IMLebanon

النهار: المعارضة تصعّد اعتراضاتها على الانقلابات الحكومية

 

مع تصاعد مزيد من المخاوف من التفشي الوبائي والإصابات المتزايدة بفيروس كورونا بعد تسجيل العدد الأعلى للاصابات في لبنان أمس منذ شباط الماضي والذي بلغ 182 اصابة، ووسط مناخ سياسي آخذ في التلبّد تسبّب به رئيس الحكومة حسان دياب في آخر تقليعات هجماته مثيراً ردود فعل سلبية وحادة واسعة، يعود لبنان من اليوم وعشية عيد الأضحى الى تجربة الإقفال العام على مرحلتين محدودتين من دون كبير ثقة بنجاعة هذا الإجراء المجتزأ في احتواء التصاعد المقلق للتفشي الوبائي. فإذا كانت بلدة الحلانية البقاعية الشمالية سجلت وحدها رقماً قياسياً في الإصابات فاق الـ42 إصابة، فإن الجهود الكثيفة لاحتواء التفشّي المتعاظم بدت في سباق خطير للغاية مع آخر المحاولات لمنع الوصول الى المحظور المتمثل في امتلاء المستشفيات الحكومية والخاصة بإعداد المصابين بما ينذر بعجز الجسم الاستشفائي عن المضي في معالجة جميع الحالات المرشحة لدخول المستشفيات وهو الأمر الذي يكرّر الوسط الطبي التحذير منه.

 

لكن خطورة هذا الجانب من المشهد الداخلي لم تحجب الغبار الكثيف الذي أثارته المواقف المستغربة التي عبّر عنها الرئيس دياب في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء مهدداً عبر هجومه على وزير الخارجية الفرنسي جان – ايف لودريان آخر الجسور الديبلوماسية لعلاقات لبنان بالدول المعنية بدعمه. ولعل الدلالات البارزة التي اكتسبتها ردود فعل القوى المعارضة الأساسية الكبيرة على دياب تمثلت في اظهار الضعف الكبير لواقع الحكومة الحالية وتراجع صدقيتها الى حدود قصوى، خصوصاً أن أي صوت موال يعتد به لم يشارك دياب في مواقفه الأخيرة بل أن مجريات الجلسة الأخيرة أظهرت مزيداً من الانكشاف داخل الحكومة بعدما وجه رئيسها أسئلة وانتقادات يفترض أن يوجهها الى نفسه قبل الآخرين.

 

الحريري

 

وفي هذا السياق برزت المواقف التي اتخذها الرئيس سعد الحريري في لقاء مع الصحافيين بعد ظهر أمس والتي شملت قضايا الساعة وكان أبرزها إبداؤه الأسف لتصريحات دياب عن زيارة وزير الخارجية الفرنسي لبيروت، متسائلاً: “إلى أين يأخذنا بهذه الديبلوماسية تجاه أصدقائنا التاريخيين الذين وقفوا معنا في كل الأزمات التي مرّت على لبنان؟”، وقال: “إذا كان رئيس الحكومة أو أي مسؤول آخر يصرح بهذا الأسلوب عن دولة نعتبرها في لبنان الأم الحنون، وكانت تسعى دائما إلى مساعدة لبنان، فإنه من المؤسف للغاية أن نسمع هكذا كلام من هكذا حكومة”.

 

وردّ على قول الحكومة إنها قامت بإصلاحات كتعيين مجلس إدارة لمؤسسة كهرباء لبنان وتدقيق جنائي على مصرف لبنان: “هذا صحيح، بدليل انقطاع الكهرباء الحاصل في لبنان وخصوصاً في بيروت، وهو أمر غير مسموح على الإطلاق، ولا سيما في العاصمة. فإن لم تكن العاصمة بخير، أي منطقة ستكون بخير إذا؟… كفى القول إن هناك من يؤخرهم. لديهم أكثرية في مجلس النواب ولديهم مجلس الوزراء، فما الذي أنجزوه؟ هل قاموا بإصلاح واحد؟ قاموا بتدقيق جنائي على مصرف لبنان، أهنئهم، لكنهم لم يجروا تدقيقاً جنائياً على الدولة وعلى وزارة الطاقة وغيرها. عليهم إجراء تدقيق جنائي على كل الدولة وكل الوزارات. من يريد أن يحارب الفساد عليه أن يقوم بذلك”.

 

وعن تطورات الجنوب قال: “ما الذي حصل في الجنوب؟ هل فهم أحد؟ هل هذا هو الوقت المناسب لكل ذلك في ظل توجهنا للتجديد لقوات اليونيفيل؟ لا بد من التهدئة، هناك من يلعب باستقرار البلد، وبالإضافة إلى الانهيار، هناك من يريد أن يفتعل مشكلا. أولاً نحن أمام تحد بالتمديد لليونيفيل أو تقليص موازنتها، فتأتي هذه الحادثة ولا أحد يعرف ملابساتها. فهل صحيح أننا صدقنا هذه الكذبة؟ مخابرات الجيش و”اليونيفيل” وغيرهما في تلك المنطقة ولم نعرف ما الذي حصل حتى الآن؟ مصيبة إن كنا بالفعل لم نعرف ما الذي حصل. ماذا كانت ردّة فعل الحكومة بلحظتها؟ ما الذي دفعنا ككتلة مستقبل أن نصدر البيان؟ لقد كان غياباً تاماً من قبل الحكومة”.

