IMLebanon

مبارزة عربية – إيرانية تواكب جلسات الثقة

 

اذا كانت جلسات مناقشة البيان الوزاري للحكومة يومي الثلثاء والاربعاء المقبلين ستنتهي حكما بمنح الحكومة ثقة كبيرة وربما قياسية نظراً الى حجم تمثيل الكتل النيابية فيها وتضاؤل حجم أي معارضة نيابية محتملة الى حدود قياسية أيضاً، فان الحدث الداخلي لن يتوقف عند جلسات الثقة المعروفة النتائج سلفا بل يتجاوزها الى ما يمكن ان يشكل مبارزة ديبلوماسية اقليمية ستشهدها بيروت عشية هذه الجلسات. وتتمثل ملامح هذا الحدث الديبلوماسي في تزامن ثلاث زيارات لبيروت يقوم بها مطلع الاسبوع المقبل ثلاثة زوار بارزين تحت عنوان التهنئة بتشكيل الحكومة الجديدة وهم الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف وكذلك المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا.

 

واذا كانت زيارتا أبو الغيط وظريف معروفتين ومحددتي المواعيد سلفاً، فان المعطيات عن زيارة العلولا برزت في الساعات الاخيرة واكتسبت دلالات بارزة، خصوصاً انها تحمل التعامل السعودي الاول مع الحكومة الجديدة ضمن زيارة العلولا المخصصة لنقل تهانئ القيادة السعودية الى المسؤولين اللبنانيين وما يمكن ان يتخلل الزيارة من رسائل مهمة. والواضح في هذا السياق انه لا يمكن تجاهل ابعاد زيارتي أبو الغيط والعلولا من حيث تزامنهما مع زيارة وزير الخارجية الايراني بما يمكن ادراجه في اطار احتواء التوظيف الايراني للحدث الحكومي واظهار طهران نفسها عرابة تأليف الحكومة من خلال نفوذ حليفها “حزب الله”. وهو أمر يكتسب دلالات مهمة لجهة عدم تسليم الجانب العربي لايران بلعبة توظيف نفوذها ديبلوماسياً ودعائياً والمسارعة على الاقل الى تحركات وزيارات يراد لها ان تظهر التوازن المطلوب للحؤول دون استئثار ايران وحلفائها بالساحة الديبلوماسية والدعائية عقب ولادة الحكومة الجديدة.

 

وفي هذا السياق جاء كلام رئيس الوزراء سعد الحريري أمس لدى استقباله قائد القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان الجنرال ستيفانو ديل كول ليؤكد ثبات التزامات لبنان حيال القرارات الدولية بما يمنع الاجتهادات التي أثارتها مواقف بعض الافرقاء السياسيين أخيراً في شأن بعض ثوابت السياسة الخارجية للبنان. وأكد الحريري “ان لبنان متمسك بالتطبيق الكامل للقرار ١٧٠١ واحترام الخط الأزرق على حدوده الجنوبية وان الجيش اللبناني المولج وحده الدفاع عن سيادة لبنان وسلامة أراضيه يتعاون مع قوات “اليونيفيل”، وسيقوم بتسيير دوريات لمعالجة أي شائبة تعتري تطبيق القرار ١٧٠١ من الجانب اللبناني، وعلى الأمم المتحدة ان تتحمل مسؤولياتها في مواجهة الخروقات اليومية التي تقوم بها إسرائيل للأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية”.

 

واعتبر الحريري ان “التصعيد في اللهجة الإسرائيلية تجاه لبنان لا يخدم مصلحة الهدوء المستمر منذ اكثر من ١٢ عاما، وأن على المجتمع الدولي أن يلجم هذا التصعيد لمصلحة احترام الخط الأزرق والتطبيق الكامل للقرار1701”.

في عيد القديس مارون

وعلى الصعيد الداخلي ينتظر ان تشهد مناسبة عيد القديس مارون اليوم حشداً سياسياً واسعاً في كنيسة مار مارون الجميزة حيث يشارك رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري الى جانب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القداس الاحتفالي التقليدي. ويسافر الحريري بعد ذلك الى دولة الامارات حيث يشارك في في مؤتمر “القمة العالمية للحكومات”، ويلقي كلمة ، على ان يلتقي ولي العهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

 

وفي اطار المواقف الاوروبية التي برزت عقب تشكيل الحكومة، قالت رئيسة بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسن، في لقاء دعت اليه على شرف الصحافة اللبنانية في دارتها بالجميزة: “مبروك للبنان الحكومة الجديدة. وكم هو مفرح أن نلتقي بعد أسبوع واحد بالضبط من تشكيل الحكومة الجديدة. أنا متأكدة من أنكم عملتم جميعا بجد لمواكبة عملية التأليف الطويلة، كما انشغلتم في الأسبوع الماضي بتقديم الوزراء الجدد للجمهور”. وأضافت أن “الشعب اللبناني والمجتمع الدولي يتوقعان الكثير من الحكومة الجديدة التي يتوقف نجاحها على قدرتها في مواجهة التحديات التي تواجه البلاد، وخصوصا تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية الضرورية التي تم الإتفاق عليها في مؤتمر “سيدر”، ويمكن هذه الإصلاحات مع تدابير مكافحة الفساد أن تحدث فرقاً حقيقياً في حياة المواطنين اللبنانيين، وسررنا عندما سمعنا رئيس الحكومة سعد الحريري يشدد على أهمية هذه المواضيع عندما التقيناه كسفراء للاتحاد الأوروبي”.

 

التسليح الايراني

 

وبرز في المواقف السياسية الداخلية تصريح للرئيس ميشال سليمان لـ”وكالة الانباء المركزية “رد فيه على الكلام الاخير للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله وفيه أن ايران عرضت على لبنان التسليح في عهده فأوضح أنه “خلال إحدى زياراتي لايران، زرت معرض الدفاع، وقلت لوزير الدفاع الايراني آنذاك مصطفى محمد النجار يهمنا أن نملك سلاحاً لنستطيع إطلاق النار على اسرائيل عندما تعتدي علينا، غير أننا لا نملك الاعتمادات الكافية لشراء الأسلحة، لكنه لم يقل شيئا. وفي ما بعد، أعلن السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته أن ايران مستعدة لتسليح الجيش اللبناني، علماً أن أحداً لم يقدم لي عرضاً جدياً في هذا الشأن”. واعتبر سليمان أن “الأهم يكمن في أنه إذا كانت ايران تريد تسليح الجيش، فحري بها أن تطلب من “حزب الله” إعطاء سلاحه للجيش، فتحل بذلك المشكلة”. وشدد على “أن النأي بالنفس يبدأ بانسحاب حزب الله من سوريا والعراق وسواهما. وهو ليس مجرد كلام يقال للتغطية على “العورات والأخطاء”. وعن تزامن خطاب نصرالله مع زيارة ظريف للبنان، لفت سليمان إلى “أن حكومة جديدة تشكلت ووضعت بياناً وزارياً، فأتى خطاب نصرالله على شكل بيان وزاري مقابل، وتندرج زيارة ظريف في سياق تثبيته والتأكيد عليه. نحن نريد أن تكون لنا علاقات مع ايران، لكن تحت سقف سياسة تحييد لبنان، بدليل الموقف الأوروبي الأخير، والذي شدد على مقررات مؤتمر روما التي تنادي بتحييد لبنان طبقا لما نص عليه إعلان بعبدا، ولا خلاص للبنان إلا من خلال ذلك”.