IMLebanon

زحلة وبيروت الصدمة والتداعيات على الحلفاء الراعي في الاليزيه: تعزيز صلاحيات الرئاسة

مع أن طلائع النتائج الاولية للانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع كانت رسمت ملامح فرز سياسي “صامت” استمر صموده بضع ساعات أمس في انتظار صدور النتائج الرسمية لعمليات فرز آلاف الصناديق، فإن ما أثارته النتائج المثبتة لاحقا من صدمات ومفاجآت بدا مرشحاً لاحداث تداعيات سياسية بعيدة المدى لا يستبعد ان تتمدد مفاعيلها تباعاً نحو التحالفات السياسية العريضة وآفاق الانتخابات النيابية نفسها. ولم يعد خافياً في ظل ما تضمنته الكلمة التي القاها الرئيس سعد الحريري عصر أمس اثر التثبت من فوز لائحة “البيارتة” في بيروت أو اثر “الزلزال” السياسي الذي ضرب زحلة بفعل انتصار لائحة “انماء زحلة” المدعومة من الأحزاب المسيحية الثلاثة “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” والكتائب على لائحتي “الكتلة الشعبية” والنائب نقولا فتوش بان تداعيات من العيار الثقيل ستتوالى تردداتها طويلا وربما انسحبت على وقائع انتخابية مقبلة في مناطق جبل لبنان والشمال خصوصاً.

في بيروت برزت بقوة تداعيات “الصوت المسيحي” في مناطق الدائرة الاولى التي كشفت واحداً من احتمالين صبا في النهاية في اظهار خرق كبير جدا للتحالف العريض الذي ضمته لائحة “البيارتة” لمصلحة لائحة “بيروت مدينتي” التي جمعت نحو تسعة الاف ناخب يحسب معظمهم من مناصري “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” والكتائب. الاحتمال الاول يتمثل في عدم تمكن الاحزاب من ضبط قواعدها بفعل عدم اقتناع هذه القواعد بلائحة التحالف. والاحتمال الثاني “تسامح” ضمني من القيادات الحزبية مع اتجاهات مخالفة للموقف “الرسمي” المعلن للاحزاب. واذ تشدد أوساط هذه الاحزاب على الاحتمال الاول، فان فوز لائحة “البيارتة” في النهاية بدا نتيجة حتمية لكثافة تصويت قواعد تيار “المستقبل” والمتحالفين معه في الدائرتين الثانية والثالثة بالاضافة الى ملتزمي لائحة “البيارتة” في بيروت الاولى. هذا التطور اتخذ دلالات ساخنة في ظل كلمة الرئيس الحريري الذي هنأ عبرها أهل بيروت بفوز اللائحة و”بالاختبار الديموقراطي المشرف”، كما هنأ كل اللوائح التي شاركت في الانتخابات في بيروت والبقاع. ومع انه أكد ان “هناك صفحة جديدة” وتوجه بتحية لافتة الى الذين صوتوا للائحة “بيروت مدينتي”، اتخذ كلامه بعداً بارزاً بقوله: “في الحقيقة انكم تشبهوننا ولا تشبهون أبدا الذين حاولوا ان يزايدوا علينا باصواتكم لهدف واحد هو كسر المناصفة ولكن بيروت اكدت ان المناصفة خيار لا تتراجع عنه”. وذهب الى القول أيضاً: “هناك حلفاء التزموا معنا بالكامل وهناك حلفاء آخرون فتحوا خطوطاً لحساب مرشحين من خارج اللائحة بشكل كان يمكن ان يهدد المناصفة وهذا أمر لا يشرف العمل السياسي والعمل الانتخابي “.

مصادر مواكبة للائحة “البيارتة” قوّمت لـ”النهار” نتائج الانتخابات فقالت ان ما جرى أثبت أن الرئيس الحريري “اضطلع بدوره كزعيم وطني وليس فقط كزعيم بيروتي. فهو على رغم كل الصعوبات التي واجهها إستطاع خلال 10 أيام فقط إستنهاض الشارع البيروتي فكان الصانع الاول للمعركة الانتخابية”. وسجلت ملاحظة على أداء الاحزاب الحليفة للحريري في الدائرة الاولى حيث “لم تنظم مهرجاناً واحداً أو لقاء شعبياً”. وشددت على” ان العمل البلدي في بيروت دخل مرحلة جديدة ستبرهن إنجازاتها عن عزم الحريري على ان يقرن القول بالفعل”.

