IMLebanon

النهار: تأييد بكركي يتسع والسلطة تتخبط بفضيحتها

 

ليس من المبالغة القول ان فضيحة تلقيح نواب وسياسيين وموظفين وربما أيضا عشرات الأشخاص والمسؤولين المخفيين حتى الان ولم يكشف انهم حظوا باللقاحات من خارج الآلية الرسمية المعتمدة قد أرخت ذيولا داخلية وخارجية ثقيلة ربما اشد وطأة من اكثر فضائح الفساد التي طبعت صورة السلطة والدولة والطبقة السياسية امام المجتمع الدولي بأسره . وهذا الانطباع بدا غداة انفجار فضيحة “التلقيح المهرب” الى مجلس النواب وحتى الى قصر بعبدا (على رغم ان أحدا لم يفهم لماذا لم يعلن تلقي رئيس الجمهورية وزوجته اللقاح في وقته وهو امر طبيعي  ومنتظر ولا يثير أي استغراب ) كأنه اغرق البلاد بمزيد من تداعيات الازمات المتراكمة والطارئة خصوصا لجهة الخشية من ارتداد هذه الفضيحة على مسائل أخرى تتصل بعلاقات لبنان مع منظمات وهيئات دولية كالبنك الدولي تحديدا . واذا كان البنك “الجرعة الأولى” من فضيحة تهريب اللقاحات دفعت البنك الدولي الى الاكتفاء بالتحذير من امكان وقف تمويله للقاحات لمصلحة الدولة اللبنانية فان معلومات متوافرة ل”النهار” تفيد بان حالا من الذعر الجدي سادت امس مختلف الجهات الرسمية من القصر الجمهوري الى السرايا الحكومية الى مجلس النواب الى الوزارات المعنية بعمليات مكافحة وباء كورونا وفي مقدمها وزارة الصحة حيال التداعيات التي ستترتب على انكشاف هذه الفضيحة التي بدا ان كثيرين من المتورطين فيها تصرفوا بخفة بالغة واهمال فاضح للتقديرات التي جعلتهم لا يحسبون لوجود رقابة خارجية صارمة تمارسها الجهة المانحة للتمويل أي البنك الدولي لمسار الالية المتفق عليها مع الدولة. تلفت المعلومات الى ان محاولات احتواء التداعيات الفضائحية اصطدمت بمزيد من الحقائق الصادمة التي كشفت تسريب وتهريب عمليات تلقيح ترقى الى مستوى الخمسين في المئة واكثر خارج المنصة الرسمية بما يشكل ادانة ثابتة لوزارة الصحة في المقام الأول عن هذه الفضيحة الكارثية وما يمكن ان تؤدي اليه من اثار بالغة الأذى على لبنان واللبنانيين كما يصعب استبعاد مسؤولية بعض المستشفيات والمراكز الصحية المعتمدة للتلقيح التي شهدت انتهاكات مكشوفة فاضحة للآلية . واستنادا الى المعطيات نفسها فان الصمت المريب الذي ساد مقار الرئاسات والمراجع والوزارات المسؤولة كافة امس عكس المأزق الذي وجد جميع المعنيين انفسهم تحت وطأته حتى لو كانت الفضيحة مرت ” تحت انوف بعضهم ” ممن لم يعلموا بمجرياتها علما ان هذا الاحتمال لا ينطبق على معظم المسؤولين والمعنيين. واطاح تعاظم الفضيحة المحاولة الفاشلة والعقيمة لبعضهم لتبرير “إيصال” اللقاحات الى عدد من النواب عبر “منصة التهريب” الى مجلس النواب بحجج واهية لم تصمد للحظة امام انكشاف الانتهاكات التي ارتكبت سواء من الجهة المتورطة في ساحة النجمة بتنظيم عمليات التلقيح ام بقبول نواب لم يجدر بهم تجاوز المراحل والأدوار بهذا الانتهاك .

 

كما سجل غياب لافت لوزير الصحة حمد حسن عن مقاربة هذه الفضيحة اذ لم يصدر عنه أي موقف رسمي طوال اليوم في شانها الى ان ادلى مساء بحديث الى “تلفزيون لبنان” اعلن فيه إنه “اتخذ قرارا سياديا وارتأى بان تتوجه الفرق الطبية الى مجلس النواب من اجل اجراء عملية التلقيح للنواب تقديراً لجهودهم، لان المجلس النيابي اجتمع خلال 7 ايام بشكل متتالية واقر قانون الاستخدام الطارئ للقاح”. وأضاف: “هناك عيادة نقالة في وزارة الصحة ستنتقل بين المؤسسات، واسمح لنفسي بالذهاب إلى مجلس النواب وإعطائهم اللقاح بعدما أنجز النواب خلال ٧ ايام قانون تأمين اللقاح، وكما سأزور المرجعيات الروحية لاعطائهم اللقاح كما أعطيت اللقاح للنواب”..وعلق على الضجة قائلا “لم نتجاوز اعمار النواب ..وما بدها هالقد” .

