IMLebanon

هل تكون الانتخابات البلدية “ضحية” التصعيد؟ “المستقبل” لجنبلاط: حملة حسابات صغيرة وفئوية

ليست جرة واحدة تلك التي انكسرت، بل مجموعة من الجرار تكسرت او ستتكسر في مدة قياسية، إن في العلاقة بين وزارة الداخلية والاشتراكي، أم بين وزارة الاتصالات والاشتراكي، أم بين الاخير وكتلة “المستقبل” النيابية، أو بين المعنيين بملف أمن الدولة، ولاحقاً بملف التشريع بعد جلسة حوار وطني جديدة ستعقد ظهر اليوم. مشهد ينذر بمزيد من السقوط ويعبر خير تعبير عن الاهتراء الذي يدب في اوصال الدولة ومؤسساتها والذي اتسع نطاقه منذ الشغور الرئاسي في أيار 2014. وقد تخوفت مصادر نيابية من ارتفاع وتيرة الخلافات وانعكاسها على الشارع تمهيداً “للتلاعب بمواعيد الانتخابات البلدية على أيدي متضررين بإجرائها”. في المقابل، قال مصدر وزاري إن “الاندفاع الى فتح كل الملفات دفعة واحدة يشير الى رغبة في خلط الاوراق وتبرير تغيير التحالفات او الى التصعيد مقدمة للاتفاق وطي الملفات في رزمة واحدة”.

أمس اتسعت دائرة الردود بين وزير الداخلية نهاد المشنوق والحزب التقدمي الاشتراكي، وأخذت منحى تصعيدياً بعدما شن رئيس التقدمي وليد جنبلاط هجوماً عنيفاً على المشنوق وعلى مستشاريه الذين “يحاولون اقالة رئيس الشرطة القضائية وتعيين آخر محله”، قائلاً إن “التحقيقات في ملفات الهدر في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي توقفت لسبب مجهول”، ما جعل المشنوق يرد مؤكداً انه “ليس على علمه ان هناك استبدال العميد ناجي المصري قائد الشرطة القضائية في قوى الأمن بأي عميد آخر الى أي جهة انتمى”. وشدد على ان “التحقيقات في قضية الاهدار المالي في قوى الامن مستمرة ويتم توقيف المتورطين”.

واتت حملة جنبلاط مترافقة مع طلب لوزير الصحة وائل ابوفاعور في مجلس الوزراء كشف المصاريف السرية للوزراء الامنيين وكان القصد واضحاً وهو المشنوق الذي أعاد نشر مقال في “الشرق” عبر حسابيه على “تويتر” و”فايسبوك” يتضمن هجوماً عنيفاً على جنبلاط تحت عنوان “هذا هو وليد جنبلاط أحد أكبر وأعتى رموز الفساد في تاريخ لبنان”، وهو عنوان مختلف للمقال المنشور في الصحيفة. ورداً على خطوة المشنوق أكد ابوفاعور قبيل خروجه من اجتماع لجنة الاتصالات ان “وزير الداخلية يرشح زيتاً من ارقام السيارات الى كاميرات بيروت”.

هذا الهجوم استدعى رداً من كتلة “المستقبل” النيابية اعتبرت فيه ان “الحملة المنظمة التي يتعرض لها وزير الداخلية إنطلاقاً من بعض الحسابات الصغيرة والفئوية لا تخدم منطق الدولة التي نطمح إليها ولا يعزّز المؤسسات التي يجب أن تكون في خدمة الجميع، في الوقت الذي يعمل البعض على هدمها وتقويض دورها”.

وفيما سرت معلومات عن ان امتعاض جنبلاط من المشنوق سببه وجود ضابطين مقربين من رئيس “تيار التوحيد العربي” وئام وهاب في مكتب وزير الداخلية، غرّد وهاب: “فجأة أصبح نهاد المشنوق فاسداً لأنه رفض إزاحة ضابطين درزيين من مكتبه لا يدينان بالولاء السياسي للوزير جنبلاط”. وقال: “يرضى القتيل وليس يرضى القاتل يا بك، حكمت بالإعدام ظلماً على منير شعبان ومنعته وهو الأحق من قيادة الشرطه القضائية فقبل الحكم ولم تقبل أنت”. واضاف في تغريدة: “اذا كنت تعتقد أن العميد منير شعبان لقمة سائغة فأنت واهم وبإمكاننا أن نثبت لك، ذلك احترم كرامات الناس وإلا”.

وفي معلومات لـ “النهار” من مصادر متابعة ان التحقيقات في قوى الامن الداخلي أفضت الى اتهام أحد الضباط المقربين من جنبلاط بالفساد، واذ لجأ الاول الى سيد المختارة أوفد أحد الوزراء للحؤول دون محاكمته، وهذا ما حصل في مرحلة أولى رفض نتائجها المديرالعام لقوى الامن الداخلي مدعوماً من المشنوق مما ولد خلافاً معه.

