IMLebanon

عواصف الداخل والحدود تُسابق قمّة بيروت

 

لم يكن ينقص المشهد الداخلي المربك والمتجه باطراد نحو مزيد من التعقيدات السياسية سوى دخول العامل الاسرائيلي التصعيدي مجدداً من خلال الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية عبرانشاء الجدار الحدودي لكي يزيد بدوره عوامل التوتير والحذر الامر الذي استلزم اجتماعاً طارئاً مساء أمس للمجلس الاعلى للدفاع في قصر بعبدا. ولعل المفارقة التي واكبت هذا الاجتماع تمثلت في انعقاده بعد ساعات قليلة من انعقاد اجتماع وزاري موسع في “بيت الوسط” هو الاول من نوعه منذ استقالة حكومة تصريف الأعمال الحالية وفرض انعقاده التحسب لعاصفة جديدة ستضرب لبنان بدءاً من الاحد المقبل، ولكن ثمة مؤشرات توحي بان هذا الاجتماع سيشكل طليعة لتفعيل حكومة تصريف الاعمال في مجالات محدودة تتسم طبيعتها بالعجلة والالحاح. كما ان الاجتماعين اللذين أملتهما ظروف طارئة لم يحجبا “عاصفة شيعية” هبت في الساعات الأخيرة وستبلغ ذروتها اليوم رفضا لدعوة ليبيا الى القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية العربية في بيروت على خلفية ملف اخفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه، وهو رفض يقترن أيضاً برفض انعقاد هذه القمة في غياب النظام السوري، الامر الذي يضع الثنائي الشيعي وخصوصاً حركة “أمل” التي تتولى المنحى التصعيدي في هذا الملف في مواجهة مباشرة مع رئاسة الجمهورية المعنية بالدعوة الى القمة وتنظيمها والاستعدادات لعقدها.

 

وبدا لافتاً في السياق الاخير ان رداً ضمنياً صدر أمس للمرة الاولى عن بعبدا على دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى تأجيل القمة الاقتصادية العربية في بيروت، اذ أوضحت مصادر مطلعة ان اللجنة المنظمة للقمة التنموية الاقتصادية الاجتماعية التي تنعقد في بيروت لم تتلق أي اشارة أو طلب لتأجيل هذه القمة مؤكدة مواصلة اللجنة تحضيراتها المتصلة بها. وافادت المصادر ان سبعة رؤساء عرب أكدوا مشاركتهم فيها، في حين ان الدول الاخرى لم تعط جواباً بعد عن مستوى مشاركتها.

 

الى ذلك، علم من المصادر ان أحداً لم يفاتح رئيس الجمهورية بعقد جلسات لاقرار الموازنة في الحكومة المستقيلة، وأكدت ان الأولوية هي لتشكيل حكومة جديدة والتركيز على الاتصالات الجارية من أجل هذا الهدف.

 

الرسائل الشيعية

أما تفاعلات دعوة ليبيا الى القمة التنموية الاقتصادية الاجتماعية في بيروت فستبلغ ذروتها اليوم في شكل نهائي عقب اجتماع طارئ للمجلس الاسلامي الشيعي بهيئتيه التنفيذية والشرعية لتوجيه رسالة تحذيرية شديدة اللهجة “الى كل من يهمه الامر بان القفز فوق قضية الامام موسى الصدر ورفيقيه لن يمر مرور الكرام”. وتفيد معلومات أن الوفد الليبي الذي كان سيحضر الى بيروت قوامه نحو 40 شخصاً، وهو أكبر وفد أعلن نيته المشاركة، يتقدمه رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فايز السراج، اضافة الى عدد من الوزراء. ويحضر أيضاً وزير الخارجية محمد سيالة الذي أظهر حماسته للمشاركة. وبعد سلسلة التحذيرات التي أطلقها بري، جاء في معلومات مصدرها العاصمة الليبية ان السراج الموجود خارج بلاده سيعود اليها نهاية الاسبوع، وقد بدأ يفكر في العدول عن الحضور الى بيروت تحسباً لتعرضه لأي أزمة قد تواجهه. وثمة “رسالة” وصلت الى المشرفين على القمة ومنظميها، مؤداها انه كان يمكن الطلب من القيادة الليبية عدم الحضور على مستوى رفيع، والاكتفاء بسفيرها في الجامعة العربية، من دون مشاركة الصف الأول في الدولة. أما الرئيس بري فاكتفى امس بالقول لـ”النهار”: “توجيه الدعوة الى القيادة الليبية وحضورها الى القمة في بيروت إساءة الى كل لبنان”.

