IMLebanon

النهار: لا تسوية حكومية قريباً والمبارزة الى إشتداد

 

لم تحجب النسبة المعقولة للمشاريع والإقتراحات التي اقرها #مجلس النواب في جلسته التشريعية أمس، التفسّخ المتّسع في واقع المؤسسات الدستورية في ظل أزمة الانقطاع قسراً عن عقد جلسات مجلس الوزراء وابتعاد كل أثر لأي حلّ من شأنه إعادة الانتظام الحكومي أقلّه حتى حلول السنة الجديدة، كما بات يجزم بذلك معظم المعنيين. ذلك ان المشاريع التي أقرت لا تعكس أي حلحلة في الواقع السياسي، بل جاء إقرارها بمثابة تحصيل حاصل لأنها أولاً في معظمها مؤجلة من الجلسة السابقة التي كان إنفرط عقدها عقب الخلاف على موضوع إحتساب الأكثرية النيابية، ثم ان معظم المشاريع التي تتسم بطابع عادي مرّت عبر اللجان ولا تشكّل مواد مثيرة للتباينات والانقسامات التي تتحكم بأزمة الحكومة وأزمة العلاقات بين الشركاء الحكوميين. لذا لم تشكّل الجلسة أي دلالات مهمة حيال الواقع السياسي الذي يبقى في دوامة المراوحة المفتوحة بلا أفق بما قد يفتح الأزمة على مدى يتجاوز مطلع السنة بكثير.

 

وإذ بدا واضحاً بعد أيام على نتائج المحادثات “ال#لبنانية” بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جدة، ان أي اثر لهذا التطور لم يوظف في معالجة الازمة الحكومية بما يعكس رفض الثنائي الشيعي أي حلحلة في مطلبه تنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت، فإن تطوراً جديداً حصل أمس تقدّم معه الملف القضائي من جديد إلى الواجهة بما سيستتبع مزيداً من تصلب الثنائي نفسه. فقد ردّت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت برئاسة القاضية رندا حروق الدعوى المقدمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس لردّ المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، وذلك لعدم الاختصاص النوعي، وقررت تغريم الجهة المدعية مبلغ 800 ألف ليرة لبنانية، وإبلاغ القاضي البيطار مضمون القرار ما يستدعي استئناف التحقيقات والإجراءات المتعلقة بقضية مرفأ بيروت. وهذا التطور يثبت تكراراً ان الثنائي بات في مواجهة حالة قضائية متماسكة جداً وراء البيطار بما يصعب معه انتظار أي تسوية تنهي الأزمة الحكومية على غرار ما تردد أخيراً لجهة مقايضة تنحية البيطار او الإنتقاص من صلاحياته شرطاً للإفراج عن جلسات مجلس الوزراء.

 

اما الجلسة التشريعية لمجلس النواب فلم تخل من “إطلالات” عابرة وسريعة على المناخ السياسي المأزوم، ولو أنها استهلكت الساعات القليلة التي عقدت خلالها بإقرارسريع لعدد من المشاريع. وكان من أبرز المشاريع التي اقرت مشروع #البطاقة التمويلية ومشروع الدولار الطالبي. وتعقيباً على إقرار مشروع البطاقة التمويلية، أوضح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الجلسة ان “الأموال ستدُفَع بالدولار، وسيتم التفاوض مع البنك الدولي لتخفيض النفقات التشغيلة التي يطلبها”. اضاف “الوفر المحقق في الهبة سيكون بالحد الادنى 7 ملايين دولار وسنعمل ليشمل العدد الاكبر من العائلات وسنعتمد منصة impact في الوقت الحاضر وستشرف عليها لجنة برئاستي”. وإلى ذلك اسقطت صفة العجلة عن مشروع القانون الرامي إلى تنظيم كيفية التصرّف بحقوق السحب الخاصة بلبنان من صندوق النقد وحصر استخدام عائداتها. واعترض ميقاتي معتبرا ان ذلك “يمس بعمل السلطة التنفيذية، وربما تضطر الحكومة لاستعمال بعض هذه الأموال لتمويل البطاقة التمويلية”.

 

في المقابل، اقر المجلس صفة العجلة على الإقتراح المتعلق بالدولار الطالبي ولحظ المشروع زيادة العقوبات على المصارف التي لا تلتزم.

 

وكانت لرئيس مجلس النواب نبيه بري مداخلة خلال مناقشة اقتراح قانون تنظيم كيفية التصرف في حقوق السحب الخاصة بلبنان من صندوق النقد الدولي فاعتبر ان “أكبر مكان للهدر هو في الكهرباء، بإمكان هذا المبلغ ان ينشئ معامل كهرباء توفّر على لبنان خلال سنة او أكثر مبالغ طائلة جدا”.

 

وقرابة الثانية بعد الظهر رفع رئيس مجلس النواب الجلسة، معلنا اختتامها بعد ان سقط اقتراح قانون معجل مكرر يتعلق بتمديد العمل بالقانون 200/2020 إلى حين الانتهاء من أعمال التدقيق الجنائي، كما سقط اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تعليق العمل ببعض مواد وفصول القوانين المتصلة بانفجار المرفأ.

