IMLebanon

النهار: على وقع الفواجع… ماذا بعد نيويورك؟

 

كادت أجواء الصدمة والحزن والغضب العارم في مناطق #طرابلس وعكار امتدادا الى سائر المناطق ال#لبنانية جراء انكشاف مزيد من الفصول المفجعة في حادث غرق “مركب الموت” الجديد المبحر من شمال لبنان ليلقى مصيره الدراماتيكي قبالة ساحل طرطوس موديا بما يتجاوز ال80 ضحية ان تطمس وتحجب كل الاستحقاقات الكبيرة المتزاحمة دستوريا وسياسيا و”ترسيميا” . اذ ان أجواء الفجيعة الجديدة هذه طغت على المشهد السياسي الذي بدا أساسا في فترة ترقب مشدودة الى ما بعد الاثنين المقبل بحيث ينتظر ان تستعاد الحيوية السياسية المتصلة باستحقاقي تاليف الحكومة والانتخابات الرئاسية سواء بسواء عقب انتهاء جلسة انجاز إقرار الموازنة الاثنين . وفيما تطلق عودة رئيس حكومة تصريف الاعمال #نجيب ميقاتي من نيويورك في عطلة نهاية الأسبوع العنان للجهود المتجددة في شأن الملف الحكومي فان ثمة موشرات الى ان الازمات المحتدمة على المستوى المصرفي والمعيشي والاجتماعي ستشكل العامل الأشد ضغطا لاتمام التسوية الحكومية بسرعة لان الوضع بات ينذر بتداعيات خطيرة واقفال المصارف الى امد مفتوح يهدد بتداعيات أسوأ من تلك التي أدت الى اقفالها ولا بد من إدارة حكومية عاجلة لاحتواء هذه الازمات .

 

وجاءت كارثة غرق المركب لتزيد قتامة المشهد الاجتماعي والإنساني وتصور لبنان على انه صار ارض #الهجرة غير الشرعية بكل ما تختزنه وقائع الحوادث التي تواكب وتتسبب بها عمليات الهجرة غير الشرعية من فواجع صادمة على غرار الفاجعة الأخيرة . ففي وقت تواصلت فيه عملية انتشال الجثث من البحر امس، أعلن المرصد السوري قرابة الثانية بعد الظهر ان حصيلة ضحايا قارب المهاجرين بات 81 قتيلاً. ومن جهته، أكد مدير عام الموانئ السورية انتشال ٢٠ ناجياً و ٧٣ متوفياً، كحصيلة غير نهائية لـ “مركب الموت -2” الذي كان انطلق منذ أيام من منطقة المنية وعلى متنه مهاجرون من جنسيات مختلفة، مشيرا الى ان البحث ما زال مستمرا. بدوره، أوضح وزير الاشغال علي حمية ان “عدد ضحايا غرق المركب بلغ 75 شخصا، بينهم ٩ لبنانيين، فيما نجا عشرون آخرون، بينهم 5 لبنانيين، 12 سورياً و3 فلسطينين”.وقال أن “اغلبية الضحايا في الحادثة ليست لديهم اوراق ثبوتية”، مضيفا ان “بناء على احد المعطيات من احد الناجين وفق ما اخبرني وزير النقل السوري ان عدد من كانوا على الزورق يفوق الـ120 شخصاً”. ولفت حمية الى ان “الزورق خشبي وصغير جداً وهو وصل الى لبنان منذ شهرين”. وتم توجيه دعوة لاهالي المفقودين للتوجه الى مشفى الباسل في طرطوس للتعرف على الجثث لانها مجهولة الهوية. وبدأت عملية نقل جثث الضحايا اللبنانيين عصرا من طرطوس الى نقطة العريضة حيث نقل تسعة جثامين . وليلا افيد عن تجاوز عدد الضحايا ال 87 قتيلا وقدر الناجون بعشرين شخصا .

 

واعلنت قيادة الجيش أوقفت دورية من مديرية المخابرات في طرابلس- الميناء كلاً من المواطنين لوجود سوابق لهم في عمليات التهريب ولمحاولتهم شراء مركب للقيام لاحقاً بعملية تهريب أشخاص عبر البحر بطريقة غير شرعية . كما أوقفت دورية أخرى من المديرية في محلة دير عمار المواطنين للاشتباه بقيامهم بأعمال التهريب عبر البحر ومراقبة دوريات القوات البحرية.

 

 

الدول… والأسماء

اما بالعودة الى المشهد السياسي – الرئاسي فان ابرز ما سجل في الأيام الأخيرة من مواقف وتحركات دولية اوجزته مراسلة “النهار” في باريس رنده تقي الدين في تقرير أوضحت فيه ان الاتصالات اللبنانية الفرنسية الاميركية التي جرت بين كل من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن تشير الى ان اجراء الانتخاب الرئاسي في لبنان في موعده يشكل ضرورة بالنسبة الى فرنسا والولايات المتحدة كي يتجنب البلد ازمة دستورية تضاف الى كل المآسي الذي يواجهها لبنان .

