IMLebanon

النهار: العهد يقدّم لمعارضي “حواره” حجّة المقاطعة!

 

أبى رئيس الجمهورية #ميشال عون أمس الا ان يقدم بنفسه، إلى معارضي دعوته إلى الحوار، في توقيت خاطئ وبلا جدوى وفي ظروف شديدة الالتباس، الاثبات القاطع على ان دوافع رفضهم لهذا الحوار تحظى بالصدقية التامة. ذلك ان الرد الغريب الذي صدر عن بعبدا متجاهلاً كل العوامل الحقيقية للانهيار ومهاجماً معارضي دعوة عون ورامياً عليهم حصراً تبعات عهده ومسؤولياته مع سواه في الانهيار الحاصل، بدا بمثابة ادانة ذاتية للعهد من حيث كون سيده حاكما طرفا وليس حاكما متجرداً. ولعل الأسوأ الذي ينال من الرئاسة نفسها قبل ان يطاول خصومها او أي فريق اخر ان ردّ الرئاسة راح يمزج ويخلط بين معارضي دعوة عون إلى الحوار ومعطلي الحكومة ومجلس الوزراء، فلم يجرؤ مرة على تسمية حليف العهد المسؤول الأساسي عن التعطيل الحالي لمجلس الوزراء وهو “حزب الله ” بالتكافل والتضامن مع شريكه الاخر في الثنائية الشيعية حركة “امل”، فيما انبرى إلى اخذ موقع الطرف والفريق المخاصم والمعادي بالكامل في مواجهة الافرقاء الذين تحفظوا او تمنعوا عن طرحه للحوار لغايات وأهداف باتت معروفة قبل اشهر معدودة من الانتخابات النيابية ومن بعدها الرئاسية.

 

هذه السقطة الجديدة للعهد لم تأت على وقع تسارع فصول التدهور في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية فقط، وإنما أيضا على إيقاع صراع سياسي يتعاظم منذ أيام في شأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يبدو انه سيتحول الصراع الأشد خطورة وسخونة في قابل الأيام مع اندفاع العهد، وكما عبر عن ذلك بوضوح تام رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل اول من أمس من قصر بعبدا بالذات، نحو تقييد سلامة ومحاصرته باجراءات قضائية من شأنها ان تفتح الباب واسعاً امام تداعيات خطيرة سياسياً ومالياً. ذلك ان المعطيات المتوافرة في هذا السياق تشير إلى ان رئيسي مجلس النواب والحكومة لم يقفا ساكتين امام الإجراءات التي نفذت في الأيام الأخيرة ضد سلامة وان هذا الملف يتجه نحو تطورات سلبية.

 

وكشفت البيان المسهب الذي أصدره أمس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اتساع المواجهة بينه وبين النائبة العامة الاستتئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، اذ ان سلامة لم يمثل أمامها أمس كما طلبت، بعدما أصدرت مذكرة بمنعه من السفر، بل تقدم سلامة بطلب ردها عن القضية لدى محكمة الاستئناف في جبل لبنان بما يوجب عليها التوقف عن متابعة النظر في القضية إلى ان يفصل القضاء المختص في الطلب. وأعلن ان “الدعاوى المقامة ضده هدفها تشويه صورته “لافتا إلى ان القاضية عون غردت مرارا وتكرارا وبشكل عدائي على حسابها الشخصي متناولة شخصي بعبارة سلبية ومطلقة الأحكام التويترية ضدي”. كما اتهمها باتباع مراسلات خارج الأصول لاستهدافه لدى القضاء السويسري والفرنسي “وبحسب أبسط القواعد القانونية، لا يمكن للقاضي أن يكون خصماً وحكماً في آن واحد”.

 

اما التطور الغريب اللافت فتمثل في ان القاضية عون سارعت إلى الرد على سلامة فأبدت “اسفها لما ورد على لسان السيد سلامة من مغالطات واقعية الهدف منها فقط عدم المثول امام النيابة العامة لتقديم دفاعه في حين ان من هو واثق ببراءته ليس بحاجة للتذرع بكل هذه الدفوع التي اوردها في مذكرته”. ونصحته “بالخضوع للقانون طالما هو مقتنع ببراءته”.

 

كما ان جانبا كبيرا من صورة الاضراب العام الباهت الذي شهدته البلاد أمس على يد اتحاد النقل البري مدعوما من الاتحاد العمالي العام عكس معارك اهل السلطة في ما بينهم. اذ على احقية المطالب المرفوعة لحقوق السائقين والطبقات العاملة التي لا جدال حولها، فان الاضراب تحول إلى عمليات قطع طرق فقط وافتقر إلى مشهد احتجاجي شعبي ثقيل ومتنوع لسائر القطاعات.

