IMLebanon

أخيراً الحكومة إلى المربّع الأخير 

 

مع ان التجارب العديدة السابقة منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة في 25 ايار الماضي تملي الحذر والتحفظ عن التفاؤل المفرط في نجاح أحدث المحاولات التي شرع الرئيس الحريري فيها بزخم منذ ما قبل البارحة، فان الحركة الاستثنائية التي شهدها “بيت الوسط” منذ ما بعد ظهر أمس والمعطيات التي توافرت عنها تشير كلها الى مناخ مختلف اقترب معه العد العكسي لبلوغ المربع الاخير من مخاض التأليف من نهايته الايجابية. وقد بدا واضحاً، وفق المعلومات التي توافرت لـ”النهار” ليلاً من مصادر معنية بالحركة الكثيفة الجارية، أن طلائع التسوية الحكومية التي تصاعد دخانها من “بيت الوسط” جاءت نتيجة عوامل عدة شكلت ما يعتبر قراراً كبيراً ضمنياً توافق عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري على اخراج ازمة التأليف من تعقيداتها قبل نهاية تشرين الاول الجاري مهما كلف الامر من ضغوط وجهود ومشاورات مع مختلف الافرقاء السياسيين.

وقالت المصادر إن المواقف الدولية الضاغطة على لبنان من أجل استعجال تأليف الحكومة والتي كان من أبرزها وأقواها تأثيراً الموقف الفرنسي والاوضاع الداخلية بلغت من التأزم حدود التهديد بانهيارات مخيفة على مختلف المستويات لعبت الدور الحاسم في اتخاذ قرار تحديد الحد الاقصى لموعد تأليف الحكومة بحيث يجري احياء الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس عون وسط “عيدية” الانفراج الكبير الذي لاحت طلائعه أمس في “بيت الوسط”. لكن ذلك لا يعني ان مجمل التعقيدات التي اعترضت عملية التأليف سابقا ذلّلت نهائياً. فالمفاوضات التي تولاها الرئيس الحريري أبرزت استعدادات متقدمة جدا لدى الافرقاء المعنيين للتوصل الى حل نهائي بسرعة، لكن شياطين التفاصيل كانت لا تزال حاضرة في وقائع المفاوضات والاتصالات واللقاءات التي تلاحقت في “بيت الوسط” الى ما بعد منتصف الليل حيث شهد على التوالي اجتماعات بين الرئيس الحريري وكلاً من الوزير طلال ارسلان الذي زاره للمرة الاولى منذ التكليف والوزير ملحم الرياشي، ومن ثم انعقد لقاء الرؤساء الحريري وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام والذي تركز على تطورات تأليف الحكومة. وتحدثت معلومات عن لقاء عُقد ليلاً بين الحريري والوزير جبران باسيل في “بيت الوسط”.

وأكدت المصادر المعنية بالحركة الجارية لـ”النهار” ان طلائع الايجابيات باتت أمراً واقعاً حقيقياً و”ان الرئيس الحريري بدأ التوغل نحو المرحلة النهائية التي ستنجز عبرها عملية توزيع الحصص والحقائب ومن ثم اسقاط الاسماء على الحقائب وهي مسألة أيام قليلة جداً ان مضت الامور على هذا النحو. ومع ان المصادر لفتت الى كلام عن امكان قيام الرئيس الحريري بزيارة لقصر بعبدا اليوم أو غداً، فانها رجحت ان تتم الزيارة الخميس اذا شاء الرئيس المكلف استمكال التشكيلة نهائيا قبل القيام بالزيارة، علماً ان اللقاء المرتقب قد لا يكون حاسما لاعلان مراسيم الولادة الحكومية وربما اقتضى الامر اجتماعاً ثانياً اذا كانت لدى الرئيس عون ملاحظات على التشكيلة التي سيقدمها الرئيس الحريري. كما ان الولادة المفترضة والتي كانت جهات سياسية عدة لا تزال تستبعدها في الايام المقبلة تفترض انتظار عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من جنيف، الا اذا توصلت المفاوضات بسحر ساحر في الساعات المقبلة الى تذليل كل العقبات.

وتضاربت المعلومات عن الحقائب الاخيرة التي تدور حولها المفاوضات اذ اشارت معلومات قريبة من “التيار الوطني الحر” الى ان المفاوضات التي اصبحت في لحظاتها الاخيرة تقف عند ثلاث وزارات هي العدل والتربية والاشغال. وأوضحت ان “القوات اللبنانية” تطالب بالعدل بدلا من التربية وان الحزب التقدمي الاشتراكي يطالب بالتربية بدلا من الصحة التي حسمت لمصلحة “حزب الله”، أما الاشغال فيطالب بها كل من “التيار الوطني الحر ” و”تيار المردة”.

