IMLebanon

النهار: السلطة تُعزِّز الفراغ… وتستفزّ الشارع

 

بدت السلطة تتخبط في أعمالها، وتحصد ما زرعته، وتنقلب على نفسها، لتعيد تحريك الشارع الذي استعاد بعضاً من حيويته أمس فنفذ اعتصامات في غير منطقة، وأقفل طرقاً، ولاحق وزراء ونواباً قصدوا أماكن عامة، في تحركات من المتوقع ان ترتفع وتيرتها في الأيام المقبلة بعدما ثبت للبنانيين والمنتفضين ان السلطة القائمة غير مؤهلة لاجراء اصلاحات ولمواجهة الفساد ولاقتسام الحصص، اذ من غير الممكن ان تعمل ضد مصالحها. والسلطة الداعمة لتكليف الدكتور حسان دياب تأليف الحكومة الجديدة (أي الثنائي الشيعي “حزب الله” و”أمل”، و”التيارالوطني الحر”) انقلبت على نفسها، وعلى الرئيس المكلف بعدما وجدته غير مطواع، كما توقعت، فاصطدمت به وبطروحاته، قبل ان تعيد حساباتها، وتفيد من مقتل قائد “فيلق القدس” الايراني قاسم سليماني، لترفض صيغة حكومة التكنوقراط، وتتأرجح بين السياسي والتكنوسياسي، وحكومة لم الشمل، لتعزز الفراغ في السلطة وتطيل أمده، خصوصاً ان الأفرقاء من خارج السلطة، أي “المستقبل” والاشتراكي و”القوات” وغيرهم، لم يجر الاتصال بهم لاستمزاج ارائهم في امكان العودة عن قراراتهم والمشاركة مجدداً في حكومة وحدة وطنية. لكن الأشد طرافة هو اعلان حركة “أمل” عدم نيّتها المشاركة في حكومة حسان دياب، كذلك “التيار الوطني الحر” الذي سيعلن غداً موقفاً مماثلاً، تأكيداً لموقف سابق أبدى فيه استعداده لعدم المشاركة اذا صب القرار في خدمة تسهيل عملية التأليف.

 

وتقول مصادر متابعة إن قرار “أمل” و”التيار الوطني الحر” انما يهدف الى الضغط على الرئيس المكلف لحمله على الاعتذار، وهو ما يصر دياب على عدم الرضوخ له، رافضاً الفكرة. وقد بدأ أكثر من فريق سياسي البحث عن فتاوى قانونية تجيز سحب التكليف منه، في ظل تخوف من ردة فعل سنية قد تتحول الى التضامن معه من باب عدم التعرض للموقع السني الأول، وهو ما لمح اليه دياب في بيانه قبل يومين عندما أكد رفضه تحويل رئاسة الوزراء “مكسر عصا”. الى ذلك، يبرز التباعد كبيراً بين الحركة والتيار في النظرة الى ما بعد دياب، إذ يطمح الرئيس نبيه بري الى إعادة الرئيس سعد الحريري الى السرايا، فيما يرفض الوزير جبران باسيل الأمر، ما يعزز امكانات استمرارالفراغ مدة اطول، مع التداعيات الخطرة المتسارعة ولا سيما على الوضعين المالي والاقتصادي.

 

ويراقب المتابعون بحذر الاجراءات المالية والمصرفية، خصوصاً بعد الكتاب الذي طلب فيه حاكم مصرف لبنان رياض سلامه من وزارة المال صلاحيات استثنائية للمركزي لاتخاذ اجراءات موحدة بين المصارف وتنظيم عملها للحدّ من القلق السائد لدى المودعين. وقد برز أمس موقف لافت لنائب حركة “أمل” هاني قبيسي اتهم فيه مصرف لبنان وحاكمه والمصارف بالمشاركة في ما اعتبره “جريمة فرض عقوبات على لبنان”، إذ قال: “يريدون بقاء هذا الوطن في دوامة وهذه الدوامة فيها تهديدات كثيرة وأبرزها الواقع الاقتصادي المتردي الذي يشارك من يتآمر على هذا الوطن في تدميره. من الداخل هناك المصارف والمصرف المركزي وحاكمه، جميعهم يشاركون في جريمة فرض عقوبات جديدة على لبنان، ونحن نعي ان الغرب فرض عقوبات على لبنان بسبب انتمائه للمقاومة، ولكن ان تعمد بعض المؤسسات الداخلية لايصال العقوبات الى كل بيت بمحاصرة الاموال والودائع فهذا غير مقبول، ونعتبره مشاركة في المؤامرة التي تنفذ عبر مصرف لبنان والمصارف طمعاً بالربح وكي يقع لبنان في أتون الفوضى وهذا ما لن نسكت عليه”.

 

الانتفاضة

 

من جهة أخرى، إستعادت ساحات الانتفاضة الشعبية بريقها في نهاية الأسبوع، بعد انحسار موقت فرضته عوامل مختلفة، واتباع طرق جديدة في مسيرة المنتفضين.

 

ووجهت دعوات الى التجمع تحت شعار “أحد الشماسي” مساء أمس في ساحة الشهداء بوسط بيروت. وتجمهر المتظاهرون عند أحد مداخل مجلس النواب مرددين هتافات ومطالب، قبل ان تتوجه مجموعات لقطع الطرق بشكل موقت عند جسر الرينغ وفي الصيفي.

 

ونفذت مجموعات من الحراك المدني بينها مبادرة “وعي”، اعتصاماً أمام منزل وزير الاتصالات محمد شقير في الحمراء، تخلله مؤتمر صحافي عن التمديد لشركتي “ألفا” و”تاتش”.

 

وتعرض شبان لوزير الاشغال يوسف فنيانوس في مجمع تجاري في ضبيه، وأخرجوه عنوة من المكان. كذلك اشتبكوا مع عمال مطعم في الاشرفية كان النائب طارق المرعبي يتناول فيه الغداء.

 

وكان مئات اللبنانيين تظاهروا السبت تحت شعار “لن ندفع الثمن”، في مسيرة راجلة من مستديرة الدورة مروراً بطريق برج حمود الداخلية وصولاً الى مار مخايل حيث وقفة أمام مؤسسة كهرباء لبنان، فالجميزة ووقفة أخرى أمام مقر جمعية المصارف، ثم الى محيط ساحة النجمة، حيث انضم المشاركون فيها الى المنتفضين احتجاجاً على تجاهل السلطة مطالب الحراك، ورفضاً لاستهتارها بكرامة الناس وتكليف حسان دياب واستمرار “منطق المحاصصة”.

 

وفي طرابلس وعكار وصيدا والبقاع عاود المنتفضون حركتهم، وتوعدوا بالمزيد في الأيام المقبلة رفضاً للتدخل السياسي الفاضح والتقاسم المخزي في عملية تأليف الحكومة، واستمرار العمل السياسي على ما كان قبل الانتفاضة.