IMLebanon

النهار: “بروفة ” أم مواجهة ملتبسة بين إسرائيل والحزب ؟ لبنان إلى الإقفال على مرحلتين هرباً من التفشي

 

كل “الجبهات” التهبت وتصاعدت سخونتها على نحو متزامن غريب: فمن جبهة التمدّد الوبائي التي فرضت قرار العودة الى الاقفال شبه العام عشرة أيام، الى جبهة التدهور المالي التي قفزت مجدداً الى الواجهة مع التصنيف السلبي الجديد للبنان الذي أصدرته وكالة “موديز”. الى الجبهة “الطارئة” ولو غير المفاجئة التي التحقت بركب الاحتدامات فوق المشهد اللبناني المختنق بالازمات وهي جبهة الحدود الجنوبية مع اسرائيل التي تحركت بخطورة عالية أمس.

 

والواقع أن التدهور الذي شهدته الجبهة الحدودية، ولو لفترة محدودة، أثار الكثير من التساؤلات والغموض في ظل مواجهة شديدة الالتباس نفى “حزب الله” أن يكون قام خلالها برده على مقتل أحد عناصره في غارة اسرائيلية على سوريا قبل أسبوع، فيما قامت اسرائيل برد مدفعي كثيف رداً على ما وصفته بتسلّل خلية إرهابية في مزراع شبعا. وبدا واضحاً أن هذه المواجهة، ولو انتهت بسرعة نسبية أمس، إلّا أنها أبقت الإصبع على الزناد بمعنى ترسيخ مناخ الاستنفار والتوتر حتى إشعار اخر في ظل ما أعلنه طرفا المواجهة اسرائيل و”حزب الله”.

 

وكان لبنان عاش ساعات مشدودة عصر الاثنين بعد المعلومات عن كشف اسرائيل مجموعة من “حزب الله” داخل مزارع شبعا المحتلة، ووسط تضارب في المعلومات خصوصاً ان الجيش الاسرائيلي قال إنه تم كشف خلية لـ”حزب الله” وجرى الاشتباك معها من دون الاشارة الى الخسائر البشرية سواء لدى الحزب أو في صفوف الجيش الاسرائيلي. واستمر تضارب المعطيات في شأن استهداف “حزب الله” آلية عسكرية اسرائيلية ومن ثم قالت معلومات قريبة من الحزب أن “مجموعة منه قامت بتنفيذ مهمة استطلاعية داخل الاراضي اللبنانية المحتلة وبالتالي لم تنفذ المقاومة ردّها على اغتيال أحد مقاتيلها علي كامل محسن في غارة اسرائيلية على سوريا الاسبوع الماضي”.

 

وبعد نحو ثلاث ساعات أصدر “حزب الله” بياناً جاء فيه انه “يبدو أن حالة الرعب التي يعيشها جيش الاحتلال الصهيوني ومستوطنوه عند الحدود اللبنانية، وحالة الاستنفار العالية والقلق الشديد من ردة فعل المقاومة على جريمة العدو التي أدت إلى استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن، وكذلك عجز العدو الكامل عن معرفة نيات المقاومة، كل هذه العوامل جعلت العدو يتحرك بشكل متوتر ميدانياً وإعلامياً على قاعدة “يحسبون كل صيحة عليهم”. وأوضح أن “كل ما تدعيه وسائل إعلام العدو عن إحباط عملية تسلّل من الأراضي اللبنانية إلى داخل فلسطين المحتلة وكذلك الحديث عن سقوط شهداء وجرحى للمقاومة في عمليات القصف التي جرت في محيط مواقع الاحتلال في مزارع شبعا هو غير صحيح على الإطلاق، وهو محاولة لاختراع انتصارات وهمية كاذبة ولم يحصل أي اشتباك أو إطلاق نار من طرف المقاومة في أحداث اليوم حتى الآن، وإنما كان من طرف واحد فقط هو العدو الخائف والقلق والمتوتر”. أضاف: “إن ردنا على استشهاد الأخ المجاهد علي كامل محسن الذي استشهد في العدوان الصهيوني على محيط مطار دمشق الدولي آت حتماً، وما على الصهاينة إلا أن يبقوا في انتظار العقاب على جرائمهم. كما أن القصف الذي حصل اليوم على قرية الهبارية وإصابة منزل أحد المدنيين لن يتم السكوت عنه على الإطلاق”.

 

وكانت القوات الاسرائيلية قصفت تلال كفرشوبا واأطراف بلدتي كفرشوبا والهبارية بعدد من القذائف ما تسبب في اشتعال بعض الحرائق. وطاول القصف الاسرائيلي الجهة الشرقية من كفرشوبا قرب مركز الجيش اللبناني ومركز “اليونيفيل”، وسقطت قذيفة على منزل في الهبارية ولم تنفجر ما دفع الجيش اللبناني الى اخلاء المنزل وإزالة القذيفة.