لجنة الاتصالات

أما في ملف الانترنت غير الشرعي، وفيما يستمر القضاء في تحقيقاته، عقدت لجنة الاعلام والاتصالات اجتماعاً جديداً اقتحمه التصعيد بوصول الوزير ابوفاعور، في مقابل “إيفاد” الوزير علي حسن خليل للتهدئة. وأفادت مصادر متابعة لجلسة اللجنة، أنه في إطار الحملة التي يقوم بها الحزب التقدمي الإشتراكي على المدير العام لهيئة “أوجيرو” عبد المنعم يوسف لأسباب معروفة، حضر وزير الصحة وشن هجوما حاداً على يوسف معتبراً انه من غير الجائز أن يمثل أمام اللجنة كمدير عن هيئة “أوجيرو”، وكانت مداخلته عنيفة استدعت تدخل وزير الإتصالات الذي أوضح أن حضور يوسف هو أمام اللجنة النيابية وليس أمام لجنة تحقيق، واللجنة النيابية ليست لجنة تحقيق نيابية بل لمتابعة أعمال الحكومة والرقابة عليها ولجنة تقصي الننتائج التي توصل إليها التحقيق، ما يفرض احترام مبدأ الفصل بين السلطات، بمعنى أن تضع الوزارة كل المعلومات التي لديها في تصرف اللجنة وتترك للقضاء اتخاذ قراره لئلا يصار إلى تسرّب المعلومات التي قد تساعد المجرمين والمرتكبين في تضليل التحقيق.

أما بالنسبة الى حضور يوسف، فهو قرار يعود الى الوزير المختص الذي يرتئي شخصياً من يحضر اللجان إلى جانبه، وهو ليس متهماً لكي يتم التعامل معه على هذا الأساس، ومتى ثبتت عليه أي مخالفة، آنذاك يتم التعامل معه على أساس أنه متهم. وهنا ارتأت اللجنة إخراج كل الموظفين، وتُرِك المجال لوزير الإتصالات أن يقرر ما يراه للجلسات المقبلة، خصوصاً وأن الوزارة مستعدة للتعامل الإيجابي مع اللجنة وليس لايجاد جبهات ومشادات واتهامات.، ولا يمكن اعتبار أي شخص مداناً أو مرتكباً إلا إذا صدر قرار بإدانته، وهذا ما تنص عليه القوانين. وعلى هذا الأساس انتهت الجلسة.

وتوقعت مصادر وزارية أن يكون للسجال بين الفريق الجنبلاطي و”المستقبل” إنعكاسات على عمل مجلس الوزراء والحوار النيابي اليوم والمساعي الجارية لتشكيل مجلس قيادة قوى الامن الداخلي وموضوع بعض مطامر النفايات. وتحدثت عن إستهجان للهجة المرتفعة المفاجئة بين الطرفيّن. ولفتت الى ان سفراء عرباً دخلوا على خط التهدئة إنطلاقاً من أن وزير الداخلية يمثل ركنا أساسيا في منظومة مكافحة الارهاب.

أمن الدولة

وفي ملف جهاز أمن الدولة الذي أحيل على رئيس الوزراء تمام سلام لايجاد المخرج له بعد محاولات وزارية لم تتوصل الى حل أمس، علمت “النهار” ان الحل الذي ارتضى به وزراء مسيحيون يقضي بصرف بعض المخصصات لاعادة تسيير الجهاز الذي باتت مكاتبه تفتقر الى الورق للكتابة ومعدات تصوير المستندات والصيانة للاجهزة الالكترونية، ثم البحث عن حلول في وقت قريب. لكن جهات اخرى تريد الاستمرار في العرقلة للضغط على رئيس الوزراء لينزل عند رغبة الرئيس نبيه بري ويبدل رئيس الجهاز ونائبه، في حين يسعى سلام الى تأجيل الحل شهراً تزامناً مع تقاعد العميد محمد طفيلي، ومحاولة البحث في اطار للحل بعيداً من التشنج وخصوصاً بعد رفض الوزراء المسيحيين اقالة الاثنين معاً.

النفايات

على صعيد آخر، تعقد اليوم لجنة المال والموازنة النيابية جلسة لمتابعة البحث في ملف النفايات من حيث عقود تلزيم الشركات الأساسية وتطورها والحلول المطروحة لأزمة النفايات وكلفتها.

وقال رئيس اللجنة النائب ابرهيم كنعان لـ”النهار” إن هذه الجلسة هي استكمال للجلسات السابقة على خلفية التدقيق والاستماع الى كل المعنيين بملف النفايات، “سنبحث مع كل المعنيين في الخطوات المستقبلية لهذا الملف ووضع التلزيمات الجديدة وشروطها وتفاصيلها. أي انها ستكون جلسة متابعة للمساءلة التي بدأت في ملف النفايات وتلزيماته ومسؤولية الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة والوزراء المعنيين ومجلس الإنماء والإعمار، واستشراف المستقبل”. وأكد “أننا سنخرج بقرارات وتوصيات، وسنحوّله ملفاً قضائياً سنتابعه حتى النهاية. فالمسؤولية وطنية ولا يجوز تجاوزها ويجب تصحيح الخلل في الممارسة التي كانت حاصلة خلال ٢٠ سنة”.