IMLebanon

النهار: تقلبات الحلفاء: لا تقدّم لا تراجع لا اعتذار !

 

مع طي أسبوع اضافي من أسابيع الدوران في الحلقة المفرغة التي تحكم حصارها على استحقاق تأليف الحكومة الموعودة بدا واضحاً ان الانكشاف السياسي لقوى تحالف العهد و8 آذار المتخبط بحسابات متناقضة حيال التشكيلة الحكومية لن يكون مجرد نزهة عابرة أو عارضاً سريعاً بل ربما كانت الايام المقبلة مرشحة لكشف المزيد من التفسخ بين هؤلاء الافرقاء بما يضع المأزق الحكومي في دائرة الجمود الطويل والمراوحة المفتوحة الى ان يبرز جديد ما يخرج الحل الممكن من قمقم الوسطاء . ولعل اللافت في هذا السياق انها المرة الاولى منذ تكليف الدكتور حسان دياب تأليف الحكومة الجديدة التي تبرز، معالم انفجار مكتوم في علاقات القوى التي دعمت تكليفه من دون اتفاقها ضمنا على تشكيلة الحكومة، وما ان مضى دياب في تذليل العقبات وازالة العثرات من طريق حكومة التكنوقراط التي انتزع الموافقات المبدئية عليها من داعميه، حتى بدأت معالم التراجعات عنها تبرز تباعاً مقرونة بتناقضات واضحة بين فريق العهد و”التيار الوطني الحر” من جهة والثنائي الشيعي من جهة أخرى.

 

ولم يكن أدل على هذا الانفجار المكتوم داخل التحالف الداعم لتكليف دياب من تغريدة النائب جميل السيد أمس عبر حسابه الخاص على “تويتر” والتي قال فيها: “الحقيقة جرى التوافق على 18 وزيراً تكنوقراط بلا وزراء من الحكومة السابقة . بعد إغتيال سليماني جنح الرئيس بري الى حكومة مختلطة، وكذلك الرئيس عون وباسيل ثم تراجعا إلى تكنوقراط، “حزب الله” تريَّث ولم يبدّل رأيه والرئيس دياب خلافاً لكل ما يشاع، هو مصرّ على تكنوقراط ولن يعتذر عن التكليف”.

 

واذا كانت هذه التغريدة لاحد أبرز من يصح في وصفهم “شهد شاهد من أهله “تختصر تقلبات داعمي دياب، فان المعلومات التي توافرت أمس عن مجريات مأزق التأليف اشارت الى امكان ان تبقى الازمة مفتوحة فترة طويلة ما لم يبادر فريق العهد وتياره والثنائي الشيعي الى اعادة تقويم سريعة للخسائر الهائلة التي ستلحق بهم معرضة صدقية العهد وحلفائه لخسائر موجعة للغاية من جهة والتحسب في موازاة ذلك لمنحى التدهور الخطير الذي يجتازه لبنان في وتيرة سريعة ويومية بفعل الفراغ الحكومي الناجم عن التمادي في التأخير في تأليف حكومة جديدة وعقم رمي كرة المسؤولية في هذا التدهور على عاتق حكومة تصريف الاعمال التي لا يمكنها في أقصى حدود صلاحياتها المحدودة الا تسيير الامور البديهية من مرافق الدولة.

 

ولم تستبعد أوساط متابعة للاتصالات الجارية في الملف الحكومي ان تبرز تراجعات عن التراجعات التي ادت الى عرقلة مهمة الرئيس المكلف، خصوصاً ان أفرقاء التحالف الداعم لتكليفه لا يملكون بديلاً منه، كما لم تبلغ شروط كل منهم حدود اعادة النظر في دعم دياب، بل ان الفرملة التي طرأت على مواقفهم من التشكيلة الحكومية بدت نتيجة حسابات متاخرة يتصل بعضها بالواقع الاقليمي الطارئ في ظل تصاعد المواجهة الاميركية – الايرانية، كما يتصل بعضها الآخر بطموحات وصفت بانها “جشعة” في شأن الحصص الوزارية. وأكدت الاوساط في هذا السياق ان توتراً ساد اجواء العلاقات بين افرقاء الاكثرية المؤيدة لدياب، كما انعكس هذا التوتر على العلاقات “الطرية” الناشئة بين دياب وبعض القوى الاساسية المؤيدة له الامر الذي طبع المشهد السياسي في الايام الثلاثة الاخيرة بجمود واسع كثرت معه التكهنات والتقديرات ان دياب قد يقدم على الاعتذار عن تشكيل الحكومة. لكن الرئيس المكلف عاد عبر الاوساط القريبة منه الى التشديد على انه مستمر في مهمته ولن يعتذر ولن يبدل تركيبة حكومته التكنوقراط من 18 وزيراً.

