد المعالجات المطروحة للازمة الاقتصادية والمالية في لبنان بما يوفّر للرئيس الحريري زخماً مميزاً سينسحب على الوضع الداخلي باعتبار أنه صاحب المساعي الأساسية لتوفير شبكة الدعم الطارئ هذه من خلال الجولة التي بدأها بأبوظبي وينتظر أن تتواصل في اتجاه السعودية والمانيا ودول أخرى قريباً.

 

وأفادت وكالة أنباء الإمارات “وام” أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان شدّد على دعم الإمارات للبنان “على المستويات المختلفة”. وقالت إن ولي العهد أكد خلال اجتماع مع رئيس وزراء لبنان الزائر أن الإمارات “حريصة على دعم علاقاتها مع لبنان الشقيق على المستويات المختلفة وتقف إلى جانبه في كل ما يحفظ أمنه واستقراره ويحقّق طموحات شعبه الشقيق إلى التنمية والتطور”. وصرح للحريري عقب اللقاء بأن “الجو كان إيجابيا جداً… وإن شاء الله يكون في إعلان منيح اليوم”.

 

ونقلت “رويترز” عن الحريري أن حكومته تأمل في أن تضخ الإمارات العربية المتحدة سيولة في المصرف المركزي للمساعدة في دعم الاقتصاد. وعلى رغم عدم الإعلان رسمياً عن أي اتفاق، وصف المسؤولون اللبنانيون المحادثات بأنها كانت إيجابية، بينما أكدت أبوظبي دعمها للبنان. واستجابة لذلك ارتفعت السندات الدولارية الصادرة عن لبنان.

 

وقال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري إن من المقرر مناقشة تمويل للبنان، بينما قال أحد مستشاري الحريري إن المناخ كان “إيجابياً”.

 

ورداً على سؤال على هامش المؤتمر عما إذا كان لبنان سيتلقى سيولة في المصرف المركزي من الإمارات، قال الرئيس الوزراء الحريري لـ”رويترز”: “نعمل على كل شيء… نعم لدينا أمل… سنعمل على ذلك”.

 

وقال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي حضر المؤتمر أيضا، إن المصرف مستمر في توفير الدولار لسواق المال المحلية، مضيفاً أن لدى لبنان العديد من الخيارات في مساعيه للحصول على مساعدة.

 

وأبلغ وزير الاقتصاد الإماراتي الصحافيين إن حكومة بلاده تعتقد أن المناخ الاستثماري في لبنان يزداد استقراراً.

 

رفع الحظر

 

ومساءً أفادت وكالة انباء الامارات أن “وزارة الخارجية والتعاون الدولي أعلنت عن السماح لمواطني دولة الإمارات بالسفر إلى الجمهورية اللبنانية الشقيقة اعتبارا من الغد (اليوم)”. وصرح بذلك وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي خالد بالهول الذي أشار إلى أن هذا القرار “يأتي بعد متابعة الوزارة المتعلقة بأمن المنافذ وضمانات الحكومة اللبنانية بهذا الخصوص وتعزيزاً للعلاقات الأخوية التي تجمع دولة الإمارات بالجمهورية اللبنانية الشقيقة “.

 

وعلّق الحريري على اعلان رفع الحظر قائلاً: “الحمدالله”، شاكراً ولي عهد أبوظبي ومؤكداً أنه من دفع في اتجاه “هذا الانجاز”. وهو كان خاطب ابناء الجالية اللبنانية في أبوظبي في عشاء أقيم مساءً بأن “الاعلام اللبناني ينتظر مني ان أعلن عن مبادرة لكنني سأترك هذا الأمر لدولة الامارات… لكن الحمدلله الأجواء جيدة جداً وزيارتي لأبوظبي جعلتني متفائلاً جداً وأشكر ولي العهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان”. وأضاف أن “الامارات كانت دائماً الى جانب لبنان تساعده، ونحن بالنسبة الينا أي شيء يمس الامارات يمسّنا شخصياً، وأقول لأهلنا في الامارات نحن نعتبر أننا شعب واحد”، . وأفاد “أننا منذ شهرين نتحاور مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد من أجل مؤتمر الاستثمار، وكل رجال الأعمال اليوم يتطلعون الى فرص جدية للاستثمار في لبنان، واللجنة العليا ستنعقد قريباً في لبنان وسنحدّد تاريخها قريباً ونحدّد عدّة اتفاقات بين البلدين، وتفاءلوا بالخير تجدوه”.

