IMLebanon

النهار: بومبيو يشنّ الهجوم الأعنف على “حزب الله”

مع ان مواقف وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو وادارته من “حزب الله” معروفة ولا تفاجئ أحداً، فان ذلك لم يقلل وقع الطابع الشديد الحدة للهجوم العنيف الذي شنه بومبيو من بيروت تحديداً ومن وزارة الخارجية اللبنانية على نحو أكثر تحديدا. ويمكن وصف “المضبطة الاتهامية” الواسعة جداً التي تضمنها البيان المكتوب والمعد سلفاً الذي تلاه بومبيو في قصر بسترس بانها من أعنف الهجمات الديبلوماسية والكلامية التي شنها مسؤول اميركي رفيع خلال زيارته للبنان، الامر الذي اكسب الزيارة بعد ساعات قليلة من بدايتها طابعاً حاراً للغاية.

والواقع ان التعارض بين “معظم” لبنان الرسمي ووزير الخارجية الاميركي حول الموقف من “حزب الله” برز بقوة في ظل المعلومات التي وزعت عن لقاءات بومبيو مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل، فيما التزمت أوساط السرايا الحكومية عدم تسريب معلومات تفصيلية عن لقاء رئيس الوزراء سعد الحريري وبومبيو. ووسط ترتيبات خاصة جداً اتخذت للزيارة شكلاً ومضموناً، حصر الاعلان عن مواقف وزير الخارجية الزائر بتلاوة بيانه عقب محادثاته مع الوزير باسيل فقط ولم يدل باي تصريح في المحطات الاخرى من الزيارة. وركز بومبيو معظم بيانه على موقف ادارته من “حزب الله” وهو ما أسبغ دلالات واضحة على طبيعة زيارته وأهدافها، علماً ان نبرته الحادة ووضوح مواقفه لم يتركا أي مجال للاجتهاد في ان لبنان يجد نفسه أمام مواجهة ديبلوماسية واسعة وحادة بين الولايات المتحدة وايران تتطلب التنبه التصاعدي.

ورأى بومبيو ان “حزب الله يقف عائقاً أمام احلام الشعب اللبناني. ولاربعة وثلاثين عاما وضع حزب الله الشعب اللبناني في خطر بسبب قراراته الآحادية غير الخاضعة للمحاسبة المتعلقة بالحرب والسلام والحياة والموت. وسواء من خلال وعوده السياسية أو من ترهيبه المباشر للناخبين فإن حزب الله الآن ممثل في البرلمان وغيره من المؤسسات ويتظاهر بانه يدعم الدولة وفي هذه الاثناء يتحدى الدولة وشعب لبنان من خلال جناحه الارهابي الملتزم نشر الدمار”. واتهم الحزب بانه “يسرق موارد الدولة اللبنانية والتي هي ملك شرعي لشعبها الأبي ويجب ألا يجبر الشعب اللبناني على ان يعاني بسبب طموحات سياسية وعسكرية لفئة غير قانونية وروابطها الإرهابية”. وأضاف ان “الأمر يتطلب شجاعة من الشعب اللبناني للوقوف بوجه إجرام حزب الله وتهديداته، كما يتطلب بذل الجهود لضمان الاحترام والاستقلال الكامل”. واذ أكد “أنكم تستطيعون ان تجدونا كصديق لكم وسوف نستمر في دعم المؤسسات الشرعية في لبنان وجميع شعبه، لاحظ أن لبنان وشعبه يواجهان بصراحة خيارأ إما المضي قدماً كشعب أبي او السماح لطموحات ايران وحزب الله السيئة بأن تسيطر وتهيمن عليه. وكما تعلمون إن لبنان دفع ثمنا باهظا من أجل تحقيق استقلاله”.

وقائع

واوضحت مصادر مطلعة على محادثات بعبدا، ان الوزير بومبيو طرح سلسلة اسئلة على رئيس الجمهورية الذي أجاب عنها بان لكل من لبنان والولايات المتحدة مقاربته المختلفة للقضايا التي طرحت، والوزير الاميركي استمع الى ما قدم من تفاصيل بالأرقام عن مشكلة النازحين السوريين وكانت محادثات مستفيضة جراء الأسئلة التي طرحت وتمت الإجابة عنها. وسلم الرئيس عون بومبيو خريطة تظهر كثافة انتشار النازحين وتوزعهم في المناطق. وشرح الموقف اللبناني من ملف النازحين وتداعيات النزوح على كل القطاعات.

ولدى مشاركته في الاجتماع، عرض المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم بالارقام حركة النازحين العائدين الى سوريا ومراكز التسجيل والالية المتبعة في العودة، مؤكداً عدم تعرض السوريين لأي مضايقات مشيرا الى المراكز التي انشئت طوعاً وشرح الالية التي يعتمدها الامن العام لتنظيم عودة النازحين منذ أيار الماضي. واوضحت المصادر ان بومبيو ركز على اهمية الحل السياسي في ما خص ملف النزوح، قائلاً إنه كلما استقر الوضع في سوريا اصبحت العودة اسهل. وقدر عالياً ما قدمه لبنان في مجال مساعدة النازحين، منوهاً بتضحيات الشعب اللبناني ومستخدماً عبارة: ماقدمه لبنلن لم يقدمه احد.