 

 

وفي ظل هذه المعطيات تعتقد الاوساط نفسها ان مطلع الاسبوع الجديد سيحمل ملامح تحركات كثيفة لبت موضوع التركيبة الحكومة نهائياً والتوافق عليها بين الافرقاء وبينهم وبين الرئيس المكلف لان عامل الوقت تحول الى كابوس ضاغط على الافرقاء كما على سائر اللبنانيين بعدما تحركت المخاوف بقوة غير مسبوقة مع تصاعد وتيرة التراجعات المالية في بورصة “دولار الصرافين” الذي بلغ أمس عتبة 2450 ليرة لبنانية كما سجل تصاعد مخاوف جديدة من صدامات بين مودعين ومصارف في ظل تكاثر الحوادث المتصلة بهذه الظاهرة. فعلى رغم عدم اعتراف السلطة ومصرف لبنان بسوق الصرافين واعتبارها سوقاً سوداء، إلا أنّ المصارف التي تُعدّ “رسمية” وخاضعة لقوانين الدولة اللبنانية من ناحية تحديد الدولار، لا تعطي العملة الصعبة للمواطنين فيبقى الصرافون ملاذهم الوحيد. وهنا يُطرح السؤال: هل يصل الدولار إلى 3000 ليرة وأكثر؟ وأين سيُصبح لبنان بقطاعاته في حينه؟

 

“القوات” و”المستقبل”

 

وفي هذا السياق عقد تكتل “الجمهوريّة القويّة” اجتماعا أمس برئاسة رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع، في معراب، وأجرى المجتمعون “بحثاً معمّقاً في كل جوانب الأزمة المستفحلة في البلاد، حيث رُفع الإجتماع بعد ثلاث ساعات ونصف ساعة بعد أن قرّر التكتل إبقاء اجتماعاته مفتوحة نظراً الى حدّة ودقّة الأزمة”.وقالت مصادر بارزة في معراب لـ”النهار” إن “القوات” لا تزال متمسكة بحكومة اختصاصيين مستقلين، أمّا دواء “لمّ الشمل” فلن يجدي نفعاً اذ تعتبر أن “اقتراح حكومة لمّ الشمل هو خارج إطار اللحظة السياسية في البلاد. فحكومات الوحدة الوطنية كانت بمثابة حكومات فاشلة، والنتيجة الوحيدة التي أدت اليها هي الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي، فضلاً عن أن الدعوة الى حكومة “لمّ شمل” تُطرح في البلاد التي تواجه أزمات تستدعي تكاتف القوى السياسية في مواجهتها، فيما نتجت خلفية الدعوة الى هذا الطرح على أثر تطورات إقليمية هي عبارة عن عنوان خلافي بين اللبنانيين منذ سنة 2005 ولغاية اليوم بين من يريد النأي بلبنان عن صراع المحاور الخارجية، ومن يعمل على توريطه في هذه الصراعات. ولا يمكن تالياً لمّ الشمل تحت عنوان سياسي خلافي كان يفجر الحكومات السابقة المسمّاة حكومات وحدة وطنية عندما يُطرح على طاولة البحث بين الفريقين”، ورأت ان دياب كان يسير بحكومة اختصاصيين محسوبين على القوى السياسية، وهو سيناريو حكوميّ لا يمكن أن ينجح باعتباره من لون واحد، ولا يمكن أن يحظى بثقة الخارج أو بأي مساعدات ممكنة. وما لبث أن ظهر على السطح طرح حكومة تكنو-سياسية على خلفية الأحداث الإقليمية، الذي تستقرئه أوساط معراب على أنه “للضغط على الرئيس المكلف تحت عنوان أن هناك عصا وجزرة أمامه، ولا بدّ له من الأخذ بشروط الوزير جبران باسيل”.

 

ومن جهتها، أكدت مصادر قيادية في “تيار المستقبل” لـ”النهار” أن التيار “لن يدخل أي حكومة لا رؤية فيها ومن شأنها اعادة تظهير حكومات تسبّبت بالأزمة التي وصلت اليها البلاد. أما الاقتراح الوحيد الذي كان يمكن أن يتبنّاه الرئيس سعد الحريري، فهو السيناريو الحكومي الذي اقترحه قبل اعتذاره، فيما حكومات لمّ شمل هي مجرّد كلمات عاطفية والمشاركة فيها مسألة غير واردة”.

 

في غضون ذلك، تجدد تحرك الانتفاضة الشعبية أمس في بيروت والمناطق، بعد اقتصار معظمه في الأيام الأخيرة على الشمال وعكار، وشمل مؤسسات عامة وبلدية ومراكز صيارفة واحتجاجات على التقنين القاسي في التيار الكهربائي.

 

وفي بيروت تجمهر ناشطون امام مبنى بلديتها ورددوا هتافات تطالب باستقالة المحافظ ورئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي.

 

كذلك تجمع شبان رافضون لمطالب الناشطين، ورشقوهم بالحجارة وأصابوا فتاة.

 

دياب

 

وعندما حاول المحتجون اقتحام القصر البلدي، حصل تدافع بينهم وبين قوى الأمن التي آزرتها قوة من الجيش حضرت على عجل.

 

وليل امس اصدر الرئيس المكلف دياب بيانا عبر تويتر أعلن فيه انه لن يقبل ان تصبح الحكومة مكسر عصا مؤكدا انه سيكمل مشاوراته واتصالاته لتشكيل الحكومة وقال انه مهما بلغت الضغوط لن تغير قناعاته ولن ارضخ للتهويل مجددا التزامه المعايير التي وضعها لتشكيل الحكومة لانه مقتنع انها تشكل خشبة الخلاص لوقف الانهيار الحاد على كل المستويات .واشار الى انه يواصل مهمته لتشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة تؤمن حماية اللبنانيين في الزمن الصعب عنوانها إنقاذ البلد