 

وجاءت الوقائع الصادمة للانتشار الوبائي لتزيد وطأة الفضيحة اذ فيما تشكل عملية التلقيح الوسيلة الوحيدة لمواجهة استفحال الانتشار الوبائي ارتفع منسوب الإصابات امس الى 3513 إصابة وسجلت 62 حالة وفاة على وقع فضيحة انتهاك ألية التلقيح.

 

يشار في هذا السياق الى ان وزارة الصحة اكدت امس انها منحت 20 شركة لبنانية خاصة اذونات لاستيراد اكثر من نوع من اللقاحات المعتمدة عالميا ضد فيروس كورونا الا ان هذه الشركات اصطدمت حتى الساعة برفض من الشركات المصنعة للقاحات.

 

حركة بكركي

الى ذلك ووسط الشلل السياسي المتصل بأزمة تعطيل تأليف الحكومة الجديدة تبدو  بكركي مسرحا حصريا للحدث السياسي الداخلي في ظل الحركة الكثيفة التي تشهدها لقوى وأحزاب وشخصيات الامر الذي يشكل دلالة بارزة في تجسيد حجم واسع للتأييد الذي يحصده البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مواقفه الأخيرة خصوصا لجهة دعوته الى مؤتمر دولي يخصص للبنان .وحتى لو لم تكن مواقف بعض القوى متحمسة لهذا الطرح فان دلالات أخرى تكتسبها هذه الحركة من زاوية تأييد البطريرك ردا على الانتقادات والهجمات التي تعرض لها أخيرا من جهات معروفة  ولذا اكتسب الدعم الذي جرى التعبير عنه امس من جانب معراب والمختارة أهمية خاصة .

 

فقد زار وفد من تكتل “الجمهوريّة القويّة”  بكركي موفدا من رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع للاعراب عن دعم القوات الكامل للبطريرك . ولفت الوفد الى “ان الذين يتهجّمون على طرح البطريرك الراعي وافقوا في إعلان بعبدا على تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية ” .  واعتبر ان “السلطة في لبنان تحولت الى أداة لاغتيال شعبها والطريق الاوحد الى الحلّ لا يكون إلا بتمكين الشّعب عبر الخضوع لارادته ومن خلال إنتخابات نيابية مبكرة”. ودعا الى “مواكبة طرح البطريرك لحسم الصراع بين الحق والباطل وخيار الشعب اللبناني واضح بين ثقافة الموت والحياة. فإذا كنا نعيش في جهنم فنتيجة زج لبنان في آتون الصراع الأميركي – الإيراني مما يحتم اللجوء الى المجتمع الدولي للمطالبة بحقه بالحياة لأنه يتم إستخدام لبنان كأداة ورهينة”.

 

اما الموقف اللافت الآخر الذي اطلق من بكركي امس فجاء على لسان الوزير السابق غازي العريضي الذي زار البطريرك الراعي موفدا من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اذ قال بعد اللقاء رداً على موقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من المؤتمر الدولي : “هل سمع أحد البطريرك يتحدث عن الفصل السابع؟ المؤتمر الدولي الهدف منه تلاقي دول على دعم لبنان كما حصل في أكثر من مؤتمر من سان كلو إلى الطائف وغيرهما” . وجزم العريضي بان “رئيس الجمهورية لا يريد سعد الحريري رئيساً للحكومة ولو أنه يقول عكس ذلك، فأنا أعرف ما يقوله الرئيس عون في مجالسه الخاصة”. واضاف: “طرح رئيس التيار النائب جبران باسيل محاولة ولدت ميتة و”ثلث معطل ما في لحدا” بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”.

 

ومن المقرر ان يقوم وفد من التيار الوطني الحر بزيارة بكركي اليوم .

ودعا حزب الوطنيين الاحرار المحازبين والمناصرين إلى المشاركة في “التجمع المؤيد لطروحات البطريرك الراعي السبت المقبل، الثالثة بعد الظهر في ساحة بكركي إيمانا منه بتبني موقف الحياد وبدعوة الأمم المتحدة إلى تطبيق القرارات الدولية وعقد مؤتمر دولي من أجل مساعدة لبنان”.

 

وفيما توقعت بعض المصادر ان يكمل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري جولته الخارجية في اتجاه وبريطانيا والمانيا، أشار نائب رئيس تيار “المستقبل” مصطفى علوش إلى أن “الشيء المتوفر الان هو حكومة من 18 وزيراً وحكومة أكثر من ذلك ستزيد الأمور تعقيداً”. وشدد على أن “المبادرات لم تأت بأي جديد سوى بمزيد من التعقيد وبعراقيل جديدة”. ولفت إلى أن “المملكة العربية السعودية ستتعاون مع أي حكومة بغض النظر عمن هو رئيسها”.