 

الدفاع الاعلى

 

أما في ما يتعلق باجتماع المجلس الاعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فخصص لعرض الوضع على الحدود الجنوبية في ضوء الانشاءات والاعمال التي تقوم بها القوات الاسرائيلية لبناء جدار فاصل في نقاط التحفظ على الخط الأزرق. واعتبر المجلس ما يحصل بمثابة اعتداء على الاراضي اللبنانية وخرقاً واضحاً للقرار الدولي الرقم 1701. وكان المجلس انعقد برئاسة الرئيس عون وحضور الرئيس الحريري، والوزراء المعنيين والقادة العسكريين والامنيين.

 

واعلن الأمين العام للمجلس اللواء الركن سعد الله الحمد ان الاجتماع “خصص للبحث في المستجدات عند الحدود الجنوبية، ولا سيما الانشاءات التي يقوم بها العدو الاسرائيلي لبناء الجدار الفاصل في نقاط التحفظ على الخط الازرق، وهي قرب مستعمرة مسكافعام وبعد العرض الذي قدمته قيادة الجيش، تمت مناقشة مضمونه، واعتبر المجلس الاعلى للدفاع ان ما يحصل هو اعتداء على الاراضي اللبنانية، وهو بمثابة خرق واضح للمادة الخامسة من القرار الصادر عن مجلس الامن الرقم 1701″، موضحاً انه تقرر الآتي:

 

– تقديم شكوى الى مجلس الامن.

 

– تكثيف الاتصالات الدولية لشرح موقف لبنان من هذا التعدّي الاسرائيلي.

 

– طلب اجتماع طارىء للجنة الثلاثية للبحث في المستجدات.

 

– اعطاء التوجيهات اللازمة لقيادة الجيش لكيفية التصدي لهذا التعدّي.

 

– تأكيد لبنان تمسكه بكل شبر من أرضه ومياهه واستعداده الدائم لاستكمال مسار

 

التفاوض لحل النزاعات الحدودية القائمة.

 

– الطلب من مجلس الامن وقوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل” تحمل مسؤولياتها كاملة في تنفيذ القرار 1701 وحفظ الامن على الحدود.

 

وأوضحت مصادر المجلس الاعلى للدفاع ان القلق اللبناني من إكمال اسرائيل خرق النقاط المتحفظ عليها وهي في حدود تسعة عواميد على مساحة تسعة أمتار هو الذي استدعى الاجتماع الطارئ للمجلس الاعلى للدفاع. واشارت الى انه تقرر ان يقوم رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ووزير الخارجية حبران باسيل باتصالات عاجلة وفورية مع الدول الأعضاء في مجلس الامن الدولي لاطلاعهم على ما آلت اليه الأمور على الحدود مع اسرائيل، لجهة اعتداء اسرائيل على لبنان وخرقها للقرار ١٧٠١.

 

وقالت المصادر ان مندوبة لبنان لدى الامم المتحدة أمل مدللي أبلغت تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الامن الدولي عن الاعتداءات. كما تقرر الدعوة الى اجتماع عاجل للجنة الأمنية الثلاثية لإبلاغ موقف لبنان.

 

وعرضت قيادة الجيش خلال الاجتماع تقريراً مفصلاً مع خرائط وعرض مرئي لصورة الخرق على الحدود. ويتبين ان اسرائيل صحيح أنها لم تجتز الخط الأزرق انما بدأت البناء على نقطة متحفظ عليها ضمن الخط التقني، وهي عبارة عن تسعة أساسات للجدار. وقالت المصادر إن المجتمعين درسوا كيفية معالجة الوضع والتدابير الواجب الاسراع بفي اتخاذها كي لا تستمر اسرائيل ببناء الجدار في النقاط المتحفظ عليها، خصوصاً ان اجتماع اللجنة الثلاثية لم يؤد امس الى نتيجة عملية بتراجع اسرائيل عن مضيها في بناء هذا الجدار الفاصل

 

وأضافت المصادر ان اجتماع المجلس الاعلى للدفاع اعطى الغطاء السياسي للجيش اللبناني في تصديه للتعدي القائم على الحدود، على ان يكون التقدير بكيفية التصدي لقيادة الجيش.

 

وعلم ايضاً ان السلطات اللبنانية بقيت على تواصل مستمر مع قيادة “اليونيفي”ل في الجنوب للتنسيق في مواجهة الوضع.

 

من جهة اخرى، علم ان مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل سيزور لبنان الاسبوع المقبل في إطار جولة له في المنطقة.