IMLebanon

النهار: إيجابيات مسار التأليف تقاوم محاولات التفخيخ! 

على رغم زيادة منسوب الغموض حيال مسار تأليف الحكومة الجديدة، في ظل انقطاع معالم التحركات واللقاءات العلنية على الأقل التي يجريها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، كما في ظل ستار الكتمان الشديد الذي يفرضه بيت الوسط على مجريات المشاورات والاتصالات، كما بدا واضحا ان بعبدا فرضت بدورها ستارا مماثلا من الكتمان منذ الاحد الماضي، علمت “النهار” مساء امس ان مسار التأليف لا يزال يسير في اتجاه إيجابي. وفيما حافظت المعطيات المتوافرة عن مسار التأليف على المناخ الإيجابي الذي ذكر انه لا يزال يشكل نقطة ارتكاز في الاتصالات الجارية بعيدا من الأضواء، فان ذلك لم يحجب المعالم الحذرة حيال مسعى الرئيس الحريري الى استكمال تصوره للتركيبة الحكومية التي يدفع في اتجاه استيلادها بأسرع وقت من وزراء اختصاصيين وذوي خبرات ولا ينتمون الى أحزاب. ويبدو ان الساعات الثماني والأربعين الأخيرة بدأت تشهد بلورة قوية لترابط نشأ بين مسألة المداورة في تولي الحقائب الوزارية، ولا سيما منها الحقائب السيادية والخدماتية وتمثيل المسيحيين في الحكومة العتيدة في ظل حصر التفاوض حول هاتين النقطتين الشائكتين بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية ميشال عون، الامر الذي يوحي بان الحل او التعقيد في هذه المفاوضات سيغدو في يد الرئيس عون تحديداً. واذا كان قرار الحريري واضحا لجهة التزام التشاور مع الرئيس عون في كل ما يتصل بالحقائب والوزراء المسيحيين، فان الامر سينشئ ارباكات ومحاذير بدأت تثير من الآن انتقادات ومواقف سلبية للقوى المسيحية باعتبار ان أي توافق بين عون والحريري سيؤدي الى احتكار عون وعبره تياره الحصة الوزارية المسيحية، وفي حال التعقيد والعرقلة ستنشأ مشكلة محتملة بين الرئيسين من شأنها وضع عملية التأليف برمتها على كف الاهتزاز.

عقدة المداورة
وبازاء طرح موضوع المداورة في اللقاء الأخير بين عون والحريري الاحد الماضي في قصر بعبدا، وبعد استثناء حقيبة المال التي ستبقى من حصة الشيعة، بدت هذه المسألة مرشحة لتعكير الإيجابيات التي حكي عنها في اليومين الماضيين، ولو ان الأوساط المتصلة بالرؤساء والمعنيين لا تزال تشير الى ان مناخات الإيجابيات لم تتراجع. وتقول هذه الأوساط ان المشاورت تجري حاليا حول مجمل هيكلية الحكومة العتيدة بما يعني الخوض تفصيليا في شكل الحكومة وعدد وزرائها وتوزيع الحقائب فيها ونوعية الوزراء ومعايير تعيينهم. وفهم في هذا السياق ان عدد الوزراء لم يحسم نهائيا بعد وان كان الاتجاه الغالب هو الى حكومة ما بين 20 و24 وزيرا وان الحريري حريص للغاية على عدم حصول أي تعقيد يتصل بالتمثيل المسيحي والحقائب التي ستسند الى المسيحيين، وان هذا الامر سيعالج بروية مع الرئيس عون . كما ان الأوساط تؤكد ان الحكومة لن تضم وزراء سياسيين بل اختصاصيين من ذوي الخبرات الذين توافق عليهم القوى السياسية. وتحدثت معلومات مساء امس عن إشكالية جديدة نشأت حول حقيبة الصحة التي يطالب بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حين يتشدد “حزب الله” برفضه التخلي عنها ويريدها من حصته. ناهيك عن ان الفريق الجنبلاطي قد لا يحصل الا على حقيبة واحدة لان النائب طلال أرسلان يطالب بحقيبة أخرى لكتلته مع انه قاطع استشارات التكليف ورفض عودة الحريري الى رئاسة الحكومة. وفيما يكثف الحريري مشاوراته بعيدا من الأضواء ولا سيما مع الرئيسين عون ونبيه بري، يبدو في حكم المستبعد ان ينتهي مخاض تأليف الحكومة هذا الأسبوع خصوصا وان نقاطا أساسية لم تحسم بعد ولا يبدو حسمها وشيكا ومنها موضوع المداورة وتوزيع الحقائب بين القوى الأساسية.

ولكن اوساطا سياسية معنية بالملف الحكومي لاحظت تركيز البعض على ما وصف بالعقدة المسيحية في حين انه لا وجود فعليا لهذه العقدة من الناحية الطائفية ولن يكون واردا ان يسمح الرئيس الحريري باي مزايدات عليه في هذا السياق. وأكدت ان المواقف السياسية المبدئية من الحكومة شيء والمزايدات التي يراد لها ان تلصق بالرئيس الحريري اتهامات غير موضوعية شيء أخر، ولذا لن يطول الوقت ليدرك الجميع ان الرئيس المكلف يتخذ نهجا وطنيا شموليا حيال جميع الطوائف والفئات والأحزاب في مسار تشكيل الحكومة بما لا يبقي مجالا لاي مزايدات.

في أي حال تفاوتت التقديرات حيال الموعد المحتمل للولادة الحكومية هذا الأسبوع او اكثر والتي تبقى رهن نتائج المساعي التي يبذلها الرئيس الحريري في الأيام المقبلة التي تكتسب طابعا مفصليا لا يفترض معه ان تطول فترة التأليف اكثر من أيام بعدما حصرت النقاط الأساسية التي ستنطلق منها عملية استكمال التشكيل.

وفي المواقف السياسية انتقد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع امس مجريات تأليف الحكومة وقال انه “اذا كان هناك مسعى لاي اصلاح فعلي فيجب تشكيل حكومة مستقلين فعلية بالدرجة الأولى من وزراء كفوئين واختصاصيين لان الامر يتطلب عملا وخطوات يومية وسرعة في اتخاذ القرارات. فاذا تم تشكيل حكومة على هذا الشكل فللبحث صلة لكن يبدو ان لا أمل في هذه الحكومة لانها بدأت التشكيل على أساس وعود للثنائي الشيعي والحزب التقدمي الاشتراكي بإعطائهم حقائب معينة وهي احد أسباب جمود الوضع أضف الى ذلك انهم يسمون وزراءهم. وسينسحب ما يحصل مع الثنائي الشيعي على التيار الوطني الحر والآخرين”. واعتبر جعجع “ان الحكومة ستكون في احسن الحالات شبيهة بحكومة حسان دياب فماذا نكون قد فعلنا ؟ لا شيء سوى تضييع وقت إضافي”.