IMLebanon

مواسم لبنان إلى التلف… لا أسواق متعاقدو الكهرباء بلا عمل

اذا كانت الحكومة، ومعها كل الدولة، عاجزة عن معالجة ملفات كبيرة مثل اللاجئين السوريين وقانون جديد للانتخاب، تضاف الى الملف الابرز وهو الشغور الرئاسي، أو ملفات أقل أهمية للامن القومي مثل تعثر جهاز أمن الدولة، ومعالجة النفايات والاتصالات وتلوث الليطاني وغيرها، فمن الاجدى ان تخصّ الشان الاجتماعي الحياتي بالحيز الابرز من اجتماعاتها واتصالاتها، فلا يشعر اللبناني الاكثر حاجة بأنه متروك لمصيره. فالطفل جواد جمعة (4 سنوات) الذي سقط من شرفة منزل ذويه في منطقة بئر العبد كاد يلاقي حتفه لامتناع أحد المستشفيات عن استقباله إلا مقابل مبلغ كبير لا يتوافر لأهله، وعشرات المتعاقدين مع مؤسسة الكهرباء سيجدون أنفسهم بلا عمل في نهاية الشهر الجاري، أما المزارعين فحدث عنهم ولا حرج ذلك ان احداً من التجار لم يسأل عن مواسمهم المعرضة للتلف بعدما عجز هؤلاء عن تحمل خسائر اضافية نتيجة توضيبها وحفظها وعدم توافر أسواق لتصريفها.

وفي هذا الاطار، أكد وزير الزراعة أكرم شهيب لـ”النهار” أن احوال الطقس أثرت على حجم التفاح (وهو الموسم الاكبر) وشكله لكنها لم تؤثر على نكهته، إلا أن هذا الامر كانت له انعكاساته السلبية على التصدير، خصوصا أن بعض الدول يضع مواصفات محددة يجب توافرها في الانتاج. وإذ أكد أنه يعي معاناة المزارعين ويتفهم مطالبتهم بالتعويض، أشار الى أنه يسعى جاهداً الى إيجاد أسواق بديلة. وفي هذا السياق “تأتي اتصالاتنا مع الجانب الروسي الذي أرسل وفداً الى لبنان جال على بساتين التفاح ومراكز التوضيب على أمل أن تستتبع الجولة بتوقيع عقود لشراء كميات من الانتاج”. اضافة الى روسيا، أشار شهيب الى انه يتواصل مع كردستان للغرض عينه، “علما أن ثمة أسواقا تقليدية مثل مصر وليبيا والاردن نبحث معها في شراء كميات أكبر من المحصول”. وتحدث شهيب عن المعوقات التي تحول دون تصريف الانتاج، فاضافة الى عوامل الطقس ثمة عوامل أخرى لا تقل عنها أهمية منها الكلفة المرتفعة للانتاج اللبناني الذي أصبح يتعرض لمنافسة شرسة من الانتاج الاوروبي المدعوم من دوله. ولفت الى أن التصدير الى دول الخليج دونه معوقات بسبب اقفال الحدود البرية، وارتفاع اسعار الشحن بحراً. وعما اذا كان ثمة امكان للتعويض المادي للمزارعين، قال شهيب: “حملت هذا الطرح الى مجلس الوزراء لكن الوضع المالي للدولة صعب ويا للأسف”.

واذا كانت الدولة تفتش عن أسواق بديلة لم تتوافر حتى الساعة، فان التفاح التموزي صار في خطر اذ حل شهر آب، وتساقط منه الكثير من دون قطاف، وتشكو نقابات زراعية من الثمن المنخفض للتفاح الذي يقارب خمسة الاف ليرة للصندوق الواحد (يحوي قرابة 20 كيلوغراماً) وتشير الى ان نحو 300 الف لبناني يعيشون من هذه الزراعة التي بدأ عصرها الذهبي بالانهيار منذ 20 سنة وهي تعاني مشاكل التصدير والتصنيع والكلفة العالية.

والى التفاح، الخروب والتين موسمان يلحقان بالمواسم التي تبحث عن أسواق للتصريف أو معامل للتصنيع وقد أدى عامل الوقت بالاول الى الارض وبالثاني الى اليباس نتيجة الحرارة المرتفعة التي تسود لبنان منذ فترة. فالخروب افترش الارض وما بقي منه معلقا بالاغصان جف ويبس ما يحرم الكثيرين مصدر رزق اذ كانوا يبيعون الانتاج لمصانع الدبس في سلعاتا والجوار لكن أحداً لم يتقدم للشراء والحجة كما قال المزارع يوسف خير ان الدبس مكدس في المصانع والمستودعات ولا اسواق تصريف له والسوق المحلية عاجزة عن استيعاب كل الكميات. وكان موسم الكرز كما اوردت “النهار” في 14 تموز الماضي، تحوّل طعاماً للطيور بعدما اعرض مزارعون عن قطافه.