وقالت أوساط نيابية في 14 آذار لـ”النهار” إن انتقادات الرئيس الحريري في كلمته أمس طاولت من دون تسمية الاحزاب في الاشرفية كما طاولت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط.ولفتت الى ان هناط أحباطا من موروثات المرحلة الاخيرة تسبب بالارباك في إدارة المعركة. ولم تستبعد أن تظهر تداعياتها في المرحلة التالية من الانتخابات في جبل لبنان الاحد المقبل وخصوصاً في إقليم الخروب.

زحلة

أما في زحلة، فان وقع فوز لائحة أسعد زغيب بدا مدوياً، خصوصاً ان اللائحة المدعومة من الاحزاب الثلاثة اكتسحت المقاعد ال21 جميعا بغالبية 10510 أصوات في مقابل 8896 صوتاً للائحة “الكتلة الشعبية ” و7044 صوتاً للائحة النائب فتوش. هذا التطور عد مكسباً كبيراً لتحالف الاحزاب الثلاثة في معركة أحسن ادراتها وخصوصاً للتفاهم الثنائي بين “التيار الوطني الحر ” و”القوات ” وشكّل صدمة قاسية لـ”الكتلة الشعبية ” التي، على رغم تحقيقها رقماً مرموقاً، ستجد نفسها أمام مراجعة حسابات جذرية لسلوكيات الناخب الزحلي من جهة وطبيعة التحالفات السياسية من جهة أخرى. وفي رأي العماد ميشال عون أن “زحلة امتدت الى كل لبنان بمجرد التصويت بأكثريتها للائحة الاحزاب المتمثلة بالتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لان انتشار القوات والتيار هو على امتداد لبنان وهذا ما يجب ان يعطي أهل زحلة طمأنينة”.

النتائج النهائية

وأفادت وزارة الداخلية مساء أمس أنّ النتائج النهائية والرسمية للانتخابات البلدية والاختيارية التي أجريت في بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل، بدأ إعلانها تباعاً، في موقع الوزارة الإلكتروني الرسمي.

وتوضيحاً لما يصدر من شكاوى عن التأخير في إعلان نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية، اكدت الوزارة “أنّ دورها في العملية الانتخابية ينتهي عند تسليم صناديق الإقتراع إلى لجان القيد المعنية، التي يرأسها قضاة عدليون”. وذكرت بأنّه في الانتخابات البلدية والاخيتارية عام 2010 تأخّر الإنتهاء من عمل لجان القيد في انتخابات بيروت إلى ما بعد ظهر الإثنين، ولم يتمّ نشرها إلا في صحف الثلثاء.

الراعي في الاليزيه

في غضون ذلك، افاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني انالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند استقبل صباح أمس في قصر الاليزيه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وعرض معه الوضع اللبناني بشكل خاص والوضع الاقليمي بشكل عام. وكان للراعي لقاء منفرد مع هولاند تخلله عرض الملف الرئاسي، اذ شرح البطريرك للرئيس الفرنسي مبادرته من اجل حل الفراغ الرئاسي وهي تقوم على تعزيز دور رئيس الجمهورية بإعطائه مزيداً من الصلاحيات ليتمكن من الاضطلاع بدوره كحكم. وطلب من الرئيس هولاند القيام بمبادرة مع المملكة السعودية وايران لانتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن، علما ان باريس تبذل مساعي لدى الدولتين لانهاء الفراغ الرئاسي وقد يبحث في هذا الملف من كل جوانبه خلال زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للعاصمة الفرنسية منتصف شهر حزيران المقبل، كما ان هناك اتصالات مع السعودية في هذا الشأن.

وعلم ان البطريرك شدد على أهمية الوجود المسيحي في لبنان الذي يوازي وجود الطوائف الاخرى ولا يمكن “هضم” حقوق المسيحيين وعدم انتخاب رئيس يمثلهم. كما عرض على هولاند المشاكل التي يواجهها المسيحيون المشرقيون من جراء الاحداث الاليمة التي تعيشها منطقة الشرق الاوسط وخصوصاً في سوريا والعراق.

وتناول البطريرك الوضع الخطير الذي يعيشه لبنان والمخاطر التي يشكلها النزوح السوري ووجود العدد المتزايد من اللاجئين وارتداداته على الوضع الاقتصادي والامني. وطالب الرئيس الفرنسي بالبحث مع الافرقاء الدوليين في تأمين عودة مبرمجة للسوريين الى ديارهم عندما تسمح بذلك الظروف الأمنية.