IMLebanon

زحلة “عروس” الاستحقاق في المنازلة الثلاثية “البيارتة” و”بيروت مدينتي” تحدي الخرق

تحيي الصحافة اللبنانية اليوم ذكرى السادس من أيار باستذكار قوافل شهدائها الذين سقطوا على طريق الشهادة لرسالة الحقيقة والسيادة والاستقلال، وقت تعاني أصعب الظروف التي مرت بها في تاريخها والتي ساهم واقع ازمات لبنان المتعاقبة في زيادة تفاقمها. لكن المفارقة وضعت ذكرى شهداء الصحافة هذه السنة في موقع متزامن مع اقتراب العد العكسي لبداية استحقاق ديموقراطي يتمثل في الانتخابات البلدية والاختيارية في ما يؤمل ان يفتح باباً عريضاً واسعاً لتغيير حقيقي في المجالس والسلطات المحلية يعوض بعضا من الخلل الديموقراطي الهائل الذي ابتلي به لبنان منذ بدء أزمة الفراغ الرئاسي التي تقترب من طي سنتها الثانية في 25 أيار الجاري.

وعشية الجولة الاولى من الانتخابات في بيروت والبقاع، بدا لافتاً انشداد الانظار الى معركة حقيقية استنفدت الاهتمامات والتقديرات المسبقة في عاصمة البقاع زحلة في المقام الاول، فيما تشوب الانتخابات في بيروت جملة تساؤلات تتمحور على ما اذا كان سيكون متاحا تحقيق خرق في لائحة الائتلاف السياسي والحزبي العريض على يد احدى اللوائح المنافسة.

بيروت: هاجس الاقبال

والحال ان المشهد الانتخابي في بيروت قبل 48 ساعة من فتح صناديق الاقتراع في السابعة صباح الاحد المقبل يرسم واقعاً محفوفاً بالاثارة نظراً الى اكثر من عامل تتحكم بنتائج الانتخابات ومن ابرزها:

ان لائحة “البيارتة ” التي تضم مرشحين لائتلاف واسع من القوى والاحزاب في مقدمها “تيار المستقبل” و”الجماعة الاسلامية ” و”التيار الوطني الحر ” و”القوات اللبنانية ” والكتائب و”أمل” وشخصيات سياسية نافذة تتمتع مبدئياً برصيد سياسي كبير يفترض ان يضمن لها الفوز وتحقيق المناصفة في المجلس البلدي المنتخب طبقا للشعار الاساسي الذي يتمسك به الرئيس سعد الحريري والقوى المسيحية. لكن هذه اللائحة تجد نفسها في مواجهة التحدي الكبير الذي يتمثل في قدرة ماكيناتها الانتخابية على تجييش الناخبين وحملهم على النزول بكثافة الى مراكز الاقتراع لئلا تخترق الاهداف التي وضعتها لنفسها وتتعرض لمفاجآت وخروقات غير محسوبة. واسترعى الانتباه في هذا السياق ما أفضت به الى “النهار” مصادر مواكبة للاستحقاق البلدي والاختياري في بيروت من ان الحملة التي يقودها الرئيس الحريري “مهمة جداً” لكنها لم تواكب بعد بحملة مماثلة في شرق بيروت مما يثير علامات إستفهام عن مواقف بعض أطراف اللائحة التي يؤيدها الحريري. ولفتت الى ان الاخير يجازف بتحركه في واقع أمني دقيق مما يتطلب من شركائه في اللائحة ان يبادلوه بالمثل خلال الساعة 48 المقبلة.

في المقابل، تبرز من أربع لوائح كاملة او مجتزأة منافسة للائحة “البيارتة” اسهم لائحة “بيروت مدينتي” التي تمكنت واقعياً في أقل من ثلاثة أسابيع من حصد رصيد معنوي واعلامي لا يمكن إنكاره نظراً الى “الجاذبية” التي تحظى بها شخصيات المرشحين والمرشحات الذين ينتمون الى نخب من المجتمع المدني ويرفعون لواء التغيير الجذري. لكن هذا الرصيد الذي يأمل اعضاء اللائحة في ان يحقق لها خرقا للائحة “البيارتة”، سيكون امام اختبار دقيق هو حمل مؤيدي “بيروت مدينتي” على الاقبال بكثافة أيضاً وكذلك مواجهة ماكينات انتخابية مقتدرة لدى الاحزاب. وايا تكن نتائج الانتخابات، فان اليوم الفاصل سيشكل اختبارا فريدا للائحة “بيروت مدينتي” التي تعتبر تجربة رائدة للمجتمع المدني من جهة، كما للائحة “البيارتة” في تعاملها المنفتح الديموقراطي مع نخب تتوخى التغيير وتحمل الفائز على الاتعاظ بالنفحة الواسعة التي احدثتها لائحة منافسة في الرأي العام.