وفي موضوع ترسيم الحدود البحرية اشارت المصادر الى ان الرئيس عون عبر عن ترحيب لبنان بأي مساعدة وقال إن رفض اسرائيل هذا الترسيم هو الذي يؤخر انطلاقة التنقيب، وأبلغ الوزير بومبيو انه اقترح مشاركه شركات أميركية في التلزيم لكنها لم تشترك.

وابدى بومبيو حرصاً على لبنان وشعبه، مبدياً جهوزية بلاده للمساهمة في ترسيم الحدود البرية والبحرية.

ورحب عون بمساعدة الولايات المتحدة في ترسيم الحدود البحرية والبرية وقال ان مثل هذا العمل يعزز الامن والاستقرار على الحدود. واكد التزام لبنان تنفيذ القرار ١٧٠١ وحرصه على استمرار الاستقرار على الحدود على رغم الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة.

ولدى سؤال الوزير بومبيو عن موضوع “حزب الله”، شدد رئيس الجمهورية، استناداً الى المصادر، على ان السلم الاهلي والوفاق الوطني من الثوابت الرئيسية وان “حزب الله” حزب لبناني ممثل في المجلس وفِي الحكومة، ومنبثق قاعدة شعبية تمثل احدى الطوائف الرئيسية في البلاد، وتعيش على ارضها وفي قراها. كما انه لم يسجل اي عمل عدائي في الجنوب.

وأوضحت المصادر ان المقاربه الأميركية لـ”حزب الله” معروفة باعتباره حزباً ارهابيا وان هذا المفهوم قد يتبدل عندما لا يعود حزباً مسلحاً ويتعاطى نشاطات ارهابية. وأعلنت ان الرئيس عون شكر الولايات المتحدة على المساعدات التي تقدهها للجيش ولا سيما منها تلك التي قدمت في حرب تحرير الجرود البقاعية من الارهاب.

وعلى رغم الصورة التي نقلت لبومبيو وهو ينتظر رئيس الجمهورية في بعبدا، نفت مصادر في القصر ان يكون وزير الخارجية الاميركي انتظر دخول رئيس الجمهورية. وأفادت ان عدم تدوينه عبارة في السجل الذهبي كان سببه ضيق الوقت. لكن المتتبعين للزيارة توقفوا عند امتناع الرئيس عون عن مصافحة كل من وكيل وزارة الخارجية الاميركية ديفيد هيل ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى ديفيد ساترفيلد.

اما الرئيس بري، فعلم انه قدم الى بومبيو عرضاً مفصلاً عن ملف الحدود، مشددا على “الحق اللبناني الكامل وعدم التنازل عنه في المنطقة البحرية المتنازع عليها وهي من حق لبنان. ولتكن بداية الترسيم من البحر وصولاً الى البر أو الاثنين معاً في آن واحد”. وأبلغه عدم القبول بفصلهما. كما دافع عن “حزب الله” ووصفه بانه “حزب سياسي فاعل له حضوره وامتداده وهو يمثل ويشكل جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني ونسيجه”.

ويستكمل بومبيو زيارته اليوم بلقاءات تشمل قائد الجيش العماد جوزف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كما يزور متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة ويقوم بجولة في مدينة جبيل. وليل أمس لبى بومبيو دعوة النائب ميشال معوض ووالدته السيدة نايلة رينه معوض الى عشاء جمع حشداً سياسياً وديبلوماسياً.

والتقى بومبيو قبل ذلك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في حضور رئيس “اللقاء الديموقراطي ” النائب تيمور جنبلاط والوزير أكرم شهيب. كما التقى رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع.

لجنة بكركي

على صعيد آخر، اعلنت لجنة المتابعة المنبثقة من اللقاء النيابي الماروني الموسع إثر اجتماعها الثاني برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، التوصل الى تصور موحد لموضوع عودة النازحين السوريين الى بلادهم سينقل الى الكتل النيابية تمهيداً لعرضها في لقاء موسع.

وشارك في الاجتماع النواب: ابرهيم كنعان، جورج عدوان، اسطفان الدويهي، فريد الخازن، ميشال معوض، الياس حنكش والمطران سمير مظلوم. وعلمت “النهار” ان الاجتماع افضى الى التوافق على عدم ربط عودة النازحين بالحل السياسي في سوريا، وعودة النازحين من دون تاخير، وتأييد مبادرة رئيس الجمهورية تجاه روسيا في هذا الملف، وتوحيد الموقف اللبناني من هذه القضية التي تعتبر كيانية وخطيرة.