IMLebanon

النهار: تمويل قسري للكهرباء و”ولادة” الكابيتال كونترول

 

إذا كانت الانفراجة الحاصلة في إعادة توفير تمويل حاجات #الفيول لكهرباء #لبنان شكلت امس عنواناً إيجابياً وسط الواقع المأزوم على مختلف المستويات المالية والخدماتية والإجتماعية، كما شكل الانجاز المتأخر جداً للنسخة الأولى لمشروع قانون “الكابيتال كونترول” مؤشراً إيجابياً آخر ولو ان رحلته لم تبلغ بعد محطتها التشريعية الأخيرة في مجلس النواب، فان ذلك لم يخفف وطأة الاختناقات الأخرى المتصلة بتفاقم الازمات الخدماتية والمالية الأخرى، ولا حجب بطبيعة الحال الدوران الفارغ في حلقة الانسداد الحكومي ولو بقيت بعض الرهانات عالقة على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري.

 

ذلك انه فيما غابت كل معالم التحركات السياسية التي يمكن ان يعتد بها عن المشهد الحكومي مع مطلع الأسبوع، برزت في مواقف أفضى بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لـ “النهار” عشية مغادرته بيروت في زيارة لموسكو معالم التشاؤم الواضحة حيال مجمل الأوضاع الداخلية. اذ لا يكف جنبلاط عن طرح  الاسئلة عن السر الذي يمنع تأليف الحكومة طوال الاشهر الاخيرة في خضم كل هذا السيل الجارف من التحديات. ويسأل “لماذا تضييع كل هذا الوقت وتكبد كل هذه الخسائر”. ويؤكد ان كل المطلوب هو تأليف حكومة مهمة مؤلفة من مجموعة من الاختصاصيين بحسب ما وضع اسسها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. ويقول انه “في حال تشكلت الحكومة لا بد من توحيد  أرقام العجز امام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للحصول على قروض وعقد مؤتمرات من اجل لبنان فلن يحصل على أكثر من مليار ونصف مليار دولار وسط كل هذه الحاجة”. ولا يرى فائدة من التوجه الى تقديم استقالات من المجلس النيابي والتوجه الى انتخابات نيابية مبكرة. ولا يلتقي هنا مع دعوة “القوات اللبنانية” للسير في هذه الخطوة. ويستغرب في الوقت نفسه تلويح العونيين وكتلة “المستقبل” بهذه الاستقالة.

 

اما رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي تحدث الى “النهار” عبر برنامج “لحظات” فقال عن مسالة الحكومة والتعطيل انه “لا يهرب من مسؤوليته لو كان لا يوافق على سعد الحريري، واذا كان الرئيس المكلف لا يريد ان يؤلف حكومة فلا يمكننا ان نفعل شيئا”، وأشار الى ان “تفكيره وفريقه الان هو كيف يجب الضغط  لكي يؤلف الرئيس المكلف الحكومة ونحن لا نريد ان نشارك في الحكومة لكن نحن لا نهرب من مسؤوليتنا مثلما فعل الاخرون لأن اسهل شيء الاستقالة والمعارضة وكسب الشعبية مثلما فعلت القوات ومثلما فعل النواب الذين استقالوا من المجلس”. ورأى باسيل أنّ “اتّفاق مار مخايل نجح في منع الفتنة وفشل في بناء الدولة”، مشيراً إلى أنّه “ليس طبيعياً وجود سلاح غير سلاح الجيش اللبناني”، باعتبار أنّ “هذا الوضع استثنائي ولا يجب أن يستمرّ”.

 

وبرز موقف حاد للمكتب السياسي لحركة “امل” رأى عبره “ان المسؤولين عن #تشكيل الحكومة العتيدة  يتبارون في خطابات وبيانات عنترية وشعبوية لا تحقق حتى مصالحهم ولا اهدافهم، وبالتأكيد تغيب عنها مصلحة الوطن الذي وصل حد الانهيار وآخر الدرك”.

 

تمويل #الكهرباء

اما على صعيد الواقع الخدماتي والمعيشي المازوم فبرزت مسارعة اركان العهد وحكومة تصريف الاعمال امس الى استدراك كارثة التعتيم الشامل مع بدء اقفال الإنتاج في كل معامل الكهرباء. واستكملت عملية توفير الاعتمادات المالية لتأمين الفيول اذ أرسل وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني بعد ظهر امس كتابا إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول تبلغه الموافقة الاستثنائية من  رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب لتغطية سلفة الخزينة للكهرباء بالعملة الأجنبية لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لشراء المحروقات. وكان الوزير ارسل كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء، لطلب استصدار الموافقة الاستثنائية بعدما وافق  رئيس الجمهورية على استصدارها فوقعها دياب وبالتالي فإن أزمة الكهرباء الى انفراج موقت. ويعني هذا الإجراء ان التمويل القسري للكهرباء ضمن سلفة الخزينة التي اقرها مجلس النواب والبالغة قيمتها 200 مليون دولار ستجري تغطيته من الاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان .

 

الكابيتال كونترول

في غضون ذلك، وبعد طول انتظار دام 19 شهرا منذ بدء الازمة المالية والمصرفية  أُقرت لجنة المال والموازنة اقتراح #قانون الكابيتال كونترول في نسخته الأولى تمهيدا لإحالته على اللجان المشتركة ومن ثم على الهيئة العامة للمجلس .

 

ويمكن تحديد البنود الرئيسية للاقتراح بالاتي :

1- يمنع التحويلات إلى الخارج مهما كانت طبيعة الحساب ونوعه، ويستثني:

– ما له الصفة الدائمة: حسابات المؤسسسات المالية الدولية، والمنظمات الدولية والإقليمية والسفارات الأجنبية، والأموال الجديدة التي أدخلت إلى المصارف ولم تكن قد حولت إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول 2019،

– ما له الصفة الطارئة والمشروطة، كنفقات التعليم الجامعي، والضرائب والرسوم والالتزامات المالية المتوجبة لسلطات رسمية أجنبية والمنوطة حصراً بالأصول الشخصية السكنية وليس الاستثمارية، ونفقات الاشتراكات والتطبيقات على الإنترنت، ضمن حد أعلى 50 ألف دولار أميركي وأدنى 25 الف دولار والحسم النهائي للهيئة العامة بعد استلام المعطيات المالية الرقمية من مصرف لبنان.

 

2- يجيز السحوبات في الداخل على الوجه الاتي:

– بالليرة اللبنانية مبلغ 20 مليون ليرة لبنانية شهرياً (لا تشمل السحب من حساب الرواتب والأجور)، أو مبلغ 15 مليون ليرة لبنانية شهرياً، والقرار متروك للهيئة العامة لتحديد السقف.

– بالعملة الأجنبية ما بين 400 و800 دولار على أن يحسم السقف في الهيئة العامة بعد الحصول على الارقام الرسمية من مصرف لبنان قبل الجلسة التشريعية.

 

3- يمنع تحويل الحسابات من الليرة اللبنانية إلى العملات الأجنبية إلا إذا كانت التغطية النقدية الكافية متوفرة لدى المصرف المعني.

 

4- يحد من الاستنساب بتحديده ستة تدابير تضمن إلزامية وحسن تنفيذه:

– إنشاء وحدة لمركزية التحاويل.

– وضع آلية للبت بالطلبات.

– تحديد مرجعية إدارية للتظلم.

– تحديد العقوبات التي تفرض بحق المصرف المخالف وسندها القانوني.

– تحديد مرجعية فرض العقوبات.

– التأكيد على حق المراجعة القضائية.

 

5- إن أي تشريع للكابيتال كونترول يجب أن:

– يعالج موضوع المراجعات العالقة أمام القضاء والمتعلقة بالتحويلات والسحوبات المالية. فقد نص اقتراح القانون على أن تخضع الطلبات المتعلقة بهذه المراجعات لأحكامه مما يسرع البت بها في ضوء تلكؤ القضاء عن ذلك،

– يكون مؤقتاً واستثنائياً لأنه يمس بمرتكزات محمية بموجب الدستور تمّ تجاوزها استثنائياً ولفترة محدودة تحت سقف حماية النقد الوطني ومصلحة الدولة العليا. ولذلك نص اقتراح القانون على أن مدة العمل به هي سنة قابلة للتخفيض بتدبير حكومي إذا زالت الظروف التي استدعت إصداره.

 

6- إن التدابير التي نص اقتراح القانون عليها تبقى عاجزة عن وضع حلول دائمة ما لم تقترن باستقرار سياسي من أولى متطلباته تأليف حكومة تتصدى للمشكلة بكفاءة وجدارة، وإجراء إصلاحات بنيوية من ضمن خطة واضحة ومتكاملة تضع الاقتصاد الوطني على سكة استعادة مقومات حيويته وانطلاقته، وتخرج البلد من أزمته.

 

وقال رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان لـ”النهار”: ان اقرار القانون في اللجنة يمهد لاقراره في الهيئة العامة لمجلس النواب وبالتالي يمنع الاستنسابية ويعطي اشارة الى المجتمع الدولي بان المؤسسات لا تزال تعمل بانتظام وان الارضية اعدت لاي تفاوض مع المؤسسات المالية العالمية، وهذا الامر يعتبر دفعاً لاي حكومة تريد ان تأخذ اجراءات جدية لمعالجة الوضع القائم. كما يؤكد عدم حصرية الاجراءات المالية بمؤسسة واحدة بل بتكامل عمل المؤسسات المختلفة. والقانون اعتمد الارقام وليس التقديرات واعاد القيمة للارقام التي كانت مغيّبة دائما. والقانون بالتاكيد يعلو على المراسيم وهو يشمل السحوبات والتحويلات وغيرها.

 

واذ اكد ان اقرار القانون خطوة في الاتجاه الصحيح ولو متأخرة لاسباب متشابكة لا تلام من خلالها لجنة المال، اعتبر ان الكرة صارت في ملعب المجلس، الذي لا يرى مصلحة بالتاكيد في عدم اقراره.