 

 

الرد الاتهامي… والردود

 

وبالعودة إلى رد بعبدا على رافضي دعوتها إلى الحوار، فقد تضمن البيان الصادر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية تأكيدا ان “مواقف البعض راوحت بين رفض التشاور ورفض الحوار وهم يتحمّلون مسؤولية ما يترتب على استمرار التعطيل الشامل للسلطات”. وأضاف ان ” دعوة الرئيس عون للحوار ستبقى مفتوحة ويدعو المقاطعين إلى وقف المكابرة والموافقة على إجراء حوار صريح لنقرر مستقبلنا بأيدينا، واستمرار تعطيل مجلس الوزراء هو تعطيل متعمّد لخطة التعافي التي من دونها لا مساعدات ولا إصلاحات وهذا بحد ذاته جريمة لا تغتفر بحق الشعب”. وقال: “المعطّلون للحوار والرافضون له يعرفون أنفسهم جيداً ويعرفهم اللبنانيون ويتحملون مسؤولية خسارة الناس أموالهم وخسارة الدولة مواردها، والرئيس عون يشكر من حضر ومن تجاوب وهو ماضٍ في دعوته للحوار وفي اتخاذ كل مبادرة أو قرار يهدف إلى حماية لبنان واللبنانيين”. وختم ان “التزام الرئيس عون هو في صلب قسمه على احترام الدستور والقوانين فلا الرئيس يخلّ بالقسم وليس هو من يتراجع امام التحديات”.

 

وفي الردود على هذا البيان اعتبر المستشار الإعلامي للرئيس سعد الحريري حسين الوجه في سلسلة تغريدات عبر “تويتر” انه “محزن جداً جداً ان تصل رئاسة الجمهورية ومكتبها الاعلامي إلى حدود الإنكار الكامل لمسار التخبط الذي وضعت فيه البلاد. ويتضاعف الحزن مع حالة البارانويا التي يعانيها العهد والحزب الحاكم. حالة يشخصها البيان الصادر عن الرئاسة بخصوص الحوار الوطني والمعترضين على انعقاده في هذا الظرف . تنسى رئاسة الجمهورية انها تمثل الاب الروحي والسياسي لثقافة تعطيل المؤسسات وتعطيل الحوارات وينسى فخامة الرئاسة انه مسؤول عن تعطيل رئاسة الجمهورية لاكثر من سنتين ونصف، وان حزب الرئاسة الحالية مسؤول عن تعطيل الحكومة لسنوات وسنوات ،وينسى ان خطة التعافي جرى اسقاطها على ابواب بعبدا”. وختم: “محزن جداً جداً ان يصبح النسيان ملازماً للنكران … والنكران من صفات البارانويا”.

 

بدوره، علق الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري، عبر “تويتر”، على البيان قائلا: “رئيس الجمهورية يحاول أن يتهم الآخرين بما هو غارق فيه، بي التعطيل مضيع البوصلة، وعم يحكي بالحس الوطني، فاقد الشيء لا يعطيه”.

 

غير ان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط تجاهل بيان بعبدا وغرد عبر “تويتر”: “افرجوا عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ودعوا الحكومة تجتمع بعيدا عن الحسابات الفئوية الضيقة ودعوا القضاء يعمل من اجل ان تنبت عشبة الامل من وسط ركام الانفجار. اليونان مر بظرف أصعب لكن ادارة تسيبراس اخرجته من الحضيض”.

 

ورد عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص على بيان بعبدا قائلا “فخامة الرئيس، ادعيت طويلا أنك الرئيس القوي، آن الأوان اما ان ترينا بعضاً من قوتك او ان تتواضع وتصارح الناس حول وهم القوة وأسباب تحولها إلى هذا الكمّ من الضعف والعجز. تأخرت بالدعوة إلى الحوار وبكّرت بتغيير النظام بمحاولة تبرير عجزك امام حليفك بعقد جلسة لمجلس الوزراء، عن طريق إحلال طاولة الحوار مكانه، ومحاولة حماية معرقل المؤسسات الحقيقي بالهجوم على رافضي الحوار مع نهجكم الذي لم ينفع معه الحوار منذ العام 2006. نلقاك في الانتخابات”.

 

 

#الغاز المصري .. والترسيم

 

في غضون ذلك اعلن وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب بعد عودته من الولايات المتحدة انه لمس في خلال المحادثات التي اجراها، “دعما اميركيا واضحا لدور صندوق النقد الدولي المرتقب في مساعدة لبنان على تجاوز ظروفه الاقتصادية الصعبة، من خلال الإسراع في خطة التعافي التي تضعها الحكومة اللبنانية ” وقال ان “المسؤولين الاميركيين جددوا تأكيد دعمهم استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان من مصر والأردن عبر سوريا لتعزيز انتاج الطاقة الكهربائية، واستثناء لبنان من القيود التي يضعها قانون قيصر”، وان هذا الامر تم ابلاغه إلى المسؤولين المصريين”. كما اوضح ان “المسؤولين الاميركيين يشجعون المضي في عملية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وان الموفد الأميركي المكلف هذه المهمة اموس هوكشتاين سيحضر إلى لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة لاستئناف مساعيه بهدف تحريك هذا الملف”.