IMLebanon

النهار: من قلب الكارثة: بعبدا تبرر التعطيل الحكومي

 

وسط الظروف المخيفة التي تواجهها البلاد صحياً واستشفائياً واقتصادياً مع الاضطرار الى تمديد حالة الطوارئ الصحية والاقفال العام المتشدد حتى الثامن من شباط المقبل، لم تجد بعبدا حرجاً في ترف إعادة صياغة خطابها التبريري لتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، وكأنها استشعرت عبء هذا التعطيل من دون ان تحيد قيد انملة عن سياسة المعاندة التي تتبعها. واذا كان توزيع الأدوار بين البعد الداخلي للتعطيل الذي يتولاه العهد والبعد الإقليمي لاستهلاك الوقت القاتل الذي يتربص خلفه “حزب الله” صار اكثر من مكشوف ومفتوح بدليل ان المزاعم الدعائية التي توزع عن تحفز الحزب لبذل مساعيه الحميدة في كسر جدار الازمة تبقى مزاعم هوائية، فان تطوع رئاسة الجمهورية امس لاعادة اطلاق الشروط المتصلبة تحت جناح “توضيحات” وردود على تقارير وتحليلات لم يكن سوى اطلالة تصعيدية متجددة لإفهام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ان دفتر العمليات لن يتبدل. واللافت هذه المرة ان اوساطا واسعة الاطلاع رجحت ان تكون هذه المبادرة “التصعيدية” التي اخذتها بعبدا على عاتقها وسط انفجار اخطار جائحة كورونا في لبنان على نحو بالغ الخطورة ردة فعل انفعالية نتيجة رهان خاطئ لديها على ان الحريري بعد عودته من الخارج كان يجب ان “يصعد” الى القصر بتشكيلة متغيرة تماما عن تشكيلته المعلقة مذ قدمها الى رئيس الجمهورية ميشال عون بما يعني الاستسلام لشروط العهد و”التيار الوطني الحر” ولكن شيئا من هذا لم يحصل ولم تظهر مؤشرات واقعية على امكان حصوله. ثم ان الأوساط نفسها لفتت الى ان ردة فعل بعبدا جاءت غداة زيارة مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي لبكركي حيث اشارت المعلومات الى ان أجواء لقائه مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي كان سلبية، ولم يقتنع الراعي بالمبررات التي تنقل اليه والمتصلة بموقف عون من تشكيلة الحريري. وايا تكن منطلقات الرد الرئاسي امس والردود عليه من بيت الوسط و”تيار المستقبل” فالواضح ان الانسداد السياسي والحكومي يبدو أسوأ مما كان عليه في الفترة السابقة وسط فداحة المشهد الصحي والانتشار الوبائي والتداعيات التي بدأت تتصاعد للاقفال وأثره على الدورة الإنتاجية والمعيشية بدليل بدء التحركات الاحتجاجية والاختراقات لإجراءات الاقفال ومنع التجول وإقفال طرق رئيسية في طرابلس وعكار وربما تتمدد العدوى الى مناطق أخرى .

 

جولة سجالية

الجولة التصعيدية الجديدة، بدأت مع بيان صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية نفى طلب رئيس الجمهورية الحصول على الثلث المعطل في التشكيلة الحكومية العتيدة كما نفى “الادعاءات بأن يكون رئيس “تكتل لبنان القوي” النائب جبران باسيل يعرقل تشكيل الحكومة “، واعتبر ان “اختيار الوزراء وتسميتهم وتوزيعهم على الحقائب الوزارية ليس حقا حصريا لرئيس الحكومة وان للرئيس عون حقا دستوريا بأن يوافق على التشكيلة الحكومية كاملة قبل التوقيع”. وقال “ليس لرئيس الجمهورية ان يكرر دعوة رئيس الحكومة المكلف الى الصعود الى بعبدا، ذلك ان قصر بعبدا لا يزال بانتظار ان يأتيه رئيس الحكومة المكلف بطرح حكومي يراعي معايير التمثيل العادل عملا بأحكام الدستور، في حين ان الظروف ضاغطة جدا على أكثر من صعيد لتأليف الحكومة”.

في المقابل، وفي معرض نفيها مزاعم عن ارسال الحريري رسالة الى عون اكدت مصادر مقربة من بيت الوسط  ان الحريري تعامل منذ اللحظة الاولى لتسريب الفيديو وما تضمنه من عبارات لا تليق بمستوى التخاطب بين الرؤساء بما يستحق. ولفتت الى اصرار قصر بعبدا على تبني معايير جبران باسيل في تشكيل الحكومة على رغم النفي المتواصل لذلك، مشددة على ان رسالة الحريري الى من يعنيهم الأمر واضحة لم تتبدل: حكومة بمعيار الدستور والمصلحة الوطنية والقواعد التي حددتها المبادرة الفرنسية.

