IMLebanon

النهار: استعجال دولي للحكومة وميقاتي يهيّئ لتعديل؟

 

لم يكن غريبا ان تستعجل الاسرة الدولية بما عكسه موقفان فوريان صدرا امس عن مجموعة الدعم الدولية من اجل الدولية وفرنسا، الرئيس المكلف #نجيب ميقاتي تشكيل حكومة بسرعة في ظل تفاقم معاناة الشعب اللبناني. اذ ان المخاوف الدولية حيال تعثر تاليف الحكومة لا تختلف عن المخاوف الداخلية، ولا يبدو ان الانهماك الدولي بالتداعيات المدمرة للحرب الروسية على أوكرانيا تسمح للبنان بترف الالتفات الدولي اليه باكثر من بيانات كتلك التي صدرت البارحة رامية كرة استعجال الحكومة وما يترتب عليها من أولويات فورية في ملعب القوى اللبنانية المنتخبة حديثا. ولكن ذلك لا يقلل أهمية المواقف التي صدرت اذ أعلنت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان غداة تكليف ميقاتي انها “اخذت علماً بتكليف رئيس لمجلس الوزراء وتدعو جميع الأفرقاء السياسيين لتشكيل حكومة بسرعة”. وأضافت في بيان “لا يستطيع لبنان ومواطنوه تحمل الشلل السياسي، نظراً للتحديات الإقتصادية والإجتماعية القاسية التي يواجهونها. كما تؤكد مجموعة الدعم الدولية أهمية الالتزام بالمهل الدستورية من أجل إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها المحدد. وتحث مجموعة الدعم الدولية الأطراف اللبنانية المعنية، بما في ذلك السلطات التنفيذية والتشريعية، على العمل بسرعة على تشكيل سريع لحكومة تستطيع تنفيذ إصلاحات مهمة ومؤجلة من أجل تخفيف معاناة الشعب اللبناني. وعلى السلطات على وجه الخصوص الإيفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها في الاتفاق الذي ابرم على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي في 7 نيسان 2022، بما في ذلك عبر إقرار قوانين الموازنة ووضع ضوابط على حركة رؤوس الأموال والسرية المصرفية وتنظيم القطاع المصرفي، بالإضافة إلى قرارات الحكومة والمصرف المركزي بشأن تنظيم القطاع المصرفي وتوحيد أسعار الصرف، بهدف إرساء أسس متينة للإغاثة الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق التعافي المستدام للبنان. وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هي من خلال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بدعم من المانحين الدوليين. وتستمر مجموعة الدعم الدولية بالوقوف إلى جانب لبنان وشعبه”.

 

وبدورها اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أُن “فرنسا احيطت علمًا بتعيين السيد نجيب ميقاتي في منصب رئيس الوزراء بعد المشاورات التي أجريت في مجلس النواب الجديد. ويقع على عاتق رئيس الوزراء المعيّن تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن قادرة على تنفيذ التدابير الطارئة والإصلاحات الهيكلية الضرورية للنهوض بالبلد، التي تم التفاوض عليها في نيسان المنصرم مع صندوق النقد الدولي.

 

وتقع المسؤولية على عاتق جميع القوى السياسية اللبنانية الممثلة في البرلمان، وذلك بعد مضي أكثر من شهر على الانتخابات التشريعية. ويتعين على ممثلي الشعب اللبناني العمل أخيرًا وفي أسرع وقت ممكن لخدمة مصالح البلد العامة نظرًا إلى التدهور المتواصل في ظروف اللبنانيين المعيشية. وتذكّر فرنسا بحرصها على أن تُعقد الانتخابات الرئاسية وفقًا للجدول الزمني المنصوص عليه في الدستور اللبناني.وستواصل فرنسا التزامها التام إلى جانب الشعب اللبناني.”

 

 

استشارات ميقاتي

اما على صعيد المشهد الداخلي غداة التكليف فاعلنت الامانة العامة لمجلس النواب مواعيد استشارات التأليف غير الملزمة التي سيجريها ميقاتي في المجلس، اعتبارا من بعد ظهر الإثنين على ان تستمر الى بعد الظهر الثلثاء.

 

ونقل مراجعو ميقاتي وزواره بعد تكليفه عنه بأنه يرفض وضع اي شروط مسبقة عليه من أي جهة. ورغم العوائق التي تعترض المسار الا انه سيستغل اي كوة تساعد في الاقتراب من التأليف. وهذا ما سيعكسه في الاستشارات النيابية غير الملزمة مع الكتل. ولم يدخل ميقاتي بعد في شكل الحكومة والتوجه نحو الوزراء في انتظار الاستماع الى جميع الاراء النيابية. وينقل عنه انه يريد بالفعل “حكومة منسجمة”، ولا سيما ان الوقت لا يسمح بأي مشكلات او احداث اي ازمات وسط كل هذا الكم من التحديات. وشدد على مسألة عدم اطلاق اي تشكيلة حكومية مستعجلة اذا لم تكن وفق المواصفات المطلوبة التي تساعد في انقاذ البلد. وكانت قد وصلته اكثر من اشارة من رئيس مجلس النواب نبيه بري وغيره بضرورة الاسراع في التشكيل، لكن في الوقت نفسه طلبت منه تفعيل تصريف الاعمال ودعوة الحكومة الى الانعقاد عندما تدعو الحاجة، ولا سيما حيال المطالب المعيشية وفي مقدمها ازمة الرغيف التي تهدد بفوضى اجتماعية على ابواب الافران في مختلف المناطق في مشهد لم يعرفه اللبنانيون في ايام الحرب .