الكهرباء

وفي الشأن الاجتماعي أيضاً، وفيما لا يزال متطوعو الدفاع المدني معتصمين في ساحة الشهداء من غير ان يلقوا آذاناً صاغية بعدما اشبعوا وعوداً، من المتوقع ان ينضم الى تحركهم الاعتراضي المتعاقدون مع شركات مقدمي الخدمات لمؤسسة كهرباء لبنان التي ينتهي التعاقد معها في 28 آب الجاري. وكان معظم هؤلاء متعاقدين مع المؤسسة، ثم نقل تعاقدهم الى تلك الشركات قبل ان يبلغوا انتهاء التعاقد معهم في نهاية الشهر الجاري، لتتخلى عنهم الشركات والمؤسسة معاً ويتركوا لمصيرهم، علما ان تعاقد كثيرين يعود الى نحو 20 سنة أي قبل وجود تلك المؤسسات.

وتتجه مؤسسة الكهرباء الى استعادة القطاع برمته من شركات مقدمي الخدمات التي تنتهي العقود المبرمة معها في 28 من الجاري والمترافقة مع فترة سماح لا تتعدى الايام من أجل اتمام عملية التسليم والتسلم. وكانت المؤسسة تسلمت من شركتي NEW و KVA قسم الجباية الاساس في توفير المال للمؤسسة وفي عملية التوزيع.

وقالت مصادر في مؤسسة الكهرباء لـ”المركزية” إن شركات مقدمي الخدمات لم تنفذ شروط العقد كما ينبغي وهي سجلت على نفسها تقصيراً فاضحاً في تنفيذ الاشغال وتجهيز العدادات والمحطات وتأهيلها وان هناك قرابة 39 الف معاملة للمواطنين مدفوعة لصندوق الكهرباء لكنها غير منفذة لدى الشركات، الامر الذي يمثل مشكلة اضافية للمؤسسة بعد انتهاء العقود.

وتحدثت المصادر عن تراجع كبير في نسبة الجباية خلال السنوات الاربع من عمل شركات الخدمات تخطت الثلاثين في المئة اضافة الى الفشل الذريع والتام في اعتماد وتركيب العدادات الذكية ووقف الهدر الموعود الذي سجل ارتفاعا مضاعفا بدل الانخفاض بنسبة 10 في المئة كل سنة من السنوات الاربع كما جاء في العقود الموقعة مع الشركات. أضف أن الاسعار التي اعتمدتها الشركات تبلغ ضعفي تلك التي كانت محتسبة لدى المتعهدين السابقين. وأشارت الى حديث يدور في الكواليس عن شركات وعقود جديدة لتنفيذ اشغال لمصلحة الكهرباء من خلال عمليات غب الطلب، وان وزير الطاقة والمياه ارتيور نظريان يحاول الحصول على موافقة مجلس الوزراء لاجراء هذه العقود بالتراضي، خصوصاً ان الفترة المتبقية لانتهاء عقود شركات مقدمي الخدمات حتى اواخر الشهر الجاري لا تسمح باستدراج عروض وتقديم مناقصات، الامر الذي يمثل أيضاً مشكلة اضافية تضاف الى المشكلات القائمة التي تؤشر لحلول الظلام في لبنان.

وكانت مؤسسة كهرباء لبنان أعلنت امس أنها وجهت كتابا الى وزير الداخلية والبلديات رقمه 7414 تاريخ 2/8/2016 تطلب من القوى الأمنية “التدخل الفوري لإخراج عمال غب الطلب السابقين الذين يقفلون دوائر مؤسسة كهرباء لبنان في بعض المناطق وأولئك المعتصمين داخل المبنى المركزي للمؤسسة، ولإعادة فتح صالة الزبائن والصندوق المركزي فيها تأمينا لعودة سير العمل في المؤسسة الى طبيعته والحفاظ على سلامة هذا المرفق العام”.

الجيش

سياسياً، لم تستبعد مصادر وزارية عبر “النهار” ان يقدّم نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل الى مجلس الوزراء لائحة بإسماء مرشحين لإختيار أحدهم لمنصب قائد الجيش، لكن نجاح هذه الخطوة يتطلب حصول المرشح على ثلثيّ أعضاء الحكومة وهذا ما يبدو مستبعداً في المرحلة الراهنة ما يدفع حكما الى التمديد للعماد جان قهوجي سنة اضافية.

وكان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل صرح بأن “موقفنا المبدئي قائم وثابت ونحن مع تعيين قائد جديد للجيش”. وقال بعد اجتماع التكتل: “موقفنا ثابت برفض التمديد والمطالبة بتعيين قائد جديد للجيش وهذه المرة سقطت الذريعة التي استعملوها ضدنا بأن أحد أقرباء رئيس التكتل العماد ميشال عون مرشح”.

في غضون ذلك، تسلم الجيش اللبناني شحنة كبيرة من المساعدات العسكرية الأميركية بقيمة 50 مليون دولار وهي تتضمن 50 عربة “هامفي” مصفحة، و40 قطعة مدفعية ميدان هاوتزر، و50 قاذفة آلية للرمانات MK-19، وألف طن من الذخيرة الصغيرة والمتوسطة وقذائف المدفعية الثقيلة. وقالت السفيرة الاميركية اليزابيت ريتشارد التي اشرفت على التسليم ان هذه الشحنة تظهر التزام الولايات المتحدة المستمر لتوفير الدعم الذي يحتاج اليه الجيش اللبناني فيما هو يستمر في الدفاع بشجاعة عن الشعب والأرض اللبنانية في مواجهة تهديدات التطرف.