 

الحريري

 

وأعرب الرئيس الحريري ليلاً لـ”النهار” عن ارتياحه الكبير ألى نتائج المؤتمر وأجوائه التي اتسمت بجدية كبيرة وبمناخات إيجابية للغاية كما ألى ألاجواء الإيجابية للقائه الشيخ محمد بن زايد .

 

وقال عن خطوة رفع الحظر عن السفر: هذه خطوة جدية للاستثمار في لبنان وهناك عمل جار على اللجنة العليا بين البلدين وأيضا وضع فريق عمل من الجانبين لمتابعة فرص الاستثمار، بالإضافة الى انه تم تأجيل العودة إلى غد لمزيد من اللقاءات.

 

وقال وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش لـ”النهار”: “الوفد أجرى محاثات بنّاءة جداً خصوصاً في مجال التعاون للاستثمار في لبنان. وقد أبدى الاماراتيون اهتماماً بالاستثمار في قطاعات عدّة واعدة، وتمّ التفاهم حولها ولا سيما في قطاعات الغاز والأمن الغذائي”. وأكد أن “لدى اللبنانيين طاقات كبيرة في هذا القطاع (الأمن الغذائي)، ويمكننا تطويرها”، وقد “لاحظنا تركيز الجانب الاماراتي على هذا القطاع من خلال اهتمامهم بشراكات لبنانية – اماراتية في لبنان”.

 

أما في موضوع الوديعة التي أشيع أن الجانب الاماراتي يمكن أن يودعها مصرف لبنان بدليل أن الحاكم في عداد الوفد اللبناني، قال بطيش: “موضوع الوديعة شأن آخر، وإن كانت الامور في هذا الصدد ستتبلور غداً (اليوم)، إلا أن ما كان يهمنا كوفد هو الأمور الاستراتيجية، وعقد الاتفاقات للاستثمار في القطاعات الانتاجية، وقد عملنا وفق هذه القاعدة من الأساس”.

 

ميقاتي وجنبلاط

 

في غضون ذلك، لم يحجب الانشداد الى نتائج المنتدى الاستثماري بعض الجوانب السلبية المتصاعدة في الواقع الداخلي، خصوصاً في ظل تصاعد الضجة حول معالم استهدافات سياسية وملاحقات قضائية في مواضيع تتعلق بحرية التعبير. وفي هذا السياق برزت مجدداً في الأيام الأخيرة، ملامح حملة على الرئيس نجيب ميقاتي الذي سألته “النهار” أمس عن هذه الحملة، فأجاب بأن “الحملات المسوقة ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، لكنها لن تثنينا عن المضي في ثوابتنا ومواقفنا سواء في المواضيع الدستورية أو الملاحظات الموجهة للأداء الحاصل، وذلك ليس انطلاقا من توجيه الانتقادات، بل بغية تصويب الأداء، ولن تثنينا عن المضي بالمطالبة الدائمة بالمشاريع الخاصة بطرابلس”. وقال: “إننا لن نحيد عن ثوابتنا وخياراتنا السياسية المنتهجة، ولن نتراجع عن المطالبة بالنهج الإصلاحي وحمل لواء التغيير الحقيقي والسهر على حماية الدستور وصونه مهما حصل، أما الحملات فهي معروفة الأهداف والجهات المفبركة لها، ويقصد بها محاولات ترهيب الناس وتدجينهم، والتنصّل من المسؤوليات ورميها على جهات أخرى”.

 

كما برز في هذا السياق موقف حاد لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مساءً أمس من العهد وجهاز أمن الدولة في موضوع الملاحقات التي تطاول أفراداً في الحزب إذ غرّد عبر حسابه على “تويتر”: “فليطمئن العهد وأزلامه فكلما اعتقلتم فرداً منا زاد الكره تجاهكم وتجاه أمن الدولة وعصابته.لا يا سادة لا تحكم البلاد بالقهر والاستبداد والسرقة والجوع. من حق أي مواطن أياً كان التعبير الحر ولغتكم أو تصريحاتكم ليست أرقى من الذين طفح بهم الكيل.علّموا جماعتكم الأدب أولاً”.