زحلة: المعركة الكبرى

أما في زحلة، فيصح القول إن عروس البقاع تحولت في الايام الاخيرة عروس المبارزات على مستوى كل لبنان وليس البقاع وحده. وتتخذ المعركة طابع اثبات وجود ونفوذ بين لوائح ثلاثة أفرقاء أقوياء: الكتلة الشعبية بزعامة ميريام سكاف التي تخوض اختبارها الاقسى والاول منذ رحيل زوجها النائب السابق الراحل الياس سكاف قبل أشهر، وتجمع الاحزاب المسيحية “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” والكتائب، والنائب نقولا فتوش. ومن أصل 112 مرشحاً كانوا تقدموا بترشيحاتهم لانتخابات المجلس البلدي المؤلف من 21 عضوا لم يبق سوى 77 مرشحاً في السباق الانتخابي. ويسود اعتقاد واسع أن معركة زحلة ستشكل اختباراً أولياً بارزاً لطرفي “تفاهم معراب” أي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” في عملية ضمان الانخراط بقوة مع حلفائهما في مواجهة لائحة “الكتلة الشعبية” خصوصا. كما ان اختبار “الكتلة” لا يقل خطورة من حيث اثبات نفسها الرقم الاول والصعب تجاوزه حتى من جانب ائتلاف قوي للاحزاب المنافسة.

مجلس الوزراء

في غضون ذلك، بدا ان الاستحقاق الانتخابي ادى الى ترحيل بت ملفات عدة في مجلس الوزراء بينها ملف جهاز أمن الدولة. لكن معلومات لـ”النهار” أفادت ان الجلسة العادية للمجلس أمس لم تكن معطياتها عادية خلافاً لما ورد في مقرراتها الرسمية، إذ اوضحت مصادر وزارية أن رئيس الوزراء تمام سلام اغتنم فرصة إنطلاق قطار الانتخابات البلدية والاختيارية بعد غد الاحد ليقول إنه لا بد من التعامل معه بجدية و”عقبال الاستحقاق الرئاسي المهم جداً أيضاً. وأثار وزيراً “حزب الله” حسين الحاج حسن ومحمد فنيش التدابير الاميركية في حق المصارف، فرد الرئيس سلام بأن الدولة تتابع الموضوع وترفض إستهداف فئة لبنانية معينة ولكن من المفترض أن يحمي لبنان نفسه من هذا التدابير. وتحدث في الموضوع عدد من الوزراء فشاركوا الرئيس سلام في ما أعلنه وأكدوا أن المصارف إتخذت التدابير اللازمة لحماية اللبنانيين وتحويلاتهم التي تعتمد الدولار.

وعاد موضوع النفايات مجدداً الى الواجهة من خلال طلب مرفوع من مجلس الانماء والاعمار أن يكون متعهد الطمر وبناء الحائط البحري في كل من الكوستا برافا وبرج حمود واحداً تخوفاً من ألا يكون هناك تنسيق بين الطمر وبناء الحائط فيتسبب ذلك بمشكلات خطيرة. وجرى نقاش مستفيض إنتهى الى الموافقة على طلب مجلس الانماء والاعمار مع تحفظ وزراء الكتائب و”التيار الوطني الحر” و”حزب الله” ونائب رئيس الوزراء سمير مقبل والوزير وائل ابو فاعور إنطلاقا من الحذر من أن يوجّه التلزيم في إتجاه طرف معيّن، لكن هذا التحفظ لم يرد أصحابه أن يعرقل خطة النفايات. وفي الاطار نفسه قرر مجلس الوزراء إقفال مطمر الناعمة في 18 أيار الجاري.

كما حصل سجال بين الوزيرين بطرس حرب وجبران باسيل في موضوع “أوجيرو” الذي سبق للوزير حرب ان قدم تقريراً الى رئاسة الوزراء في شأنه قبل ثلاثة أشهر، واذ أثار باسيل ما عده فضيحة في “أوجيرو” بسبب ابرام وزارة الاتصالات عقداً معها من دون العودة الى مجلس الوزراء رد حرب بان العقد ابرم وفق القانون وكما كان يجري سابقاً قبل تسلمه الوزارة وأشار الى ضرورة اعادة تحديث التقرير الذي قدمه مما يتطلب مهلة الى ما بعد الانتخابات البلدية.