IMLebanon

تطمينات مالية… ورسائل أميركية متشدّدة

 

حتى لو كان انعقاد القمة الاقتصادية العربية مؤكداً في موعدها في بيروت باجتماعاتها التحضيرية أو بلقاء الزعماء والرؤساء وممثلي الدول في الايام الثلاثة الاخيرة من الاسبوع الجاري فان ذلك لم يحجب التشويه المعنوي والسياسي والديبلوماسي الذي أصاب صورة الدولة اللبنانية التي تجهد “لازالة” آثار الاشتباك المؤذي الذي نشأ عنه اعلان ليبيا أمس مقاطعتها رسمياً القمة.

 

ولعل المفارقة التي تواكب التطورات المتصلة بهذه القمة تتمثل في السباق المحموم بين الاولويات المتشابكة كأن لبنان كان على موعد مع مجموعة تحديات استحقت في وقت متزامن فاذا بالاستعدادات للقمة تختلط باستحقاق اخطر تمثل في الاضطرار الى احتواء اضرار موقف مالي ملتبس ونشأت عنه تداعيات خطيرة استلزمت اطلاق “عاصفة” تطمينات من أعلى المراجع أي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة غداة الاجتماع المالي الموسع في قصر بعبدا، وقت بدأت الاسواق المالية تتعامل بايجابية مع هذه التطمينات. كما ان لبنان تلقى مجموعة رسائل اتسمت بالتشدد من وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل لا يمكن تجاوز دلالاتها ولو قرنها هيل بتأكيدات موازية لاستمرار دعم بلاده للاستقرار السياسي والاقتصادي وللقوى العسكرية والامنية اللبنانية. اما ما يخرج عن السياسة، فيطاول تداعيات العواصف الطبيعية التي ينكشف معها المزيد من اهتراء البنى التحتية وكان اخر فصولها أمس انهيار الجبل المحاذي لنفق شكا الذي كاد يتسبب بكارثة وقطع أوتوستراد شكا – طرابلس.

 

رسائل هيل

وبدا لافتاً ان هيل الذي تلا بياناً خطياً من “بيت الوسط” عقب لقائه الرئيس المكلف سعد الحريري في سياق الجولة الواسعة التي قام بها أمس على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري والوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل وختمها مساء بلقاء الوزير المفوض في السفارة السعودية وليد البخاري، تعمد التذكير بالكثير من المواقف التي أدلى بها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو خلال جولته في المنطقة، كما ان هيل اطلق ايحاءات بارزة في الشأن الحكومي. وقال: ” لقد دعمنا تفاهماً مشتركاً مع حلفائنا حول ضرورة التصدي لأجندة النظام الإيراني الثورية وإحباط طموحات إيران ونشاطاتها الخبيثة في المنطقة، وهذا أيضاً يشمل لبنان، حيث على الشعب اللبناني وحده، وفقط من خلال دولته، اتخاذ القرارات الوجودية”. وأضاف: “تلتزم الولايات المتحدة العمل مع الشعب اللبناني ومؤسسات الدولة الشرعية، بما في ذلك الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، لمعالجة التحديات المتبادلة. نحن ندعم جهود الجيش اللبناني والقوى الأمنية لتأمين حدود لبنان، وضمان سيادة الدولة اللبنانية، والحفاظ على أمن لبنان الداخلي”. واعلن “إننا نمضي قدما في جهودنا لمواجهة النشاطات الخطيرة لإيران في أنحاء المنطقة، بما في ذلك تمويل ونشاطات المنظمات الإرهابية بالوكالة مثل حزب الله. وفيما يحق للبنان الدفاع عن نفسه، هذا حق للدولة اللبنانية وحدها ومن غير المقبول وجود ميليشيا خارجة عن سيطرة الدولة ولا تحاسب من كل أطياف الشعب اللبناني، تقوم بحفر أنفاق هجومية عابرة للخط الأزرق الى إسرائيل وبتجميع ترسانة تضم أكثر من 100.000 صاروخ يهدد الاستقرار في المنطقة”. وأكد “ان اختيار الحكومة يعود الى اللبنانيين وحدهم، لكن نوع الحكومة المختارة يهمنا جميعاً تماماً كما عدم قدرة اللبنانيين على الاختيار”. وختم:” نشجّع حكومة تصريف الأعمال على المضي قدمًا حيث يمكنها، خصوصاً على صعيد الاقتصاد، لتجنّب المزيد من الضرر والحفاظ على الثقة الدولية”.

 

 

القمة وليبيا

في غضون ذلك، أعلنت اللجنة العليا للقمة العربية التنموية الإقتصادية والإجتماعية “انتهاء التحضيرات العملانية واللوجستية للقمة وفق الخطة الموضوعة لهذه الغاية من اللجنتين العليا والتنفيذية بالتنسيق مع سائر الوزارات والإدارات العامة المعنية بالقمة ومحافظة مدينة بيروت وبلديتها وبلديات الضاحية الجنوبية واتحادها”.

 

وبالتزامن مع ذلك أعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج قرار بلاده “مقاطعة هذا المؤتمر والامتناع عن المشاركة في أعماله بعدما تبين لها أن الدولة المضيفة لم توفر المناخ المناسب وفق التزاماتها والأعراف والتقاليد المتبعة لعقد مثل هذه القمم”. وفي هذا السياق طالب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بـ”ضمان احترام الوفود المشاركة”، قائلاً “إن من غير المقبول في اي حال من الأحوال أو تأسيساً على أي حجة أن يتم حرق علم اية دولة عربية، خصوصاً إذا ما حدث هذا الأمر على ارض عربية، اخذاً في الاعتبار ان وجود اختلافات في الرؤى او بواعث سياسية تاريخية معينة لا يبرّر حرق علم عربي يمثل في حقيقة الأمر رمز الدولة وواجهتها والمعبر عن إرادة ووحدة شعبها”.

 

تطمينات

 

اما على الصعيد المالي، فطمأن الرئيس عون أمس الى “ان الودائع ستدفع كاملة، وكذلك الامر بالنسبة الى السندات مع فوائدها في الآجال المحددة”.

 

وأفاد حاكم مصرف رياض سلامة “أن ردّة الفعل في سوق السندات في السوق اللبنانية اليوم (امس) كانت حذرة، لكنها مرتاحة، علماً أن لدينا القدرة على تسديد الديون في تواريخها المحدّدة وبدون أي اقتطاع منها”. وشدد على أن “لا خطر على سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي، وأن الشائعات الراهنة لم تؤثر علينا والعملة مستقرة، والكميات من الليرة متوافرة في السوق ومدعومة بأرقام وليست بشعارات”.

 

جنبلاط والسفراء

 

الى ذلك، إستقبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في دارته بكليمنصو مساء أمس سفراء السعودية وليد البخاري والإمارات العربية المتحدة حمد الشامسي والكويت عبد العال القناعي. وحضر اللقاء رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط ووزير التربية مروان حمادة، والنائبان أكرم شهيب ووائل أبو فاعور. وعرض جنبلاط مع ضيوفه الأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة، وإستبقاهم إلى مائدة العشاء.