IMLebanon

التعطيل “يستدعي” التصنيفات المالية السلبية!

 

مع عودة البلاد الى دوامة الانتظار والدوران في حلقات الرهانات المتعاقبة على تحرك من هنا ومبادرة من هناك من غير ان تظهر أي ملامح لاختراق وشيك في أزمة تأليف الحكومة، كان طبيعياً ان تتقدم المشهد الداخلي المخاوف المتنامية على الاستقرار المالي والاقتصادي، خصوصاً مع قرع وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني بعض اجراس الخطر على الاستقرار المالي في لبنان حين غيرت نظرتها المستقبلية الى لبنان من مستقرة الى سلبية. وذهبت أوساط سياسية واقتصادية معنية بالازمة الحكومية الى القول إن تصنيف “موديز” لم يفاجئ أحداً في المنحى الواقعي لكنه لا يزال ضمن اطار معقول يمكن من خلاله استدراك أي تراجعات دراماتيكية اضافية في الواقعين المالي والاقتصادي شرط استجابة الطبقة الرسمية والسياسية بالسرعة الكافية لموجبات انهاء التعطيل ووقف التراجع واحداث واقع سياسي من شأنه ان يشكل جرعة انعاش كبيرة للاقتصاد ولا يتحقق ذلك عملياً الا بالافراج عن التشكيلة الحكومية وتقديم الحكومة الجديدة بمثابة اختراق وطني واسع لانقاذ البلاد من ازماتها.

 

وتواصلت اتصالات الساعات الاخيرة قبل اللقاء المرتقب بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري فور عودةالاخير من لندن الى بيروت، من أجل جوجلة نتائج اللقاءات التي عقدت منذ مطلع الاسبوع الجاري في قصر بعبدا كما في لندن لحلحة “العقدة السنية” الناشئة عن موضوع تمثيل “سنّة 8 آذار”. وأفادت مصادر مطلعة ان “أولوية رئيس الجمهورية هي ضرورة الاسراع في ولادة الحكومة اليوم قبل غد، وأن تمثل جميع الاطراف، لأن الظروف التي يعيشها لبنان إجتماعياً وإقتصادياً وأمنياً لا يحتمل المزيد من الانتظار”. ونفت المصادر ما يشاع عن أن الرئيس عون يطالب بالثلث المعطل، مؤكدة ان هدفه كان في كل الاتصالات التي أجريت أن تكون الحكومة حكومة وفاق وطني تعكس نتائج الانتخابات و أن تكون متجانسة لتكون منتجة، و لم يشر يوماً إلى رغبته في الحصول على الثلث المعطل وهو لم يطرح مثل هذا الامر لا مع الرئيس المكلف و لا مع غيره، لأن ما يهمه هو تجانس الحكومة و التوافق بين أعضائها لكي تنجح في عملها، وقد توافق مع الرئيس الحريري على أن يتمثل في الحكومة المقبلة بأربعة وزراء كي تكون له قدرة على متابعة أعمال الحكومة إنطلاقا من مسؤولياته الدستورية. أما ما تطالب به الكتل النيابية، فقالت المصادر إن هذا شأن يعنيها وهي التي تتواصل مع الرئيس المكلف و تبحث معه في مطالبها، ورغبة الرئيس عون في إنجاز الحكومة في وقت قصير، خصوصاً بعدما احدثت مشاوراته خلال هذا الاسبوع، ثغرة في حائط الازمة ويفترض في الفترة المقبلة ان تكون لترقب ردات فعل الاطراف المعنيين.

 

ولم يعرف بعد موعد عودة الرئيس الحريري الى بيروت، لكن عودته مرجحة في عطلة نهاية الاسبوع. وقد حضر الحريري وعائلته أمس في لندن حفل تخرج نجله حسام من أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية. ونشر الحريري مجموعة من الصور عبر حسابه على “انستغرام” وأرفقها بعبارة: “بعيداً عن عملي في السياسة، انا اليوم فخور بعملي كأب”.

 

الراعي في بعبدا

 

وبرزت أمس مواقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بعد زيارته لقصر بعبدا اذ صرح عقب اجتماعه برئيس الجمهورية “إن مسؤولية الجمهورية لا تقع على عاتق رئيس الجمهورية وحده، بل على كل مواطن لبناني كل من موقعه، وكلنا إذاً مسؤولون”، مضيفا: “نحن إلى جانب الرئيس عون دائماً لأن رئيس الجمهورية في حاجة إلى شعبه خصوصاً أننا وصلنا إلى مرحلة لا يمكننا فيها إلا القول إن هذا التعامل الحالي مع تأليف الحكومة ليس صحيحاً وكأنّ كلّ واحد بات متشبّثا بموقفه ومتمسكاً بمطلبه، وانتهى الامر. فماذا يحلّ اذاً بالشعب وبالدولة والمؤسسات والاقتصاد المنهار والاخطار المالية؟ بمعنى انّ من هو المسؤول تالياً عن كلّ ذلك؟ “. وأكد ان “فخامة الرئيس يصغي الى الجميع. لكن لا يكفي ان يأتي احدهم الى هنا ويقول له: هذا ما أريده، هذا ليس بحوار حيث كل أحد يحمل فقط ما يريده ويتمسّك به. ففي الحوار على كل واحد ان يخرج من ذاته ومصالحه، ويضع نصب عينيه مصلحة الوطن، مقتنعاً انّ هذه المصلحة تقتضي التباحث في كيفية انقاذ البلد”.

