IMLebanon

“الشرط – الفيتو” من أزمة إلى تصعيد

 

اذا كانت قضية اصحاب المولدات الكهربائية تقدمت لليوم الثاني واجهة المشهد الداخلي وطغت ظاهراً على تطورات أزمة تأليف الحكومة، فان ذلك لم يحجب في أي شكل تعاظم المخاوف في الايام الاخيرة من ان تكون البلاد مقبلة على أزمة اكبر من الانسداد الحاصل وأشد خطورة في تداعياته مما يتصوره معظم القوى والافرقاء السياسيين. اذ يكفي التوقف عند المطلب اللافت الذي تضمنه بيان مجلس المطارنة الموارنة أمس بتفعيل حكومة تصريف الاعمال لاستشراف معطيات لا بد ان يكون البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قد تلمسها خلال لقائه الاخير مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومن ثم توجيه البطريرك رسالة الى “حزب الله” يحضه فيها على تسهيل الولادة الحكومية التي كانت على وشك النهاية السعيدة لولا اقحام الشرط – الفيتو الذي طرحه الحزب في شأن تمثيل “سنة 8 آذار” في الحكومة وتجميده من خلاله كل عملية التأليف.

وليست المرة الاولى يطرح تفعيل حكومة تصريف الاعمال، لكن اثارة الامر كمطلب للكنيسة المارونية أمس اكتسب دلالات بارزة، لا من منطلق ديني أو طائفي وانما من منطلق ملاقاة لمعطيات واقعية باتت تردد علناً وضمناً في معظم الكواليس الرسمية والسياسية وتفيد أن احتمال تمدد الازمة الى مدى طويل بات الاحتمال الاقرب الى الواقع وان الاثقال الهائلة التي ترزح تحتها البلاد تحتاج الى الحد الادنى الملح من ادارة الازمة وتصريف الاعمال في انتظار الفرج السياسي بما يحتم تالياً المضي في تفعيل حكومة تصريف الاعمال بالتوازي مع عقد مجلس النواب جلسات تشريع الضرورة اسوة بما سيحصل مطلع الاسبوع المقبل. والواقع ان المعطيات المتصلة بالتعقيد الوحيد والاخير الذي شل عملية تأليف الحكومة ومنع الولادة الحكومية في لحظاتها الحاسمة بدأت تكتسب طابعاً بالغ الخطورة والجدية لجهة انكشاف البعد الاقليمي في هذا التطور ولو نفت القوى المعنية هذا الطابع وأصرت على ادراج العقبة الاخيرة في موضوع تمثيل “سنة 8 آذار” فقط.

وقالت مصادر سياسية معنية بمواكبة الاتصالات الداخلية لـ”النهار” إن ثمة مخاوف جدية من إن تتعقد الازمة أكثر من مراحلها السابقة بما يصعب معه توقع أي موعد قريب لانفراجها، خصوصاً في ظل ما بدأ يتكشف من توظيف موضوع تمثيل النواب السنة من فريق 8 آذار كواجهة لتوقيت اقليمي اختير قصداً وبدقة لاحكام التجميد القسري على تأليف الحكومة واطلاق الرسائل في مختلف الاتجاهات بما يشير الى الجهة الحصرية التي تريد القول انها تسيطر فعلاً على البلاد وتتحكم باستحقاقاتها. وأضافت المصادر ان الايام المقبلة وتحديداً عطلة نهاية الاسبوع الجاري ستشهد مساراً من شأنه ان يبلور طبيعة المأزق الكبير الذي تتجه اليه البلاد.

فمن جهة تتجه الانظار الى خطاب سيلقيه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله السبت المقبل في ذكرى “يوم الشهيد ” يتوقع ان يتناول فيه ملفين بارزين : الاول الموقف من التهديدات الاسرائيلية المتعاقبة التي يتبلغها لبنان الرسمي من موفدين غربيين في شأن ما تزعم اسرائيل انه مصانع للصورايخ الايرانية في لبنان. وثمة معطيات تتحدث عن ان ثلاث دول غربية على الاقل نقلت الى الحكم والرئيس المكلف سعد الحريري رسائل تحذر من تقليل اهمية التهديدات الاسرائيلية وجديتها. والملف الثاني الذي سيتحدث عنه نصرالله هو الملف الحكومي، وتشير المعطيات المتوافرة من أوساط 8 آذار الى انه سيكون متشدداً في دعم الحزب لتمثيل “سنة 8 آذار” كشرط لا تراجع عنه لتأليف الحكومة وربما أطلق مواقف تتسم بنبرة تصعيدية.