 

وتشير هذه المعلومات الى انه في الاجتماع الثلاثي لكبار المسؤولين في وزارات الخارجية الأميركية والفرنسية والسعودية على هامش اعمال الدورة العادية للأمم المتحدة في نيويورك لم يجر التطرق الى اي اسم من أسماء المرشحين للرئاسة اللبنانية ولكن المهم بالنسبة الدول الثلاث ان يكون هناك اتفاق على شخصية تعي المسوؤليات في العمل مع حكومة تنفذ الإصلاحات لاخراج البلد من مأزقه حسب المصادر الدبلوماسية الغربية المتابعة للملف اللبناني . وقد تم على هذا الأساس اصدار البيان على مستوى وزراء الخارجية للدول الثلاث. ومع ذلك

 

فان معلومات “النهار” تشير الى ان الاجتماع الثنائي الفرنسي السعودي الذي عقد في باريس قبل أسبوعين كان نوعا من جس النبض الفرنسي حول المرشحين التقليديين المعروفين للرئاسة وهم رئيس “تيار المردة “سليمان فرنجية الذي حسب هذه المعلومات هو مرفوض اميركيا وسعوديا لارتباطه ب”حزب الله” وببشار الأسد . ورئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع الذي يعتبر مرشحا غير توافقي ، ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل المرفوض دوليا وهو تحت العقوبات الأميركية، واحتمال ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون . ولعل الانطباع الذي يتجلى من خلال هذه المعلومات ل”النهار” ان لا مانع لدى الدول الثلاث الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية من ان يكون قائد الجيش المرشح الأكثر حظا خصوصا ان معلومات باريس تشير الى ان “حزب الله” لا يعارضه علما انه اذا تم التوافق بين اللبنانيين على شخصية ذات خبرة دولية واقتصادية ذات سمعة ونزاهة وكفاءة فيرحب بانتخابها والمهم ان يتم الانتخاب في موعده كما أشار البيان الوزاري الثلاثي في نيويورك.

 

وامس اشارت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا الى أنّ “فرنسا كررت دعوة المسؤولين اللبنانيين كي يتصرفوا بمسؤولية وكي يستجيبوا لطلب اللبنانيين”.

 

وقالت كولونا خلال مؤتمر صحافي في نيويورك إن “صيغة الدعوة جاءت بطريقة “غير مسبوقة” أي ببيان مشترك بين فرنسا وأميركا والسعودية”.ولفتت إلى أن “الدول الثلاث ذكرت بأن الانتخابات يجب أن تجري وفق الرزنامة التي حددها الدستور وبأن الإصلاحات يجب أن تجري وأن تسمح بالتوقيع على اتفاق كامل مع صندوق النقد الدولي” مشددة على أنّ “هذا الاتفاق ‏لابد منه بالنسبة للبنان بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الهش الذي يعيشه”.

 

الملف الحكومي

وفيما تتجه الانظار الى الوضع الحكومي الذي سيتحرّك مع عودة ميقاتي من نيويورك قالت مصادر معنية بالملف الحكومي ان التشكيل سيبت مبدئيا بعد اقرار الموازنة المتوقع في جلسة الاثنين المقبل. واعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس عن “ارتياحه للبيان الثلاثي الذي صدر عن فرنسا والولايات المتحدة الاميركية والسعودية في ما خص الوضع في لبنان”، مؤكداً “ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية وتشكيل حكومة جديدة تنال ثقة مجلس النواب قبل انتهاء الولاية الرئاسية في 31 تشرين الاول المقبل”، وكرر “ضرورة تطبيق الاصلاحات التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي، وازالة كل العراقيل التي تحول دون ذلك”.

 

ومن جانبه، اعرب الرئيس ميقاتي عن امله في ان يصار في الاجتماعات التي سيعقدها مع الرئيس عون الاسبوع المقبل “الى انهاء الملف الحكومي، لانه لا يحتاج الى الكثير من النقاش، والبلد بحاجة الى حكومة لتستطيع التصدي قدر المستطاع للمشكلات التي نعاني منها، ونأمل بالتعاون مع مجلس النواب ان نتصدى لكل هذه المشكلات”. وقال “في كل اللقاءات التي عقدتها (في نيويورك) شرحت الوضع في لبنان والصعوبات التي نواجهها في كل القطاعات واكدت ان في طليعة الاستحقاقات الداهمة اليوم انتخابات رئاسة الجمهورية ووجوب اجرائها في الموعد المحدد. صحيح ان هذا الاستحقاق ليس كل الحل، ولكنه خطوة اساسية، وقد ركزت في لقاءاتي مع الرؤساء والمسؤولين الذين اجتمعت معهم على اهمية هذا الاستحقاق وطلبت دعمهم بالاتصالات لاتمام هذا الاستحقاق. كذلك فقد استحوذ موضوع ترسيم الحدود البحرية اللبنانية على حيز من البحث في لقاءاتي. الموضوع متقدم من دون شك ولكن العبرة تبقى في النهايات، وهناك بعض الخطوات الاخيرة ننتظر بشأنها بعض الاجوبة، وان تكون رسمية لنبني على الشيء مقتضاه”.

 

في نيويورك أيضا التقى ميقاتي الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس في حضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب ومندوبة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة السفيرة امال مدللي.وخلال اللقاء دعا غوتيريس “الى الاسراع في تشكيل حكومة لبنانية جديدة واجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها”. ونوّه “بما تضمنته كلمة رئيس الحكومة امام الجمعية العامة لا سيما لجهة دعم مهمة اليونيفيل والتزام القرارات الدولية والتنسيق مع الجيش”. واشار “الى ان ما عبر عنه الرئيس ميقاتي بشأن وضع الاونروا سيكون موضع متابعة اممية لتحسين اوضاع الفلسطينيين المقيمين في لبنان”.

 

كذلك، التقى الرئيس ميقاتي وزير خارجية مصر سامح شكري الذي أكد “ان القمة العربية المقبلة في الجزائر تشكل فرصة مهمة لتعزيز العلاقات العربية- العربية وتعزيز التعاون المشترك”. ولفت الى “انه سيزور بيروت قريبا”. وكان ميقاتي حضر وزوجته حفل الاستقبال الذي أقامه الرئيس الأميركي جو بايدن على شرف رؤساء الوفود المشاركين في الجمعية العمومية للأمم المتحدة .