IMLebanon

ماذا جرى بين الاشتراكي و”حزب الله”؟ 

 

تمادى التوظيف السياسي والدعائي والاعلامي لحادث الجاهلية الى حدود بدأ معها يمس بكل ما كان قائماً قبل الحادث، الامر الذي لم يعد ممكناً معه تجاهل التداعيات المؤذية لهذا التوظيف، خصوصاً بعدما اتسعت في اتجاهات من شأنها ان تشكل تهديداً جدياً للاستقرار. وتبعا لذلك يمكن القول إن احتواء هذه “الفقاعة” بات أمراً ضروريا ولعل مجموعة معطيات برزت في الساعات الاخيرة تؤكد بدء العمل الجدي في هذا الاتجاه.

واذا كانت الجهود السياسية لاعادة اطلاق المسار العالق لتأليف الحكومة تبدو على مشارف التحريك في وقت وشيك، فان ذلك لم يحجب استمرار رصد التطورات الجارية عند الحدود الجنوبية في ظل استمرار اسرائيل في القيام بما سمته “عملية درع الشمال” بحثاً عما تدعيه من انفاق تتهم “حزب الله” بحفرها. لكن المعطيات الميدانية في الساعات الـ24 الاخيرة لم تبدل المشهد من الجانب اللبناني، خصوصاً ان الاجتماع الثلاثي الذي عقدته قيادة “اليونيفيل” في مقرها في الناقورة أمس وضم الى الجانب الدولي الطرفين اللبناني والاسرائيلي، قرر ارسال فريق فني الى اسرائيل اليوم لتقصي الوقائع والتثبت من المزاعم الاسرائلية بما يعني ان الجانب اللبناني لم يتبلغ بعد معطيات دقيقة تؤكد الاتهامات الاسرائيلية.

وأعلنت قيادة الجيش في هذا الصدد “ان الجانب اللبناني شدد على موقف الحكومة اللبنانية المتمسك بسيادة لبنان على أراضيه ومياهه البحرية وثرواته النفطية، والرافض لخروقات العدو الإسرائيلي الجوية والبحرية والبرية والاستفزازات المتكررة وطالب بوقفها. كما جدد مطالبته بالانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم المحتل من بلدة الغجر. واعتبر أن مزاعم العدو المتعلقة بوجود أنفاق عند الحدود الجنوبية هي مجرد ادعاءات الى حينه، مطالباً بمعلومات دقيقة وإحداثيات عن الأماكن التي زعم العدو الإسرائيلي أنها تحتوي على أنفاق، وذلك ليبنى على الشيء مقتضاه”.

الحريري

ورأى رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري “أن التطورات التي تشهدها الحدود الجنوبية يجب ألا تشكل سبباً لأي تصعيد، وهو ما يريده لبنان ويسعى إليه مع كل الجهات الدولية والصديقة المعنية بذلك”.

وقال في تعليق له على التطورات: “إن الحكومة اللبنانية تؤكد التزام الموجبات الكاملة للقرار ١٧٠١ وللتعاون والتنسيق القائمين بين السلطات اللبنانية وقوات الطوارئ الدولية، كما تؤكد أن الجيش اللبناني هو المعني بتأمين سلامة الحدود وبسط السلطة الشرعية على كامل الحدود بما يتوافق مع مقتضيات الشرعية الدولية والقرارات المعلنة في هذا الشأن. وإن الحكومة اللبنانية حريصة كامل الحرص على التزاماتها تجاه سيادتها وسلامة حدودها، وتأكيدها عدم خرق القواعد القائمة وفقاً للقرار ١٧٠١. إن ما يقوم به الجانب الإسرائيلي من خلال خرقه المستمر للأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية، يشكل مخالفة مكشوفة ومرفوضة لتلك القواعد، وهو ما فنده الجانب اللبناني في الاجتماع الذي عقد برئاسة قائد قوات الطوارئ في رأس الناقورة، والذي سيكون محل متابعة من الحكومة اللبنانية مع الأطراف المعنيين في الأمانة العامة للأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن”.

