IMLebanon

العدّ العكسي للانتخابات: خلط واسع للتحالفات

مع توقيع وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لاجراء الانتخابات النيابية في 6 ايار 2018، بدا المناخ الداخلي متجهاً أكثر فأكثر نحو انقلاب في الاولويات السياسية والشعبية، وخصوصاً بعدما أدت أزمة استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري وعودته عنها الى خلط الاوراق والكثير من التحالفات السياسية بما يصعب معه اعادة رسم المشهد الثابت قبل اجراء الانتخابات. ولعل الامر اللافت الذي برز غداة جلسة مجلس الوزراء التي اطلقت مسار التنقيب عن النفط في لبنان تمثل في ملامح تقدم الاولويات الاقتصادية على الاستحقاقات السياسية، بدليل ان هذا التطور شغل معظم الاوساط السياسية والديبلوماسية والاقتصادية من زاوية تأثيراته القريبة المدى والمتوسطة والبعيدة المدى على مجمل الواقع اللبناني. كما ان جانبا آخر من الاولويات الاقتصادية برز مع بدء الحكومة معالجة التراكمات التي خلفها انقطاع مجلس الوزراء عن الانعقاد، اذ اصدر أمس الرئيس الحريري تعميماً الى كل الادارات والمؤسسات العامة والبلديات بآلية تطبيق رفع الحد الادنى للرواتب والاجور واعطاء زيادة غلاء معيشة للموظفين والمتعاقدين والاجراء وتحويل رواتب الملاك الاداري العام وافراد الهيئة التعليمية والتعليم العالي والاسلاك العسكرية.

في غضون ذلك، أعطى وزير الداخلية والبلديات إشارة بداية العد العكسي للانتخابات النيابية بتوقيعه مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للبنانيين المقيمين في لبنان والمنتشرين في 40 دولة واحالته على المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء، على أن تجري العملية الانتخابية الأحد 6 أيار 2018 في كل لبنان. أما في دول الانتشار، فستتم خلال يومين مختلفين، الأحد 22 نيسان في عدد من الدول والجمعة 28 نيسان في دول أخرى استناداً الى العطل الرسمية في هذه البلدان.

وتقرر ذلك خلال الاجتماع الدوري المخصص لمتابعة التحضيرات للانتخابات النيابية الذي رأسه الوزير المشنوق وشارك فيه الفريق الاداري والتقني من كبار موظفي الوزارة. كذلك وقَع المشنوق عقد استئجار المقر الخاص لـ”هيئة الاشراف على الانتخابات”، على أن تبدأ الوزارة الإثنين المقبل، وبالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، تجهيز المقر وتأمين مختلف حاجاته التقنية واللوجستية والمكتبية.

ويظهر ان الانطلاقة القوية للاستعدادات الانتخابية قد تبدأ مع الشهر الاول من السنة الجديدة اذ تؤكد المعطيات المتوافرة في هذا السياق ان القوى السياسية والحزبية ستستعجل انجاز ترشيحاتها الذاتية في كل المناطق تمهيداً للتحالفات الانتخابية التي سيكون من الصعوبة رسم معالمها بسرعة هذه المرة. فعلى رغم ان بعض التحالفات الانتخابية سيكون صورة مطابقة للتحالفات القائمة حاليا داخل تحالف 8 آذار تحديداً، لن يكون ممكناً رسم صورة شاملة مسبقة للتحالفات المتصلة بتحالف 14 آذار الذي تعرض لزلزال سياسي تفرقت معه كل قواه. وترصد الاوساط المعنية بكثير من الاهتمام تطور العلاقة المهتزة بين اخر قوتين من 14 آذار تجمعهما الحكومة اي “تيار المستقبل” و”القوات اللبنانية” اذ ان المخاض الذي تجتازه علاقتهما راهنا سيؤدي الى كشف ما اذا كان تحالفهما سيبقى وارداً أم لا في الانتخابات. وبرزت في الايام الاخيرة ملامح تبريد واضح للسخونة التي اعترت هذه العلاقة بفعل تصريحات للرئيس الحريري نفى فيها ما وصفه بالتضخيم الاعلامي للازمة بين الفريقين. وتتحدث معلومات عن مشاورات جارية للاتفاق على موعد للقاء للحريري ورئيس حزب “القوات” سمير جعجع في وقت قريب وان المعطيات الجديدة المتصلة بهذه الجهود تتسم بالايجابية.