 

 

غريو في بعبدا

 

وبينما الجمود السياسي الحكومي الداخلي على حاله، استمرت المتابعة الرسمية لنتائج قمة جدة الفرنسية – السعودية في شقها اللبناني. ولوحظ ان السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو قامت أمس بزيارة قصر بعبدا واطلاع رئيس الجمهورية ميشال عون “بناء على طلب الاليزيه” كما افيد رسمياً، على أجواء الجولة الخليجية التي قام بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ولاسيما زيارته إلى السعودية حيث أبدت المملكة التزامها مساعدة لبنان وضرورة العمل على تطبيق الالتزامات التي تم اتخاذها. وكان متوقعا ان يتصل ماكرون بنفسه بعون بعدما أعلن ذلك عقب لقائه السبت الماضي ولي العهد السعودي. ووفق المعلومات الرسمية في بعبدا فإن غريو أكدت في اللقاء مع عون “أن بلادها حققت الخطوة الأولى في هذا المجال، وان السعودية ودول الخليج جاهزة أيضاً للقيام بالخطوات المطلوبة منها، لافتة إلى ان على لبنان ان يقوم من جانبه بما عليه وان يثبت صدقيته في التزامه الإصلاحات، لاسيما منها الإصلاحات البنيوية التي تحتاج إلى أدوات عمل جدية، لمواجهة هذه الازمة العميقة”. وخلال اللقاء تحدثت غريو مع الرئيس عون عن أولويات الإصلاحات، وشددت على الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي وفرنسا لاجراء الانتخابات النيابية والبلدية والرئاسية العام المقبل خصوصاً ان اللبنانيين ينتظرون هذه الانتخابات.

 

 

صندوق النقد

 

على الصعيد المالي قامت بعثة صندوق النقد الدولي التي تزور بيروت بجولتها على المسؤولين اللبنانيين، للبحث في “برنامج التعافي” والاتفاق على تفاصيله الأساسية.

وعلم من مصادر مواكبة لجولة وفد صندوق النقد الدولي ان الوفد اثار مسألة التأخير في اعداد الورقة اللبنانية واعتبر ان ذلك يؤثر سلباً على الاسراع في وضع الاتفاق موضع التنفيذ.

 

وابرز العناوين التي شدد عليها الوفد:

– ان كل تأخير في انجاز برنامج التعافي كلفته عالية ومطلوب دعم عمل الصندوق

– جهوزية الصندوق لتقديم المساعدة.

– ضرورة الإسراع بالإصلاحات خصوصاً في مؤسسات الدولة والشركات المملوكة من الدولة والبنك المركزي.

– أي تأخير لن يساعد في معالجة الاقتصاد.

– من الضروري التعاون في الخطة الاصلاحية المتكاملة.

– كلما طالت الازمة طالت الكلفة.

– ضرورة الوصول إلى وضع مالي مستدام لخفض معدل الدين العام وهناك ضرورة لإعادة هيكلة هذا الدين.

– ضرورة اعادة النظر في النظام الضرائبي.

-اعادة تأهيل النظام المصرفي خصوصا ان المصارف تعاني من مشاكل عميقة

– الاصلاح لتسريع عملية النمو.

 

ولهذه الغاية، زار المدير المساعد لصندوق النقد تانوس أرفانيتيس الرئيس عون في قصر بعبدا، يرافقه الرئيس الجديد لبعثة الصندوق في لبنان ارنستو ريغو راميراز ورئيس البعثة المنتهية ولايته مارتان سيريزولا. واكد ارفانيتس “استعداد الصندوق للاستمرار في مساعدة لبنان على وضع برنامج متكامل يمكنه من مواجهة الازمة المالية والاقتصادية الراهنة”، لافتا إلى ان “مثل هذا البرنامج يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف الحكوميين والسياسيين والتوافق في ما بينهم لدعم الخطة الاقتصادية الشاملة والمتكاملة التي تعيد الثقة بالواقع الاقتصادي اللبناني”. وعدّد الأسس التي يفترض ان تستند اليها هذه الخطة، مشددا على “ضرورة الإسراع في العمل”، واضعا “إمكانات الصندوق في تصرف لبنان لهذه الغاية”.

 

كذلك التقى وفد صندوق النقد الدولي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا، في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي وتم البحث في إطار الاتفاق على برنامج التعافي والتفاصيل الأساسية التي سيشملها، وهي: المالية العامة، قطاع المصارف، مصرف لبنان، الإصلاحات الهيكلية، والسياسة النقدية. وأبدى الوفد الاستعداد لمساعدة لبنان في التوصل إلى اتفاق للخروج من أزمته الحالية. وعصرا التقى الوفد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان ورئيس لجنة الشؤون الخارجية النائب ياسين جابر وتناول اللقاء الوضعين المالي والاقتصادي في ظل الازمة الراهنة والعمل على خطة الإنقاذ مع صندوق النقد الدولي.