IMLebanon

أيام اختبارية و”لقاء سرّي” داعم للحريري

 

مع ان وتيرة اللقاءات المتواصلة بين الرئيس المكلف سعد الحريري و”القوات اللبنانية” توحي بان التحرك السياسي ينشط للخروج من مأزق انسداد تأليف الحكومة بسرعة، فان نتائج هذه اللقاءات وما يواكبها من مشاورات مع الافرقاء الآخرين لم تبلغ بعد حدود ضمان ولادة الحكومة الجديدة قبل 31 تشرين الاول الجاري، أي موعد الذكرى الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وبات واضحا ان ثمة دفعاً قوياً من رئاسة الجمهورية كما من الرئيس المكلف لانجاز المخارج التي تكفل حل مسألة حصة “القوات اللبنانية” وحقائبها الوزارية خلال هذا الاسبوع تحديداً وقبل حلول الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس عون، بما يعني ان فترة الاسبوع الفاصلة عن نهاية تشرين الاول ستكون ضمناً بمثابة مهلة اضافية ولكن حاسمة في مسار تأليف الحكومة، علماً ان خمسة أشهر من عمر تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة ستنصرم بعد يومين.

 

ويبدو “سباق المهل ” أشبه بعملية عض على الاصابع من شأنها ان ترتب مزيدا من التداعيات السلبية على مجمل الواقع اللبناني اذا لم تفض موجة الجهود الجديدة التي يبذلها الرئيس المكلف الى نهاية سريعة وسعيدة للازمة الحكومية. وتعترف أوساط معنية بتعقيدات اللحظة الاخيرة في مرحلة مخاض تأليف الحكومة ان الاسبوع الجاري يشكل ولو بصورة ضمنية عاملاً ضاغطاً لانجاز مخارج لاعلان الولادة الحكومية بما يعني تالياً ان هذا الاسبوع الجاري الفترة الاختبارية شبه النهائية لجعل الولادة الحكومية هدية السنة الثالثة من العهد وبداية وضع البلاد على سكة الانتقال من الازمات الخانقة الى بدايات عملية لاستعادة ثقة الداخل والخارج بقدرة الدولة على اطلاق ورشة احتواء الازمات ومن ثم معالجتها وفق الاولويات التي وضعت في مؤتمر “سيدر”. لكن ما لا تحجبه الاوساط المعنية هو الخوف من تجاوز المهلة الجديدة والحساسة مع بداية السنة الجديدة للعهد من دون حكومة جديدة وحينها قد يطلق الامر التقديرات على الغارب حيال امكان ان تكون تعقيدات المرحلة الاخيرة من المخاض ذات طبيعة خارجية اقليمية تتجاوز كل ما يثار عن التعقيدات الداخلية. وهو امر سيرتب مخاوف من اطالة غير محدودة زمنياً للازمة ومفتوحة على المجهول.

 

في أي حال، بدا الرئيس الحريري أمس مصراً على تبديد الانطباعات المتشائمة عن تأليف الحكومة وأكد “ان الاتصالات مستمرة لتشكيل الحكومة والموضوع ليس مستحيلاً كما يحاول البعض تصويره، لافتاً الى ان العقد في طريقها الى الحل”.

 

وأجاب عن اسئلة الصحافيين المتعلقة بالكلام عن عقدة سنية: “ليس هناك من عقدة سنية، ومن يريد ان يطالب بالتمثيل فهذا شانه وفي نهاية المطاف سابحث في التشكيلة الحكومية مع فخامة رئيس الجمهورية ونقطة على السطر”.

 

وأضاف: “لا أريد التكلم كثيراً عن هذا الموضوع ولو كان هناك حزب كبير يطالب ان يتمثل في الحكومة أفهم ذلك، ولكن ان يصار الى تجميع نواب لتشكيل كتلة ؟وفي اي حال هناك حوار ونأمل خيراً”.

 

وسئل هل حسم موضوع وزارة العدل، فاجاب لا برايي الموضوع ليس موضوع حقائب وغيره، ولكن الاساس هو تركيبة الحكومة وكيف ستكون وتوزيع الحصص، ونأمل ان تنجلي الامور”.

 

واكتسب حضور الرئيس الحريري أمس الى السرايا الحكومية لمجموعة مناسبات كان أبرزها اطلاق العمل في الاستعدادات لمشروع توسعة مطار بيروت الدولي بعداً ضمنياً مهماً لجهة تصريف الاعمال في انتظار حلحلة جهود تأليف الحكومة الجديدة.