 

تصنيف “موديز”

 

اما في الجانب المالي، فكان التطور البارز في الساعات الاخيرة ان مؤسسة التصنيف “موديز” عدلت في تقريرها الذي أصدرته نظرتها المستقبلية الى تصنيف لبنان من “مستقر” إلى “سلبي”، فيما أبقت تصنيفها الائتماني عند “B3”. وعزت “موديز” التعديل في نظرتها المستقبلية إلى ازدياد المخاطر وسط مخاطر داخلية وجيو-سياسية ولا سيما في سياق غياب تأليف الحكومة والمراوحة في الإصلاحات المنشودة، وزيادة المخاطر على وضع السيولة الحكومية والاستقرار المالي في البلاد، وتصاعد التوترات الداخلية والجيوسياسية. وصنفت لبنان بين الدول التي تواجه ضغوطا سوقيّة وعجزاً في الموازنة وفي الميزان التجاري. وتوقعت أن تبقى معدلات العجز في الموازنة أعلى لأمد أطول من المتوقع، مما يزيد أعباء الدين على الحكومة، مشيرة الى أن احتياطات العملة الأجنبية في لبنان تبدو أقل حجما عند تقويم مخاطر الاستقرار المالي المرتبطة بتدفقات الودائع النازحة المحتملة أو انخفاض التدفقات الداخلة.

 

سلامة

 

وفي السياق المالي نقلت وكالة “رويترز” عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن المصرف المركزي سيتمسك بعملياته المالية في 2019، وأن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية يمثل مبعث قلق لصانعي السياسات في البلد المثقل بالديون.

 

وقال: “العمليات المالية الحالية التي نجريها كبنك مركزي كافية لتحقيق أهداف البنك المركزي من حيث اجتذاب أصول سائلة” وأن المصرف سيواصل الصيغة نفسها في 2019.

 

وأضاف: “إذا نظرت إلى الاثني عشر شهراً المنقضية وعلى رغم جميع التحديات والاضطراب، فإن ميزانيتنا العمومية كانت مستقرة”.

 

وشدد على أن لدى المصرف وفرة من العملات الأجنبية لإبقاء أهدافه المتمثلة في الحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية وأن يكون بمقدوره أيضا دعم حاجات الحكومة من النقد الأجنبي. ثم قال الحاكم الذي كان يحضر مؤتمرا استثمارياً في لندن: “نحاول الحفاظ على أصولنا الأجنبية، لسنا في مسعى لزيادتها، وذلك هو السبب في أننا أبقينا أسعار الفائدة دون تغيير على مدى السنة المنقضية”.

 

وأعلن أن خلفية عالمية أكبر تعزز مخاوف صانعي السياسات تدفع باتجاه زيادة أسعار الفائدة العالمية.

 

وألحق ارتفاع الدولار وصعود عائدات أدوات الخزانة الأميركية الكثير من الضرر بالأسواق الناشئة على مدار 2018. ومن المتوقع أن يرفع مجلس الاحتياط الاتحادي (المصرف المركزي الأميركي) أسعار الفائدة مجدداً في اجتماعه.

 

وعلق سلامة: “هذا مبعث قلق. سيضاف هذا إلى تكلفتنا لتمويل القطاع العام والقطاع الخاص وتلك التكلفة موجودة لأن لبنان يحصل على التمويل بشكل أساسي من الائتمان ولذلك فأسعار الفائدة مهمة”.

 

تحرك “سبعة”

 

وسط هذه الاجواء، أقفل ناشطون من “حزب سبعة” صباح أمس مداخل وزارات الشؤون الاجتماعية والصناعة والعمل في وقت واحد، ورفعوا اعلاماً لبنانية ولافتات كتب فيها: “بدّنا حكومة هلّق” و”هذا المرفق مغلق”. واسترعى الانتباه الحضور الكثيف للقوى الأمنية وفرق مكافحة الشغب والجيش والتي استدعت لفتح الوزارات، مع اصرار الناشطين على عدم فتح ابوابها قبل انتهاء دوام العمل الرسمي.

 

وجاء في بيان للحزب أن ناشطيه “أكدوا سلمية تحركهم رغم كل الضغوط التي مارستها عليهم عناصر الامن التي انهالت عليهم بالضرب لتفريقهم، وقد نقل الصليب الأحمر الناشط حسن شمص إلى المستشفى، كما أوقفت قوى الامن بعض الناشطين الذين جرت تخليتهم لاحقا”.

 

وأكد “أننا اليوم رغم أننا فقدنا كل الثقة بالاحزاب التقليدية، لن نتراجع عن المطالبة بتشكيل حكومة سريعة تتخذ اجراءات انقاذية لمحاولة تفادي الانهيار”.