 

اما البارز في اتجاهات الرئيس المكلف فهي معلومات تؤكد انه اذا نجحت مشاورات ميقاتي الجارية حالياً والتي سيستكملها في الاستشارات النيابية غير الملزمة الأسبوع المقبل، فهو يعتزم اجراء تطعيم للحكومة الحالية فقط، ويضع الصيغة المعدلة على طاولة رئيس الجمهورية، رامياً كرة التعطيل لديه ولدى فريقه السياسي، اذا كان هذا الفريق قادراً على تحمل تبعات تعطيل على مسافة أشهر معدودة من انتهاء الولاية الرئاسية.

 

 

دار الفتوى

وحظي ميقاتي بدعم قوي من دار الفتوى فيما تردد مزيد من الاصداء الواجمة لـ”مقاطعة ” الكتلتين الاكبرين لدى المسيحيين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة . وسجلت مواقف لافتة لمفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف #دريان الذي اتصل بميقاتي مهنئا بتكليفه ومتمنيا له النجاح والتوفيق في مهامه “بتحقيق النهوض بالوطن في شتى المجالات وتفعيل عمل المؤسسات الرسمية والقيام بالإصلاحات المطلوبة”، قبل ان يزوره الرئيس المكلّف في دارته وينتقلا لاداء صلاة الجمعة في مسجد الامير منذر في وسط بيروت.

 

وحرص دريان على الطمأنة الى ان “أهل السنة والجماعة في لبنان بخير رغم كل ما يتعرضون له من أزمات متلاحقة وسيبقى دورهم ومكانتهم وموقعهم الشعبي والدستوري والأساسي في المجلس النيابي وفي الحكومة ورئاستها في الدولة اللبنانية”، معلنا ان “دار الفتوى المؤتمنة على الوجود والتاريخ والعقيدة لما فيه مصلحة المسلمين واللبنانيين جميعا مواقفها ثابتة وصلبة لا تزعزعها التحديات وستواجه بقوة وحزم كل الأفكار والطروحات المريبة والمشاريع المشبوهة التي تنال من الشريعة الإسلامية السمحاء”.

 

وسط هذه الاجواء، شدد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على “أهمية انتخابات رئاسة الجمهورية التي يطالب بإجرائها في بداية المهلة الدستورية، بعد ان خسر رئيس الجمهورية ميشال عون الفرصة الجدية التي منحت اليه لإنقاذ البلد”. ولفت الى انه “امام الاستحقاق الرئاسي نعمل جاهداً لتوصل المعارضة الى دعم اسم واحد، ولا سيما ان لا قدرة او جرأة لأي احد على تعطيل هذا الاستحقاق او تأخير حصوله، باعتبار انه باب الخلاص الأول المتاح امام اللبنانيين”.

 

في المقابل دعا رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الى تشكيل حكومة مصغرة وقال “الجميع قال ان هناك اشهرا متبقية من ولاية هذا العهد يجب ألا نضيعها في البحث عن رئيس حكومة، والحمد لله سارَعنا في العمل وتم تكليف رئيس للحكومة والآن سنسارع لنشكل الحكومة حتى لا نضيع الأشهر المتبقية في توزيع الحصص والتخاصم حولها”. وتابع: “انظروا إلى الأولويات التي يحتاجها البلد ولنشكل حكومة تستطيع أن تخدم هذه الأولويات، واختصروا الوزارات ولا داعي لكثرتها. لتكن الحكومة قادرة على خدمة الأولويات التي تتطلّبها المرحلة الحاضرة في البلاد ومنها إنقاذ الوضع النقدي، وتأمين الكهرباء، وإقرار خطة التعافي، تثبيت سعر الليرة اللبنانية، تنشيط الحركة الإقتصادية في مختلف المجالات، تأمين المواد اللازمة الغذائية والطبيّة والحدّ الأدنى من الرعاية التي تسهم في الإنتاجية في المرحلة المقبلة “.

 

وفي سياق متصل بأزمة الطاقة في لبنان اعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس “اننا نرحب بتوصل مصر ولبنان إلى اتفاق لتوفير الغاز للبنان للتخفيف من أزمة الطاقة”. واضاف برايس “هذه خطوة مهمة نحو التعاون الإقليمي لدعم الشعب اللبناني. نحن نتطلع للعمل مع البنك الدولي لمراجعة التفاصيل “.