الجبير

وسط هذه الاجواء برز أمس تعليق أول لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير على مسألة عودة الرئيس الحريري الى رئاسة الحكومة تميز بموقف لافت من قانون الانتخاب الذي عده لمصلحة “حزب الله”. وقال في حديث الى محطة “فرانس 24” الفرنسية للتلفزيون: “لقد دعمناه (الحريري) عندما كان رئيساً للوزراء، عندما شكّل اول حكومة تحت رئاسة (رئيس الجمهورية) العماد ميشال عون ودعمنا برنامجه السياسي، إلا ان كلاً من عون و”حزب الله” لم يسمحا للحريري بالحكم ولم يعطياه الهامش السياسي، واستخدماه كواجهة لتغيير القانون الانتخابي، من هنا قرر الحريري الاستقالة لاحداث صدمة ايجابية“.

وأضاف “ان الحريري عاد الى لبنان من اجل تقديم الاستقالة في شكل رسمي، لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري وعده بأن لبنان سيكون حياديا في شأن ما يحدث في العالم العربي وبأنه سيُعطى الهامش السياسي للعمل. لذلك، نحن سننتظر ونرى. ونحن دعمنا ذلك وسنرى“.

ونفى الجبير “ان تكون عودة الحريري عن استقالته شكّلت اخفاقا للسعودية”، مثمناً دور لبنان “وان لم يكن لبنان موجوداً لكان ينبغي ابتكاره واختراعه، فهناك اكثر من 17 طائفة تعيش فيه بتجانس وهذا نموذج. واذا خسرناه سنخسر كل الأقليات وسنخسر هذه الثروة لثقافتنا“.

من جهة أخرى، كشف وزير الخارجية السعودي “ان لدى بلاده خريطة طريق لإقامة علاقات ديبلوماسية كاملة مع إسرائيل بعد اتفاق سلام مع الفلسطينيين”، الا انه نفى في المقابل “وجود اي علاقات للمملكة مع إسرائيل على رغم انها تشاركها في القلق من نفوذ إيران في المنطقة”. وقال “ان الأميركيين يعملون على افكار ويتشاورون مع كل الأطراف وبينهم السعودية ويدمجون وجهات النظر التي يعرضها عليهم الجميع”، مشيراً إلى “انهم قالوا إنهم يحتاجون لمزيد من الوقت لوضع خطة للتسوية في الشرق الأوسط وعرضها”،. وأعرب عن اعتقاده “أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جادة في شأن إحلال السلام بين الإسرائيليين والعرب“.

حاكم مصرف لبنان

الى ذلك، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن الاقتصاد اللبناني يكتسب المزيد من الثقة وانه أثبت صحة سياساته النقدية اثر الأزمة التي عصفت بالبلاد الشهر الماضي بسبب استقالة الرئيس الحريري المفاجئة ثم تراجعه عنها. وقال لـ” وكالة الصحافة الفرنسية”: “السيولة لتمويل الاقتصاد بقيت متوافرة لأننا حافظنا على استقرار مالي خلال الأزمة، حتى انني اعتقد أنه سيكون هناك المزيد من الثقة بعد الأزمة”. واضاف ان “الثمن الذي خلفته الأزمة كان ارتفاعاً في أسعار الفائدة على الليرة اللبنانية”، موضحاً أن “المودعين الذين كانوا يحصلون على بين ستة وسبعة في المئة على ودائعهم شهرياً باتوا الآن يحصلون على ما بين ثمانية وتسعة في المئة”. وعلى رغم ذلك، شدد على أن “المكافأة كانت بأن البلد أظهر مجدداً مرونة وأن سياستنا المالية صحيحة“.

ورأى أن تأثير الأزمة مع السعودية معنوي أكثر منه اقتصادي.

وقال: “لم اتلق أي رسالة من السعودية في ما يتعلق بقرارات اقتصادية ضد لبنان… ما هو أهم، هو التأثير النفسي للأزمة مع السعودية“.

وأضاف: “هذا التدهور المفاجئ في العلاقة شكل مفاجأة للبنانيين الذي لا يريدون فعلاً ان تكون لديهم علاقة عدائية مع السعودية”، لافتاً إلى منذ بدء النزاع في سوريا عام 2011 لم يكن للسعوديين دور كبير في الاقتصاد اللبناني.