انعاش؟

في غضون ذلك، بدأت الكواليس السياسية تتلمس استعدادات لـ”انعاش” الجهود السياسية لتأليف الحكومة بعد الخضة الامنية التي حصلت الاسبوع الماضي وأثارت ارتدادات ترتب عليها نفخ وتضخيم احجام سياسية مصطنعة في فريق 8 آذار بدأت تتجه نحو اعادة خلط الاوراق الحكومية واعادتها الى المربع الاول. ويبدو ان هذه المحاولات ووجهت برفض فوري من الرئيس الحريري الذي لم يوافق أساساً على أي اقتراح يبدل التركيبة الثلاثينية بما فيها زيادة عدد الوزراء الى 32 وهو طرح اعلن الرئيس نبيه بري أمس عدم معارضته له. لكن المحاولة الاكثر “تقدما” نحو خربطة الهندسة الحريرية للتركيبة الحكومية برزت امس مع مطالبة الوزير السابق وئام وهاب بالوزير الدرزي الثالث وبحقيبة وازنة، قائلاً انه يرشح لهذا المقعد الوزير طلال ارسلان. وبدا لافتاً ان الرد على وهاب جاء سريعاً من ارسلان نفسه اذ أكدت أوساطه ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على المقعد الدرزي الثالث ثابت ولا عودة عنه ولا تعديل فيه.

الاشتراكي و”حزب الله”

وفي المقابل أفادت معلومات لـ”النهار” من أوساط مطلعة على اللقاء الذي عقده قبل يومين وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي ضم النائب وائل ابو فاعور والنائب السابق غازي العريضي والمعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل، ان الوفد الاشتراكي أبلغ “حزب الله” عدم القبول مستقبلاً بالحالة الامنية الخارجة عن القانون في الجبل لما يمثله ذلك من مخاطر على سلامة ابناء الجبل وامنهم. واوضح الوفد ان قيادة الحزب الاشتراكي لم تكن على علم بعملية قوى الامن في الجاهلية قبل وصول القوة الامنية الى المنطقة وان موعد رئيس الحزب وليد جنبلاط مع الرئيس الحريري كان محدداً سابقاً. واشارت الاوساط الى “حزب الله” أبدى حرصه على تفادي أي عبث بالامن في الجبل وفي كل المناطق اللبنانية وانه ابدى استياءه من تصرف وهاب حيال الموكب الذي مر بالمختارة وضم مسلحين في صفوفه. ووصف الاجتماع بانه كان ايجابياً وأعاد تصويب العلاقة بين الفريقين واستئناف التنسيق المشترك.

وأضافت الأوساط أنه تمّ الاتفاق على الاستمرار في منطق تنظيم الخلاف واستمرار مسيرة المصالحة وتطبيع العلاقات بعد مخاض السابع من أيار 2008، حيث أكد الطرفان متابعة المسار الايجابي في العلاقة بينهما. وغرّد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مساء امس على حسابه الخاص في موقع “تويتر”: “بالأمس كان الإجتماع مع “حزب الله” في منتهى الصراحة والإيجابية. إنّ حادثة الجاهلية انتهت بحكمة العقلاء. رحمة الله على الشهيد محمد أبو دياب، شهيد الوحدة الوطنية والسلم الأهلي. مع مارسيل غانم سأشرح كلّ شيء وأجيب كل شيء. أتمنى عدم الاخذ بأية إشاعة أو خبر مدسوس”.

ويشار في هذا السياق الى ان وفداً ضم رئيس “اللقاء الديموقراطي ” النائب تيمور جنبلاط والنائبين أبو فاعور واكرم شهيب زار أمس قائد الجيش العماد جوزف عون وعرض معه مجمل التطورات الامنية والسياسية في البلاد.

اما في الملف الحكومي، فيبدو ان التطورات الاخيرة أعادت احياء الرهانات على مبادرة للرئيس عون يتبنى من خلالها اخذ الوزير السني السادس من حصته على ان يوجد مخرج “الهوية” السياسية هذا الوزير بطريقة تشكل تسوية سياسية. وقالت أوساط مواكبة للاتصالات السياسية الجارية إن وزير الخارجية جبران باسيل لا يزال يراهن على قبول الرئيس الحريري بصيغة توسيع الحكومة الى 32 وزيراً على رغم تبلغه رفضه هذا الاقتراح.