واشنطن: سنواجه بفاعلية نشاط إيران في سوريا والعراق واليمن

وفي المقابل، لا يبدو الرئيس الحريري في وارد التراجع عن رفضه لتمثيل “سنة 8 آذار” في الحكومة في ظل ما اعتبره انقضاضاً في اللحظة الاخيرة على مهمته بقصد استهدافه، وستكون له في عطلة نهاية الاسبوع في باريس لقاءات مهمة ضمن مشاركته مع اكثر من ستين شخصية عالمية مدعوة الى الاحتفالات بمئوية نهاية الحرب العالمية الاولى والتي ستقام في العاصمة الفرنسية. وستعكس مشاركة الحريري واللقاءات الجانبية التي سيعقدها على هامش الاحتفالات دلالات بارزة في المشهد الداخلي من جهة وبالنسبة الى الرؤية الدولية الى لبنان في الظروف الحالية من جهة أخرى.

بري

وسط هذه الاجواء نقل النواب بعد “لقاء الأربعاء النيابي” في عين التينة أمس عن الرئيس نبيه بري قوله عن الوضع الحكومي إنه “ما زال على حاله ولم يطرأ في شأنه أي جديد وما زلنا نحتاج للدعاء”. وعن موضوع الجلسة التشريعية، جدّد القول “إننا في عقد عادي وان التشريع ضرورة بل أكثر من ضرورة، والمجلس سيد نفسه، ومن الطبيعي ايضا ان يقوم بمسؤولياته الوطنية وواجبه وعمله”، مضيفاً: “اذا كان المطلوب من البعض تعطيل البلد، فأننا لا ولن نسمح بذلك، وسنقوم بواجبنا والتزاماتنا الدستورية والوطنية في كل المجالات”. وشدد على “أهمية إنشاء وزارة التخطيط”، واصفاً إياها بـ”أنها هي الوزارة السيادية الحقيقية وهي ام ومنبع كل الوزارات”.”.

وأكدت مصادر في “تيار المستقبل” أمس تمسك الرئيس الحريري برفض توزير أي ممثل لسنة 8 آذار. ورد المصدر على ما قيل من ان الرئيس بري لم يسمع من الرئيس الحريري رفضه توزير أحد النواب السنة، قائلاً: “تعليقاً على ما ورد على لسان احد المستوزرين من سنة “حزب الله” والنظام السوري، بأنه سمع من الرئيس نبيه بري أمس انه لم يسمع من الرئيس المكلف سعد الحريري رفضه تمثيل توزير أحد النواب الستة، ان هذا الادعاء لا يمت الى الحقيقة بصلة، والرئيس المكلف كان حاسماً بقطع الطريق على الموضوع مع الرئيس بري ومع سواه”.

المطارنة الموارنة

اما المطارنة الموارنة، فدعوا في بيان اثر اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك الراعي الى “ازالة العراقيل الطارئة من أمام إعلان الحكومة الجديدة، فتكون هدية عيد الاستقلال الذي يفصلنا عنه اسبوعان”. واسفوا “لهبوط التداول السياسي الى حد تصنيف الحقائب الوزارية بين وازنة وسيادية وخدماتية، فيما المطلوب فريق عمل حكومي متجانس”، ودعوا “الى ان يفك اسر الحكومة الجديدة من قيود الخارج والداخل معا، بتفعيل عمل حكومة تصريف الاعمال”، كما الى “اعتماد الحوار البناء في ما بين المعنيين”.

تيمور في موسكو

على صعيد آخر، أفادت مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي أن رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط التقى في موسكو أمس نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في حضور مسؤول ملف لبنان وسوريا وفلسطين أندريه بانوف، والنائب وائل أبو فاعور والدكتور حليم بو فخر الدين. وتخلل اللقاء بحث في آخر التطورات.