 

وأكد رداً على سؤال “أنا لا أريد أن أكون رئيس حكومة ولا أريد لأحد أن يفرض شروطا علي”.

 

وعن الحكم الذي سيصدر في قضية اغتيال رفيق الحريري قال: “في هذا الموضوع دائما هناك عقلانية، ولكن دائما هناك عدالة لا بد من أن تتحقق مهما كانت الكلفة”.

 

وعن موقفه من قضية سد بسري قال: “أنا مع هذا السد، فمن أين سنأتي بالمياه للعاصمة بيروت وضواحيها؟ البنك الدولي هو من قام بالدراسات البيئية وغيرها وهو من وافق على القرض، حتى أنه القرض الوحيد الذي يوافق فيه على الاستملاك لاستكمال هذا المشروع لأنه حيوي لأهل بيروت وضواحيها”.

 

كذلك نبّه “اللقاء الديموقراطي” بعد اجتماعه برئاسة النائب تيمور جنبلاط إلى “ما يمرّ به لبنان في المرحلة المحفوفة بمخاطر وجودية، وفي ظل أداء فاشل للحكومة ورئيسها الذي يقفل كل الأبواب المتاحة ويعيش أوهام إنجازاته المعدومة، مع ما يرافق ذلك من تحديات تتربص بالوضعين الإقليمي والدولي ومجمل الملفات المتشابكة. هذا كله يستدعي التفكير جدّياً بكل السبل الممكنة لكيفية إنقاذ لبنان بالحد الأدنى الذي يمنع انهيار الدولة برمّتها وحصول انفجار شامل، وأول ما يجب فعله إعادة النأي بلبنان عن صراعات المحاور والأحلاف، وإنتاج فريق عمل جديد للحكم”.

 

كما غرّد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع على حسابه على “تويتر”، قائلاً: “ليس مقبولاً من أحد أن يعكِّر علاقة لبنان التاريخية بفرنسا. إن فرنسا كانت دائماً وفي كل الظروف والمصاعب والتحديات إلى جانب لبنان. فليس هكذا نكافئ من دعم ويدعم لبنان”.

 

العدد الأعلى

 

وفيما تدخّل البلاد اليوم مرحلة الإقفال في مرحلته الأولى لأربعة ايام، في محاولة للسيطرة على تفشي فيروس كوفيد – 19، كان الوباء يسجّل مزيداً من الإصابات بعدما دخل لبنان مرحلة التفشي المجتمعي خصوصاً في المناطق، إذ سجّل أمس 182 إصابة جديدة ووفاة واحدة، وتقرّر عزل قرى جديدة سجلت فيها إصابات مرتفعة بلغت في بلدة الحلانية البقاعية 49 إصابة مثبتة، ما اضطر وزير الصحة العامة حمد حسن إلى تفقد أحوالها وهي تحت الحجر.

 

ويُخشى أن يكون الوباء منتشراً على نطاق واسع، فيما المستشفيات غير قادرة على استيعاب عدد كبير من الحالات الحرجة، فـ”نحن في صميم الموجة الثانية من كورونا” كما صرح نقيب الأطباء شرف أبو شرف الذي تفقد أمس مستشفى الحريري الجامعي، وقال انه “يجب أن نتعامل مع الامر بجدية لكي نتخطى الازمة. وضعنا جداً حساس حالياً ولذلك يجب التقيّد بالاجراءات الاحترازية من دون استهتار أو ستكون العواقب وخيمة على الجميع، خاصة أن مراكز الاستشفاء بدأت تصبح شبه ممتلئة”.

 

وأعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي تسجيل 182 إصابة وهي الحصيلة اليومية العليا للاصابات منذ 21 شباط الماضي، ليرتفع العدد الاجمالي للإصابات بكورونا إلى 4202. وقد انقسمت اصابات أمس بين 168 محلية و14 من الوافدين في المطار. كما سجلت وفاة ليرتفع عدد الوفيات جراء كورونا في لبنان الى 55.

 

على صعيد آخر، تفاعلت سلباً عماية تأخير دفع الرواتب للمتقاعدين أمس بسبب عطل تقني في وزارة المال، فقطع متقاعدون عسكريون طريق الصيفي على المسربين ليلاً. وأعلنت وزارة المال لاحقاً تحويل رواتب المتقاعدين عن شهر آب الى مصرف لبنان بعد معالجة العطل الذي طرأ على النظام الالكتروني.