 

ولاحقاً هدأت الامور وعادت الحياة الى طبيعتها بعد ساعة من التوتر.

 

وفي المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي أنه خاض “قتالاً” على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان، وأنه أحبط محاولة “خلية إرهابية” التسلّل الى أراضي الدولة العبرية، فيما حضّت القوة الموقتة الأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” على ضبط النفس.

 

وتحدث الجيش عن إحباط “محاولة تسلل لخلية إرهابية” إلى الأرض الإسرائيلية بعد تبادل لإطلاق النار في المنطقة وفرضه الإغلاق على طول الحدود عقب ما قال إنه “حادث أمني”.

 

وصرح الناطق باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس للصحافيين: “نجحنا في إحباط محاولة تسلّل لخلية إرهابية إلى إسرائيل”. وقال إن ثلاثة إلى خمسة مسلحين ببنادق عبروا الخط الأزرق الفاصل في منطقة جبل الروس المتنازع عليها، وإن مراقبين رصدوا الخلية لدى اقترابها من الحدود، وقد “بدأنا بالقتال بمجرد عبورها الحدود”. وختم: “لقد تأكدنا من أن الإرهابيين فروا عائدين إلى لبنان”.

 

وبعد نفي “حزب الله” حصول أي اشتباك أو إطلاق نار من جانبه في أحداث مزارع شبعا، رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحافي متهماً الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بتوريط لبنان وقال” أحبطنا اليوم عملية تسلل لحزب الله الى اسرائيل والتسلّل الى أراضينا أمر خطير و”حزب الله” والحكومة اللبنانية يجب أن يتحمّلا المسؤولية”.

 

اقفال على مرحلتين

 

أما على جبهة كورونا، وبعد الارتفاع الكبير في عدد الإصابات اليومية والمستمرة منذ نحو أسبوعين، اذ بلغ عدّاد الفيروس أمس 132 إصابة، تقرر إقفال البلد على مرحلتين في محاولة لوقف التفشي في مرحلته الرابعة التي دخل فيها لبنان وللسيطرة على انتشاره، ذلك أن لبنان يسلك منعطفاً خطيراً وجدياً على الصعيد الصحي كما أكد وزير الصحة العامة حمد حسن، بينما يدل ارتفاع الإصابات على دقة المرحلة وخطورتها.

 

واتخذت قرار الإقفال والإجراءات الجديدة اللجنة الوزارية لمتابعة فيروس كورونا، بعد اجتماعها برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب أمس، وأعلن وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي التدابير الوقائية المعتمدة، وقال: “تبعا لواقع الاقفال من 30 تموز 2020 إلى 10 آب 2020، سيتم التقيد بإقفال الحانات والملاهي الليلية، والغاء السباقات، واقفال غرف المؤتمرات والصالات، والاسواق الشعبية، وملاهي الأطفال والحدائق العامة، إضافة إلى إلغاء المناسبات الدينية، واقفال المسابح الداخلية في الأندية ووقف حالات التدريب الجماعي، في حين أن الآلات ستظل مفتوحة أمام المتدربين”، مشيراً الى انه “سيتم التواصل مع الشخصيات الدينية لإغلاق دور العبادة، توازيا مع منع الحفلات والسهرات”.

 

وقال فهمي إن “المطاعم والملاهي سيتتم فتحها بـ 50% من قدرتها الاستيعابية، بينما سيتم اقفال جميع دور السينما والمسارح”، طالباً من “المواطنين البالغين من العمر 65 سنة وما فوق، التزام منازلهم والابتعاد عن الاختلاط”. وأفاد أن “وسائل النقل سيتم تسييرها بـ 50% من قدرتها الاستيعابية”. وشرح أن “البلاد ستقفل من 30 تموز 2020 حتى 3 آب 2020، ضمناً، كما من 6 آب 2020 حتى 10 آب 2020، حيث أنه سيتم اقفال البلاد بشكل كامل من مؤسسات وشركات خاصة وقطاعات مصرفية، واستثنيت من هذا القرار المؤسسات الاستشفائية، الصحية، الامنية، العسكرية، الصناعية، الزراعية، والاعلامية، إضافة إلى المرافئ البحرية والبرية والجوية والبلديات والمرافق العامة وفقا لجدول مناوبة يتم تحديده”.

 

“موديز”

 

وسط هذه الاجواء، برز على مستوى الازمة المالية تطور سلبي جديد تمثل في اصدار وكالة “موديز” خفضاً جديداً لتصنيفها الائتماني للبنان من ca الى c، وقالت إن هذا التصنيف يعكس تقديرات الوكالة ان الخسائر التي يتكبدها حائزو السندات خلال التعثر الحالي للبنان عن السداد من المرجح ان تتجاوز 65 في المئة. واعتبرت “موديز” ان قرار عدم وضع نظرة مستقبلية للتصنيف الائتماني للبنان يستند الى احتمالات مرتفعة جداً لخسائر للدائنين غير الرسميين.