IMLebanon

التعطيل يحاصر تحرك عون بعد الحريري

 

لم تكفل تطورات اليوم الثالث من التحرك الرئاسي الجديد لكسر استعصاء ازمة تأليف الحكومة المعطيات السلبية المتحكمة بهذه الازمة، الامر الذي احبط الآمال في امكان انجاز الولادة الحكومية وتقديمها هدية عيدي الميلاد ورأس السنة الى اللبنانيين. بل ان ما برز بوضوح في اليومين الاخيرين من هذا التحرك بدا بمثابة تأكيد للمخاوف من ان قوى التعطيل لا تأخذ في الاعتبار التطورات الضاغطة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية لابداء مرونة حيال أي مبادرة أو تحرك بما يعكس ثبات قرار التعطيل والتعقيد حتى اشعار آخر. كما ان مجريات الايام الاخيرة أبرزت مفارقة جديدة تمثلت في انتقال لعبة تفخيخ طريق تأليف الحكومة من المسار الذي يتولاه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الى مسار التحرك الذي يتولاه الرئيس عون منذ أيام.

 

أضف ان التمترس وراء الشروط المتصلبة مثل تمثيل النواب الستة السنة من قوى 8 آذار وعدم ابداء أي مرونة مع جهود رئيس الجمهورية والاقتراحات التي تشكل تسوية ممكنة لتوزير سني سادس بموجب تسوية معينة، أكد توزيع الادوار المستمر بين “حزب الله” والنواب الستة لجهة المضي في عرقلة تأليف الحكومة، ولا يبدو ان تحرك الرئيس ميشال عون قادر على تبديل “أجندة “التعطيل مهما طرح من اقتراحات.

 

وقد عكست تصريحات النائبين الوليد سكرية وفيصل كرامي عقب استقبال الرئيس عون نواب “اللقاء التشاوري ” أمس تصلباً واضحاً حيال اقتراحات التسوية التي يمكن ان تفتح مسارب الحل، اذ أوضح سكرية “انه لا يبدو حتى الآن ان هناك حلاً لان الرئيس المكلف لا يزال مصراً على موقفه وهو مصمم على ان يحتكر تيار المستقبل تمثيل الطائفة السنية كليا”. وشدد على “اننا مصممون على موقفنا بتمثيل وزير من النواب الستة”. كذلك قال النائب كرامي إن الرئيس عون “لم يطرح علينا أي صيغة نستطيع ان نسميها مبادرة لحل الازمة”.

 

ونفت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية ان تكون الابواب قد أقفلت بعد الموقف الذي عبّر عنه النائب وليد سكرية باسم وفد “اللقاء التشاوري” والذي تمسك من خلاله بتمثيل أحد نواب السنة الستة في الحكومة. وأكدت المصادر ان المبادرة الرئاسية لا تزال قائمة وان هناك وقتاً اضافياً لمزيد من الاتصالات والمتابعة. وكشفت ان مشاورات ستجري في اليومين المقبلين بعيداً من الاضواء. وعلم ان الرئيس عون سيعقد اليوم لقاءات مرتبطة بالحكومة انما ليست مرتبطه بالعقدة الحكومية. وأفادت انه بعد لقاءات الرئيس عون مع الرئيس المكلف ووفد “حزب الله” و النواب السنة في “اللقاء التشاوري”، اصبحت كل الاراء واضحة، على ان تقويماً سيجري لها للانتقال الى الخطوة التالية. وأشارت الى انه بعد عودة الرئيس الحريري من الخارج سيحصل هذا التقويم وبعد ذلك يبنى على الشيء مقتضاه.

 

فماذا دار في لقاء رئيس الجمهورية والوفد؟ قالت المصادر نفسها إن الرئيس عون تحدث بصراحة عن الاسباب التي دفعته الى اتخاذ المبادرة واطلع النواب الستة على الوضع من مختلف جوانبه وما يتطلبه للخروج من الازمة التي يمر بها لبنان. وأبلغ الوفد ان تأخير تشكيل الحكومة لم يعد يحتمل وان مصلحة البلد تتقدم كل المصالح الأخرى. واستمع رئيس الجمهورية الى وجهة نظر الوفد وسأله عن تصوره للوصول الى حل، وان الوفد ابدى وجهة نظره التي تتلخص بتمثيل أحد النواب السنة من “اللقاء التشاوري” في الحكومة. وعلم ان الوفد أكد لرئيس الجمهورية دعم استمرار المبادرة وانه سيكون هناك تواصل. اما في شأن ما ادلى به النواب الستة السنة من ان ان الرئيس لم يقدم أي طرح قالت المصادر إن الرئيس عون طرح اسئلة محددة تعطي فكرة عن التوجه.