ورد المستشار الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري حسين الوجه على بيان بعبدا متسائلا: “هل نحن امام توضيح من رئاسة الجمهورية ام امام نفي باسم الوزير جبران باسيل” ؟ وإذ اكد “إن احداً لا يناقش في صلاحيات رئيس الجمهورية”  شدد على انه “اذا كانت الظروف ضاغطة جداً لتأليف الحكومة ، فالأجدى بمن يعنيهم الأمر السير بطرح رئيس الحكومة المكلف الموجود لدى الرئاسة الاولى الذي يراعي التمثيل العادل وفقاً للدستور، وليس وفقاً للحصص السياسية والحزبية”.

 

وجنبلاط

ولم يقف الاحتدام عند السجالات بين بعبدا وبيت الوسط اذ تصاعد أيضا على خط بعبدا كليمنصو عقب جولة حادة جرت ليل الخميس  حيث حمل عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور على العهد ووصفه بـ “كورونا سياسي” الامر الذي اشعل ردودا عنيفة عليه من نواب وناشطين عونيين. وامس جدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط  حملته على العهد مؤكدا ان “حزب الله” من خلال “التيار الوطني الحر” يستلم البلد مكررا دعوة الحريري لتركهم يحكمون ويتحملون المسؤولية وقال أن “الصهر الكريم يريد الثلث المعطل لكي إذا حدث شيء لعمّه، والأعمار بيد الله، أن تكون السلطة بيده في الحكومة التي بحسب الدستور هي التي تحكم بإنتظار إنتخاب رئيس جمهورية جديد”. وأضاف أن “هناك غرفا سوداء، هناك سليم جريصاتي والمدام عون، هم الذين يحكمون ويتحكمون بالقضاء، وهناك غرف عسكرية “غريبة عجيبة” ولفت إلى أن “هناك حزبا قويا جداً، ومن خلفه دولة قوية جداً إسمها الجمهورية الإسلامية، فهل الجمهورية الإسلامية تعترف بلبنان الكبير أم أننا نحن فقط مقاطعة من المقاطعات من الجمهورية الإسلامية بين لبنان وسوريا والعراق؟ “.

 

دياب والتعبئة الديبلوماسية

في غضون ذلك برزت حركة لافتة امس في السرايا لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان الذي حرك اتصالات ديبلوماسية واجرى لقاءات مع سفراء تركزت في معظمها على محاولات تأمين مساعدات دولية للبنان من اللقاحات والتجهيزات الاستشفائية. وأجرى دياب اتصالا هاتفيا بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وأطلعه على واقع انتشار فيروس كورونا وشدد على “الحاجة لإعادة تأهيل المستشفيات الحكومية والخاصة نظرا لنفاذ قدراتها الاستيعابية للمرضى والمصابين بعدوى الفيروس والحاجة الملحة لتجهيزها بغرف العناية الفائقة والأجهزة الطبية اللازمة ومنها آلات التنفس”. وطلب دياب من الأمين العام “المساعدة في توفير مئتي سرير لغرف العناية الفائقة ودعم الأمم المتحدة للبنان في حملة اللقاح ضد الفيروس وضرورة أن يشمل جميع المقيمين على الأراضي اللبنانية”.  وأشار بيان رسمي الى ان الأمين العام للامم المتحدة،”أعرب عن تفهمه الكامل للظروف الصعبة التي يمر بها لبنان والتي تفاقمت بانفجار المرفأ وانتشار الجائحة”. وأشار إلى أنه سيبحث مع المسؤولين في المنظمة الدولية في أفضل الوسائل للمساعدة في هذا الشأن.

كما طلب دياب من سفير ألمانيا أندرياس كيندل مساعدة لبنان على توفير أسرة عناية فائقة مع أجهزة تنفس وعبوات أوكسيجين للمصابين بداء كورونا. وتمنى على السفير كيندل توفير مليوني لقاح ضد كورونا علاوة على اللقاحات التي طلبها لبنان من دول أخرى، لتأمين كمية لقاحات تغطي جميع اللبنانيين والمقيمين على الأراضي اللبنانية.

يشار الى ان تقرير وزارة الصحة سجل امس 3220 إصابة بكورونا و57 حالة وفاة .