مواضيع ذات صلة

ترامب: احتمال ضلوع قتلة مارقين في قضية خاشقجي

الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قطعت العلاقات مع بطريركية القسطنطينية

لعبة الشطرنج السورية
لكن مصادر أخرى أبلغت “النهار” ان انجاز التشكيلة الحكومية التي باتت في لمساتها الاخيرة بحيث يجري حاليا اسقاط الاسماء على الحقائب، قد يستغرق بعض الوقت الاضافي ولو ان العقد باتت في مجملها بحكم المنتهية. وفي معلومات هذه المصادر ان “القوات اللبنانية” وافقت على ان تتمثل بأربعة وزراء وثلاث حقائب الى جانب نيابة رئاسة الحكومة. أما الحقائب فستكون التربية والشؤون الاجتماعية والثقافة، علما ان معلومات ترددت عن مفاوضات تجريها “القوات” للحصول على حقيبة الصحة أو الاشغال بدلاً من التربية، الا ان “التيار الوطني الحر” اعتبر ان هذا الامر لا يتعلق بالتيار ويجب ان يتم التفاوض مع “حزب الله” من أجل الصحة أو “المردة” من أجل الاشغال.

وكان ارسلان صرح عقب لقائه الرئيس الحريري: “أن واجباتنا أن ندعم موقف الرئيس الحريري ونسهّل مهمته في التشكيل، إنما ليس على حساب إلغائنا من الوجود. وأمام هذا الواقع، أبلغت الرئيس الحريري أن أول تنازل قمنا به، أننا قبلنا بمبدأ عدم وجودي الشخصي في الحكومة، ثم قبلنا أن نسمي حزبيين ديموقراطيين في الحكومة، ثم قدمنا ثالث تنازل بأننا على استعداد لأن نسمي أصحاب كفاءة دروز قريبين منا من خارج الحزب الديموقراطي اللبناني بل مناصرين له. أكثر من ذلك، لست قادراً على أن أقدم في هذا الموضوع، لا من قريب ولا من بعيد”. وأبدى استعداده للقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في رعاية الرئيس الحريري أو الرئيس عون.

اما الوزير الرياشي، فقال إن “الأمور تأخذ اتجاهات أكثر إيجابية، ونأمل خيرا في الأيام المقبلة أو أكثر منها قليلاً، بأن تكون هناك حكومة في البلد. دولة الرئيس متفائل، وهو يعمل على قدم وساق لتحقيق هذه الغاية. بالتأكيد هناك عراقيل ومطبات، ولكن بإذن الله، وبالطريقة التي يعمل بها الرئيس الحريري، والتي لدينا ثقة كبيرة به، ممكن أن نصل إلى نتيجة”. وبعدما أكد ان “القوات ستتمثل بحجمها الطبيعي”، لاحظت ان “صديقنا الوزير باسيل يمكن أن يكون قد غيّر رأيه بفكرة انه يحق للقوات ثلاثة وزراء منذ أن تحدث بذلك وحتى اليوم”.

ويشار في هذا السياق الى ان اللجنة المركزية للإعلام في “التيار الوطني الحر” أصدرت بياناً جاء فيه ان رئيس التيار الوزير جبران باسيل “طلب من كل الملتزمين والمؤيدين والمناصرين للتيار وقف الحملات الإعلامية على حزب القوات اللبنانية وعدم الانزلاق الى اي نوع من الردود على ما يتعرض له التيار من تهجمات مباشرة أو غير مباشرة من مسؤولين أو مناصرين للقوات، وذلك شعوراً من التيار بالأذى الذي تسبّبه هذه الحملات على المستوى الشعبي “.

وافادت “وكالة الانباء المركزية ” ان الوزير باسيل زار الجمعة الماضي الضاحية الجنوبية والتقى الامين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله طوال ثلاث ساعات، ونقل اليه اجواء مؤتمر القمة الفرنكوفونية ومضمون الاجتماع بين الرئيس عون والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وقالت إن نصرالله شدد على ان الوقت حان لتشكيل الحكومة سريعا ووضع حد للفراغ الذي بات يتهدد مصير الوطن في ظل التطورات المحلية والاقليمية.

الدفعة الكبرى

وسط هذه الاجواء نظمت المديرية العامة للامن العام بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة طوعية لـ776 نازحاً سورياً من مناطق مختلفة في لبنان إلى الأراضي السورية، عبر مركزي المصنع والعبودية الحدوديين، ومن عرسال نحو معبر الزمراني على الحدود السورية.

وقالت في بيان إن النازحين انطلقوا في حافلات أمنتها السلطات السورية لهذه الغاية من نقاط التجمع المحددة في: النبطية، شبعا، المصنع، برج حمود، العبودية، طرابلس وعرسال بمواكبة دوريات من المديرية العامة للأمن العام حتى الحدود اللبنانية – السورية”.

 

ويذكر أنها الدفعة الخامسة من العائدين، وهي الأكبر، بعد صدور قرار العفو العام الاخير عن الفارين من الخدمة العسكرية الاجبارية في سوريا، مما شجع الشباب على العودة مع عائلاتهم.