 

على صعيد آخر، تحدثت المصادر عن طرح صيغة الـ24 وزيرا في اليومين الاخيرين، وكذلك صيغة الـ 18 وزيراً وقد تطرح صيغة الـ 14 وزيراً، انما المهم ليس العدد بل القدرة على تأليف الحكومة والخيارات التي تساعد في ذلك. ورأت ان موضوع تفصيل العدد لم يطرح من أجل ابعاد اطراف انما تفادياً لما يمكن اعتباره “حواشي”.

 

الحريري وباسيل

 

الى ذلك، عُلم ان اجتماعاً طويلاً ضمّ في لندن الرئيس الحريري ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وعرضت خلاله أفكار عدة جديدة تتصل بملف تشكيل الحكومة وتم الاتفاق على متابعة الموضوع الى حين عودة الرئيس المكلف الى بيروت.

 

وكان الرئيس الحريري تحدث عن الوضع الحكومي على هامش مشاركته في اعمال منتدى رجال الاعمال والاستثمار اللبناني البريطاني في لندن أمس، فوصف المؤتمر أولاً بأنه “كان ناجحاً وايجابياً، وشاركت فيه شخصيات وممثلون لمؤسسات مالية كبيرة وقد ارادوا الاطلاع على ما نقوم به في لبنان. و لمسنا حرص المستثمرين على المجيء الى لبنان لانهم يدركون وجود فرص حقيقية فيه سيوفرها “سيدر”. وبالنسبة الي، فقد ركزت مع الجميع على ضرورة ان ننجز الاصلاحات المطلوبة في لبنان، ما يفسح في المجال لتشجيع وجلب الاستثمارات في وقت قريب جداً”.

 

وقال إن ” تشكيل الحكومة كان يجب ان يحصل من قبل، انا جاهز والاسماء جاهزة وكذلك توزيع الحقائب، والجميع باتوا يعرفون من أين يأتي التعطيل. فخامة الرئيس ميشال عون يقوم باتصالات واللبنانيون جميعاً يقدرون ما يقوم به، ونحن نقوم بما يجب علينا، وان شاء الله تتبلور الاتصالات وتؤدي الى نتائج ايجابية. وقد لمست اليوم نفحة ايجابية وسنبقى ايجابيين لما فيه مصلحة البلد”.

 

وعن رأيه في طرح صيغ من 18 أو 24 وزيراً، قال: “كل الطروحات جيدة والبلد بحاجة الى حكومة ونقطة على السطر”.

 

فرنسا: الأنفاق انتهاك

 

وسط هذه الاجواء، برز موقف فرنسي متخوف من ازمة الانفاق على الحدود الجنوبية. وجاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية الفرنسية “ان فرنسا أعربت عن قلقها بعد اكتشاف القوات الاسرائيلية انفاقاً على الاراضي الاسرائيلية، حفرها “حزب الله” من لبنان.تنتهك هذه الانفاق قرار مجلس الامن ١٧٠١ الذي ينص على وقف الاعمال العدائية على طول الخط الازرق الذي يفصل بين لبنان واسرائيل”. وأبدت فرنسا “قلقها للسلطات اللبنانية، وستواصل الحوار الوثيق معها في شأن الوضع في جنوب لبنان” ودعت “جميع الاطراف الى توخي الحذر وضبط النفس.” وأعادت “تأكيد التزامها التنفيذ الكامل للقرار ١٧٠١، في سياق اقليمي شديد التدهور. وهي تأمل ان تتم مناقشة هذه التطورات الاخيرة بسرعة في مجلس الامن التابع للامم المتحدة”. وجددت باريس “دعمها الكامل للقوة الموقتة الامم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” التي تساهم فيها بمشاركة نحو ٧٠٠ جندي.” ورحبت باستجابة “اليونيفيل” عقب هذه الاكتشافات واتخاذ التدابير اللازمة للمتابعة، وفق الامتثال الصارم لولايتها. ودعت السلطات اللبنانية والاسرائيلية” الى مواصلة حوارها في اطار الاجتماعات الثلاثية لـ”اليونيفيل” التي تلعب دوراً حيوياً في منع أي تصعيد على الارض”.