 

“اللقاء السري”

 

وعلمت “النهار” في هذا السياق ان اجتماعاً رباعياً عقد ليل الاحد الماضي في “بيت الوسط” وبقي بعيداً من الاضواء وضم الرئيس الحريري ورؤساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام. واكتسب هذا اللقاء اهمية خاصة لكونه الثاني بين الاربعة في غضون اسبوع، وعلمت “النهار” ان المجتمعين توافقوا على مجموعة قرارات في ظل المأزق الحكومي الحالي من أبرزها:

 

1-صمود الرئيس المكلف في الازمة ومواصلة السعي الى تأليف الحكومة.

 

2- عدم تقديم تنازلات على حساب صلاحيات رئيس مجلس الوزراء.

 

3- اذا طالت الازمة، ضرورة تفعيل تصريف الاعمال من السرايا.

 

4- دعم الرئيس المكلف دعما ثابتاً، خصوصا انه ليس وارداً ان يعتذر عن مهمته.

 

أما اللقاء الجديد الذي عقد ليل أمس بين الحريري ووفد “القوات اللبنانية”، فلم يؤد الى حسم التوافق على الحقائب الاربع لـ”القوات”، علماً ان الجديد في هذا الملف يتمثل في بداية مفاوضات ليست سهلة لمنح “القوات” حقيبة بديلة من العدل التي ستكون من حصة رئيس الجمهورية واتجاه الى تبديل حقائب كانت قد وزعت على افرقاء آخرين سابقا بما قد يعقد الموقف أكثر. والتقى الحريري أمس وزير الاعلام ملحم الرياشي ومدير مكتب رئيس حزب “القوات” ايلي براغيد بعيداً من الاعلام. ولدى انصرافهما اكتفى الرياشي بالقول: “مرتاحين على الآخر للاجواء… واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”. وقد نقل براغيد الى الحريري رسالة من قيادة “القوات” تتضمن تصور الحزب لمشاركتها في الحكومة تسهيلا لمهمة الرئيس المكلف.

 

وفي معلومات لبعض المصادر أن “القوات اللبنانية” تطالب بأربع حقائب إضافةً إلى نيابة رئاسة الحكومة. وتوقّعت هذه المصادر أن ترسو على حقائب الشؤون الإجتماعية والعمل والثقافة والإعلام أو الزراعة، التي كان متوقعاً أن تكون من حصة الحزب التقدمي الإشتراكي الذي أكّدت مصادره حصوله على حقيبتي التربية والصناعة، فيما سيكون الوزير الدرزي الثالث وزير دولة يسميه رئيس الجمهورية. كما أشارت المصادر إلى حصول “المردة” على حقيبة الأشغال والأرمن على حقيبتين.

 

وليس بعيدا من الوضع الداخلي عموما، زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر أمس البابا فرنسيس في الكرسي الرسولي في الفاتيكان، حيث عقد لقاء تناول الاوضاع في لبنان والشرق الاوسط والتحديات الراهنة التي تواجه الكنائس والمسيحيين، اضافة الى مواضيع كنسية اخرى.

 

اسرائيل و”حزب الله”

 

وسط هذه الاجواء نقلت “وكالة الصحافة الفرنسية” امس عن الجيش الاسرائيلي اتهامه “حزب الله” اللبناني باقامة مركز مراقبة عسكري جديد على الجانب الآخر من الحدود تحت ستار نشاطات بيئية، معتبراً ذلك انتهاكاً لقرار دولي يمنع وجود “حزب الله” في ذلك القطاع.

 

وقال مسؤول عسكري اسرائيلي طلب عدم ذكر اسمه ان المركز الذي يهدف الى التجسس على نشاطات الجنود الاسرائيليين، يضاف الى خمسة مراكز أخرى تم التعرف عليها في 2017 وكانت تستخدم منظمة غير حكومية اسمها “غرين ويذاوت بوردرز” غطاء.

 

واضاف: “هذه المنظمة غير الحكومية ليست هناك من أجل زرع أشجار، انها ستار”.

 

وبث الجيش الاسرائيل صوراً للموقع تظهر، بحسب المسؤول، رجالا يراقبون ويلتقطون صوراً لنشاطات هذا الجيش ولمستوطنة زراعية.

 

وأوضح ان الموقع يضم “تجهيزات وبنى تحتية عسكرية ومناظير وكاميرات عالية الدقة”، معتبراً ان في ذلك “انتهاكاً (للقرار) 1701” الصادر عن مجلس الامن.

 

وقال المسؤول العسكري الاسرائيلي متحدثاً عن القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان: “لقد طلبنا منهم بالحاح ان يفوا بمهمات تفويضهم وان يتحركوا ضد تنامي نفوذ حزب الله في جنوب لبنان… ننتظر من قوة الامم المتحدة ان تراقب هذه المواقع، وان تدخلها، وحتى الان لم تفعل”.